الصيحة الجبرائيلية وأثرها الكبير في نفوس المنتظرين

لقد وردت الكثير من الروايات الشريفة عن النبي صلى الله عليه واله وأهل بيته الطيبين الطاهرين في بيان حوادث وعلامات عصر ظهور صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه ومن العلامات المهمة علامة الصيحة الجبرائيلية الدالة على قرب ظهوره الشريف التي تحمل في ثناياها التكاليف المهمة للمنتظرين . فقد أورد صاحب كتاب كمال الدين وإتمام النعمة رواية عن إمامنا الصادق عليه السلام ما نصها.

 عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ الصَّادِقِ عليه السلام قَالَ: (خَمْسٌ قَبْلَ قِيَام الْقَائِم عليه السلام: الْيَمَانِيُّ، وَالسُّفْيَانِيُّ، وَالْمُنَادِي يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ، وَخَسْفٌ بِالْبَيْدَاءِ، وَقَتْلُ النَّفْس الزَّكِيَّةِ) [1].

حيث لايخفى على المتتبع أن الصيحة الجبرائيلية وردت باللفاظ متعددة كما سيأتي، ولعل السبب في ذلك هو لتعدد الآثار الناتجة عن الصيحة بحسب طبيعة الحدث ودور المتلقي لها.

معاني الصيحة في الروايات الشريفة

 وردت الصيحة في بعض الروايات بألفاظ، ومعاني متعددة وهي:

1- الصيحة. والصيحة في اللغة: الصوت العال.

2-النداء.

3- الصوت.

4- الفزعة.

والصيحة في اللغة: الصوت العال.

والنداء في اللغة: هو الصوت المرتفع.

والصوت: كل لفظ حكي به معنى.

والفزعة: الخوف والذعر. والشعور بالخوف المفاجئ.

فسميت بالصيحة لأنها صيحة عالية والكل سوف يسمعها.

وسميت بالنداء لأن جبرائيل سينادي باسم القائم ع وأسم ابيه عجل الله فرجه.

وسميت صوت لأنها صوت جبرائيل الأمين.

وسميت بالفزعة بلحاظ ما سيحصل نتيجة لسماعها من الفزع والخوف والهلع.

والسؤال المهم هل ورد لفظ الصيحة في القرآن الكريم بنفس ما جاءت به مضمون الروايات الشريفة من الدلالة على قرب ظهور صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه؟

وبالعودة الى القران الكريم نجد أنه استخدم الصيحة في القران الكريم في أكثر من آية وفي الكل وردت بمعنيين:

المعنى الأول: هو العذاب.

والمعنى الثاني: هو صيحة جبرائيل الامين.

الآيات الواردة في المعنى الأول: بمعنى العذاب:

(وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )[2].

(وَلما جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )[3].

(فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبحِينَ )[4].

(فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ )[5].

(مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصُمُونَ)[6].

الآيات الواردة في المعنى الثاني- وهي  صيحة جبرائيل الأمين الى الناس أجمعين معلنا عن ظهور الإمام المهدي عجل الله فرجه - والتي قد فسرها به أهل البيت عليهم السلام.

 

الشاهد الاول

الغيبة للنعماني: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن سِنَانٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام فَسَمِعْتُ رَجُلاً مِنْ هَمْدَانَ يَقُولُ لَهُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ الْعَامَّةَ يُعَيَّرُونَّا وَيَقُولُونَ لَنَا: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أنَّ مُنَادِياً يُنَادِي مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم صَاحِبِ هَذَا الأمْر، وَكَانَ مُتَّكِئاً فَغَضِبَ وَجَلَسَ ثُمَّ قَالَ: (لاَ تَرْوُوهُ عَنّي وَارْوُوهُ عَنْ أبِي وَلاَ حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي ذَلِكَ، أشْهَدُ أنّي سَمِعْتُ أبِي عليه السلام يَقُولُ: وَاللهِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عزّ وجل لَبَيَّنٌ حَيْثُ يَقُولُ:  (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).

