نقل ثقة الإسلام الشيخ الكليني بسند صحيح عن الإمام الصادق عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : من أتاني زائراً كنت شفيعه يوم القيامة .
ونقل أيضا بسند صحيح عن الإمام الباقر عليه السلام : مروا شيعتنا بزيارة الحسين ، فإن إتيانه فرض على كل مؤمن يقر للحسين بالإمامة .وروى شيخ الطائفة بسند معتبر عن عبد الله بن سنان عن الصادق : بينا الحسين بن علي في حجر رسول الله إذ رفع رأسه فقال : يا أبه : ما لمن زارك بعد موتك ؟ فقال : يا بني من أتاني زائرا بعد موتي فله الجنة ، ومن أتى أباك زائرا بعد موته فله الجنة ، ومن أتى أخاك زائرا بعد موته فله الجنة ، ومن أتاك زائرا بعد موتك فله الجنة .
في البداية لا بد من التنبيه على حقيقة هي اختيار الله مجموعةً من الناس واصطفاؤه إياهم وهذا وإن لم يقبله البعض حسدا أو جهلا إلا أنه حقيقة واقعة فقد قال الله سبحانه ( .. إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ..) وعرف النبي محمد صلى الله عليه وآله بالمصطفى والمختار لهذه الجهة . تماما مثلما أنه يمكن أن يختار الله زمانا كرمضان فيشرفه ذلك التشريف العظيم بحيث تكون إحدى لياليه أفضل من ثمانين عاما ليس فيها ذلك الشهر وتلك الليلة ، أو يختار مكانا كمكة مع أنه بحسب الظاهر (غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) ولا ضرع ولا ميزة ظاهرية أو أشخاصا كمن ذكر . فيتعبد الله الناس باحترام تلك الأماكن والأزمنة التي اختارها وتقديسها ، ويتعبدهم أيضا بتقدير وتقديس واتباع أولئك الناس الذين اختارهم (عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) ، ويجعل صلواته وصلوات ملائكته عليهم (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) . حتى لقد أصبح أمر الصلاة على النبي وآله من واجبات الصلاة عند جميع المسلمين ..ومن ذلك أمر زيارة قبورهم .
أما مشروعية زيارة القبور : فلا شك فيها عند المسلمين وذلك لما ورد من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله : إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة(1).. وقد دعا صلوات الله عليه إلى زيارة قبره بعد وفاته ، فقد نقل عنه ( من زار قبري بعد موتي وجبت له شفاعتي ) (2)و ( من زارني في مماتي فكأنما زارني في حياتي ) بل حتى غير قبر النبي وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله قد زار قبر أمه فبكى وأبكى (3) وكان صلوات الله عليه يخرج فيزور قبور المسلمين في البقيع كما كانت فاطمة الزهراء عليها السلام تخرج إلى المسجد فتزور أباها ثم تخرج إلى أحد فتزور عمها حمزة بن عبد المطلب(4).
وأما معنى الزيارة : ففي أصلها اللغوي هي بمعنى المَيل و القصد كما ورد في القرآن الكريم في قصة أهل الكهف (وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ..) وسميت شهادة الزور بذلك لأنها مائلة عن الحق .
أهداف الزيارة :1- تكريم المزور وأداء حقه .2- ارتباط بين الناس وبين المعصومين .3- تسليط الضوء على جهاد الصالحين وعمله ، ولذلك كان المطلوب ( عارفا بحقه ..) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1- مسند أحمد 1- 145 ويحتمل أن يكون النهي عن زيارة القبور لو فرض صحة الحديث في هذه الجهة ، كان راجعا إلى زيارة المسلمين لقبور آبائهم المشركين ، وهو مما لا ينبغي منهم . فإنه إذا كان بالنسبة للمنافقين ( .. ولا تقم على قبره ) فهو بالنسبة للمشركين من باب أولى .2- ألف الشيخ تقي الدين السبكي الشافعي كتابا كاملا بخصوص رجحان واستحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله ، ردا على ما زعمه بعض من خلاف ذلك ، وسماه ( شفاء السقام في زيارة خير الأنام ) .3- ذخائر العقبى في مودة أهل القربى لأحمد بن عبد الله الطبري4- وفي فعلها ذاك رد على من يدعي وجود الكراهة فضلا عن الحرمة في زيارة النساء للقبور . وأما ما تمسك به بعض من أن مجيئهن يكون سببا لارتفاع اصواتهن بالنياحة ، أو اختلاط الرجال بالنساء , ففيه أنه لو تم ذلك لكان ينبغي منع الحج لما فيه من الاختلاط و.. والعجيب أنه كيف تؤسس الفتاوى على مثل هذه المستندات !!
اترك تعليق