زيارة الامام الحسين(ع) من مقدسات العقيدة الاسلامية

أن أفضل وأقدس الزيارات في العقيدة الإسلامية والروايات الواردة هي زيارة مرقد سيّد الشهداء في كربلاء، ولم ترد مثل هذه التأكيدات والتوصيات بشأن زيارة أي إمام ولا حتى زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وآله. وجاء في بعض الأحاديث أن زيارة الإمام الحسين عليه السلام أفضل وأرجح حتى من زيارة الكعبة، وأن لها أجر والثواب ما يعادل عشرات ومئات الحجج والعمرات. ويتبيّن من لحن الروايات وكأنها تريد الإيحاء إلى أنها في حدّ "الفريضة" على الشيعة، وتحبّذ عدم تركها لأي سبب أو خطر أو مانع، وترى في تركها جفاء له.

روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "زيارة الحسين بن علي واجبة على كل من يقرّ للحسين بالإمامة من الله عزّ وجل" (وسائل الشيعة 10: 346، أمالي الصدوق: 123، جاء في "المزار" للشيخ المفيد عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال: "مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن علي. فإن إتيانه مفترض على كل مؤمن يقر للحسين عليه السلام بالإمامة من الله عز وجل ).

 أن ثمّة تلازم بين الاعتقاد بالإمامة وزيارة الإمام في (حال حياته أو بعد مماته). وقد أولت الروايات لهذه المسألة أهمية خاصة. أن الزيارة إذا اقترنت بالخوف فإنّ لها قيمة وأجراً كبير. وهذا يعكس التأثير الاجتماعي للزيارة، ويظهر مدى ولاء وتضحية الزائر.

قال الإمام الصادق عليه السلام لابن بكير الذي يتحدث عن مدى ما لقيه من خوف وهلع في الطريق إلى زيارة أبي عبدالله عليه السلام: ألا تحب أن يراك الله فينا خائفا؟ (وسائل الشيعة 10: 345، بحار الأنوار 98: 11) وقال الإمام الباقر عليه السلام في جوابه لزرارة حين سأله عن زيارة الحسين عليه السلام على خوف: أن الله يكتب له الأمان يوم القيامة (كامل الزيارات: 125، وسائل الشيعة 10: 356).

وقال جعفر بن محمد الصادق عليه السلام لمحمد بن مسلم الذي كان يذهب لزيارة الحسين عليه السلام وهو خائف: "ما كان من هذا أشد فالثواب فيه على قدر الخوف ومن خاف في إتيانه آمن الله روعته يوم يقوم الناس لرب العالمين…" (كامل الزيارات: 127، وسائل الشيعة 10: 357، بحار الأنوار 98: 11) .

وجاء عن الإمام عليه السلام في حديث طويل أشار فيه إلى ثواب ذلك بالقول: "من زاره فأصابه ظلم سلطان وقتل هناك، تمحى ذنوبه مع أول قطره تسيل من دمه، ومن زاره فسجن في سبيله فله في كل يوم سجن فيه يوم من الفرح في القيامة، ومن زاره فضرب هناك فله في مقابل كل ضربة حورية في الجنة. وله لقاء كل أذىً يصيبه في بدنه، حسنة" (كامل الزيارات: 124(مع التلخيص))، وقال أيضا: "من أتى قبر الحسين عارفاً بحقّه غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر" (أمالي الصدوق: 197).

 نعم، أن الوصول إلى كربلاء يتطلب إرادة حديدية وقلباً شجاعاً، ومحبّة جارفة، ولا بد أن يكون زاد المرء في هذا السفر، الصبر واليقين، وردائه التوكّل، وسلاحه الإيمان، ومركبه الروح حتى يبلغ الغاية المنشودة؛ لأن طريق كربلاء يمر عبر فيافي المحبة وميادين التضحية والمنعطفات المحفوفة بالمخاطر والمخاوف. ومن الطبيعي أن يكون ثواب زيارة كربلاء مثيراً للدهشة كأن يكون له ثواب المقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام العادل، أو كثواب شهداء بدر، أو كثواب الحج والعمرة لعدة مرات، أو عتق ألف رقبة، وإعداد ألف فرس للمجاهدين في سبيل الله (وردت أحاديثه في مصادر من قبيل: كامل الزيارات وسائل الشيعة، بحار الأنوار…الخ).

لا شك أن مدى الأجر والثواب يتوقف على مدى معرفة الزائر، وكيفية الزيارة، والظروف الاجتماعية السائدة. فكربلاء رمز لمظلومية أهل البيت وأئمة الشيعة من جهة، وهي من جهة أخرى مظهر بارز لدفاع آل علي وعترة النبي عن الإسلام والقرآن.

 والتوجه إلى مزار سيد الشهداء إنما هو تكرار متواصل ودائم للحق، واستذكار للمظلومية. فإذا كتب للكعبة والحج والصلاة والجهاد أن تبقى، فبقاؤها بفضل شهيد عاشوراء الذي أحيى الدين. والإسلام مدين لثأر الله إلى الأبد. ومن هنا أيضا ينبثق بغض أعداء الإسلام للحسين ولمرقد الحسين. فقد كانت زيارته على الدوام مقرونة بالمصاب والموانع والخوف. إلا أن شوق زيارة كربلاء ينمو منذ البداية في قلوب الشيعة الداعين إلى الحق والأحرار المنادين بالفضيلة.

 وكانوا محبّو سيّد الشهداء على استعداد لبذل النفس والمال وتقديم الأيدي والأرجل، وبقى طريق كربلاء المغلق حسرة على الدوام في نفوس الشيعة، سواء في عصر الأمويين والعباسيين أم في عهد الحكومة البعثية في التاريخ المعاصر، وظل أمل فتح طريق كربلاء مشعلاً ينير قلوب عشاق الحسين، وتحملوا مرارة الهجران في سبيل هذا الأمل. فزائر الحسين عاشق متفانٍ، وزيارة كربلاء عبادة ربّانية وملكوتية.

 قال الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أردت الحسين فزره وأنت حزين مكروب شُعثاً غُبراً جائعاً عطشاناً"(وسائل الشيعة 10: 414).وورد في حديث آخر تكملة لهذا الحديث وهي: لأن الحسين عليه السلام مات على هذا الحال (بحار الأنوار 98: 142).

المصدر / موسوعة عاشوراء / الشيخ جواد محدثي.

المرفقات