تناول ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطيب وإمام الجمعة في كربلاء المقدسة في خطبته الثانية من صلاة الجمعة والتي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 6 محرم الحرام 1436هـ الموافق 31 /10/ 2014م ، تناول ثلاثة أمور جاءت كما يأتي:
الأمر الأول :
شهدت ساحات المواجهة التي يخوضها مقاتلو الجيش العراقي ومن يساندهم من المتطوعين ومقاتلو البيشمركة، مع المجاميع الارهابية ملاحم بطولية - توجت خلال الايام الماضية – بانتصارات ونجاحات عسكرية مهمة في مناطق مختلفة من البلاد كان يعتقد البعض انها عصيّة على هؤلاء المقاتلين الابطال، وبهذا المناسبة نود بيان ما يلي:
1- اننا اذ نثمن ونقدر عالياً هذه النجاحات التي تحققت من خلال الارادة الوطنية الصلبة، والمعنويات العالية، وحب التضحية والصمود والاستبسال والشجاعة التي اتصف بها المقاتلون، نؤكد على الجهات المعنية بضرورة الاسراع في توفير الاستعدادات اللازمة، ووضع الخطط العسكرية المناسبة، والتنسيق بين مختلف صنوف المقاتلين والمتطوعين، لتحرير المزيد من المناطق، وتخليص مواطنيها الذين ما زالوا يعانون من سطوة العصابات الارهابية.
ونثمن – عالياً – مواقف الكثير من المقاتلين الجرحى الذين رفضوا الاخلاء من الجبهات، بل اصروا على مواصلة القتال، واستمرار المشاركة في ساحات المواجهة بالرغم من اصاباتهم – وكذلك اولئك المقاتلين الذين يواصلون الحضور في الجبهات لفترة طويلة ويرفضون الاجازة لزيارة عوائلهم والاطمئنان عليها، بل همهم هو تحقيق النصر والظفر على الاعداء.
2- لقد اثبتت هذه الانتصارات المهمة ان القوات المسلحة العراقية الباسلة بكل صنوفها، ومن يساندهم من المتطوعين الغيارى من ابناء العراق كافة، قادرون ان شاء الله تعالى – بدرجة اساسية - على تخليص العراق وشعبه من هذه العصابات الارهابية متى ما توفرت مقومات النجاح من خطط عسكرية رصينة، ووجود ارادة وطنية خالصة ومعنويات عالية، والتحلي بروح الاستبسال والصمود، بالإضافة الى قيادات ميدانية تحمل هم الحفاظ على العراق ومقدساته وشعبه، ولا تبحث عن مكاسب شخصية.
وهذا لا يعني التخلي عن دعم ومساندة الدول الشقيقة والصديقة، بل يكون دورها دور المساند والداعم للقوات المسلحة والمتطوعين.
3- لقد كشفت هذه الانتصارات الرائعة عن مدى زيف ما يقوم به البعض من تضخيم وتهويل اعلامي لقوة العصابات الارهابية، يُقصد به إدخال الرعب والخوف في نفوس المقاتلين واضعاف معنوياتهم وشل قدراتهم عن القتال والصمود.
ان هذه النجاحات العسكرية اثبتت خور وضعف قوى الارهاب وانها عاجزة عن مقابلة العراقيين متى ما وحدوا صفوفهم وتضافرت جهودهم وأخلصوا النية في حفظ بلدهم.
والمطلوب منكم – ايها المقاتلون الابطال- ان تحافظوا على انجازاتكم وتمسكوا الارض التي طهرت من دنس الارهابيين الغرباء، وتتعاونوا مع ابناء المناطق التي لا يزال يسيطر عليها الارهابيون لتطهيرها منهم.
ونجدد الوصية لكم بالحفاظ على ارواح المواطنين الابرياء وحفظ اموالهم وممتلكاتهم مهما كانت انتماءاتهم المذهبية، فإنها امانة في اعناقكم .. وأشعروهم بالأمن والاطمئنان وانكم تقاتلون من اجل تخليصهم من هذه العصابات .. وحذار حذار ان تُمد يد الى شيء من ممتلكاتهم او تصيب أحداً منهم بسوء، فانه حرام حرام، فاتقوا الله يرحمكم الله.