فَلاَ يَبْقَى فِي الأرْض يَوْمَئِذٍ أحَدٌ إِلاَّ خَضَعَ وَذَلَّتْ رَقَبَتُهُ لَهَا فَيُؤْمِنُ أهْلُ الأرْض إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ مِنَ السَّمَاءِ: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عَلِيَّ بْن أبِي طَالِبٍ عليه السلام وَشِيعَتِهِ، فَإذَا كَانَ الْغَدُ صَعِدَ إِبْلِيسُ فِي الْهَوَاءِ حَتَّى يَتَوَارَى عَنْ أهْل الأرْض ثُمَّ يُنَادِي: ألاَ إِنَّ الْحَقَّ فِي عُثْمَانَ بْن عَفَّانَ وَشِيعَتِهِ فَإنَّهُ قُتِلَ مَظْلُوماً فَاطْلُبُوا بِدَمِهِ

قَالَ: (فَيُثَبَّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْل الثَّابِتِ عَلَى الْحَقَّ وَهُوَ النّدَاءُ الأوَّلُ، وَيَرْتَابُ يَوْمَئِذٍ الَّذِينَ فِي قُلُوبهِمْ مَرَضٌ، وَالْمَرَضُ وَاللهِ عَدَاوَتُنَا، فَعِنْدَ ذَلِكَ يتبرؤون مِنَّا وَيَتَنَاوَلُونَّا فَيَقُولُونَ إِنَّ الْمُنَادِيَ الأوَّلَ سِحْرٌ مِنْ سِحْر أهْل هَذَا الْبَيْتِ)، ثُمَّ تَلاَ أبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَوْلَ اللهِ عزّ وجل: (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ)[7].  

الشاهد الثاني

 عَنْ فُضَيْل بْن مُحَمَّدٍ، عَنْ. أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام أنَّهُ قَالَ: (أمَا إِنَّ النّدَاءَ الأوَّلَ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم فِي كِتَابِ اللهِ لَبَيَّنٌ)، فَقُلْتُ: أيْنَ هُوَ أصْلَحَكَ اللهُ؟ فَقَالَ: فِي  قَوْلُهُ: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ) ، قَالَ: (إِذَا سَمِعُوا الصَّوْتَ أصْبَحُوا وَكَأنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرُ)[8].

الشاهد الثالث

قوله تعالى: (وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ). وروى القمي في تفسيره عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله الصادق ع أنه قال: قوله: (وَاسْتَمِعُ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي مِنْ مَكَان قَرِيبٍ قال : ينادي المنادي باسم القائم واسم أبيه قوله: (يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوج) قال: صيحة القائم من السماء ذلك يوم الخروج[9].

 

أسباب الصيحة

لابد لنا أن نفهم  الاسباب التي أوجبت صدور الصيحة من السماء، و يمكن لنا أن نتلمس بعض الأسباب التي من خلالها صدرت الصيحة , وذلك من خلال فهم ما دلت عليه الصيحة من تبشير وتحذير جاء في نفس مضمون الصيحة، و نلخص ذلك بعدة نقاط.

أولا: لإرجاع الناس الى الخالق والمدبرعن طريق إتباع الحجج الإلهية.

ثانيا: لإيقاظ البشرية من غفلتها وسباتها العميق وانشغالها بالماديات.

ثالثا: إعطاء زخم معنوي لخط المنتظرين لغرض الاستعداد لإستقبال المصلح الأعظم الحجة بن الحسن عجل الله فرجه.

رابعا: إن النداء السماوي بمثابة الصاعقة على كل أعداء أهل البيت عليهم السلام وبالخصوص بني أمية ومن سار على نهجهم وخطاهم مما سيضطرهم الى الالتفاف عليها بالتهم والأكاذيب وذلك من خلال ادعائهم أنها سحر من سحر أهل هذا البيت (عليهم السلام).

ويبقى من الضروري أن نتعرف على من هو المنادي من السماء فهل هو نفس جبرائيل الامين . أو أن ذلك عبارة عن رمزية لجهة معينة تحمل الصدق والنقاء وعدم الكذب.

