النيابة العامة والخاصة في عصر الغيبة الصغرى والكبرى

تعدّ مسألة النيابة عن الإمام عجل الله فرجه الشريف من المسائل الأساسية والمهمة عند الإمامية سواء في عصر الغيبة الصغرى أم الكبرى؛ وذلك لأسباب عدة:

الأول: إنّ معرفة شؤون النيابة الخاصة، وحركة السفراء الأربعة رضوان الله عليهم ودراستها بشكل تفصيلي؛ يعطي للباحث صورة حقيقية يمكن من خلالها ان يستوعب فكرة النيابة العامة في عصر الغيبة الكبرى، وأن اختلفت في بعض النواحي.

الثاني: إنّ معرفة النيابة الخاصة والعامة مهمة جداً في تشخيص التكاليف التي تلقى على عاتق الشيعة الإمامية في كلّ مرحلة من هذه المراحل، فإن تكاليف المؤمنين في عصر الغيبة الصغرى تختلف حتماً عما عليه في عصر الغيبة الكبرى  والنيابة العامة للفقهاء، وكذا طرق تواصل المؤمنين مع النواب الخاصين للإمام يختلف عما عليه في مرحلة النيابة العامة أي نيابة الفقهاء سعة وضيقاً؛ فأن صلاحيات السفراء الأربعة تختلف عما عليه من صلاحيات الفقهاء في مرحلة النيابة العامة، فقد تكون صلاحيات الفقيه في عصر الغيبة الكبرى أوسع مما عليه في عصر الغيبة الصغرى وهكذا ستدور التكاليف مدار هاتين المرحلتين.

الثالث: إنّ معرفة شؤون النيابة الخاصة، والعامة تقطع الطريق أمام المدعين للسفارة، والاتصال بالإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، وذلك لأنه بمجرد معرفة حقيقة النيابة عن الإمام عجل الله فرجه الشريف سيعرف الباحث أنّ أي اتصال في عصر الغيبة الكبرى مع الإمام المهدي بعنوان السفارة والنيابة وغيرها من الدعاوى قبل الصيحة والسفياني فهو باطل ومن الضلالات الواضحة كما سياتي بيانه.

الرابع: إنّ الاطلاع الدقيق على شؤون النيابة الخاصة، والعامة وأدلتها، وتفاصيلها تكشف للشيعة الإمامية والمجتمع المهدوي موقعية فقهاء الطائفة الإمامية من المشروع المهدوي، فهم قادة الحركة في عصر الغيبة الكبرى، واليهم يرجع الناس في شؤون دينهم وتنظيم أمورهم، وهم الذين ينقذون شيعة أهل البيت من حبائل الفتن العظمى، ويوضحون لهم معالم الدين، ويدفعون عنهم شبهات المضلّين، ويشدّون على أيديهم؛ ليستعدوا استعداداً تاماً لنصر دولة العدل الإلهي، لذلك نجد أعداء الإمام عجل الله فرجه الشريف على مختلف صنوفهم يعملون بجد على تفكيك موقعية العلماء من هذا المشروع وربط المجتمع بجهات منحرفة ومشبوهة.

وذلك لأجل التفكيك بين ثلاثية حركة دولة العدل الإلهي والتي هي: (مرجعية العلماء في عصر الغيبة، المجتمع المهدوي، قيادة الإمام الثاني عشر لدولة العدل الإلهي).

فهذا هو الواقع حقيقة، والعدو يستهدف التفكيك بين هذه المحاور الثلاثة، وبأساليب كثيرة جداً وأهمها الحرب الناعمة في الواقع المعاصر، وهي الحرب الفكرية التي تستهدف الإطاحة بمشروع الله في الأرض.

حقيقة النيابة واقسامها

  النيابة في اللغة: تعني قيام شخص مقام شخص آخر في أداء مهمة معينة أو مهام متعددة، قال ابن منظور: (وناب عني فلان ينوب نوبا ومنابا أي قام مقامي) [1].

