خلال مؤتمر الأربعين والتمكين العلمي للمسلمين.. الأمين العام للعتبة الحسينية: نسعى لترسيخ الهوية العلمية والثقافية وتعزيز التعايش السلمي

أكد الأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة، الأستاذ حسن رشيد العبايجي، أن العتبة تعمل عبر مؤسساتها العلمية والثقافية والقرآنية على دعم الهوية الإسلامية، وتقريب وجهات النظر، وترسيخ قيم التعايش السلمي، مستلهمة نهجها من النهضة الحسينية وتوجيهات المرجعية الدينية العليا، جاء ذلك خلال كلمته في مؤتمر الأربعين والتمكين العلمي للمسلمين.

وقال الامين العام للعتبة الحسينية المقدسة، إنه "في المجتمعات الإسلامية، يعد الدين الإسلامي الهوية الأساسية والرسمية لها، فهو الانتماء الحقيقي والرمز ومحور حياة المجتمع ومن خلاله يتفاعل أفراد المجتمع، وحينما يضعف التمسك بالدين والالتزام به في نفوس الأفراد يظل هو الهوية المفقودة التي تبحث عنها" .

وأوضح أن "الدين الركيزة الأساسية التي تجمع الشعوب في العالم الإسلامي، وهو الرابطة المتينة التي تؤلف بين هذه الشعوب مهما اختلفت لغاتها والوانها واماكنها فالجميع يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد (صلى اله عليه واله وسلم) نبيا ورسولا، وهو دين شامل في عقيدته وشرعيته واسسه وأحكامه التي جاءت في القرآن والسنة والذي يجمعنا مع مختلف الشعوب والقوميات الأخرى منطلقين من الآية الكريمة (يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم أن الله عليم خبير)".

وتابع أن "زيارة الأربعين هي واحدة من الزيارات العظيمة التي تشكل بناء الهوية الدينية والاسلامية والحجر الأساس في عملية التنمية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية للمجتمعات التي تنشد الرفاهية والتقدم والازدهار المستقبل".

وبين أن " الديني الإسلامي كهوية فكرا وعقيدة تعرض الى تحديات ومصاعب كثيرة وكبيرة أدت إلى الانحراف عن الخط الرسالي لقرون عديدة على يد ملوك وسلاطين الدولة الأموية والعباسية وحتى يومنا هذا بل تأسس باسم الدين الظلم والجور ودفعوا أهل البيت ( عليهم السلام ) عن مقامهم ومراتبهم الذي رتبهم الله فيها وقد تصدى لها أهل البيت ( عليهم السلام ) وقدموا تضحيات جسيمة من أجل تقويم الخط الإسلامي وأعادته الى الطريق الصحيح وخير شاهد على ذلك نهضة الامام الحسين ( عليهم السلام) ومسيرة أهل البيت (عليهم السلام) في زيارة الأربعين" .

ولفت إلى أن "انطلاقا من رسالة زيارة الأربعين الخالدة وعظمتها هناك مشاهد وصورة جهادية وبطولية جسدتها عقيلة الطالبيين زينب الكبرى (عليها السلام) والامام زين العابدين (عليه السلام) التي هزت عروش البلاط الاموي يستمر صداها إلى قيام يوم الدين"، مبينا أن "زيارة الأربعين كشفت عن دلالات وآثار عظيمة، تبرز جانبا مهما من تجليات عظمة الإمام الحسين (عليه السلام) ومكانته وفضله تعبر عن انتصار القيم والمبادي العظيمة كما أن هذا الحشد الهائل من البشر الذي نراه ونشاهده في كل عام، ومن مختلف الأديان والمذاهب، والأعراق والجنسيات والقوميات يؤكد ان الانتصار كان مؤقتا وزائلا، بينما انتصار القيم والمبادئ مستمر وثابت، وهذا ما أكدته أحداث كربلاء وما حدث بعدها، وهذا هو الانتصار الحقيقي وقد تنبأت بهذا الأمر السيدة زينب الكبرى (عليها السلام) في حديثها ليزيد عندما قالت له (فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين)".

وزاد أن "هذا ما تحقق بالفعل، فإن ذكر الإمام الحسين وأئمة أهل البيت (عليهم السلام) يزداد انتشارا واتساعا يوما بعد آخر أما ظلمتهم فقد ذهبوا إلى مزبلة التاريخ مع قوى الظلال والانحراف ويستمر الأعداء على سيرة أباءهم".

واشار إلى أنه "ففي هذا العصر هناك صراع كبير وتوتر بين الهوية الدينية الاسلامية ومعسكر العولمة والتي تعتبر مصدر لتدمير العقل والإدراك الواعي في مضمونها ورؤيتها الفكرية والعقدية اذ ان العولمة في معظم ثقافتها تلعب دورا خطيرا وخبيثا في فصل انتماء وولاء الفرد عن عقيدة الإسلام وإلغاء الهوية الإسلامية".

ودعا إلى أن" نحصن أنفسنا من مكائد الأعداء وتربصهم في استهداف مؤسساتنا العلمية والبحثية والحفاظ على العلماء والباحثين فالعدو يستهدف البنى التحتية العلمية وخصوصا العقول كما فعل بعلمائنا في الجمهورية الإيرانية الإسلامية لانهم مصدر قوة ودرع الأمة الإسلامية وسورها المنيع فالحذر كل الحذر من حزب الشيطان وحماتهم ومكائدهم" .

وكشف أن "من التحديات التي تواجه هويتنا الإسلامية في عصرنا هو التيار العلماني الذي يدعوا الى بناء الحياة على أساس دنيوي غير مرتبط بالأصول الشرعية أو السماوية ولا بالتقاليد والعادات والقيم الاجتماعية الاصيلة بل يعتبره عائقا في طريق التقدم والانطلاق نحو بناء الحضارة"، لافتا إلى أن "من نتائجه انتشار الثقافات المبتذلة والمتحللة أخلاقيا التي شرعتها الدول الغربية في قوانينها التي تدعي التحضر والمدنية الزائفة، بالإضافة الى التيارات المنحرفة كالألحاد وغيرها".

ونوه إلى أن "العتبة الحسينية المقدسة ومن خلال المؤسسات العلمية والثقافية والقرانية كالجامعات ومراكز البحوث والدراسات وأقامة المهرجانات والمؤتمرات تسعى بكل الإمكانيات لدعم الهوية العلمية والثقافية والدينية للمسلمين وتقريب وجهات النظر واحترام الرأي الآخر وتقبله واحتضانها وتؤكد على أهمية التعايش السلمي الأهلي في المجتمع وبنظرة انسانية مستلهمين من النهضة الحسينية وأثارها كمعسكر زيارة الاربعين عقيدتنا وأيماننا وولائنا تحت مظلة مرجعيتنا الرشيدة وتوجيهاتها".

واستطرد قائلا إن "الأمانة العامة للعتبة الحسينية قد أثرت الساحة الدينية والفكرية والثقافية والمعرفية والعلوم الإسلامية بكل مقوماتها بالكتب والبحوث والموسوعات لخدمة الإسلام والمسلمين وتعزيز الهوية الإسلامية لمواجهة تحديات العصر ومستعدون لمد يد العون والتعاون من أجل تحقيق الأهداف السامية التي تنشدها جميعا".

تحرير : مصطفى احمد باهض