بسم الله الرحمن الرحيم
(وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (*) وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِى كَانُوا يَعْمَلُونَ).
إن خطة الإمتحان الالهي هي الجهاد، جهاد النفس وهواها، وجهاد الاعداء الألداء، لحفظ الإيمان والتقوى والطهارة، ونفع ذلك يعود للانسان... وإلاّ فإنّ الله وجوده غير متناه من جميع الوجوه، وغير مفتقر لأي شيء حتى يتم بواسطة طاعة الناس أو عبادتهم ، ولا ينقصه شيء حتى يكمله الآخرون، فكل ما عندهم فمنه، وليس لهم شيء من أنفسهم!.
والخلاصة أنّ جميع منافع هذا الجهاد ترجع للشخص المجاهد نفسه، وهو الذي يفوز بخير الدنيا والآخرة في جهاده، وحتى إذا كان المجتمع يستفيد من بركات هذا الجهاد، فهو في مرحلة أُخرى بعده.
فعلى هذا، متى ما وفّق أي إنسان إلى الجهاد فنال نصيب منه، فعليه أن يشكر الله على هذه النعمة!.
والآية الأخرى توضيح لما تقدم ذكره في الآية السابقة بشكل مبهم تحت عنوان الجهاد، فهنا يكشف القرآن حقيقة الجهاد فيقول: (وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ).
إذن أوّل فائدة كبيرة لهذا الجهاد الكبير [وهو الإيمان والعمل الصالح] هي تكفير الذنوب وسترها على الإنسان، كما أن الثواب سيكون من نصيبهم، كما يقول القرآن في نهاية هذه الآية أيضاً: (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ).
كلمة «نكفّر» مشتقة من مادة «تكفير» ومعناها في الأصل التغطية والستر، والمقصود بتغطية الذنوب هنا عفو الله وصفحه.
والتعبير بـ(أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) مع أن الله يجزي على الأعمال الصالحة ـ حسنةً كانت أم أحسن لعله إشارة إلى أنّنا نجازي جميع أعمالهم الصالحة والحسنة بأحسن الجزاء، أي إذا كانت بعض أعمالهم أحسن وبعضها حسناً، فنحاسب الجميع بالأحسن، وهذا هو معنى تفضل الله سبحانه.
وفي آيات أُخرى من القرآن، كالآية (38) من سورة النور وردت الإشارة إلى ذلك أيضاً (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
والنتيجة فأن المجاهد اول ما ينفع ينفع نفسه بان يغفر الله تعالى جميع ذنوبه وليس هذا فقط بل يجازي اعماله السابقة باحسن ما عمل، أومعنى ذلك ان الانسان يعمل اعمالا صالحة كثيرة ولكن ثوابها مختلف بحسب قيمة العمل عند الله تعالى وإخلاص العبد فيه فيختلف حساب الثواب وفق هاذين الشرطين لكن المجاهد له ميزان واحد فيؤخذ افضل اعماله ويجعل ثوابا لباقي الاعمال الأقل وليس هذا فقط بل يزيدهم الله من فضله وفضل الله تعالى ليس له حد.
فيالها من جائزة عظيمة لا ينبغي لعاقل التهاون فيها وقد جاء في روايات عدة ان المجاهد لا ينظر في عمله ومعنى ذلك ان الله تعالى قد يغفر للمؤمن يوم القيامة لكن غفرانه هذا يكون بعد الحساب وما اشد ساعات الحساب فقد بين القران الكريم طول ذلك اليوم وشديد الاهوال فيه لكن الشهيد يستثنى من ذلك فلا ينظر في اعماله أصلا أي انه يغفر له من دون حساب وقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام): "من قُتل في سبيل الله لم يُعرِّفه الله شيئاً من سيّئاته" الكافي للكلينيّ، ج5، ص 54.
اترك تعليق