  أما المعنى الاصطلاحي للنيابة: هي قيام شخص مقام الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ضمن صلاحيات محدودة يسمح بها الدليل القطعي وهي على قسمين:

الأول: النيابة الخاصة

 وتعني إستنابة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف لشخص مخصوص قد نص عليه، وعلى إسمه وأوصافه ليقوم مقام الإمام في شؤون متعددة، وغير مطلقة وأجمع علماء الإمامية على أن النيابة الخاصة إنّما حصلت في عصر الغيبة الصغرى وهي منحصرة بأربعة فقط، وهم من وجوه الطائفة الحقة ومن المشايخ الأجلاء، والأولياء الصالحين المعروفين بأسمائهم وأوصافهم وهم: (الشيخ عثمان بن سعيد العمري، وولده الشيخ محمد بن عثمان العمري، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري، والذي بموته انقطعت النيابة الخاصة في عام (229 هـ ).

الثاني: النيابة العامة للفقهاء

تعني إستنابة الإمام لكلّ من وجدت فيه الصفات لمنصب القضاء، والإفتاء، والولاية، ونحو ذلك، مما سياتي بالأخذ والاستنباط من كتاب الله، والروايات المأثورة عن الأئمة الاثني عشر^، وذلك بالأخذ غير المباشر منه لوقوع الغيبة الكبرى [2].

 إن الفرق بين النيابة العامة، والخاصة هو أنّ قوام النيابة الخاصة بالتنصيص العيني، بينما قوام النيابة العامة تكون بانطباق الأوصاف على شخص معين ولا تنصيص فيها.

 

أدلة انقطاع النيابة الخاصة

هنالك عدة أدلة تدلّ على انقطاع النيابة الخاصة في زمن الغيبة الكبرى وأهمها:

الدليل الأول: الضرورة المذهبية

 كلّ منصف لو راجع كلمات الأعلام في هذا الشأن وهي كثيرة جداً لوجد أنّ مسألة انقطاع النيابة الخاصة من الأمور التي قطع بها العلماء الاعلام، واتفقت عليها كلمتهم جيل عن جيل فأنّ الأمر عندهم في غاية الوضوح، والضرورة بحيث أنّ نفس علماء العامة على اختلاف مذاهبهم وفرقهم، نسبوا لأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام مسألة انقطاع النيابة الخاصة فهي في مدرسة أهل البيت^ كالغيبة من حيث ضرورتها وقد تواترت كلمات العلماء في ذلك، وردوا كلّ من يقول بخلافه وننقل لكم على سبيل المثال، وليس الحصر ما ذكره شيخ الطائفة الطوسي عن الشيخ المفيد عن الثقة الجليل علي بن بلال المهلبي عن وجه الطائفة وشيخها في عصره بلا منازع جعفر بن محمد بن قولوية أنّه قال في حق أبي دلف الكاتب: (فلعناه وبرئنا منه لأنّ عندنا أنّ كل من ادعى الأمر بعد السمري فهو كافر منمس ضال مضل وبالله التوفيق)[3].

ولم يعلق الشيخ الطوسي، والشيخ المفيد على قوله فهو إمضاء واضح لكلامه، وأنّ الدليل على أنّ هذه المسألة من الضروريات المذهبية عند وجوه الطائفة قول ابن قولوية في الكلام المتقدم بأنّ كل من ادعى الأمر بعد السمري (فهو كافر وضال ومضل)، ولا وجه لهذا الحكم من قبل هؤلاء الأعلام إلا لكون هذه المسألة من ضروريات المذهب. 

