الامين العام للعتبة الحسينية: اصبحت فتوى الدفاع الكفائي ارثا جهاديا تاريخيا امتدت اثارها لكل الامة الاسلامية ولابد علينا استحضار العناية الالهية بوجود المرجعية العليا

اكد الامين العام للعتبة الحسينية المقدسة الاستاذ حسن رشيد العبايجي على ان فتوى الدفاع الكفائي اصبحت ارثا جهاديا تاريخيا امتدت اثارها لكل الامة الاسلامية ولابد علينا استحضار العناية الالهية بوجود المرجعية العليا.

وجاء في نص الكلمة التي القاها في الصحن الحسيني الشريف خلال حفل افتتاح المهرجان الجماهيري الثاني لفتوى الدفاع الكفائي: 

نلْتَقِي الْيَوْمَ فِي رِحَابِ هُذَا الْمَكَانِ الْمُبَارَكِ، فِي مِهْرَجَانِ فَتُوَى الدِفَاعِ الْكفَائِي، الَّذِي نَسْتَذْكِرُ فِيهِ مَلْحَمَةً مِنْ مَلَاحِم التاريخ الْحَدِيثِ، حِينَ لَبَّى أَبْنَاءُ هُذَا الْوَطَنِ نِدَاءَ الْمَرْجِعِيَّةِ، دِفَاعًا عَنِ الْأَرْضِ وَالْعِرْضِ وَالْمُقَدَّسَاتِ، ضِدَّ أَعْتَىٰ هَجْمَةٍ إِرْهَابِيَّةٍ هَمَجِيَّةٍ أَرَادَتْ أَنْ تُعِيدَنَا إِلَى عُصُورِ الظَّلَامِ.

لَقَدْ كَانَ نِدَاءُ الدِّفَاعِ الْكَفَائِي فِي سَنَةِ ۲۰۱٤ ميلادِيَّة، نُقْطَةً تَحَوُّلٍ مَفْصَلِيَّةً فِي مَسَارٍ الْعِرَاقِ وَالْمِنْطَقَةِ، حَيْثُ هَبَّ الْآلَافُ مِنَ الرِّجَالِ الْمُؤْمِنِينَ، مِنْ مُخْتَلِفِ الْمَذَاهِبِ وَالْمُحَافِظَاتِ، وَأَصْطَفُوا صَفًّا وَاحِدًا لِيُدَافِعُوا عَنِ الْوَطَنِ، وَيَذُودُوا عَنْ حِمَاهُ، وَقَدَّمُوا أَعْظَمَ التَّضْحِيَاتِ فِي سَبِيلِ حُرِّيَّتِهِ وَكَرَامَتِهِ.

إِن تَضْحِيَاتِ الشُّهداء، ودماء الجرحى، وصبر العوائل، كُلَّهَا كَانَتِ اللُّبَنَاتِ الْأَسَاسِيَّة الانتصار العراق على الإرهاب، حتى أصبح هذا الانْتِصَارُ رَمزًا مِنْ رُمُوزِ الدِّفَاعِ عَنِ السَّيَادَةِ وَالْهُوِيَّةِ وَالْكَرَامَةِ.

وَنَحْنُ الْيَوْمَ، إِذْ نُحْيِي هَذِهِ الذكرى، فإننا نؤكد على أهميَّةِ حِفْظِ هُذَا الْإِرْثِ، وَصِيَانَتِهِ مِنَ التشويه والنسيان، وتوثيق بطولاته، وتدريس قيمه لِلْأَجْيَالِ الْقَادمَةِ فَالتَّارِيخ لَا يُكْتَبُ بالحبر فقط بل يُرْسَمُ بِالدِّمَاءِ وَالْبُطُولَاتِ وَالْمَوَاقِفِ.

