924 ــ محمد حسين يونس المظفر (1293 ــ ١٣٧١ هـ / 1876 ــ 1951 م)

محمد حسين يونس المظفر (1293 ــ ١٣٧١ هـ / 1876 ــ 1951 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام تبلغ (81) بيتاً:

فوافى عراصَ (الطفِّ) فاعشوشبتْ به     وطابــتْ نواحيها وطالتْ به فخرا

وعــــــــــــــرَّسَ في أرجائها فتأرَّجتْ     فصارتْ رُباها تنبتُ الندَّ والعطرا

ألمَّ بها في فتـــــــــــــــــــــــيةٍ هاشميةٍ     فــــــــكلٌّ تراهُ في سما مجدِه بدرا (1)

ومنها:

ودعْ عنكَ ذكرَ (الطفِّ) إنَّ حديثَه     أحالَ فــــــــؤادي عند تذكارِه جمرا

وأجـــــرى لجينَ الدمعِ تبراً أذابَه     جوىً شــــبَّ في قلبي فافرغه قطرا

فواللَهِ لا أنـــــسَ الحسينَ ورهطَه     وخيلُ العدى جاءتْ إلى حربِه تترى

ومنها:

قضى بعدما أجرى الفراتَ مِن العدى     نجيعاً وأرضُ (الطفِّ) صيَّرَها بحرا

ومـــــــــــاتَ ليحيا الدينُ فالدينُ بعده     تجلّــــــــى سناً حتى محا نورُه الكفرا

وينقذُ مَن والاهُ مـــــــــــِن هوّةِ الشقا     وينجيهِ مِــــــــــــن نارٍ لأعدائِه تُورى

وقال من حسينية أخرى تبلغ (65) بيتاً:

لولا القضا ما كانَ ريحانةُ الـ     ـمختارِ يومَ (الطفِّ) يقضي ظما

مــــــــــوزَّعُ الأشلاءِ ثاوٍ وقد     صــــــــارَ لأسهامِ العدى أسهما

وآلهُ الـــــــــغرُّ وأصحابُه الأ     مجادُ صــــــــــرعى حوله جُثّما (2)

ومنها:

لما انجلى عنها حسينٌ وبـ(الـ     طفِّ) على رغمِ العدى خيَّما

حـــــــــــفّته مِن فتيانهِ عصبةٌ      كـــلٌّ له الموتُ الزؤامُ انتمى

تخاله بدرٌ عـــــــــــــلى طالعٍ     في أفــــــقِ المجدِ وهُمْ أنجما

الشاعر

الشيخ محمد حسين بن يونس بن أحمد المظفر، عالم فقيه، وأديب وشاعر، ولد في قرية الشرش التابع لقضاء القرنة بالبصرة، من أسرة علمية، عُرفت بآل المظفر برز منها العديد من أعلام الفقه والأدب في البصرة والنجف، وهي تنتسب إلى جدّها الشيخ مُظفّر بن أحمد بن محمد بن علي بن حسين بن محمد بن أحمد بن مظفر بن الشيخ عطاء الله بن الشيخ أحمد بن قطر بن الشيخ خالد بن عقيل من آل مسروح. وقد نزحت هذه الأسرة من الحجاز إلى العراق في القرن العاشر الهجري وسكنت البصرة ثم تفرعت هذه الأسرة وسكن قسم منها النجف والكاظمية وكان لعميدها أعمال خيرية في البصرة، يقول السيد محسن الأمين عن هذه الأسرة: (وهم من البيوت العلمية في النجف وفيهم أيضا الشعراء والأدباء) (3)

ومن أعلام هذه الأسرة الشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد الحسين (المعروف بالجزائريّ)، والشّيخ عبد الله بن محمد بن سعد المظفر، والشيخ محمد حسن بن محمد بن عبد الله بن محمد المظفر، والشيخ محمد رضا بن عبد الله بن أحمد المظفر.. وغيرهم

نشأ الشيخ محمد حسين المظفر على يد أبيه ودرس مقدمات العلوم لديه وكان والده الشيخ يونس من علماء البصرة وفضلائها وقد ترجم له ولولده السيد الأمين فقال: (الشيخ يونس مظفر، كان من أهل الفضيلة والأدب والشعر، وله ولدان أكبرهما الشيخ محمد حسين القاطن في القرنة، وهو من أهل الفضل والأدب، وله شعر جزل رقيق، وله اليد الطولى في التاريخ). (4)

