الامامة في القرآن والسنة _الحلقة الاولى_

ربما يتسائل البعض عن اهمية الامامة والقيادة لكي يقوم الله عز وجل بتعيين امام او تقوم الامة بانتخاب قائد؟وفي معرض الجواب عن هذا التساؤل يجب القول ان امة ما اذا لم يكن هناك من يسوسها ويقودها فان الفوضى ستسود حياتها وبالتالي انها ستكون عرضة للفناء.ومن هنا فاننا نلاحظ وعبر مسار البشرية الطويل ظاهرة القيادة وهي تواكب التاريخ الانساني.وعلى هذا فاننا امام حالتين لا ثالث لهما ، وجود الامام او عدمه والحالة الثانية ستؤول بالمجتمع الى الزوال ،فتبقى اذن الحالة الاولى.وما دامت الامامة والقيادة ضرورة اجتماعية يبقى النقاش حول خصائص القائد فاما ان يكون عالما عادلاَ تقياَ شعبيا وبعبارة واحدا صالحا واما ان يكون ظالما فاسدا شريرا انانيا وبعبارة واحدة ايضا طالحا.ومن المنطقي هنا ان العقل والضمير يرجحان الاول.على ان هناك اختيار اخر عندما نقف بين فردين احدهما صالح ووالآخر اصلح،فاضل وافضل، وهنا نواجه مسالة الافضلية.وهي المسالة التي اثارت جدلا بين اهل السنة والشيعة.فاغلبية اهل السنة يرون جواز امامة المفضول بوجود الافضل،وهي رؤية تصطدم مع المنطق العقلي ، لان العقل يرفض الترجيح دون مرجح فكيف يمكنه قبول ترجيح المرجوح على الراجح؟!وتاسيسا على هذا يبقى طريق واحد فقط وهو وجود الامام الذي يتفوق على اهل زمانه في كل الخصال الطيبة.فالرؤية الشيعية هي الرؤية التي تنسجم ومنطق العقل والفطرة والضمير.ولا تنطوي هذه الرؤية على ايةه تحديد للحرية ولا على اسنبداد ولا على اي شيء يتناقض ويصطدم مع موقف العقل.وهي رؤية تنهض على اساس ان الله سبحانه هو خالق الانسان والمجتمع وهو اعلم بمصالحه الحقيقية وارحم به من غيره، فيبقى اختياره هو الاصلح والاكثرانسجاما مع معطيات العقل وما تنطوي عليه الفطرة السليمة.فمن منطلق كيفية تحديد الامام او كيفية معرفة الامام او الادلة الواردة في تعيين الامام عليه السلام ،فهنا سنتطرق الى الادلة من القرآن والسنة على تعيين الامام وان الامامة امر رباني وليست من صنع البشر.

الآية الاولى:قوله تعالى:{ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.(1)فقد روى المخالف(2) والموالف باسانيد عديدة وطرق شتى انها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وفي هذه الاية دلالة على عصمتهم (عليهم السلام) من جميع الارجاس والمعاصي مع التاكيد بلفظة انما وادخال اللام في الخبر والاختصاص في الخطاب والتكرير بقوله تعالى تطهيرا وغيرهم ليس بمعصوم اتفاقا فتكون الامامة فيهم، لان امير المؤمنين (عليه السلام) قد ادعى الخلافة في مواضع منها قوله (عليه السلام) في خطبته الشقشقية التي رواها العامة والخاصة:اما والله لقد تقمصها ابن ابي قحافة وإنه ليعلم  ان محلي منها محل القطب من الرحى.وقد ثبت نفي الرجس عنه (عليه السلام) فيكون صادقاً.

الآية الثانية:الواردة في الصدق والتصديق النازلة على شان علي بن ابي طالب (عليه السلام)،فقد روى ابو نعيم في الحلية والسيوطي في الدر المنثور(3) وغيرهما (4)عن ابن عباس ومجاهد في تفسير قوله تعالى{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}(5).قالوا الذي جاء بالصدق رسول الله (صلى الله عليه واله)، والذي صدق به علي بن ابي طالب (عليه السلام). وروى احمد بن حنبل وجماعة عن ابن عباس في قوله تعالى {وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ}(6).إنها نزلت في علي (عليه السلام) وروى العامة والخاصة بطرق متواترة ان علي بن ابي طالب (عليه السلام) صديق هذه الامة . وروى الثعلبي والرازي واحمد بن حنبل في مسنده وابن شبرويه في الفردوس وابن المغازلي وغيرهم عن رسول الله (صلى الله عليه واله) ان الصديقين ثلاثة حبيب النجار مؤمن ال ياسين ، وحزقيل مؤمن ال فرعون ، وعلي بن ابي طالب (عليه السلام)وهو افضلهم . وروو نحو ذلك كثيرين. وروى الحافظ ابو نعيم باسناده ان عليا (عليه السلام ) قال:انا الصديق الاكبر لا يقولها بعدي الا كذاب . والصديق لغة وعرفا يرادف المعصوم (عليه السلام) او يقرب منه، قال الجوهري الصديق دائم التصديق ومن يصدق قوله عمله وقد وصف الله انبياءه بهذا الوصف فقال في النبي ادريس (انه كان صديقا نبيا)وفي النبي يوسف (ايها الصديق) ولا ريب ان صاحب هذه الاوصاف والجامع لهذه النعوت اولى بالامامة من غيره ممن عبد الاصنام ما يزيد عن اربعين سنة.

المصدر:

(أ) حق اليقين في معرفة اصول الدين/للسيد عبد الله شبر.

(ب)دراسة في اسس الاسلام/السيد مجتبى الموسوي اللاري.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ(1):سورة الاحزاب،الاية :33.(2):انظر تفسير الفخر ج6 ،ص783، والدر المنثور ج5 ص199، والنيسابوري ج3 في تفسير سورة الاحزاب، وصحيح مسلم ج2 ص331، والمشرف المؤبد ص10، ومصابيح السنة ج2 ص200 ذكره احتمالا، والخصائص الكبرى ج2 ص264، والاتحاف ص18، واسعاف الراغبين بهامش نور الابصار  ص82، واصابة ابن حجر ج4 ص301.(3):ج5 ص328.(4):انظر تفسير الفخر ج7 ص262.(5):سورة الزمر،الاية:33.(6):سورة الحديد، الاية 19.