ومن خلال العودة الى روايات الصيحة نجد التأكيد من قبل الائمة أنفسهم عليهم السلام وبصريح القول أن المنادي هو نفس جبرائيل الملك العظيم معلنا عن بداية حقبة من النور والهداية لكل البشرية من خلال الإعلان عن قرب ظهور المصلح الأعظم الحجة أبن الحسن العسكري عليه السلام وضرورة الإتباع له والتحذير وبشدة من إتباع أعداءه والملتوين عليه.

حيث ورد عن الإمام الصادق عليه السلام عَن الْمُعَلَّى بْن خُنَيْسٍ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (صَوْتُ جَبْرَئِيلَ مِنَ السَّمَاءِ وَصَوْتُ إِبْلِيسَ مِنَ الأرْض فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الأوَّلَ وَإِيَّاكُمْ وَالأخِيرَ أنْ تُفْتَنُوا بِهِ)[10].

 وورد في كمال الدين: عَنْ هِشَام بْن سَالِم، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام قَالَ: (يُنَادِي مُنَادٍ بِاسْم الْقَائِم عليه السلام)، قُلْتُ: خَاصٌّ أوْ عَامٌّ؟ قَالَ: (عَامٌّ، يَسْمَعُ كُلُّ قَوْم بِلِسَانِهِمْ)، قُلْتُ: فَمَنْ يُخَالِفُ الْقَائِمَ عليه السلام وَقَدْ نُودِيَ بِاسْمِهِ؟ قَالَ: (لاَ يَدَعُهُمْ إِبْلِيسُ حَتَّى يُنَادِيَ فِي آخِر اللَّيْل فَيُشَكّكُ النَّاسَ)[11].

 

وقد يتبادر الى ذهن القارئ الكريم للوهلة الأولى هذا الإعتراضات على مضمون ومؤدى الصيحة الجبرائيلية.

سؤال : وهو كيف يمكن أن يفهم الناس كلهم مضمون الصيحة والصوت الواحد و بلغة واحدة ومن المعلوم أن الكثير من أهل الأرض لا يتكلمون العربية بل قد لايجيدون حرفا منها؟

والجواب على ذلك ما ورد عن إمامنا الصادق عليه السلام حيث سئل عن ذلك وأجاب ما نصه.

عن محمد بن علي بن إبراهيم سُئل أبوعبد الله عليه السلام عن العلة في الصيحة كيف يعلمها أهل الدنيا والصيحة هي بلسان واحد ولغات الناس تختلف فقال إن في كل بلد ملائكة موكلون فينادي في كل بلد ملك بلسانهم وكذلك لا بليس شياطين موكلون بكل بلدة ينادون فيهم بلسانهم ولغاتهم ألا إن الامر لعثمان بن عفان[12].

فاتضح من جواب الإمام أن هناك ملائكة ستنقل مضمون الصيحة اليهم وبلغة كل قوم.

ماهي واجبات المنتظرين للإمام عليه السلام إتجاه الصيحة

أولا: إعتزال أهل الباطل

حيث روى العياشي في تفسیره عَنْ عَجْلَانَ أَبِی صَالِحٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام یَقُولُ: لَا تَمْضِی الْأَیَّامُ وَ اللَّیَالِی حَتَّی یُنَادِیَ مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ یَا أَهْلَ الْحَقِّ اعْتَزِلُوا یَا أَهْلَ الْبَاطِلِ اعْتَزِلُوا فَیَعْزِلُ هَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ وَ یَعْزِلُ هَؤُلَاءِ مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ قُلْتُ أَصْلَحَك اللَّهُ یُخَالِطُ هَؤُلَاءِ وَ هَؤُلَاءِ بَعْدَ ذَلِك النِّدَاءِ قَالَ کَلَّا إِنَّهُ یَقُولُ فِی الْکِتَابِ ما کانَ اللَّهُ لِیَذَرَ الْمُؤْمِنِینَ عَلی ما أَنْتُمْ عَلَیْهِ حَتَّی یَمِیزَ الْخَبِیثَ مِنَ الطَّیِّبِ[13].