وَانْطِلَاقا مِنْ هَذَا الْمَشْهَدِ الحُسَيْنِي العَظِيمِ، جَسَّدَتِ الْمَرْجِعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ الْعُلْيَا الْقِيَمَ وَالْمَبَادِئَ وَالْمُثْلَ الْحُسَيْنِيَّةَ العظيمة في الملحمة التاريخية عندَ تَعْرُضَ الْبِلادِ لأَكْبَرِ هَجْمَةٍ إِرْهَابيَّةٍ هَمَجِيَّةٍ، وَبِدَعْمِ دُولِي وَإِقْلِيمِي مَادي وَإِعْلَامِي وَمَعْنَوِي وَكَانَتِ الْمَرْجِعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ الْعُلْيَا فِي النَّجَفِ الْأَشْرَفِ تَرَاقِبُ الأحداث عن كثبِ، وَاسْتَشْعَرَتْ خُطُورَةً وَتَدَاعِيَاتِ الْمَوْقِفِ عَلَى الْعِرَاقِ شَعْبًا وَمُقَدِّسَاتٍ وَأَعْرَاضًا وَحَضَارَةً،

وفي ظل عدم تقدير المخاطر من قبل الجهات المعنية والسياسِيَّةِ، فَأَصْدَرَتْ فَتْوَى الدفَاعِ الكفائي من منبر صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي العتبة الحُسَيْنِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ، بِتاريخ: (١٤/ شَعْبَانَ ١٤٣٥ هـ الموافق ١٣ حُزَيْران / يونيو ۲۰۱٤ م)، مِنْ هَذَا الْمَوْقِعِ الْمُقَدَّسِ، بِالتَّصَدِّي لِهذِهِ الزُّمَر الإرْهَابِيَّةِ، لِكُلِّ مَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حَمْل السلاح دفاعًا كِفَائيًّا. لَقَدْ أَعْطَتْ هَذِهِ الْفَتْوَى الْمُبَارَكَةُ دُرُوسًا كبيرة في إدارة الأزمَاتِ وَالْمَخَاطِر ، عِنْدَمَا يَحْدِقُ الشَّرُّ بِالْبَلَدِ. وقَدْ أَفْرَزَتْ هذه الفتوى المُبَارَكة مشاهد تاريخيَّةً تَسْتَحِقُ أَنْ تُكْتَبَ بِأَحْرُفٍ مِنْ نُورٍ نتيجة التلبية الجماهيرية الكبيرة. ومن الإنصاف تسليط الأضواءِ عَلَى هُذِهِ الْمَشَاهِدِ التاريخية العظيمة، لسمر مكانتها ورفعة شأنها وجلالة قدرها، فَهِيَ بِحَقِّ مَشَاهِدُ عَظِيمَةٌ قُلْ نَظِيرُهَا في التاريخ الإسلامي المعاصر. وقبل ذلك نَتَوَجَّه بخالص الشكر والتقدير وعظيم الامتنان إلى المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف الْمُتَمَثَلَةِ بِسَمَاحَةِ آيَة الله العظمى السيد عَلَى الْحُسَيْنِي السيستاني (دام ظلهُ الْوَارِف)، صَاحِبَ فَتْوَى الدفاع الكفائي، التي كانت منارة للحقِّ، وَدِرْعًا لِلْوَطنِ فِي أَحْلَكِ الظُّرُوفِ وَنحَيِّي بِعَظِيمِ التَّبْجِيل وَالتَّقْدِيرِ عَوَائِلَ الشُّهَدَاءِ وَالْجَرْحَى، الَّذِينَ رَسُمُوا بِأَرْوَاجِهِمْ وَدِمَائِهِمُ الطَّاهِرَةِ أَبْهَى صُوَرٍ التضحية والفداء والإباء كما نوجه التحية والإكبار إلى المُقَاتِلِينَ الْأَبْطَالِ، مِنْ مُخْتَلِفِ صنوف قُوَّاتِنا الأمنية والحشد الشعبي والمُتَطَوّعِينَ الَّذِينَ خَطُوا مَلَاحِمَ النَّصْرِ بِشَجَاعَتِهِمْ وَثَبَاتهِمْ.