الأمر الثاني :
قامت عصابات داعش الارهابية بإعدام اعداد كبيرة من ابناء بعض العشائر الكريمة في المناطق الغربية لاتخاذهم موقفاً وطنياً شجاعاً برفض الارهابيين والدفاع عن مدنهم وأهاليهم، وهذا ليس بمستغرب عن سلوكيات وممارسات هذا التنظيم البعيد عن قيم الاسلام والانسانية.
واننا إذ نواسي ذوي الضحايا الاعزاء ونتعاطف معهم، نؤكد على اخوتنا واحبتنا من ابناء هذه العشائر وغيرهم من العشائر العراقية الاصيلة بأن خلاص العراق من الارهاب الداعشي لا يتم الا بتضافر جهود جميع ابنائه، ومساندة البعض للبعض الاخر..
فهلموا الى ذلك كما عهدناه منكم من اتخاذ مواقف وطنية شجاعة كلما تعرض الوطن للبلاء. ومن المؤكد ان الانتصارات الاخيرة في مناطق جرف الصخر والعظيم وشمال تكريت وبيجي وغيرها، تعطي الامل للجميع بان النصر على الارهابيين أمر ممكن.. بل وقريب مع توفر مقومات النصر من وحدة الصف والارادة والوطنية الخالصة لتخليص جميع المناطق التي تعاني من ويلات هذه العصابات.
والمطلوب من الحكومة العراقية وبالذات من وزارة الدفاع والداخلية تقديم الدعم والاسناد العاجل لهذه العشائر التي تقاتل الارهابيين وتحقيق المطالب المشروعة المقدمة من قبلهم والتي تساهم في قدرتهم على الصمود وثباتهم على مواقفهم وصدهم لهجمات الارهابيين، وتوفر الفرصة والارادة لبقية العشائر للانضمام الى صفوف المقاتلين ضد تنظيم داعش الارهابي.
كما ان المطلوب منها الاستجابة السريعة للاستغاثات الكثيرة من اهالي ناحية (بلد) التي تتعرض لهجمات مستمرة من قبل عصابات داعش ويعاني المقاتلون الابطال المدافعون عنها من قلة السلاح والعتاد.
الأمر الثالث:
تشهد مختلف المدن ولاسيما المدن المقدسة هذه الايام مسيرات المواكب الحسينية لإحياء ذكرى عاشوراء الامام الحسين (عليه السلام) ونوصي الاخوة مسؤولي هذه المواكب والمشاركين في مسيراتها ان تكون شعاراتهم وهتافاتهم واشعارهم في اطار هذه المناسبة الحزينة، وتساهم ايضاً في توحيد الصفوف وشحذ الهمم وتعطي زخماً معنوياً لمقاتلينا الابطال في الجبهات فان المعارك التي يخوضونها والتضحيات الكبيرة التي يقدمونها تمثل تجسيداً حياً وامتداداً للمبادئ التي ضحى من اجلها الامام الحسين (عليه السلام).
كما نوصي المواطنين عامة واصحاب مواكب العزاء والمجالس الحسينية بالتعاون التام مع الاجهزة الامنية لتفويت الفرصة على الارهابيين للاعتداء على الزائرين ومواكب العزاء.
كما نؤكد مرة اخرى على ادامة اغاثة النازحين ومساعدتهم والتخفيف من معاناتهم مع حفظ كرامتهم.. ونتمنى على اصحاب الحسينيات التي يسكنها النازحون ان يستمروا في تقديم هذه الخدمة لهم، طبعاً مع مراعاة شروط الوقفية .. وليعلموا ان في خدمتهم لهم اجراً و ثوابا عظيما ويمكن توفير بدائل اخرى يتحقق من خلالها خدمة الزائرين ايضاً..
اترك تعليق