هاجر المظفر إلى النجف لإكمال تعليمه، فدرس الفقه والأصول على يد الملا محمد كاظم الخراساني والسيد محمد كاظم اليزدي والشيخ ملا رضا الهمداني، والسيد محمد تقي الشيرازي ثم رجع إلى مسقط رأسه عالما فقيها وإماما للجماعة وخطيبا هاديا. ونشط بشعره في نشر الوعي الثقافي والعلمي والديني حيث كان مجلسه مقصداً للأدباء والعلماء من أبناء القرنة. (5)

له من المؤلفات:

كتاب في الفقه

حياة فاطمة الزهراء

ديوان شعر

حلية المرتلين ــ في التجويد

كتاب في التاريخ (6)

وقال عنه السيد جواد شبر: (كان جميل الشكل حسن الهندام لطيف البزة سريع الجواب حاضر النكتة) (7)

وقال جعفر آل محبوبة: (أحد رجالات الأدب وفرسان القريض من أسرة المظفر، أخذ عن أبيه بعض المبادئ الأولية وهاجر إلى النجف وتخرج على اعلامها فحضر درس الشيخ ملا كاظم صاحب الكفاية ، والسيّد محمّد كاظم صاحب العروة الوثقى، والشيخ ملا رضا الهمداني صاحب مصباح الفقيه، والسيّد محمّد الاصفهاني، ولما تم دروسه رجع إلى القرنة فكان فيها إمام المحراب والخطب المصقع والمدرس الخبير، فالتف حوله بعض اهل الفهم والمعرفة فاستفادوا بوجوده، واخذوا من ادبه فكان ناديه مدرسة تلقى فيها سائر الآداب والمعارف، فكان (رحمه الله) لا تفوته النادرة ولا تتعداه النكتة، يضم إلى الطبع واريحية النفس النسك وطهارة الضمير، وكان شاعراً محسناً مجيداً، وله اليد في التاريخ المنظوم وقد أرخ حوادث كثيرة، يمتاز بنقاوة الثياب، وطهارة الأبراد، له بزة حسنة وشكل لطيف وخلق حسن) (8)

وقال عنه علي الخاقاني: (عُرف بمميزات ومواهب ميزته عن الكثير، فقد كان من الأتقياء البررة والصلحاء المعروفين مع علم جم وفقه واسع وأدب غزير وتواضع مشفوع بشخصية ورجولة) (9)

وجاء في معجم الشعراء العرب: (عالم كبير، وأديب شهير، وشاعر مطبوع هاجر إلى القرنة بعد إلحاح أهلها في دعوته إليهم للانتهال من علمه، فارتفعت مكانتها بسكناه فيها) (6)  

وابتلي المظفر بمرض جعله جليس بيته خمسة عشر عاما حتى وافاه الأجل في قضاء القرنة ونقل جثمانه إلى النجف الاشرف. وقام بمقامه ولده الشيخ يونس بعد أن درس في النجف.

شعره

قال البابطين في معجمه عن شعر المظفر: (نظم على البناء العمودي والتزم أغراضه المتعارفة محافظاً على الوحدة العضوية، ارتبط شعره بالمناسبات الاجتماعية المختلفة ناظماً في المدح والرثاء وغيرهما. أرخ للأحداث التاريخية شعراً، تميز بالقدرة على الارتجال وتميز شعره بطول النفس وقوة اللغة وجزالتها، تراكيبه وصياغاته متينة، معانيه واضحة وبلاغته قديمة). وقال السيد جواد شبر: (امتاز بنظم التاريخ للحوادث التي يعاصرها)

قال من قصيدة الأولى في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (81) بيتاً:

ففرَقهم في الأرضِ حتى قـــــــــبورُهم     فبعضٌ ببغدادٍ وبعضٌ بســــــــــــــامرّا

وبعضٌ بطوسٍ والبقيعِ وبــــــــــعضهمْ     حوى شرفاً وادي الـــــــــغريِّ له قبرا

ودعْ عنكَ ذكرَ (الطـــــــفِّ) إنَّ حـديثَه     أحالَ فــــــــــــؤادي عند تذكارِه جمرا

وأجـــــرى لجيــــــــنَ الدمعِ تبراً أذابَه     جوىً شــــــــبَّ في قلبي فافرغه قطرا

فواللَهِ لا أنـــــــــــــسَ الحسينَ ورهطَه     وخيلُ الــــعدى جاءتْ إلى حربِه تترى

