المعاد لغةً: مصدر عاد يعود يقال : عاد يعود عَوْداً ومَعاداً بفتح ميمه .
وأصله (مَعْوَد) على زنة (مَفْعَل) قلبت واوه ألفاً، وقد جاء على أصله في حديث علي (عليه السلام ) : والحكمُ اللّه، والمّعْوَدُ إليه يوم القيامة.
قال ابن الأثير : هكذا جاء (المعود) على الأصل، وهو (مفعل) من عاد يعود، ومن حق أمثاله أن تقلب واوه ألفاً كالمقام والمراح، ولكنه استعمله على الأصل.
وصيغة (مفعل) ومقلوبها تستعمل في اللغة مصدراً وهو ما يعرف بالمصدر الميمي واسم زمان واسم مكان.
ومعنى عاد يعود معاداً رجع يرجع رجوعاً إذا أريد به المصدر، ومرجعاً إذا أريد به المصدر الميمي أو الزمان أو المكان.
وقد ورد استعماله في القرآن الكريم في الآية (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ) [القصص: 85].
كما ورد استعماله في الحديث، ومنه : (وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي).
وعرّفه اللغويون بقولهم :
المعاد : كل شيء اليه المصير.
وفي ضوئه قالوا : الآخرة معاد الناس لأن إليها مصيرهم.
وهو كمصطلح يراد به البعث يوم القيامة مأخوذ من قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) [الروم: 27].
ففي (لسان العرب) مادة (عود) : قال الأزهري : بدأ اللّه الخلق إحياءً ثم يميتهم ثم يعيدهم أحياءً كما كانوا، قال اللّه عز وجل (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ) [الروم: 27]، وقال : (إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) [البروج: 13] ،فهو سبحانه وتعالى الذي يعيد الخلق بعد الحياة إلى الممات في الدنيا، وبعد الممات إلى الحياة يوم القيامة.
وعُرّف المعاد كلامياً بأنه «الوجود الثاني للأجسام وإعادتها بعد موتها وتفرقها»(1).
ونص في التعريف على إعادة الأجسام، أي على المعاد الجسماني أو البدني رداً على ما ذهب إليه الفلاسفة القائلون بأن المعاد الجسماني محال لاستلزامه إعادة المعدوم.
واستدلوا على ذلك بأن المعاد لا يكون مُعاداً بعينه إلا اذا أعيد بجميع عوارضه التي منها الوقتولازم هذا أن يعاد في وقته الأولوكل ما وقع في وقته الأول فهو مبتدأفيكون حينئذ مبتدأ من حيث إنه مُعاد هذا خلف(2).
وأجاب عنه الأيجي بقوله : «الجواب : إنما اللازم إعادة عوارضه المشخصة، والوقت ليس منها ضرورة أن زيداً الموجود في هذه الساعة هو الموجود قبلها بحسب الأمر الخارجي.
وما يقال : إنا نعلم بالضرورة أن الموجود مع قيد كونه في هذا الزمان غير الموجود مع قيد كونه قبل هذا الزمان، فأمر وهمي، والتغاير إنما هو بحسب الذهن دون الخارج.
ويحكى أنه وقع هذا البحث لابن سينا مع أحد تلامذته وكان مصراً على التغاير، فقال له : إن كان الأمر على ما تزعم فلا يلزمني الجواب لأني غير من كان يباحثك، فبهت وعاد إلى الحق، واعترف بعدم التغاير في الواقع.
ولئن سلمنا أن الوقت داخل في العوارض وأنه معاد بوقته الأول فلم قلتم : إن الواقع في وقته الأول يكون مبتدأ، وإنما يكون كذلك ان لو لم يكن وقته معاداً معه(3).
من كتاب : (خلاصة علم الكلام ) للدكتور عبد الهادي الفضلي
___________________
(1) النافع يوم الحشر 86.
(2) انظر : المواقف 371.
(3) المواقف 371 - 372.
اترك تعليق