ثانيا: إتباع الصوت الأول وهو صوت جبرائيل الأمين واجتناب الصوت الثاني وهو صوت أبليس اللعين

إکمال الدین فعن الْمُعَلَّی بْنِ خُنَیْسٍ عَنْ أَبِی عَبْدِ اللَّهِ علیه السلام قَالَ: صَوْتُ جَبْرَئِیلَ مِنَ السَّمَاءِ وَ صَوْتُ إِبْلِیسَ مِنَ الْأَرْضِ فَاتَّبِعُوا الصَّوْتَ الْأَوَّلَ وَ إِیَّاکُمْ وَ الْأَخِیرَ أَنْ تُفْتَنُوا بِهِ[14].

 ثالثا: الإعتبار والسمع والطاعة

فقد روى أبو بصير عن أبي جعفر الباقر عليه السلام  قَالَ: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم عليه السلام فَيَسْمَعُ مَنْ بِالْمَشْرقِ وَمَنْ بِالْمَغْربِ لاَ يَبْقَى رَاقِدٌ إِلاَّ اسْتَيْقَظَ، وَلاَ قَائِمٌ إِلاَّ قَعَدَ، وَلاَ قَاعِدٌ إِلاَّ قَامَ عَلَى رجْلَيْهِ فَزَعاً مِنْ ذَلِكَ الصَّوْتِ، فَرَحِمَ اللهُ مَن اعْتَبَرَ بِذَلِكَ الصَّوْتِ فَأجَابَ، فَإنَّ الصَّوْتَ الأوَّلَ هُوَ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ الرُّوح الأمِين).

وَقَالَ عليه السلام: الصَّوْتُ فِي شَهْر رَمَضَانَ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ لَيْلَةِ ثَلاَثٍ وَعِشْرينَ فَلاَ تَشُكُّوا فِي ذَلِكَ وَاسْمَعُوا وَأطِيعُوا، وَفِي آخِر النَّهَار صَوْتُ إِبْلِيسَ اللَّعِين يُنَادِي: ألاَ إِنَّ فُلاَناً قُتِلَ مَظْلُوماً، لِيُشَكّكَ النَّاسَ وَيُفْتِنَهُمْ، فَكَمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ شَاكٍّ مُتَحَيَّرٍ قَدْ هَوَى فِي النَّار، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الصَّوْتَ فِي شَهْر رَمَضَانَ فَلاَ تَشُكُّوا أنَّهُ صَوْتُ جَبْرَئِيلَ وَعَلاَمَةُ ذَلِكَ أنَّهُ يُنَادِي بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أبِيهِ حَتَّى تَسْمَعَهُ الْعَذْرَاءُ فِي خِدْرهَا فَتُحَرَّضُ أبَاهَا وَأخَاهَا عَلَى الْخُرُوج)[15].

كيف يمكن للمكلف أن يميز بين الصيحتين؟

الشاهد الأول

الغيبة للنعماني: عَنْ هِشَام بْن سَالِم، قَالَ: سَمِعْتُ أبَا عَبْدِ اللهِ عليه السلام يَقُولُ: (هُمَا صَيْحَتَان صَيْحَةٌ فِي أوَّل اللَّيْل وَصَيْحَةٌ فِي آخِر اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ)، قَالَ: فَقُلْتُ: كَيْفَ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: (وَاحِدَةٌ مِنَ السَّمَاءِ وَوَاحِدَةٌ مِنْ إِبْلِيسَ)، فَقُلْتُ: كَيْفَ تُعْرَفُ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: (يَعْرفُهَا مَنْ كَانَ سَمِعَ بِهَا قَبْلَ أنْ تَكُونَ)[16].

