938 ــ حسن كاظم عرب (ولد 1363 هـ / 1944 م)

حسن كاظم عرب (ولد 1363 هـ / 1944 م)

وقال من قصيدة (انقلاب على الأعقاب) وتبلغ (63) بيتاً:

ظلَّ يومُ الطفِّ يوماً خالداً      يصعــــقُ الطغيانَ مرَّ السنواتْ

يا أبا الثوَّارِ هذي (كربلا)      أنتَ في المضجعِ رعبٌ للطغاةْ

يا حــسينَ السبطِ لبَّيكَ فلا      يقـــــربُ الرجسُ لدورِ العتباتْ (1)

ومنها:

(كربلا) تبـقى مزاراً خالداً      وقبابُ النورِ فيها خالداتْ

يطفئونَ الـنورَ هيهاتَ وقد      عـــــــهدَ اللهُ لتبقى نيِّراتْ

أيُّها الزوَّارُ أنتمْ في الذرى     لوجوهِ الكفرِ أنتمْ صفعاتْ

قال من قصيدة في مولد النبي (صلى الله عليه وآله) وتبلغ (56) بيتاً:

فكلُّ يومٍ صارَ عاشورا لنا      وكلُّ أرضٍ (كربلا) بالشهدا

تـــبَّاً لكم أشياخكمْ يا ويلكمْ      تلكَ الفتاوى أغضبتْ محمدا

فمزَّقــــــــتْ أمَّتَه أعمالكمْ      يــا ويحكمْ ذا حقدكم لن ينفدا

الشاعر

حسن بن كاظم بن جواد بن حسين بن جواد بن حسين بن جواد بن أحمد آل بريطم الشمري، شاعر وخطاط وفنان تشكيلي، ولد في كربلاء من أسرة عربية كربلائية عرفت بآل بريطم، قال عنها السيد سلمان هادي آل طعمة: (تنتسب هذه الأسرة إلى قبيلة شمر وهذه الأسرة قديمة قطنت كربلاء في القرن الثاني عشر الهجري، ظهر فيها رجال كانوا أهل شأن واعتبار وسمعة طيبة) (2)

وقد برز من هذه الأسرة العالم والفقيه والشاعر يوسف بن أحمد بن حسين بريطم المعاصر للسيد أحمد الرشتي (1229 ــ 1295 هــ / 1813 ــ 1877 م)، الذي ترجم له الشيخ موسى إبراهيم الكرباسي وأشار إلى بعض قصائده الموجودة في مجموعة آل الرشتي الخطية، ووصفه بـ (العالم الفقيه الأديب)، لكن النسخ المخطوطة للقصائد خلت من أي تاريخ يخص الشاعر من ولادة ووفاة، فقال الكرباسي: (إن حياته تنحصر بين منتصف القرن الثالث عشر الهجري حتى مطلع القرن الرابع عشر الهجري) (3)

وقال عنه السيد سلمان هادي آل طعمة: (كان فاضلاً له اليد الطولى في التاريخ والسِّيَر والشعر وكان حياً سنة 1288 هـ / 1871 م توفي وأعقب ولده مجيد الذي انقطع نسله من الذكور) (4)

وقال عنه الشيخ الكرباسي: (وما حصلنا عليه من سير وأخبار أنه كان فصيحاً عندما ينطلق ليعبر، وبليغاً في الكلام، وحلواً في الحديث وفكهاً في المحضر) (5)

ومن شعره قوله مقرضاً كتاب (شواهد الغيب) للسيد أحمد الرشتي:

شــــواهدُ غيبٍ طرِّزتْ بفصاحةٍ     فـنمَّقـــــها قـسُّ الـفصاحةِ مفردُ

شؤوناتُها فاقتْ علاءً على العُلى     كما قد علا فوقَ الفلزَّاتِ عسجدُ

ولـيســــتْ ببدعٍ فالفصاحةُ شأنُه     أبـــــوه عليُّ الطهرِ والجدُّ أحمدُ (6)

كما ذكره السيد محمد حسن مصطفى الكليدار آل طعمة (7) والشيخ أغا بزرك الطهراني (8) ومحمد كريم كرماني (9)

وقد تزعم هذه الأسرة الحاج كاظم بريطم المعروف بـ (كاظم عرب) ــ وهو والد الشاعر ــ قال عنه السيد طعمة (عرف بعلو الهمة ودماثة الخلق وكرم النفس). (10)

كان لهذه الأجواء الكربلائية أثرها في نفس الشاعر حسن عرب الذي استقى من تاريخ هذه المدينة الحافل بالمآثر مادة شعره فعكسها في قصائده التي زخرت بحب أهل البيت (عليهم السلام) وتصوير النهضة الحسينية المباركة.

