الولادة الميمونة للإمام الباقر (عليه السلام)

ولد الإمام محمد الباقر (عليه السلام) يوم الاثنين في الثالث من صفر أو غرّة رجب سنة (57) هـ بالمدينة المنورة و كان (عليه السلام) حاضراً في وقعة الطف و عمره أربع سنين ... أمّه الماجدة فاطمة بنت الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) و قيل لها أمّ عبد اللّه، فأصبح (عليه السلام) ابن الخيرتين و علوياً بين العلويين.

روي في دعوات الراوندي عن الإمام محمد الباقر (عليه السلام) أنّه قال: كانت أمي قاعدة عند جدار فتصدع الجدار و سمعنا هدة شديدة فقالت بيدها : لا و حقّ المصطفى ما أذن اللّه لك في السقوط، فبقى معلقاً حتى جازته، فتصدق عنها أبي (عليه السلام) بمائة دينار ، و ذكرها الصادق (عليه السلام) يوماً فقال: كانت صدّيقة لم يدرك في آل الحسن (عليه السلام) امرأة مثلها .

اسمه الشريف محمد، و كنيته أبو جعفر، و ألقابه الشريفة الباقر و الشاكر و الهادي، و أشهر ألقابه الباقر، و قد لقّبه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) به كما ورد في رواية سفينة عن جابر بن عبد اللّه أنّه قال : قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلم) : يوشك أن تبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين (عليه السلام) يقال له : محمد يبقر علم الدين بقراً فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام‏ .

وروى الشيخ الصدوق -رحمه اللّه- عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له: و لم سمّي الباقر باقراً ؟

قال: لأنّه بقر العلم بقراً أي شقّه شقّاً و أظهره إظهاراً.

و لقد حدّثني جابر بن عبد اللّه الأنصاري أنّه سمع رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : يا جابر إنّك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، فلقيه جابر بن عبد اللّه الأنصاري في بعض سكك المدينة، فقال له: يا غلام من أنت؟ قال : أنا محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.

قال له جابر: يا بني أقبل فأقبل، ثم قال : أدبر فأدبر، فقال : شمائل رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) و ربّ الكعبة، ثم قال : يا بنيّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) يقرئك السلام، فقال: على رسول اللّه السلام ما دامت السماوات و الأرض و عليك يا جابر بما بلّغت السلام، فقال له جابر : يا باقر، يا باقر، أنت الباقر حقاً أنت الذي تبقر العلم بقراً.

ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلّمه، فربّما غلط جابر فيما يحدّث به عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) فيردّ عليه و يذكره، فيقبل ذلك منه و يرجع إلى قوله، و كان يقول : يا باقر، يا باقر، يا باقر، أشهد باللّه أنّك قد أوتيت الحكم صبيّاً .

و في تذكرة سبط ابن الجوزي: إنمّا سمّي الباقر من كثرة سجوده، بقر السجود جبهته، أي فتحها و وسعها، و قيل لغزارة علمه‏ .

و قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة مع كثرة عناده ونصبه :

أبو جعفر محمد الباقر سمّى بذلك من بقر الأرض أي شقّها و أثار مخبأتها و مكامنها فلذلك هو أظهر من مخبئات كنوز المعارف و حقائق الأحكام و اللطائف ما لا يخفى إلّا على منطمس البصيرة أو فاسد الطويّة و السريرة، و من ثمّ قيل هو باقر العلم و جامعه و شاهر علمه و رافعه ...إلخ .

و كان نقش خاتمه العزة للّه أو العزّة للّه جميعاً و على رواية أنّه كان يلبس خاتم جدّه الحسين (عليه السلام) و كان نقشه( إنّ اللّه بالغ أمره) ، و روي غير هذا أيضاً و لا منافاة بينها لإمكان تعدّد خواتيمه و لكل نقش مستقل.

من كتاب ( منتهى الآمال في تواريخ النبي والآل ) للمؤلف الشيخ عباس القمي.

المرفقات