937 ــ حسن بن عبد الله العيثان الإحسائي (1276 ــ 1347 هـ / 1860 ــ 1929 م)

حسن بن عبد الله العيثان الإحسائي (1276 ــ 1347 هـ / 1860 ــ 1929 م)

قال من قصيدة في رثاء أخيه الشيخ محمد آل عيثان وفيها يعرج على رثاء الإمام الحسين (عليه السلام)

ولكنْ رأتْ نفسي مصيبةَ (كربلا)    فـهاتيكَ مِن كلِّ المصائبِ أفجعُ

فـــــــهوَّنَ ما بي فجعُ سبطِ محمدٍ    بأبنائِهِ والصحبُ حوليهِ صُرَّعُ

تدوسُ عــــــلى أجسادِهمْ أعوجيةٌ    تـطأهمْ وتغدو عندهمْ ثمَّ ترجعُ (1)

الشاعر

الشيخ حسن بن عبد الله بن علي بن أحمد آل عيثان الأحسائي القاري، عالم وأديب وشاعر وخطيب، ولد في قرية القارة وهي من قرى الأحساء بالسعودية، من أسرة علمية ــ أدبية برز منها العديد من أعلام الفقه والأدب. ولقب بالقاري نسبة إلى قريته، وآل عيثان من الأسر المعروفة في الأحساء، اشتهر كثير من أفرادها بالعلم والأدب.

تلقى العيثان تعليمه الأول ودرس مقدمات العلوم العربية والدينية مع أخيه الأكبر الشيخ علي على يد ابن عمهما الشيخ علي بن أحمد آل عيثان، ثم درسا الفقه والأصول على يد أخيهما الأكبر الشيخ محمد بن عبد الله بن علي العيثان (1260 ــ 1331 هـ / 1844 ــ 1913 م) الذي كان عالماً وفقيهاً ومرجعاً كبيراً في الإحساء وقد تقلد المرجعية بعد وفاة المرجع محمد بن حسين أبو خمسين عام (1315 هـ / 1898 م) (2)

قال عنه الشيخ محمد علي التاجر البحراني: (الشيخ الفاضل الأديب اللبيب الكامل، الحاذق العارف المؤتمن... كان أديباً فاضلاً شاعراً ماهراً لغوياً نحوياً صرفياً عروضياً عارفاً بالجفر وأسرار علم الحروف تلقى العلم عن ذويه من أهل عصره ومصره وغلب عليه الأدب...) (3)

وقال السيد جواد شبر في ترجمته: (الشيخ حسن ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ علي بن أحمد آل عيثان الاحسائي القاري، هو شقيق آية الله المقدس الشيخ محمد آل عيثان. ترجم له الشاب المعاصر السيد هاشم الشخص في مخطوطه (نفائس الأثر في تراجم علماء وأدباء هجر) قال: أديب بارع وخطيب من خطباء المنبر الحسيني، ولد في قرية (القارة) من الإحساء عام ١٢٧٦ ه‍. ونشأ بها وزاول طلب العلم الديني ودرس على ابن عمه الحجة الكبير الشيخ علي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ علي آل عيثان المتوفى حدود ١٣٤٠ ه‍. فقد كانت أكثر دراسته عليه حتى اشتهر بالفضل كما اشتهر بالخطابة الحسينية وتشهد له منابر الاحساء والبحرين وغيرها. توفي قدس سره في الاحساء عام ١٣٤٨ ه‍. وقد بلغ من العمر ٧٢ عاماً، هكذا ذكر ولده الخطيب الحاج ملا عبد الحسين آل عيثان ويقال له شعر كثير وتخميس..) (4)

توفي الشيخ حسن العيثان في الاحساء ودفن بها.

