قال أبو سعيد الخدري و أنس بن مالك و واثلة بن الأسقع و عائشة و أم سلمة أن الآية مختصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهما السلام).
ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره حدثني شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تحمل حريرة لها فقال ادعي زوجك و ابنيك فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء له خيبريا فقال اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فقلت يا رسول الله و أنا معهم قال أنت إلى خير.
و روى الثعلبي في تفسيره أيضا بالإسناد عن أم سلمة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة فيها حريرة فقال لها ادعي زوجك و ابنيك فذكرت الحديث نحو ذلك ثم قالت فأنزل الله تعالى «إنما يريد الله» الآية قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى يده بها إلى السماء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا فأدخلت رأسي البيت و قلت و أنا معكم يا رسول الله قال إنك إلى خير أنك إلى خير و بإسناده قال مجمع دخلت مع أمي على عائشة فسألتها أمي أ رأيت خروجك يوم الجمل قالت أنه كان قدرا من الله فسألتها عن علي (عليه السلام) فقالت تسأليني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و زوج أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقد رأيت عليا و فاطمة و حسنا و حسينا (عليهما السلام) و جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بثوب عليهم ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و حامتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا قالت فقلت يا رسول الله أنا من أهلك قال تنحي فإنك إلي خير.
و بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال نزلت هذه الآية في خمسة في و في علي و حسن و حسين و فاطمة (عليهما السلام) و أخبرنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال حدثونا عن أبي بكر السبيعي قال حدثنا أبو عروة الحراني قال حدثنا ابن مصغي قال حدثنا عبد الرحيم بن واقد عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و ليست في البيت إلا فاطمة و الحسن و الحسين (عليهما السلام) و علي (عليه السلام) «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت» فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اللهم هؤلاء أهلي.
و حدثنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم بإسناده عن زاذان عن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و إياه في كساء لأم سلمة خيبري ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتي و عترتي و الروايات في هذا كثيرة من طريق العامة و الخاصة لو قصدنا إلى إيرادها لطال الكتاب و فيما أوردناه كفاية و استدلت الشيعة على اختصاص الآية بهؤلاء الخمسة (عليهم السلام) بأن قالوا إن لفظة إنما محققة لما أثبت بعدها، نافية لما لم يثبت فإن قول القائل إنما لك عندي درهم و إنما في الدار زيد يقتضي أنه ليس عنده سوى الدرهم و ليس في الدار سوى زيد و إذا تقرر هذا فلا تخلو الإرادة في الآية أن تكون هي الإرادة المحضة أو الإرادة التي يتبعها التطهير و إذهاب الرجس و لا يجوز الوجه الأول لأن الله تعالى قد أراد من كل مكلف هذه الإرادة المطلقة فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلق و لأن هذا القول يقتضي المدح و التعظيم لهم بغير شك و شبهة و لا مدح في الإرادة المجردة فثبت الوجه الثاني و في ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح و قد علمنا أن من عدا من ذكرناه من أهل البيت غير مقطوع على عصمته فثبت أن الآية مختصة بهم لبطلان تعلقها بغيرهم و متى قيل أن صدر الآية و ما بعدها في الأزواج فالقول فيه أن هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره و يعودون إليه و القرآن من ذلك مملوء و كذلك كلام العرب و أشعارهم(1).
قوله تعالى في وجهة نظر السيد الطباطبائي: : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » كلمة «إنما» تدل على حصر الإرادة في إذهاب الرجس و التطهير و كلمة أهل البيت سواء كان لمجرد الاختصاص أو مدحا أو نداء يدل على اختصاص إذهاب الرجس و التطهير بالمخاطبين بقوله: «عنكم»، ففي الآية في الحقيقة قصران قصر الإرادة في إذهاب الرجس و التطهير و قصر إذهاب الرجس و التطهير في أهل البيت.
و ليس المراد بأهل البيت نساء النبي خاصة لمكان الخطاب الذي في قوله: «عنكم» و لم يقل: عنكن فأما أن يكون الخطاب لهن و لغيرهن كما قيل: إن المراد بأهل البيت أهل البيت الحرام و هم المتقون لقوله تعالى: «إن أولياؤه إلا المتقون» أو أهل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و هم الذين يصدق عليهم عرفا أهل بيته من أزواجه و أقربائه و هم آل عباس و آل عقيل و آل جعفر و آل علي أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و أزواجه، و لعل هذا هو المراد مما نسب إلى عكرمة و عروة أنها في أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة.
أو يكون الخطاب لغيرهن كما قيل: إنهم أقرباء النبي من آل عباس و آل عقيل و آل جعفر و آل علي. و على أي حال فالمراد بإذهاب الرجس و التطهير مجرد التقوى الديني بالاجتناب عن النواهي و امتثال الأوامر فيكون المعنى أن الله لا ينتفع بتوجيه هذه التكاليف إليكم و إنما يريد إذهاب الرجس عنكم و تطهيركم على حد قوله: «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم و يتم نعمته عليكم»: المائدة: 6، و هذا المعنى لا يلائم شيئا من معاني أهل البيت السابقة لمنافاته البينة للاختصاص المفهوم من أهل البيت لعمومه لعامة المسلمين المكلفين بأحكام الدين.
و إن كان المراد بإذهاب الرجس و التطهير التقوى الشديد البالغ و يكون المعنى: أن هذا التشديد في التكاليف المتوجهة إليكن أزواج النبي و تضعيف الثواب و العقاب ليس لينتفع الله سبحانه به بل ليذهب عنكم الرجس و يطهركم و يكون من تعميم الخطاب لهن و لغيرهن بعد تخصيصه بهن، فهذا المعنى لا يلائم كون الخطاب خاصا بغيرهن و هو ظاهر و لا عموم الخطاب لهن و لغيرهن فإن الغير لا يشاركهن في تشديد التكليف و تضعيف الثواب و العقاب.
لا يقال: لم لا يجوز أن يكون الخطاب على هذا التقدير متوجها إليهن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و تكليفه شديد كتكليفهن. لأنه يقال: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤيد بعصمة من الله و هي موهبة إلهية غير مكتسبة بالعمل فلا معنى لجعل تشديد التكليف و تضعيف الجزاء بالنسبة إليه مقدمة أو سببا لحصول التقوى الشديد له امتنانا عليه على ما يعطيه سياق الآية و لذلك لم يصرح بكون الخطاب متوجها إليهن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط أحد من المفسرين و إنما احتملناه لتصحيح قول من قال: إن الآية خاصة بأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
و إن كان المراد إذهاب الرجس و التطهير بإرادته تعالى ذلك مطلقا لا بتوجيه مطلق التكليف و لا بتوجيه التكليف الشديد بل إرادة مطلقة لإذهاب الرجس و التطهير لأهل البيت خاصة بما هم أهل البيت كان هذا المعنى منافيا لتقييد كرامتهن بالتقوى سواء كان المراد بالإرادة الإرادة التشريعية أو التكوينية.(2)
منتدى الوارث من العتبة الحسينية المقدسة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1-تفسيرمجمع البيان ،للطبرسي. سورة الاحزاب 2-الميزان في تفسير القران ،محمد حسين الطباطبائي.تفسير سورة الاحزاب، الاية 33.
اترك تعليق