بعد إكماله المراحل الدراسية الثلاث الأولى دخل كلية التربية جامعة بغداد قسم الرياضيات وتخرج منها عام (1970)، وعمل مدرساً لمادة الرياضيات ثم سافر إلى الجزائر ضمن الوفد التدريسي العراقي وعمل مدرساً في معهد التكنولوجيا في محافظة (تيزي أوزو) واطلع هناك عن كثب على الأدب العربي ونمت قدراته الأدبية وأعجب بأدباء المهجر.

ثم عاد إلى العراق ليواصل رحلته مع التدريس وفي فترة التسعينيات أدّت ظروف المعيشة القاسية في العراق إلى سفره إلى اليمن ليعمل مدرساً هناك ولم يتوقف عن نشاطه الأدبي فنشر قصائده في الصحف اليمنية كشبا وثمود وغيرها.

أما عن رحلته مع الخط فقد اهتم في بداياته بالخط العربي والزخرفة الإسلامية فكان يقلد ما يراه منها على واجهات البيوت والمساجد والحسينيات من الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ثم حول الخط إلى نحت على الخشب والبلاستك في لوحات مجسمة على الموشور وفوانيس كل جهة تحتوي على آية قرآنية أو حديث شريف، وقد أقام في اليمن ــ بمساعدة المشروع اليمني الألماني ــ دورتين للخط العربي والزخرفة على الخشب والبلاستك (التخريم)، كما أقام معرضين سمِّيا بمعرض (الفن العراقي) حازا على عدة شهادات تقديرية، وأقام كذلك العديد من الدورات في اليمن لتدريب المدرسين على الخط العربي.

أصدر الشاعر حسن عرب ديوان بعنوان (شجون) قدم له الدكتور عبود جودي الحلي فقال من مقدمته: (مبدع ومحسن في الأغراض كلها فهو في قصائده الحسينية ابن كربلاء الذي يتذكر الحسين عليه السلام في كل بقعة يمر بها من بقاع هذه المدينة وهو في قصائده الوطنية أديب صادق الانتماء للوطن والشعب يحمل همومه ويعبر عن معاناته...) (11)

وقال عنه السيد آل طعمة: (وهو شاعر متفنن ذو قريحة وقادة وأسلوب بديع) (12)

شعره

قال من قصيدة في مولد النبي (صلى الله عليه وآله) وتبلغ (56) بيتاً:

يا مولداً قد جئتَ للدنــــــــــيا هدى      مُذ أنجبتْ آمــــــــــــــــنةٌ محمدا

فانشقَّ إيوانٌ لكسرى وانطـــــــفتْ      نارُ المجــــوسِ حُتِمتْ أن تُخمدا

وذاكَ عامُ الفيلِ إذ حجـــــــارةُ الـ     ـســـــــــجيلِ ترمي كافراً ومُلحدا

قد جاءَ في هذا الحـــــــديثِ منهجٌ     لأهلِ بيتِ المصطفى قـــــد عُهِدا

هذا حــــــــــــــــــديثُ الثقلينِ بيِّنٌ      فالأوَّلُ القرآن بـــــــــــاقٍ سرمدا

والثاني قالَ المصطفى همْ عترتي      بنهـــــــــــــــجِهم فلنْ تضلّوا أبدا

مَـــــــن كانَ في تيهِ الدنا فليهتدي      فـــفي الحديثِ هُم مصابيحُ الهدى

فـــــــــــــــتستطيلُ رحمةُ اللهِ بهمْ      على جميعِ الخلقِ في طولِ المدى

هُمْ سُفنُ النـــــــــــجاةِ للخلقِ فمَن      قــــــد زاغَ عنها في هلاكٍ وردى

يومُ الغديرِ بيعةٌ قد أعـــــــــــلِنتْ      بينَ الــــــــــحشودِ مسمعاً ومشهدا

خليفةٌ قرارُه مــــــــــــــــن السما      جاءَ حديثاً يــــــــــــــومَ خمٍّ مُسندا

