من الاذكار المهمة التي ينبغي أن يواظب عليها المنتظرون للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف من اجل تقوية الجانب الغيبي والروحي لديهم هو ذكر مؤمن آل فرعون وقوله: (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)[1] .
حقيقة هذا الذكر المبارك
ورد هذا الذكر في القران الكريم في ضمن حركة مؤمن آل فرعون في الدفاع عن امام زمانه النبي موسى عليه السلام حيث كان لمؤمن آل فرعون مراحل متعددة في الوقوف بوجه الطغيان الفرعوني والدفاع عن امام زمانه:
المرحلة الاولى: افشال المخطط الفرعوني
كان مؤمن آل فرعون يكتم ايمانه لسنين طوال ولم يؤمن بدعاوى الطاغية فرعون، وبقي يعمل بالتقية لسنين طوال وحينما شعر بالخطر على موسى عليه السلام وان فرعون يريد قتله بادر بأسلوبه المؤثر لإفشال هذا المخطط وقال عز وجل: (قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ)[2].
وقال تعالى: ( وقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ)[3]، اي أتقتلون رجلا جائكم بالبينات والمعاجز كمعجزة العصا، واليد البيضاء، وقال لهم: (وإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ)[4].
المرحلة الثانية: طلب النصرة
وبعد ان طرح مؤمن آل فرعون ذلك ونصحهم كثيرا قام يحاول مرة اخرى استنهاضهم من اجل افشال مخطط فرعون من قتل موسى عليه السلام حيث اشار لهم بأنهم لهم الملك الواسع والسلطة على الارض ولا يريد منهم الا الناصر الذي يقف معهم حين البأس الشديد، قال :( يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّـهِ إِنْ جاءَنا)[5].
المرحلة الثالثة: التذكير بهلاك الامم السابقة
وبعد ان حاول مؤمن آل فرعون مرات عديدة، وبطرق شتى افشال مخطط فرعون، وجلاوزته الذي يهدف الى استئصال موسى عليه السلام قام يحذرهم، ويذكرهم بالأمم التي سبقتهم، والتي أهلكها الله تعالى بسبب سوء فعالهم وحذرهم من ان يصيبهم الهلاك الذي على أثره يقومون بالاستنجاد أحدهم بالآخر فقال: (وقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وعادٍ وثَمُودَ والَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ومَا الله يريد ظلما للعباد(٣١))[6].
المرحلة الرابعة: التذكير بزوال الدنيا وبقاء الآخرة
وبعد مرحلة التحذير والنصيحة قام بتذكيرهم بزوال الدنيا وان الاخرة هي دار القرار والاستقرار والخلود فقال تعالى: ( يا قوم إِنَّما هذه الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وإِنَّ الاخرة هِيَ دارُ الْقَرارِ)[7].
المرحلة الخامسة: اعلان كفرهم وتفويض امره الى الله عز وجل
وبعدما علم مؤمن آل فرعون بان جميع الاساليب من النصيحة والتحذير والتذكير وغيرها لا تنفع بهم وبطاغيتهم راح يعلن ويفصح عن عقيدته وايمانه امام الطغاة والظلمة من دون تردد مفوضاً امره الى الله تعالى وقال :( ويا قوم ما لِي أدعوكم إِلَی النجاة وتدعونني إِلَی النَّارِ (٤١) تدعونني لِأَكْفُرَ بِاللَّـهِ وأشرك بِهِ ما ليس لِي بِهِ عِلْمٌ وأَنَا أدعوكم إِلَی العزير الغفار)[8]، ثم قال: (فستذكرون ما اقول لكم وافوض امري إِلَی الله إِنَّ اللَّهَ بصير بِالْعِبادِ).
الدروس والعبر
1- الصلابة في الايمان والعقيدة حتى لو كان الانسان وحده من دون ناصر ولا معين
2- عدم اليأس من الدعوة الى نصرة الدين وامام الزمان عليه السلام.
3- الهدوء والسكينة والتدرج في الحركة والدعوة الى الحق من دون استخدام اساليب الاستفزاز.
4- حينما تنقطع السبل في الوصول للأهداف المنشودة ينبغي التوجه الى الله تعالى، وهذا ما صنعه مؤمن آل فرعون حين قال: (افوض امري الى الله والله بصير بالعباد).
5- عرفت مما تقدم اثار هذا الذكر المبارك حيث ان مؤمن آل فرعون لما عجز من فرعون وجلاوزته توجه وفوض امره الى الله تعالى وعند ذلك تحققت الاستجابة حيث قال تعالى: (فوقاه الله سيئات ما مَكَرُوا وحاقَ بِآلِ فرعون سوء العذاب (٤٥) النار يعرضون عليها غدوا وعشيا وَيوم تقوم الساعة ادخلوا ال فرعون أَشد الْعَذابِ)[10].
6- وقد ورد في فضل هذا الذكر المبارك عن الامام الصّادق عليه السلام: (… عجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله تعالى: وافوض امري إِلَى الله إِنَّ الله بصير بالعباد فاني سمعت اللّه تعالى يقول بعقبها: فوقاه الله سيئات ما مَكَرُوا)[11].
7- قال الامام الرضا عليه السلام حول هذا الذكر «مَنْ دَعَا بِهِ فِي دُبُرِ صلاة الفجر لَمْ يلتمس حاجة إِلاَّ يسرت له وكفاه الله ما اهمه: بسم الله وبالله وصلى الله على محمد واله «وافوض امري إِلَى الله ان الله بصير بالعباد `فوقاه الله سيئات ما مَكَرُوا…)[12].
الهوامش:-----
[1] سورة غافر: 44
[2] سورة غافر: 28
[3] سورة غافر: 28
[4] سورة غافر: 28
[5] سوة غافر: 29
[6] سورة غافر: 30 - 31
[7] سورة غافر: 39
[8] سورة غافر: 41 - 42
[9] سورة غافر: 44
[10] سورة غافر: 46
[11] الخصال، ص٢١٨
[12] الكافي: ج٢، ص ٥٤٧
اترك تعليق