أهلُ البيتِ (عليْهِمُ السّلامُ) هُمْ خيرُ البريّةِ

إنّ خير الناس في منطق القرآن الكريم من آمن بالله ورسوله وعرف خالقه ومنعمه ، وقد قال سبحانه : {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] .

وهذه الصفات المذكورة في الآية تجدها متمثلة في أهل البيت (عليهم‌ السلام) شهدت على ذلك سيرتهم ؛ ولذلك صاروا خير البرية.

أخرج الطبري في تفسير قوله سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: 7] بإسناده عن أبي الجارود عن محمد بن علي ، قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله) : « أنت يا علي وشيعتك ». (1)

روى الخوارزمي عن جابر قال : كنّا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي بن أبي طالب ، فقال رسول الله : « قد أتاكم أخي » ثمّ التفت إلى الكعبة فضربها بيده ، ثمّ قال : « والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة » ، ثمّ قال : « إنّه أوّلكم إيماناً معي ، وأوفاكم بعهد الله ، وأقومكم بأمر الله ، وأعدلكم في الرعيّة ، وأقسمكم بالسويّة ، وأعظمكم عند الله مزيّة » ، قال : وفي ذلك الوقت نزلت فيه : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} ، وكان أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) إذا أقبل عليّ ، قالوا : قد جاء خير البرية. (2)

وروى أيضاً من طريق الحافظ ابن مردويه عن يزيد بن شراحيل الأنصاري  كاتب علي (عليه ‌السلام) ، قال : سمعت عليّاً يقول : « حدَّثني رسول الله وأنا مُسْنده إلى صدري ، فقال أي عليّ ! ألم تسمع قول الله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} ؟ أنت وشيعتك ، وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأُمم للحساب تُدعون غرّاً محجّلين ». (3)

وأرسل ابن الصباغ المالكي في فصوله عن ابن عباس ، قال : لمّا نزلت هذه الآية  قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه ‌السلام) : « أنت وشيعتك تأتي يوم القيامة ، أنت وهم راضين مرضيين ، ويأتي أعداؤك غضاباً مقمحين ». (4)

من كتاب : مفاهيم القرآن ، ج10 ، ص 237-238 / للمؤلف : آية الله جعفر السبحاني .

__________________

تفسير الطبري : 30 / 146.المناقب للخوارزمي : 111 برقم 120.المناقب للخوارزمي : 265 برقم 247.الفصول : 122.

المرفقات