الدليل الثاني: التوقيع الخارج لعلي بن محمد السمري

  التوقيع المبارك المروي بتوسط النائب الرابع علي بن محمد السمري حيث روى الشيخ الطوسي في الغيبة عند ذكره لأبي الحسن علي بن محمد السمري فقال: أخبرنا جماعة عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه قال: حدثني أبو محمد الحسن بن احمد المكتب قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري فحضرته قبل وفاته بأيام فاخرج إلى الناس توقيعا نسخته: (بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك: فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله تعالى ذكره وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلب وامتلاء الأرض جورا وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)[4].

فهذا التوقيع يدلّ على انقطاع النيابة الخاصة في الغيبة الكبرى، وذلك لما ورد فيه من دلالات تدلّ على المطلوب والتي منها قوله عجل الله فرجه الشريف (فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك )، ومنها أيضاً قوله عجل لله فرجه: (فلا ظهور الا بعد اذن الله عز وجل )، ومنها أيضاً قوله: (سياتي شيعتي من يدعي المشاهدة ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر).

وقد اتفقت كلمات الإمامية على نقل هذا التوقيع الدال على انقطاع النيابة الخاصة وبدء الغيبة التامة للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ومنهم: الشيخ الصدوق (ت 381 هـ) في كمال الدين وتمام النعمة[5]، وشيخ الطائفة الطوسي (ت460 هـ) في كتاب الغيبة [6]، والشيخ الطبرسي (ت 548 هـ) في الاحتجاج[7]، والشيخ ابن حمزة الطوسي (ت560 هـ) في الثاقب في المناقب[8]، والشيخ قطب الدين الراوندي (ت 573 هـ) في الخرائج والجرائح[9]، والسيد بن طاووس(ت 664 هـ) في الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف[10]، والأربلي (ت 693 هـ) في كشف الغمة[11]، والشيخ عماد الدين الطبري (ت 689 هـ) في أسرار الإمامة[12]، والسيد بهاء الدين النجفي (ت 803 هـ) في منتخب الأنوار المضيئة[13]، والمقدس الأردبيلي (ت 993 هـ) في حديقة الشيعة[14]، والفيض الكاشاني (ت 109هـ) في نوادر الأخبار[15]، والعلامة المجلسي(ت 1111هـ) في بحار الأنوار[16]، وغيرهم الكثير من العلماء الإعلام.

الأدلة على النيابة العامة

   اتفقت كلمات الإمامية على ثبوت النيابة العامة للفقهاء في عصر الغيبة الكبرى، وقال المحقق الكركي: (اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أنّ الفقيه العادل الإمامي الجامع لشرائط الفتوى المعبر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية نائب من قبل أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم في حال الغيبة) [17]، وقد ذكرت أدلة كثير تدلّ على ذلك نذكر منها:

الدليل الأول: الدليل العقلي

   وذلك من خلال قاعدة اللطف الذي هو واجب على الحكيم بحكم العقل والذي يدل على انه من باب الحكمة الإلهية لا بُدّ أن يوجد في كلّ مرحلة من المراحل من يقرب الناس إلى الطاعة والهداية، ويبعدهم عن المعصية ويضمن لهم حفظ دينهم ومن هنا، ولأجل هذا الغرض كان تنصيب الأنبياء والأئمة عليهم السلام واجباً من باب الحكمة والعقل.

   وبما أن المشيئة الإلهية قد تعلقت بتغييب الإمام الثاني عشر عجل الله فرجه الشريف، وأن الله تعالى لا ينقض غرضه في جميع المراحل، فاقتضت الحكمة الإلهية أن يفعل شيئا آخراً يحفظ من خلاله الغرض الأول الذي من أجله بعث الله تعالى الأنبياء والأوصياء، والذي هو هداية الناس، وحفظ دينهم وكان الغرض الثاني في ظل غيبة القائم المهدي عجل الله فرجه الشريف، هو نيابة الفقهاء، والعلماء من إتباع الأئمة^ الذين ينهجون منهجم، ويسيرون سيرتهم ويأخذون الأحكام وفق منهج القرآن الكريم، والعترة الطاهرة الذي أوصى بهما النبي صلى الله عليه واله وسلم.