كما نتوجه بأسمى آيات الشكر والتقدير إلى أساتذة وفضلاءِ الْحَوْزَةِ الْعِلْمِيَّةِ فِي النَّجَفِ الأشرف، التي كان لها دور فاعل ومؤثر في تحقيق النصْرِ، وَالَّذِينَ كَانُوا خَيْرَ عَوْنٍ وَسَندٍ بِجُهُودِهِمْ وَتَضْحِيَاتِهِمْ وَدَعْمِهِمُ الْمَعْنَوِي الكَبيرِ. وَلَا نَنْسَى دَوْرَ الْعَتَبَاتِ الْمُقَدَّسَةِ، وَالْمُؤسسات، والدوائر الحكومية، ومؤسساتِ الْمُجْتَمَعِ الْمَدَنِي، وَالْهَيْئَاتِ وَالْمَوَاكِبِ الْحُسَيْنِيَّةِ الَّتِي كَانَ لَهَا دَوْرٌ فَاعِلٌ وَمُؤثِرٌ فِي تَحْقِيقِ النَّصْرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَنَظَرًا لأَهَمِّيَّةِ هَذِهِ الْمَشَاهِدِ وَالْمَوَاقِفِ العَظِيمَةِ الَّتِي رَعَتْهَا الْمَرْجِعِيَّةُ الدِّينِيَّةُ الْعُلْيَا فِي الْحِفَّاظِ عَلَى الْعِرَاقِ أَرْضًا وَشَعْبًا وَمُقَدَّسَاتٍ وحَضَارَةً، وسجل تَارِيخِي حَافِلٍ بِالْإِنْجَازَاتِ، الَّتِي حَكَمَتْ وَنَسَجَتْ خُيُوطَهَا الرُّؤْيَةُ الثَّاقِبَةُ وَالدَّقيقة للأوضاع السَّاخِنَةِ وَالْخَطِيرَةِ فِي الْعِرَاقِ وَلإِحْيَاءِ آثَارِهَا وَالتَّذْكِير بأهدافها الوطنية الحالية والمُستقبلِيَّةِ، نَوَدُّ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْمَشَاهِدَ التالية:

المشهد الأول: لم تَتَخَلَّ الْمَرْجِعِيَّةُ عَنْ دَوْرِهَا فِي مُخْتَلَفِ المُنْعَطَفَاتِ التَّارِيخِيَّةِ الْحَادَّةِ، وَقَضَايَا الْأُمَّةِ الْمَصِيرِيَّةِ، وَقَدْ تُوجَتْ تِلْكَ الْمَسِيرَةُ الْحَافِلَةُ بِالْعَطَاءِ وَالتَّضحِيَاتِ وَالسَّدَادِ، بِالدَّوْرِ الْبَارِز وَالْكَبِيرِ لِلْمَرْجِعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْعُلْيَا فِي النَّجَفِ الْأَشْرَفِ.

وكانت الإنعطافة الخطيرة قد تمثلت في سقوط الموصل بِأَيْدِي التَّنْظِيمَاتِ الْإِرْهَابِيَّةِ (داعش)، عام (۲۰۱٤م)، وهيَ أَشْرَسُ التنظيمات الإرهابية وَأَكْثَرُهَا وَحُشِيَّةً، تَنْظِيمًا وَإِعْدَادًا، وَكَانَ مَشْرُوعًا كَبِيرًا وَرَاءَهُ قُوّى مَشْبُوهَةٌ، كَادَ أنْ يُسْقِطَ الدَّوْلَةَ الْعِرَاقِيَّةَ، وَيَفْتِكَ بِالشَّعْبِ، وَيُدَمِّرَ مُقدَّسَاتِهِ وَارْثهُ الْحَضَارِي، فَكَانَ تَهْدِيدًا وُجُودِيًّا حَقِيقِيًّا.

