هل رجعة الإمام الحسين -عليه السلام- خروجٌ من الأرض أم نزولٌ من السماء؟

السؤال: لقد جاء في روايات رجعة الإمام الحسين (عليه السلام) كثيراً: أنّه أوّل مَن تنشقّ عنه الأرض في أيام الرجعة، فيخرج (عليه السلام) من قبره، والسؤال المطروح هو أنّه: هل رجعته (عليه السلام) خروجٌ من الأرض أم نزولٌ من السماء؟ خصوصاً وأنّه قد ورد لدينا بأنّ الإمام المعصوم لا يبقى ببدنه ولا بروحه بعد ثلاثة أيام، بل يرتفع إلى السماء، فكيف نتصوّر أنّ الإمام ارتفع إلى السماء ببدنه وروحه، ومع ذلك يخرج  في الرجعة من الأرض؟

 

الجواب: ذكرنا أنّ ماهية الرجعة وطبيعتها هي رجوع من القبر، وقد ورد في نصوص المعصومين (عليهم السلام) أنّ أبدانهم خُلقت من عليين، وأنّ أرواحنا خُلقت من فاضل ما خُلقت منه أبدانهم (عليهم السلام)، لكن ورد عنهم أيضاً: أنّ أبدانهم الدنيوية العالية قد أُلبست ومُزجت بطينة ترابيّة من الأرض، ولولا ذلك لما أمكن للبشر أن يتعايشوا معهم؛ لأنّهم غير مرئيين، والحال أنّهم بشر، يعني تُرى بشرتهم، ويتباشرون ويتعايشون مع بقيّة البشر؛ لذلك مُزجت أبدانهم وطينتهم بالتربة الأرضيّة، وهذه التربة هي بقاع مراقدهم؛ إذن في حين أنّ البدن الأصلي الدنيوي يُرفع من بقاع مراقدهم المقدّسة إلى السماء، إلاّ أنّ تلك الطينة الجسمانيّة لتُرَبِهم ـ التي هي لباسٌ لأبدانهم الأصليّةـ باقية، ومِن ثَمّ يُزارون (عليهم السلام) في تلك المواضع، وتلك التُرب المباركة لها ارتباط تكوينيٌّ ما مع تلك الأبدان الأصليّة، وهذا يفسر أيضاً ما ورد عنهم (عليهم السلام) بلسانٍ آخر من أنّ تُربتنا كانت في بقعة واحدة، وبعد الطوفان فرّقها الله في هذه المُدن التي فيها الآن مراقدهم، فهناك غير بدنهم الأصلي الدنيوي أبدان دنيويّة ترابيّة أرضيّة، بها أُلبست أبدانهم الأصليّة، واستطاع البشر من خلالها أن يتعاطوا ويتباشروا ويتعايشوا ويحيوا ويتفاعلوا معهم (عليهم السلام)، فمِن ثَمّ؛ إذن هذه الطينة وهذا البدن الآخر موجود، وتعود تلك الأبدان الأصليّة والأرواح لهم بالتعلّق مع الأبدان الترابيّة الأرضيّة.

....................................................................

*مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية

 

المرفقات