زيد بن حارثة وعلي صلوات الله وسلامه عليه

كثيرا ما سمعنا عن زيد بن حارثة وان رسول اللَّه صلّى الله عليه واله وسلم رباه كأحد أفراد عائلته وأنه كان حب رسول اللَّه صلّى الله عليه وآله لأنه كان أول الناس إسلاما بعد علي وخديجة عليهما السلام. وكان رضوان الله عليه أول قادة جيش رسول اللَّه استشهادا في مؤتة

لكن لم يعلمونا في مدارس اهل السنة أن رسول اللَّه صلّى الله عليه وآله كان قد ربى عليا عليه السلام في حجره منذ أن ولد وأنه فرح بمولده ايما فرح، ولم يخبرونا صغارا أن عليا كان يتعبد في الغار مع رسول اللَّه وأن الحبيب المصطفى قال له:

" إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير وإنك على خير"

نهج البلاغة (عبده ط مصر): ٤١٧. وفيه. وانك لعلى خير.

يا ترى لماذا اخفوا عنا هذه المنقبة العظيمة لعلي عليه السلام، وأنه كان معه في الغار حين تلقي الوحي؟

ولماذا لم يرددوا على أسماعنا ليل نهار أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله قد نصب عليا خليفة منذ بدء الرسالة؟

فقد ثبت عند عامة المسلمين أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمر باعلان دعوته السّرية في السنة الثالثة من البعثة، كما جاء في الآية 214 من سورة الشعراء:﴿وَأنْذِرْ عَشَيرَتَكَ الأقْرَبِينَ﴾.

فدعا الرّسول صلى الله عليه وآله أقرباءه الى بيت عمّه أبي طالب. وبعد تناول الطّعام، قال: "يا بني عبد المطلب إِّني أنا النّذير إليكم من الله عزّ وجلّ والبشير فاسلموا وأطيعوني تهتدوا".

ثمّ قال: "من يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟" فسكت القوم، فأعادها ثلاثا. كل ذلك يسكت القوم، ويقول علي: أنا. فقال في المرّة الثالثة: "أنت". فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمّره عليك.

وروي عن أبي رافع: أنَّه جمعهم في الشعب فصنع لهم رجل شاة فأكلوا حتى تضلعوا "أي شبعوا" وسقاهم عسّاً فشربوا كلهم حتى رووا. ثم قال: إنَّ الله أمرني أنْ أنذر عشيرتك الاقربين وأنتم عشيرتي ورهطي وإنَّ الله لم يبعث نبيّاً إلاّ جعل له من أهله أخا ووزيراً ووارثاً ووصياً وخليفة في أهلي، فأيّكم يقوم فيبايعني على أنَّه أخي ووارثي ووزيرى ووصيي ويكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنَّه لا نبيّ بعدي؟ فسكت القوم. فقال: ليقومن قائمكم أوليكونن من غيركم ثم لتندمن. ثم أعاد الكلام ثلاث مرّات. فقام علي عليه السلام فبايعه فأجابه، ثم قال: اُدن منّي. فدنا منه ففتح فاه ومج في فيه من ريقه وتفل بين كتفيه وثدييه، فقال أبو لهب: بئس ما حبوت به إبن عمّك أن أجابك فملأت فاه ووجهه بزاقاً. فقال النّبي صلى الله عليه وآله ملأته حكماً وعلماً".

هذا الحديث يعرف باسم "حديث الدّار"، وهو واضح في دلالته بما يكفي. أمّا من حيث أسانيد الحديث، فقد ذكره كثيرون من علماء أهل السنة، مثل "ابن أبي جرير" و"ابن أبي حاتم" وابن مردويه" و"أبي نعيم" و"البيهقي" و"الثعلبي" و"الطبرى" وابن الأثير" و"أبي الفداء" وغيرهم.

الملفت للنظر أن عليا عليه السلام كان ابن سبع أو تسع سنين حين وقوع تلك الحادثة، اذن فقد عين رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه واله وسلم خليفته منذ بداية الدعوة، ومن هذا نستنتج أن خطط الانقلاب العسكري كانت هناك أيضا منذ بدء الدعوة الإسلامية أي منذ عشرون عاما قبل يوم السقيفة، ومن هذا كانت مقاطعة عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما أراد أن تكتب الوصية لعلي وآل البيت عليهم السلام بشهادة الجمع الغفير، فقال عمر قولته الثقيلة عمن هو وحي يوحى: أن الرجل ليهجر.

المرفقات

: البروفيسور المستتبصر عوده مهاوش الدعجه