إدعاء سكوت الإمام (عليه السلام) على ظلم زوجته الزهراء (عليها السلام) ألا يعد إساءة إليه؟

عندنا هنا عدة أمور موضوعية لابد من الاشارة اليها حتى نصل الى جواب: 1- لا أحد يشك بشجاعة الإمام علي (عليه السلام) وهو أمر قطعي ثابت. 2- ان ما حدث من الهجوم على بيت الزهراء (عليها السلام) هو أمر ثابت أيضاً لا يمكن انكاره بعد كثرة النصوص التاريخية عليه، ولكن الاختلاف وقع في التفاصيل، ولكن كلها أجمعت أو أغلبها على وقوع نوع من التعدي على الزهراء (عليها السلام) وعلى علي (عليه السلام) خاصة عندما أجبر على البيعة. 3- ان ما وقع من الهجوم على الزهراء (عليها السلام) واقع في سياق أحداث غصب الخلافة ومجمل الأحداث التي وقعت بعد وفات الرسول (صلى الله عليه وآله)، وان الأحداث أخذت تصاعداً درامياً الى أن وصلت الى ذروتها بالهجوم على بيت علي (عليه السلام) وإجباره على البيعة أو القتل. وان ما نذكره مما وقع على الزهراء (عليها السلام) مروي عندنا في ضمن مجمل القصة التي نرويها وندعيها، فلا يأتي السؤال بان ما تذكرونه عن الزهراء (عليها السلام) مذكور عندكم فقط، بل نحن نذكره مترابط مع غيره، فيجب معالجة القصة ككل لا أجزائها المفككة! أي يجب ان ننظر الى الحادثة باعتبار ما سبقها وما لحقها والظروف المحيطة بها وهذا واضح. 4- وما ذكرناه اعلاه نجده يصب فيما نريد أن نوضحه عن هذه الحادثة مورد السؤال التي هي جزء مما حدث ككلز فمن جهة لا نستطيع ان نقول ان علياً (عليه السلام) قد جبن - والعياذ بالله - لأنه الشجاع الذي لا يبارى، ومن جهة لا نستطيع ان ننفي الواقعة لانها ثبتت تاريخياً، فلابد لنا من أن نجد لها تفسيراً آخر ونحلل الواقعة عليه. 5- ثم إن هناك مفهومين هما الشجاعة والصبر، وهما لا يتعارضان، بل يكون الصبر أمر على الشجاع، بل يبرز شدة شجاعته، فلا ضير أن يصبر الشجاع على أمر قد يكون فيه اذاً أو إهانة على نفسه أو أهله أو ضياع حق له أو لأهله من أجل هدف أعظم وأسمى، وهو استمرار الخط الإلهي الرسالي المتمثل ببيت النبوة، وبالتالي الحفاظ على أصل الشريعة المحمدية وان شابها شيء من الانحراف مقابل إظهار الشجاعة والقتال، ثم فناء البيت المحمدي وذهاب جهود النبي (صلى الله عليه وآله) إدراج الرياح، أو قتل الكثير من غاصبي حقه ونشوب النزاع في عاصمة الإسلام والإسلام ما زال طرياً غضاً وأعداؤه كثيرون من المرتدين والمنافقين وغيرهم. ان ما نذكره من مجريات الاحداث التاريخية لما بعد الرسول (صلى الله عليه وآله) عندنا يتضمن ان علياً (عليه السلام) كان موصاً بالصبر على ذهاب حقه إذا لم يجد ناصراً من أجل البقاء على الإسلام، كما نجد فيها أن قريش أرادت أن ترجعها جاهلية ، وأنها نازعت على الملك في السقيفة وليس على الدين، وأنها تضمنت نفاق بعض القوم وحسدهم وخور وضعف آخرين وجبنهم، وفيها ان علياً (عليه السلام) خاطب ابن صهاك بأنه لولا علمه بأنه موصى لما تجرء على فعل ما فعل، إلى آخره من الأحداث المترابطة التي يجب ان تؤخذ كوحدة واحدة، التي لو درسها المصنف المتجرد يجد أن عقله يسلم لا محالة الى أن ما فعله عليٌّ (عليه السلام) وصبر عليه كان في خدمة الإسلام والمسلمين، وانه كان في ذلك الموقف أشجع مما كان في الحروب.

المرفقات