أسباب إقدام المأمون على سمّ الإمام الرضا(عليه السلام) واغتياله:

  من الأسباب التي دعت المأمون إلى سمّ الإمام انّه لم يحصل على ما أراد من توليته للعهد، فقد حدثت له فتنة جديدة وهي تمرّد العباسيين عليه، ومحاولتهم القضاء عليه .

  ومن الأسباب التي وردت عن أحمد بن علي الأنصاري عن أبي الصلت الهروي في قوله : (... وجعل له ولاية العهد من بعده ليرى الناس أنه راغب في الدنيا; فيسقط محلّه من نفوسهم، فلمّا لم يظهر منه في ذلك للناس إلا ما ازداد به فضلاً عندهم، ومحلاًّ في نفوسهم، وجلب عليه المتكلمين من البلدان طمعاً من أن يقطعه واحد منهم فيسقط محله عند العلماء، وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة، فكان لا يكلمه خصم من اليهود والنصارى والمجوس والصابئية والبراهمة والملحدين والدهرية، ولا خصم من فرق المسلمين المخالفين إلا قطعه وألزمه الحجة .

  وكان الناس يقولون : والله إنّه أولى بالخلافة من المأمون، فكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه، فيغتاظ من ذلك ويشتد حسده ).وكان الرضا لا يُحابي المأمون في حق، وكان يجيبه بما يكره في أكثر أحواله; فيغيظه ذلك، ويحقد عليه، ولا يظهره له، فلمّا أعيته الحيلة في أمره اغتاله فقتله بالسم(١).

  وقد نصحه الإمام (عليه السلام) ـ كما تقدم ـ بأن يبعده عن ولاية العهد لبغض البعض لذلك، وقد علّق إبراهيم الصولي على ذلك بالقول : كان هذا والله السبب فيما آل الأمر إليه(٢)

  إضافة إلى ذلك أن بعض وزراء المأمون وقوّاده كانوا يبغضون الإمام (عليه السلام) ويحسدونه، فكثرت وشاياتهم على الإمام (عليه السلام)، فأقدم المأمون على سمّه(3).

  وبدأت علامات الموت تظهر على الإمام (عليه السلام) بعد أن أكل الرمان أو العنب الذي أطعمه المأمون، وبعد خروج المأمون ازدادت حالته الصحية تدهوراً، وكان آخر ما تكلم به : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ) (4) (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً)(5).ودخل عليه المأمون باكياً، ثم مشى خلف جنازته حافياً حاسراً يقول : (يا أخي لقد ثلم الإسلام بموتك وغلب القدر تقديري فيك) وشق لحد هارون ودفنه بجنبه(6).

وقد رثاه دعبل الخزاعي قائلاً :

  أرى أمية معذورين إن قتلوا  ولا أرى لبني العباس من عذرأربع بطوس على قبر الزكي به  إن كنت تربع من دين على خطرقبران في طوس خير الناس كلّهم  وقبر شرهم هذا من العبرما ينفع الرجس من قرب الزكي وما   على الزكي بقرب الرجس من ضرر (7)

وكانت شهادة الإمام الرضا (عليه السلام) في آخر صفر سنة (٢٠٣ هـ) كما ذكر على ذلك أغلب الرواة والمؤرخين .

كرامة زيارته عليه السلام:

  قال ابن حبّان : قد زرته مراراً كثيرة، وما حلّت بي شدّة في وقت مقامي بطوس فزرت قبر علي بن موسى الرضا، صلوات الله على جده وعليه ودعوت الله إزالتها عني إلا استجيب لي، وزالت عني تلك الشدة، وهذا شيء جربته مراراً، فوجدته كذلك(8).وقد اشتهرت هذه الكرامات على مدى القرون ولا سيّما في عصرنا الراهن حتى إن القائمين بشؤون الحرم الرضوي قد أسّسوا قسماً خاصاً بتسجيل هذه الكرامات وتدوينها مع شواهدها وذاع صيتها واشتهر أمرها وأصبحت من الواضحات لدى عامة المؤمنين بل جملة من الأطباء الذين كانوا يشرفون على تطبيب بعض المرضى الذين لا علاج لهم.

المصدر/اعلام الهداية ج10

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(١) عيون أخبار الرضا : ٢ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠ .(٢) نثر الدر : ١ / ٣٦٣ .(3) النصوص التوضيحية في كيفية استشهاده راجعها في العوالم ص ٤٨٨ ـ ٤٩٨.(4) آل عمران (٣): ١٥٤ .(5) الأحزاب (٣٣): ٣٨ .(6) عيون أخبار الرضا : ٢ / ٢٤١ .(7) عيون أخبار الرضا : ٢ / ٢٥١ .(8) الثقات : ٨ / ٤٥٧ .

المرفقات