الدليل الثاني: الدليل النقلي

    فقد وردت نصوص كثيرة جداً، وقد ذكرها الفقهاء الأعلام في كتبهم الاستدلالية، وناقشوا فيها بأسانيدها، ومتونها جميعها تدلّ على ثبوت النيابة العامة، ومن هذه النصوص:

اولاً: موثقة عمرو بن حنظلة، قال:(سألت أبا عبد الله× عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أيحل ذلك، فقال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتا وإن كان حقا ثابتا له، لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ}[18]، قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران (إلى) من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبله منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله)[19] .

ثانياً: روى الشيخ الصدوق في كمال الدين: قال حدثنا: محمد بن محمد بن عصام الكليني قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني عن إسحاق بن يعقوب، قال: (سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت على، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه الشريف أما ما سألت عنه - أرشدك الله وثبتك - من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا... وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليهم) [20].

ثالثاً: ففي الرواية عن الإمام الهادي عليه السلام: (لولا من يبقى بعد غيبة قائمنا عجل الله فرجه الشريف من العلماء الداعين إليه، والدالين عليه والذأبين عن دينه بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته، ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحد إلاّ ارتد عن دين الله)[21].

رابعاً: وورد أنّ الإمام محمد التقي عليه السلام قال: (إنّ من تكفل بأيتام آل محمد عليهم السلام المنقطعين عن إمامهم، المتحيرين في جهلهم، الأُسراء في أيدي شياطينهم وفي أيدي النواصب من أعدائنا فأستنقذهم منهم، وأخرجهم من حيرتهم، وقهر الشياطين برد وساوسهم وقهر الناصبين بحجج ربّهم، ودليل أئمتهم، ليفضلون عند الله على العباد بأفضل المواقع، بأكثر من فضل السماء على الأرض والعرض والكرسي والحجب، وفضلهم على هذا العابد كفضل القمر ليلة البدر على أخفى كوكب في السماء)[22].

خامساً: روي عن الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: (فقيه وأحد ينقذ يتيماً من أيتامنا المنقطعين عنا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاج إليه أشد على إبليس من ألف عابد لأن العابد همه ذات نفسه فقط وهذا همه مع ذات نفسه ذوات عباد الله وإمائه لينقذهم من يد إبليس ومردته، فلذلك هو أفضل عند الله من ألف عابد وألف ألف عابدة)[23].

الدليل الثالث: سيرة العقلاء

   إن من أهم الأدلة على التي يستند اليها الفقهاء في إثبات العديد من القضايا هو ما يسمى بسيرة العقلاء، والمراد بها الاتفاق العملي للعقلاء - على مختلف أديانهم ومللهم، وفرقهم ومذاهبهم وتوجهاتهم – على شيء معين، وهذه السيرة تكون حجة لدينا إذا توفرت بها الشروط الأساسية والتي منها:

أ: أن تكون معاصرة لزمن التشريع، الذي يبدأ ببعثة النبي الاكرم’ وينتهي بسنة 260 هـ وهي السنة التي غاب بها الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف.

ب: من شروط تحقق السيرة العقلائية أيضاً أن تكون ممضاة من قبل المعصوم عليه السلام بمعنى مباركته لها قولاً وفعلاً، أو عدم ردعه عنها، ومواجهتها على أقل التقدير، وعند تحقق هذين الشرطين كانت السيرة العقلائية دليلا شرعياً أن المعصوم قد رضي عنها وأمضاها، ومن هذا المنطلق حكم الفقهية بحجية الظواهر القرآنية والحديثية.

