الشفاعة: هي من الشفع مقابل الوتر، كأن الشفيع ينضم الى الوسيلة الناقصة التي مع المستشفع فيصير به زوجا بعد ما كان فردا فيقوى على نيل ما يريده لما لم يكن يناله وحده لنقص وسيلته و ضعفها و قصورها /الميزان في تفسير القرآن .
استعمل القرآن الشفاعة في موردين :فتارة تطلق الشفاعة و يراد بها الشفاعة في نظام التكوين (الشفاعة التكوينية )واخرى تطلق ويراد بها الشفاعة في نظام التشريع أي عالم الأوامر و النواهي و المترتبة الأمتثال و عدمه (الشفاعة التشريعية)
الشفاعة التكوينية: من الحقائق التي اثبتها القرآن انه ما من حياة و موت و رزق و عطاء و منع و حوادث الا و لها اسباب طبيعية .
ان النظام الكوني قائم على أساس سلسلة الأسباب والمسببات و ارتباط كل ظاهرة من الظواهر الكونية بعلة و سبب ,و لا نعني بالسبب و العلة الا أن يكون هناك أمر واحد أو مجموع امور اذا تحققت في الطبيعة مثلا تحقق عندها أمر اخر نسميه المعلول و السبب, حيث نرى ان كلما تحقق احتراق مثلا لزم ان يتحقق عله موجبة له من النار او حركة او اصطكاك اونحو ذلك, و لكن جميع ذلك انما هو بأذن الله تعالى .
الأيات الدالة على الشفاعة التكوينية :
قال تعالى {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}البقرة 255
قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} السجدة 4.
يتضح من الأية الأولى أن الشفاعة أعم من الشفاعة التكوينية هي توسط الأسباب في التكوين , و الشفاعة التشريعية التي سيأتي الكلام عنها لأحقاً , و الأية الثانية (ان الله خلق السماوات و الأرض و حددت مرة الخلق و الأيجاد بستة أيام , ثم نصت على سعة قدرة الله تعالى على جميع ما خلق و احاطته بهم , و انه بعدما خلق السماوات و الأرض استوى على العرش القدرة و أخذ بتدبير العالم .
استعمل القرآن الشفاعة في مورد التكوين، اراد بها توسط العلل و الأسباب بينه تعالى و بين مسبباتها في تدبير امرها و تنظيم و جودها و بقائها .
فكل سبب من الأسباب يشفع عند الله لمسببه بالتماسك بصفات فضله وجوده لا يصال نعمة الوجود الى مسببه فنضام السببية بعينه ينطبق على نظام الشفاعة .
الشفاعة التشريعية: أن الأنسان لكي يصل الى رضوان الله تعالى ينبغي ان يسلك الصراط المستقيم صراط الذين انعم الله عليهم من النبين والصديقين و الشهداء والصالحين .
قال تعالى:{يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} طه 109.
وقال :{ لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} مريم 87.
ان الله سبحانه وان كان هو الغفار الرحيم وقد وسعت رحمته كل شيء ألا ان درجة قبوله لطلب العفو والمغفرة تختلف باختلاف الطالب لها فقد يرأف جل جلاله بالعبد العاصي ويغفر له حينما يطلب منه ذلك لكن درجة القبول تختلف لو توجّه هذا العبد بنبي مرسل او ولي مقرب او شفيع مرتضى عنده تعالى , ولعل اوضح الأ مثله على ذلك قوله تعالى { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا } النساء 64
إعداد: فراس الكعبي
اترك تعليق