الزيغُ فــــــــي الإسلامِ مِن سقيفةٍ      يـــــــــــــبقى به الحقُّ قريباً مُبعَدا

فيُقتلُ الحقُّ عــــــــــــلى محرابِهِ      والقتلُ يمتـــــــــدُّ بهمْ طولَ المدى

ليومِ عاشوراءَ مِن سقــــــــــــيفةٍ      إلى الحسينِ الســـــــبطِ سـهمٌ سُدِّدا

مصابُنا إنَّ لقتلِ الــــــــــسبطِ في      قلوبِنا حرارةٌ لن تــــــــــــــــــبردا

قد ســـــــــلكَ الحقَّ وبالحقِّ سما      إلـــــــــــــــى جنانِ الخلدِ باقٍ سيِّدا

يا صاحبَ الـعصرِ بنا خصاصةٌ      للحقِّ والعــــــــــــــدلِ هُما قد وِئدا

عجِّلْ لدنيا مُلـــــــــــئتْ بجورِها      في فتنٍ تأجَّجتْ لن تُـــــــــــــخمدا

وقال من قصيدة (النهج المبين):

مِن رســولٍ خاتمٍ للمــــــــرسلــينْ      ذا حديثٌ أفصحَ النهـجَ المُبينْ

والنبيُّ المصطفـــــــى يُوحى لــه      ذاكَ ما جاءَ بهِ الوحــيُّ الأمينْ

ثقلانِ واحـــــــــــــــــــــدٌ قرآنُــنا      إنَّ أهلَ البيتِ ثــــــاني الثـقلينْ

فــــــــــــــــحديثُ الثقلينِ حُجَّتــي      منهجي حقٌّ بـــــحبِّي للحـسينْ

إنَّ مَن آذى حــــــــــــسيناً ظــالمٌ      بل وآذانـــــي وربِّ المرسـلينْ

هلْ بشكِّ القولِ أصحابُ الحِــجى      في حــديثٍ جاءَ بالقولِ المـبينْ

كـــــــــــلُّ ذي قلبٍ بزيغٍ مُربــكٍ      هزَّهُ الرعبُ بصوتٍ يا حسـينْ

يا حسينٌ يــــــا حسينٌ يا حســينْ      ثــــــورةٌ تبقى بوجهِ الظالمـينْ

أنتَ في المضـــجعِ رعبٌ للــعِدا      وذرى الرعبِ بحشدِ الزائريـنْ

يا مناراً يا مزاراً خــــــــــــــالداً      يا مـــــــــلاذاً لقلوبِ الحائريـنْ

قبَّةُ السبطِ حـــــــــــسينٌ رحــمةٌ      مُستجابٌ تـــــــــحتها للطالـبينْ

كلُّ مـــــــــلهوفٍ مُغاثٌ عنــدكمْ      لــــــو أتاكمْ حائرَ القلبِ حـزينْ

قلتَ صدقاً قـــــــــلتَ حقاً ثــابتاً      أنتَ عــــزمٌ في قلوبِ الثائـرينْ

جاءَ بالدينِ الـحنيفِ المصــطفى      بـــــــدماءِ الطفِّ أبقاهُ الحـسينْ

يا أبا التسعةِ أنوارُ الهــــــــــدى      همْ صــراط اللهِ في مرِّ الـسنينْ

كمْ أرادَ الكفرُ إطـــــــفاءَ الهدى      بــــــــــل أتمَّ اللهُ نورَ المـهتدينْ

بحفيدِ الـــــــــــسبطِ عدلٌ ساطعٌ      حينما يــــــــأذنُ ربُّ الـعالمينْ

الــــــــحسينُ الحقُّ ابنُ الحقِّ قد      خُصَّ بالحقِّ أمــــيرُ الـمؤمنينْ

في أبي السبطينِ قالَ المصطفى      يومَ خمٍّ في حشودِ الــــمسلمينْ

إنَّ مَـــــــــــن كنتُ أنا مولىً له      هـــــا عليٌّ بعدي مولاهُ الأمينْ

مثلٌ للمصطـــــــــــــفى في آلهِ      مِن هــــــــلاكٍ همْ نجاةٌ وسفينْ

حججُ اللهِ على الخلــــــــقِ فمَنْ      زاغَ عنهم فــــي عِدادِ الهالكينْ

وجهاءٌ عــــــــــــــند ربِّي شُفَّعٌ      يومَ لا نفعٌ بمالٍ وبـــــــــــــنينْ