    ومن الأدلة التي تدل على مشروعية الرجوع إلى الفقهاء في عصر الغيبة الكبرى هو هذه السيرة العقلائية الممضاة من المعصوم عليه السلام، فأن سيرتهم جارية على طول الخط برجوع الجاهل للعالم، ورجوع غير الخبير لأهل الخبرة، فترى كل جاهل في اختصاص من الاختصاصات يرجع إلى أهل ذلك الاختصاص، وهذا ما جرت عليه المسيرة البشرية، فإذا كانت السيرة العقلائية جارية في كل ذلك فأن العلوم الدينية أحد هذه الاختصاصات، ولا فرق بينها وبين غيرها من هذه الناحية ومن الواضح جداً أن سيرة رجوع الجاهل إلى العالم متحققة من زمن التشريع بل أقدم من ذلك، وإلى يومنا المعاصر، فهذا يعني تحقق الشرط الأول، وأما إمضاء المعصوم عليه السلام فهذا واضح أيضاً فمضافاً إلى الإمضاء السكوتي، فهنالك شواهد كثيرة قولية، وفعلية تدل على ذلك ومنها: الروايات الشريفة الأمرة بالإفتاء كما روي في قول الإمام الباقر عليه السلام لأبان بن تغلب: (أُجلس في المدينة وافت الناس فأني أحب أن أرى شيعتي مثلك).

 وهذا دليل على حجية فتوى المفتي في حق غيره وجواز عمل غيره بفتواه، ومنها أيضاً: الروايات الشريفة التي يرجع فيها الأئمة عليهم السلام شيعتهم إلى اصحابهم.

روي عن عبد العزيز بن المهتدي وكيل الإمام الرضا عليه السلام قال: (سألت الرضا فقلت: إني لا ألقاك في كل وقت فعمن آخذ معالم ديني، فقال: (خذ عن يونس بن عبد الرحمن)[24].

وعن احمد بن إسحاق عن أبي الحسن× قال: (سألته وقلت من أعامل، وعمن آخذ، وقول من اقبل، فقال عليه السلام: (العمري ثقتي فما أدى اليك فعني يؤدي، وما قال عني فعني يقول فاسمع له واطع فانه الثقة المأمون).

وعن العلاء بن رزين عن عبد الله بن أبي يعفور قال: (قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أنه ليس كل ساعة القاك، ولا يمكن القدوم ويجيء الرجل من أصحابنا، فيسالني، وليس عندي كل ما يسألني عنه، فقال: ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فأنه سمع من أبي وكان عنده وجيها)[25].

  وغيرها من الروايات الشريفة التي أرجع بها الأئمة عليهم السلام شيعتهم إلى فقهاء مدرسة أهل البيت عليهم السلام في موارد كثيرة ومواطن عدة، وبهذا يتحقق الإمضاء الذي عليه العقلاء من قبل الأئمة عليهم السلام.

 

الهوامش:-----------------

[1] لسان العرب ج1 ص 774.

[2] دعوى السفارة ج1 ص 57.

[3] الغيبة للطوسي ص 412.

[4] الغيبة للطوسي ص 395.

[5] كمال الدين وتمام النعمة 516

[6] المصدر السابق.

[7] الاحتجاج ج2 ص 296.

[8] الثاقب في المناقب ص601.

[9] الخرائج والجرائح ج3 ص 1128.

[10] الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف ص 184.

[11] كشف الغمة في معرفة الائمة ج3 ص 338.

[12] أسرار الامامة ص 89.

[13] منتخب الانوار المضيئة ص 238.

[14] حديقة الشيعة ج2 ص 99.

[15]نوادر الاخبار  233.

[16] بحار الانوار ج51 ص 361.

[17] رسائل الكركي ج1 ص142.

[18]  سورة النساء, آية: 60.

[19] الكافي للكليني ج1 ص 76.

[20] كمال الدين ج2 ص 483.

[21] ميزان الحكمة ج3 ص 2087.

[22] تفسير العسكري ص 116.

[23] الاحتجاج ج1 ص 9.

[24] وسائل الشيعة ج27 ص 140، ج30 ص 291.

[25] نفس المصدر.

المرفقات

: الشيخ وسام البغدادي