فَمَا كَانَ مِنَ المرجعية الشريفة، التي قرأتِ الْحَدَثَ جَيْدًا وَاسْتَشْرَفْتِ التَّدَاعِيَاتِ وَالْأَخْطَارَ الْكُبْرَى المترتبة عليه، إلا أن أصدرت فتواها التاريخية بوُجُوبِ الدِّفَاعِ الْكَفَّائِي، الَّتِي قلَبَتِ الْمُعَادَلَةَ وقُوضَتِ الْمَشْرُوعَ الْإِرْهَابِي.

المشهد الثاني: وَنَحْنُ نَعِيش بركات هذه الفتوى العظيمة، لا بد لنا من أستذكار الظروف والحيثيات التي دَهَمَتِ الْبَلَدَ في ظل النكسة الأمنية والسياسية التي عصفت ببلدنا العزيز، العراق، وَعِنْدَمَا بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ انْبَرَى سَمَاحَةُ آية اللهِ الْعُظْمَى لِيَتَصَدَّى لِلْجَمْعِ الدَّاعِشِي الْآثمِ، وَهُوَ مَمْلُوءٌ بِالْإِيمَانِ وَالْيَقِينَ، وَمُتَسَلحُ بِالْوَلَاءِ لِنَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الْكِرَامِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ.

فَأَفْتَى بِحَشْدِ السَّوَاعِدِ، وَشَحْذ الهم، في لحظة سَتَظَلُّ شَاخِصَةً فِي كُلِّ الْأَزْمَانِ، فَبَادَرَ النَّاسُ أَمْتِثَالًا لِمَرْجِعِهِمُ الَّذِي يُمَثَلُ النِّيَابَةَ عَنْ إمَامِهِمُ الْمُنْتَظِرِ، وَقَدْ كَتَبَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْفُتُوَى وَصَاحِبِهَا وَرِجَالِهَا النَّصْرَ الْمُؤَخَّرَ وَالْفَتْحَ الْإِلَهِيَّ الْمُبِينَ.

إِنَّ التَّفَكَّرَ فِي الْفَتْوَى الْمُبَارَكَةِ وَآثَارِهَا يُحَتِمُ عَلَيْنَا اسْتِحْضَارَ الْعِنَايَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِهَذَا الْوُجُودِ لِلْمَرْجِعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْعُلْيَا، مُمثلةً بِسَمَاحَةِ السيد على الْحُسَيْنِي السيستاني (دَامَ ظِلُّهُ الوَارَفَ) فَأَصْبَحَتْ هَذِهِ الْفَتْوَى إِرثا جِهَادِيًّا وَتَارِيخِيًّا وَحَضَارِيًّا، وَأَمْتَدَّتْ آثارُهَا لِكُلِّ الأمة الإسلامية، دَاخِلَ العِراق وخارجه، وَاسْتَوْعَبَتْهَا عَوَاطِفُ النَّاسِ وَتَأْييدُهُمْ فِي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ وَقَدْ أَنقذت الكرامة الإسْلامِيَّةَ مِنَ الْهَمَجِيَّةِ وَالتَّكْفِيرِ، فَأَصْبَحَتْ بِحَقِّ الْكَلِمَةَ الْعُلْيَا، وَيَوْمًا مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ.

المشهد الثالث: ان المرجعية الدينية العليا، صاحبة فتوى الدفاع الكفائي، قد سخرت كافة إمكاناتها وطاقاتها في سبيل إسناد المقاتلين وتقديم العون لهم، استشعارًا للمسؤولية الكبرى واستحضارًا للدور التاريخي للحوزة العلمية ورجالاتها.