الشاهد الثاني               

الكافي: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بْن مَسْلَمَةَ الْجَريريَّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: يُوَبَّخُونَّا وَيُكَذَّبُونَّا أنَّا نَقُولُ: إِنَّ صَيْحَتَيْن تَكُونَان، يَقُولُونَ: مِنْ أيْنَ تُعْرَفُ الْمُحِقَّةُ مِنَ الْمُبْطِلَةِ إِذَا كَانَتَا؟

قَالَ: (فَمَا ذَا تَرُدُّونَ عَلَيْهِمْ؟ )، قُلْتُ: مَا نَرُدُّ عَلَيْهِمْ شَيْئاً، قَالَ: (قُولُوا: يُصَدَّقُ بِهَا إِذَا كَانَتْ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِهَا مِنْ قَبْلُ، تكون إِنَّ اللهَ عزّ وجل يَقُولُ: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )[17].

ما هو حال شيعة أهل البيت عليهم السلام قبل الصيحة؟

 الغيبة للنعماني: عَنْ دَاوُدَ الرَّقّيّ، قَالَ: قُلْتُ لأبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام: جُعِلْتُ فِدَاكَ قَدْ طَالَ هَذَا الأمْرُ عَلَيْنَا حَتَّى ضَاقَتْ قُلُوبُنَا وَمِتْنَا كَمَداً؟ فَقَالَ: (إِنَّ هَذَا الأمْرَ آيَسُ مَا يَكُونُ وَأشَدُّ غَمّاً: يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْم الْقَائِم وَاسْم أبِيهِ)، فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: (اسْمُهُ اسْمُ نَبِيّ وَاسْم أبِيهِ اسْمُ وَصِيّ)[18].

 

ما هو حال الشيعة بعد الصيحة؟

فقد روى حذيفة بن اليمان عن امير المؤمنين عليه السلام  في حديث يصف فيه حال حفيده صاحب العصر والزمان عج يرى ولايرى الى يوم الوقت والوعد ذلك يوم سرور ولد علي وشيعة علي عليه السلام[19].

ما هو حال المنافقين والنواصب الذين في قلوبهم مرض إتجاه مؤدى الصيحة الجبرائيلية؟

إجتماع النواصب على تكذيب الصيحة وإتهام أهل البيت عليهم السلام بالسحر؛

فقد روى النعماني عن عبد الله بن سنان قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فسمعت رجلا من همدان يقول له: إن هؤلاء العامة يعيرونا، ويقولون لنا: إنكم تزعمون أن مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الأمر، وكان متكئا فغضب وجلس، ثم قال: لا ترووه عني، وأرووه عن أبي، ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أني قد سمعت أبي عليه السلام يقول: والله إن ذلك في كتاب الله عز وجل لبين حيث يقول: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين)، فلا يبقى في الأرض يومئذ أحد إلا خضع وذلت رقبته لها فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب عليه السلام وشيعته، قال: فإذا كان من الغد صعد إبليس في الهواء حتى يتوارى عن أهل الأرض ثم ينادي: ألا إن الحق في عثمان بن عفان وشيعته فإنه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه، قال: فيثّبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق وهو النداء الأول ويرتاب يومئذ الذين في قلوبهم مرض، والمرض والله عداوتنا، فعند ذلك يتبرأون منا ويتناولونا، فيقولون: إن المنادي الأول سحر من سحر أهل هذا البيت، ثم تلا أبو عبد الله عليه السلام قول الله عز وجل: (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر)[20].

 

               والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.

الهوامش:------------

[1] كمال الدين ج2 / ص 649.

[2]  هود 67.

[3] هود 94.

[4] الحجر 83.

[5] العنكبوت 40

[6] يس 49.

[7] الغيبة للنعماني / ص 260.

[8] الغيبة للنعماني ص/ 263.

[9] ج2/ ص/ 327.

[10] كمال الدين 641.

[11] كمال الدين 650.

[12] البحار ج 52 ص 192.

[13] تفسير العياشي ج1 / ص64.

[14] كمال الدين ج2/ ص 652.

[15] الغيبة للنعماني ص 170.

[16] الغيبة للنعماني ص 265/266.

[17] روضة الكافي ص 208.

[18]الغيبة للنعماني ص 181.

[19] الغيبة للنعماني ص70/72

[20] الغيبة النعماني ص 266.

: الشيخ ميثم الصريفي