شعره

له شعر كثير في أهل البيت (عليهم السلام) لكن أكثره ضاع وفقد ولم يبق منه إلا القليل

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (24) بيتاً:

تَذَكَّرْتُ المَعَاْهِدَ وَالرُّبُــــــــــوْعَا    فَفَاْرَقْتُ المَـــــسّرَّةَ وَالهُجُوْعَا

مَنَاْزِلَ أقْفَرَتْ مِـــــــــنْ سَاْكِنِيْهَا    فَمَاْ تَرْجُوْ لِسَاْكِنِهَا رُجُــــــوْعَا

وَقَفْتُ بِهَاْ فَـــــمَاْ وَقَفَتْ دُمُوْعِي    أُسَاْئِلُهَاْ كَأنَّ بِــــــــــــهَا سَمِيْعَا

وَمَاْذَاْ تُنْـــــــكِرُ العَرَصَاْتُ مِنِّي    وَقَدْ رَوَّيْــــــتُ سَاْحَتَهَاْ دُمُوْعَا

سَــــــــــقَى اللهُ الدِّيَاْرَ مُلِثَّ وَبْلٍ    سَــــحَاْبَاً مُغْدِقَاً خَضِلاً هُمُوْعا

وَمَاْ بَرِحَتْ بُرُوْقُ المُزْنِ تَهْـمِي    إلَـــــــى الأطلالِ بَاْرِقَةً لَمُوْعَا

وَرَكْــــــبٍ مِنْ سُرَاْةِ بَنِي عَـلِيٍّ    عَنِ الأوْطَاْنِ قَدْ رَحَلُوا جَــمِيْعَا

يَؤمُّهُمُ فَتَــــــــــى العَلْيَاْ حُـسَيْنٌ    قَدْ اتَّخَذَ الحُسَاْمَ لَهُ ضـــــــجِيْعَا

وَأسْمَرَ نَاْظِرٌ مُــــهُجَ الأعَـاْدِي    بِعَيْنٍ تَنْفُثُ السُّمَّ النَّـــــــــــــقِيْعَا

بُدُوْرٌ أشْرَقَتْ والنَّـــــــــقْعُ لَيْلٌ    وَقَدْ جَعَلُوا القُلُوْبَ لَــهُمْ دُرُوْعَا

تَخَاْلُهُمُ عَلَى الجُّرُدِ العَــــوَاْدِي    كَوَاْكِبَ حَلَّتِ الفَلَـــــــكَ الرَّفِيْعَا

مَتَىْ انْقَضَّتْ لِرَحْمِ بَنِــي زِيَاْدٍ    تَكَاْدُ تَطِيْرُ أنْفُــــــــــسُهُمْ نُزُوْعَا

وَلاكُهُمُ وَقَدْ بَدَتِ الـــــــــمَنَاْيَا    لِأعْيُنِهِمْ فَـــــــمَاْ أبْدَوا خُضُوْعَا

وَمِمَّاْ أثْكَلَ الدُّنْيَاْ وَأجْـــــــرَى    مَـــــــــــــدَاْمِعَهَاْ دَمَاً قَاْنٍ نَجِيْعَا

تُسَاْهُمُهُمْ سِجَاْلَ الحَرْبِ حَتَّى    تَهَاْوَوْا فِيْ ثَرَى الرَّمْضَاْ وَقُوْعَا

وَعَاْدَ بَيْاَضُ شِكْلِهُمُ بَـــــرَمْلٍ    نَـــــــــــقِيَّ الـخَدِّ نَكْسِيَّاً صَرِيْعَا

وَعَنْ حَرَمِ الإلهِ غَدَا يُحَــاْمِي    عَدِيْمُ النَّصْــرِ خَـشْيَةَ أنْ يُضِيْعَا

وَلَمَّاْ أنْشَبَــــــــــتْ فِيْهِ المَنَاْيَا    مَخَاْلِبَهَاْ وَقَدْ سَــــــــاْءتْ صَنِيْعَا

أرَاشَّ لَهُ القَضَاْ سَهْمَاً فَأوْمَى    فُؤاْدَ الدِّيْنِ بَلْ حَطَــــمَ الضُّلُوْعَا

دَعَاْهُ مَلِيْكُهُ لِجِـــــــوَاْرِ قُدْسٍ    وَجَنَّاْتٍ فَلَبَّاْهُ مُطِيْــــــــــــــــــــعَا

هَوَى بِهُوِيِّهِ عَمَدُ الـــــمَعَاْلِي    وَحَبْلُ الدِّيْنِ قَدْ أمْـــــــسَى قَطِيْعَا

وَرُبَّ مَرُوْعَةٍ بـــرَزَتْ وَلَمَّاْ    تَجْدْ غَيْرَ السِّيَاْطِ حِمَــــــىً مَنِيْعَا

