نحن نعلم أن القرآن نزل آيات منفصلة ثم جُمِع و لم ينزل سوراً والكثير من السور نزلت كاملة ويتصدَّرها البسملة، وفي الموارد التي يكون فيها النزول لآيات لا تبلغ مقدار سورة فإنَّ النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) يأمر كتاب الوحي بإضافتها إلى سورة هو يحددها، وإذا كانت هذه الآيات متصدرة بالبسملة يأمر بأنْ يُعقد لها سورة جديدة ويتم إلحاق آياتٍ أخرى بها إذا نزلت لاحقاً، فإذا أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك بكتابة آياتٍ نزلت عليه لحينها وصدَّرها بالبسملة عرف كتاب الوحي والصحابة انَّها سورة جديدة، فلم ينتقل النبيُّ الكريم إلى الرفيق الأعلى إلا بعد ان تحدَّدت تمام سور القرآن دون استثناء، والجمع بعد ذلك للقرآن كان في ترتيب السور.
و يؤيد ذلك من ما رواه العيّاشي عن صفوان الجمّال قال، قال أبو عبد اللَّه عليه السلام: "ما أنزل اللَّه من السماء كتاباً إلَّا وفاتحته بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وإنّما كان يعرف انقضاء السورة بنزول بسم اللَّه الرحمن الرحيم ابتداء للأُخرى"(1).
ويُؤيده من طرق العامة ما رواه ابن عباس: "إنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وتنزل عليه الآيات فيقول ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا.."(2)
وكذلك ما أخرجه الحاكم النيسابورى في المستدرك على الصحيحين عن ابن عباس انّ النبيَّ (صلى الله عليه وآله): "كان إذا جاءه جبرئيل فقرأ: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ علم أنّها سورة"(3).
وأخرج الحاكم النيسابوري أيضاً في المستدرك عن ابن عباس قال: "كان المسلمون لا يعلمون انقضاء السورة حتّى تنزل: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾، فإذا نزلت: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ علموا أنّ السورة قد انقضت"(4).
وكذلك أخرج الحاكم النيسابوري عن ابن عباس قال: "كان النبي (صلى الله عليه وآله) لا يعلم ختم السورة حتّى تنزل: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾"(5).
على انَّ العمدة في الدليل على انَّ البسملة جزء من كلِّ سورة ما عدا سورة براءة هو ما ورد في الروايات المعتبرة عن أهل البيت (عليهم السلام).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تفسير العياشي - محمد بن مسعود العياشي - ج 1 ص 20.
2- مسند احمد - الإمام احمد بن حنبل - ج 1 ص 57.
3- المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 1 ص 231.
4- المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 1 ص 232.
5- المستدرك - الحاكم النيسابوري - ج 1 ص 231.
اترك تعليق