من الواضح أنّ لمعرفة أسباب النزول معطيات متنوعة تتمثل في الوقوف على المعنى أو إزالة الإشكال، أو رفع الغموض الذي يقترن مع دلالة النص وفي هذا الصدد أشار أكثر من باحث الى أنه لا يمكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وسبب نزولها. وقال آخرون لبيان سبب النزول سبب قوي في فهم معاني القرآن. وقيل : معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب، وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آيات حتى وقفوا على أسباب نزولها، فزال عنهم الإشكال.
ومن المعطيات المترتبة على ذلك هو معرفة حكمة اللّه تعالى على التعيين وفي ذلك إدراك لروح التشريع وتأكيد بأن أحكام اللّه تعالى إنما وضعت رعاية للمصالح العامّة التي توخاها القرآن الكريم وأوضحتها السنة المطهرةومن المعطيات الأخرى:
إفادة ذلك إبعاد فكرة الحصر عن ذهن الباحث في بعض الآيات. ومنها: معرفة أن سبب النزول غير خارج عن حكم الآية إذا ما ورد مخصص لها.
ومنها: معرفة من نزلت فيه الآية على التعيين. وأخيراً: تيسير الحفظ والفهم وتثبيت الوحي في أذهان السامعين حيث تربط الآيات بالحوادث.
ولا تفوتنا الإشارة في نهاية المطاف إلى ملاحظتين هما:
1 ـ الآيات والسور التي لها في نزولها سبب خاص فبعض الآيات والسور الشريفة لها سبب خاص في نزولها فهذه الآيات أو السور نزلت بعد ذلك السبب الخاص الموجب لنزولهاويمكن القول بأن هذه الآيات نزلت رداً على موارد معينة مثل: 1 ـ وقوع حادثة مهمة وملفتة للنظر أو خطرة أو قبيحة. 2 ـ توجيه الأسئلة إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل المسلمين. 3 ـ تعرض المسلمين إلى ظروف وحالات معينة تقتضي منهم إبداء موقف خاص بهم إزاء تلك الظروف. وفي النتيجة يعقب هذه الأمور نزول آيات أو سور شريفة تتحدث عن مواضيع بشأن تلك الحادثة أو ذلك السؤال المطروح أو لتبيين الموقف الذي ينبغي على المسلمين اتخاذه إزاء هذه الحالة.
2 ـ الآيات والسور التي ليس في نزولها سبب خاص. كثيرة هي السور والآيات القرآنية المباركة التي نزلت دونما أن يكون لها صلة بسؤال أو حادثة أو واقعة معينة حصلت قبل نزولها بل إن سبب نزولها عام أو شامل وهو حاجة جميع الناس للتوجيهات الإلهية وتعويض العجز الفكري للبشر عن طريق الوحي حتى يمكن عبر هذا الطريق تمييز الحق من الباطل.
ويمكن تصنيف مثل هذه السور والآيات الشريفة الفاقدة لأسباب خاصة في النزول إلى ما يلي:
1 ـ الآيات والسور المباركة التي تحكي تاريخ ووقائع الأمم الماضية مع أنه ينبغي الإشارة هنا إلى أن بعض هذه الآيات نزلت إثر سؤال من المسلمين أو بسبب خاص آخر. 2 ـ الآيات والسور القرآنية التي تحكي أخبار الغيب وتصوير آفاق عالم البرزخ والجنة والنار وأحوال يوم القيامة وما يتعلق بأحوال أهل الجنة وأهل النار وأمثال تلك من التي لا يمكن العثور على سبب خاص في نزولها.
اترك تعليق