وقال من قصيدة (انقلاب على الأعقاب):

لمْ يُلبُّوا طلباتِ المصـــــــطفى      آخرَ الساعاتِ مـــــــنه في الحياةْ

ولتوثيقِ وصـــــــــــــــاياهُ لهمْ      كتفاً يـــــــــــــــطلبُ منـهمْ ودواةْ

لــــــــــيخطّ النهجَ مِن بعدُ لهمْ      حجَّةً تبقـــــــــــــــى ولـلدينِ نجاةْ

بعضُهمْ يهجرُ قالَ، المصطفى      ليسَ فـــــي الحاجةِ هـذي الكلماتْ

حسبُنا القرآنَ هذا قـــــــد كفى      لـــــــــم يمُتْ بعدُ وقـالوا فيهِ ماتْ

وتــــــــــــناسَوا يومَ خمٍّ طمَعاً      فاستداروا عن صـوابِ التوصياتْ

ركبُهم سارَ مــــساراتِ الهوى      قادهمْ إبليسُ صــــوبَ المَعصياتْ

ضايقوا مِن هنــأوا بـلْ داهموا      منزلَ الوحيِ وبيتَ الطـــــاهراتْ

خلفَ بابِ الدارِ كــــانتْ فاطمٌ      إبنةٌ للمصطفى خــــــيرُ البـــــناتْ

غصبوها فَدكاً إذ غصـــــــبوا      بعلَها تلكَ الوصـــــايا المُعلـــــناتْ

مِن هنا الـــــظلمُ بدا قد مهَّدوا      آلَ سفـــــــــــــــــــيانَ لحكمٍ وولاةْ

عنوةً قد أسلمــــــــوا ما آمنوا      بـــــــــقلوبٍ مـــــارقاتٍ عاصياتْ

سنةُ العاوي بسـبِّ الـمرتضى      مِن على المنبرِ مـــــا بـعدَ الصلاةْ

ويزيدٌ جــــــــــاءَ مِن بعدِ أبٍ      وارثُ الحقدِ وكـــــــــــلَّ الموبقاتْ

صارَ سلطاناً وعــــبداً للهوى      هوَ والإســـــــــــــــــلامُ نِدٌّ وشتاتْ

فاسقُ القومِ تولّى أمــــــــرَهمْ      كــــــــيفَ بالقومِ عــــبيدُ الشهواتْ

فأبو الأحـــــــــرارِ يأبى بيعةً      وانـــــبرى للقومِ في الــــقلبِ ثباتْ

ظلَّ يومُ الطفِّ يـــــوماً خالداً     يصعـــــقُ الطغيانَ مرَّ الــــسنواتْ

يا أبا الثوَّارِ هذي (كــــربلا)     أنــتَ في المضجعِ رعــــبٌ للطغاةْ

يا حــسينَ السبطِ لبَّيكَ فـــــلا     يقــــــربُ الرجسُ لدورِ الــــعتباتْ

 (كربلا) تبـــقى مزاراً خالداً     وقــــــــــبابُ النورِ فيها خــــالداتْ

يطفئونَ الـنــــورَ هيهاتَ وقد     عــــــــــــــــــــهدَ اللهُ لتبقى نيِّراتْ

أيُّها الزوَّارُ أنتـــمْ في الذرى     لوجوهِ الكفرِ أنـــــــــــــــتمْ صفعاتْ

لن تمسَّ النارُ جـــسماً زائراً      وعليهِ مِن غُبارِ الــــخطــــــــــواتْ

....................................................

1 ــ زودني الشاعر بسيرته وقصائده

2 ــ عشائر كربلاء وأسرها ص 292

3 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 143 

4 ــ عشائر كربلاء وأسرها 292

5 ــ البيوتات الأدبية في كربلاء ص 143 

6 ــ تراث كربلاء ص 200 ــ 201

7 ــ مدينة الحسين ج 5 ص 178

8 ــ الذريعة ج 21 ص 380

9 ــ مواقع النجوم ج 1 ص 13

10 ــ عشائر كربلاء وأسرها 293

11 ــ ص 12

12 ــ عشائر كربلاء وأسرها 293

كاتب : محمد طاهر الصفار