وقد كان طلاب الحوزة العلمية في النجف الأشرف من أوائل المُلتين للنداء، حيث انطلقوا مع الطلائع الأولى إلى ميادين القتال وساحات المواجهة، تأدية الواجب الشرعي، وإحياء للدور التاريخي للحوزة العلمية في المنعطفات المصيرية الكبرى.

وقد تنوعت أدوارهم، فكانوا يؤدون التبليغ الديني، وينقلون توصيات المرجعية إلى المقاتلين، ويُقدمون الدعم المعنوي واللوجستي، ويُشاركون في القتال، ويطلعون على أوضاع المجاهدين، ويقفون على احتياجاتهم، ويسعون لتوفيرها.

وقد نال العديد من أبناء الحوزة العلمية في النجف الأشرف شهادة الشرف، وتوسم بعضهم بجراح الكرامة.

المشهد الرابع: أكدت المرجعية الدينية العليا، وعلى لسان ممثلها سماحة المُتَوَلَّى الشَّرْعِيّ الشيخ عَبْدِ الْمَهْدِي الكربلائي (دام عزه) على المقاتلين والمتطوعين الالتزام التام والصارم بِحَمَاية ورعاية حقوق الْمُوَاطِنِينَ جَمِيعًا، وَعَدَمَ التجَاوَرَ عَلَى أَي مُوَاطِنٍ بَرِيءٍ مَهْمَا كَانَ انْتِمَاؤُهُ الْمَذْهَبِيُّ أَوِ الْعِرْقِيُّ أَوْ مَوْقِقَهُ السَّيَاسِي.

المشهد الخامس: لَقَدْ كَانَ دَوْرُ الْعَتَبَاتِ المُقدسة كبيرًا ونوعيا، وله تأثيرٌ كَبِيرٌ فِي التَّعْبِئةِ الْعَامَّةِ وَالتَّصَدِي وَالْمُوَاجَهَةِ مَادِيًّا وَمَعْنَوِيًّا ولوجستيا، تلبية لنداء الوطن وَالْمَرْجَعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْعُلْيَا فِي النَّجْفِ الْأَشْرَفِ الْمُقَدَّسَةِ.

وَقَدْ أَقْتَرِنَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً مِنْ لَحْظَة إعلان النداء التاريخي في الصحْنِ الْحُسَيْنِي الشريف بِوُجُوبِ فَتْوَى الدَّفَاعِ الْكَفَائي إِلى أَبْنَاءِ الْعِرَاقِ الغيارى، وَالَّذِي صَدَحَ بِهِ صَوْتُ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلَامُ) يَوْمَ الْعَاشِرِ مِنْ مُحَرَّمَ الْحَرَامِ فِي خِطَابِهِ الْمَشْهُورِ إِلَى الْقَوْمِ: (أَلَا وَإِنَّ الدَّعِيَّ أَبْنَ الدَّعِيَ قَدْ رَكزَ بَيْنَ اثْنَتَيْنِ: بَيْنَ السَّلةِ وَالذِّلَّةِ، وَهَيْهَاتَ مِنَّا الذِّلَّةُ، يَأْبَى اللَّهُ لَنَا ذَلِكَ، وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ، وَحُجُورٌ طَابَتْ وَحُجُورٌ طَهُرَتْ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةً وَأُنُوف حَمِيَّةً، مَنْ أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الْكِرَامِ لِذلِكَ:

1. أن أوَّل مَن أَذاعَ نِدَاء الْمَرْجَعِيَّةِ لِتَحْرِيرِ الْعِرَاقِ هُوَ مِنْبَرُ الْعَتْبَةِ الْحُسَيْنِيَّةِ الْمُقَدَّسَةِ وَهُوَ أَوَّلُ دَوْرٍ لَهَا، وَمِنْهَا أَنطلقت الشرارة الأولى التي أوقدَتْ فِي نُفُوسِ الْغِيَارَى شُعْلَةَ التَّضْحِية والفداء لصيانة العراق شَعْبًا وَأَرْضًا وَمُقَدَّسَاتٍ.