وَتَهْتِفُ بَالسُّرَاْةِ بَنِــــي نِزَاْرٍ    فَمَاْ وَجَدَتْ لِدَعْوَتِهَا سَـــــــــمِيْعَا

عَـــنَاْهَاْ مَاْ تُعَاْنِي مِنْ أيَاْمَى    وَأيْتَاْمٍ كَــــــــــــسَرْبِ قَطَاً أُرِيْعَا (5)

وقال من قصيدته التي قدمناها:

ولكنْ رأتْ نـفسي مصيبةَ (كربلا)    فـهاتيكَ مِن كلِّ الـــــمصائبِ أفجعُ

فــــــــهوَّنَ ما بي فجعُ سبطِ محمدٍ    بأبنائِهِ والصــــــحبُ حوليهِ صُرَّعُ

تدوسُ عـــــــلى أجسادِهمْ أعوجيةٌ    تـطأهــــــمْ وتغدو عندهمْ ثمَّ ترجعُ

ولم أنسَ أمَّ الصونِ زينبَ إذ بدتْ    مِن الــخدرِ بالأشعارِ ترثي وتسجعُ

إذا انــــتحبتْ يأتي لها مَن يردُّها    عن النوحِ بالأسياطِ بالضربِ توجعُ

فليتَ علياً حـــاميَ الجارِ حاضراً    ويـــــنهضُ من طيِّ الترابِ ويطلعُ

وقال مخمسا لأبيات في أسر الإمام زين العابدين (عليه السلام):

فـــــــــــــــديتُ إماماً عابداً مُتنسِّكا    إذا شـــفّه حرُّ السرى حنَّ واشتكى

ونـادى وجمرُ الحزنِ في قلبِهِ زكا    أبـي كنتُ قبلَ اليومِ لا أعرفُ البُكا

ولا سمحـــــتْ لي بالدموعِ جفونُ

لقد كــــنتُ صعباً والزمانُ ألانني    ولي موطنٌ عن موردِ الذلِّ صانني

ومَن يرعــــني قدماً أراهُ أراعني    أبــــي قد سطا دهري عليَّ وخانني

وما كانَ عهدي بالــــزمانِ يخونُ

قضى وترَه منّي عدوِّي وحاسدي    وأصبحـــــتُ مقروناُ بقوسِ الشدائدِ

لئن قُرنا في الغلِّ عنقي وساعدي    فلـــــستُ أبـــــالي بعدَ فقدانِ والدي

بما بيَ من جورِ الــــزمانِ يكونُ (6)

وقال مخمساً هذين البيتين في الإمام الحسين (عليه السلام) للشيخ هاشم الكعبي:

يخوضُ غمارَ الموتِ في ظهرِ سابقٍ    بعزمٍ وحــــــــــــــزمٍ لا يُراعُ بخافقِ

فـــــــــــما انفكَّ يفري هامَ كلِّ منافقِ    إلــــى أن أتاهُ في الحشى سهمُ مارقِ

فخرَّ فقلْ فـــــــــــــــي يذبلٍ قلَّ يذبلُ

تحكَّم فيهِ مِن سنانٍ ســـــــــــــــــنانُه    ومِن كفِّ عن ذي بغيٍ أصيبَ جنانُه

فــــــــــــخرَّ ومنه الكونُ دُكّ رعانُه    وأدبرَ ينــــــــحو المحصناتِ حصانُه

يــــــــحنُّ ومِن عظمِ المصيبةِ يعولُ (7)

.......................................................

1 ــ من التراث الأدبي المنسي في الأحساء / الشيخ جعفر الهلالي ــ مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت ــ ج ٢٢ ص 62

2 ــ نفس المصدر ص 58 ــ 59

3 ــ منتظم الدرين في أعيان الاحساء والقطيف والبحرين ج 1 ص 384

4 ــ أدب الطف ج 9 ص 134

5 ــ أدب لطف ج 9 ص 133 ــ 134 / مجلة تراثنا ج ٢٢ ص ٥٩ ــ 60

6 ــ مجلة تراثنا ج ٢٢ ص ٦١

7 ــ نفس المصدر والصفحة

شاعر : محمد طاهر الصفار