2. تَعَدَّدَتْ إِسْهَامَاتُ العتبة المقدسة في المجالات الإنسانِيَّةِ وَالطَّبيَّةِ وَالثَّقَافِيَّةِ الْفِكْرِيَّةِ والعسكرية والدعم اللوجستي، من خلال إغاثة النازحينَ مِنَ الْمُحَافِظَاتِ الشَّمَالِيَّةِ وَالْعَرْبِيَّةِ الَّتِي أَحْتَلهَا تنظيم "داعش"، فَوَفَّرَتْ لَهُمْ الْمَأْوَى فِي مَدِينَةِ كَرْبَلَاءَ مَعَ تَقْدِيمِ الْخَدَمَاتِ الأساسية كالغذاء والمُعَالَجَةِ وَالدَّوَاءِ وَالْمُسَاعَدَاتِ الْمَالِيَّةِ وَتَوْفِيرِ الْقُرَضِ التعليمية.

3. قدمت العتبة الحُسَينِيَّةُ المُقدمة في الجانب الإِنسَانِي خَدَمَاتِ كَبِيرَةً وَمُتَنَوعَةً لِعَوائل ذوي الشُّهَدَاءِ وَالْجَرْحَى، وَأَسْسَتْ قِسَمَا خَاصًا لِمُتَابَعَةِ شُؤُونِهِمْ وَحُقُوقِهِمْ وَتَوْفِيرِ وَسَائِل العيش الكريمة، ومتابعة جرحاهم من خلال مستشفياتها أو إرسالهم خارج العراق للعلاج.

4. ساهمت في الدور الثقافي والفكري إسهاما فعالًا تَسْتَهْدِفَ دَعْمَ الْمُقَاتِلِينَ المُدَافِعِينَ عن الوطن، وتعزيز النسيج الاجتماعي والجبهة الداخلية، وتقوية الدور الإعلامي في رفع معنويات المقاتلين، ومُوَاجَهَةِ الإعلام الإرهابي فقد عقدت في سبيل ذلك الْمُؤْتَمَرَاتُ وَالنَّدَوَات والاجتماعات، وأقيمت الاحتفالات وَالْعُرُوضُ الْمَسْرَحِيَّةُ وَغَيْرَهَا.

ه. وَفِي مَجَالِ دَعْمِ الْجُهْد العسكري، سَيِّرَتِ العَتْبةُ الحُسَيْنِيَّةُ الْمُقَدِّسَةُ قَوَافِلَ الدَّعْمِ الْمَاذِيَ وَالْغذائي وَالطَّبي وَالْعَسْكَرِي إلى مُخْتَلِفِ المعسكرات. وقامَتْ بِفَتْحِ مَعَسْكَرَاتٍ لِلتَّدْرِيب وَزَجَ عَدَدًا مِنْ مُنْتَسِبِيهَا وَالرَّاغِبِينَ فِي التَّطوع للدفاعِ عَنِ الْوَطْنِ وَمُقَدَّسَاتِهِ، فَشَكَلَتْ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قُوَّةً عَسْكَرِيَّةً لِحِمَايَة مدينة كربلاء، وَسَاهَمَتْ بِشَكْلٍ فَعَالٍ فِي رَقْدِ وَتَعْبِئةِ الْجَبْهَةِ، مِنْ خِلَالٍ تَشكِيلَ عَسْكَري سُمي "بَلَوَاءِ عَلَي الْأَكْبَر".

وَأَخِيرًا، فَإِنَّ هَذَا الْعَطَاء، وتحقيق النصر المبين، كله كَانَ تَحْتَ مِظَلَّةِ الْمَرْجَعِيَّةِ الدِّينِيَّةِ الْعُلْيَا وَتَوْجِيهَاتِهَا الْحَكِيمَةِ وَالسَّدِيدَةِ.

: ولاء الصفار