عليهنَّ أمثالُ الــــــــــــــرجالِ فـوارسٌ     قد استظهروا الإيمانَ واستبطنوا الكفرا

وقد كاتبـــــــــــته كوفةُ الجندِ وهـوَ في     فنا جدِّهِ لم يخشَ نـــــــــــــهياً ولا أمرا

فلــــــــــــــــيسَ لنا إلّاكَ راعٍ يـحوطنا     إذا عمَّتِ الضــــــرّا وقد خصَّتِ السرَّا

فهــــــــــــذي رُبانا أزهـرتْ ورياضُنا     بذكركَ طـــــــابتْ والجنانُ قد أخـضرّا

فوافاهمُ غوثَ الصريخِ فـلــــــــــمْ يجدْ     بهمْ وافياً إلّا الخيانةَ والــــــــــــــــغدرا

فسامته إمّا عيشةً لـــــــــــــم يعشْ بها     كريمٌ وإمّا ميتــــــــــــــةً تورثُ الـفخرا

فقالَ لها اخــــــــــــتارُ ما اختارَه الإبا     ولو إنـــــــــــني أبقى ثلاثاً علـى الغبرا

أبى اللَهُ والدينُ الــــــــــــــحنيفُ وفتيةٌ     بها عرّقتْ في العزِّ فاطمةُ الـــــــزهرا

فوافته في سبعينَ ألـــــــــــــــفاً فردَّها     بسبعينَ ليثاً كالحَـــــــــــــــــمامِ إذا فرَّا

ترى القلبَ خوفاً فــــي جناحيهِ طائراً     وقد جذّ يـــــــــــــمناهُ وألحقـها اليسرى

رماها ســـــــــــــهاماً من كنانةِ هاشمٍ     لـــــــــــه ادّخرتها صنعةً مضرُ الحمرا

نضا منهمُ عضباً وهــــــــــــــزَّ مثقّفاً     وأجرى جواداً يسبقُ السيلَ في المجرى

أقامَ بهمْ فـــــــــــي موقفٍ رقصتْ به     حدودُ الظبــــا والشوسُ سامرتِ السُمرا

وصــــــفّقنَ أطرافُ الرماحِ ورجَّعتْ     بـــــــــــــه ساجعاتُ البينِ عن كبدٍ حرّا

فباتوا بها والخيلُ حــــــــاكتْ بجريها     لهمْ كـــــــــــللاً مِن عَثيرٍ ضربتْ سترا

خليليَّ هلْ أبصرتما أو سمـــــــــعتما     أظلّـــــتْ كـــأنصارِ ابنِ فاطمةَ الخضرا

قضوا بعدما أدّوا حقـــــــــوقَ إمامِهم     بـــــــأرواحِ قــدسٍ لا ببيضا ولا صَفرا

لئنْ كان أنصارُ الـــــــنبيِّ سمَوا علاً     على الخلقِ حتــى طاولوا بالعلى النسرا

فكانوا له حـــــــــرزاً وكانَ لهمْ غنىً     وكـــــــــــانوا لــه عـزاً وكانَ لهمْ ذخرا

ولـــــــــــــــــــكنهم لما رأوهُ يقسِّمُ الـ     ـغنائمَ في أحـــــــــــلافهِ أظهروا النكرا

وساءهمُ ما قد رأوهُ وقـــــــــــــامَ في     جماعاتِهم حــــــــــــــتى أبانَ لهمْ عُذرا

فأينَ هموا مِن مـــعشرٍ ركبوا الردى     مطايا فـــــجاءوا طـــــــالبينَ له النصرا

وقد طلقوا الدنيا ثلاثاً وفارقــــــوا الـ     أحبَّةَ والأوطـــانَ واستغنــــــموا الأجرا

وصاروا له درعاً حصـــــــيناً وجُـنَّةً     ورمحاً وسيفاً فـــي النــــــــزالِ إذا كرّا

إلى أن ثووا صرعى فأصحرَ للعـدى    فجاءته في جيشٍ تـــغصُّ بــــه الصحرا

فـــــــــــــشدَّ عليهم شـدَّةَ الليثِ قائـلاً     أنا ابنُ الذي مَن قد أحـــطتمْ بــــه خُبرا

فأينَ إلى أيــــــــــــــــنَ النجاةُ وإنَّكمْ     قــــرحتم فؤادي قرحةً قـــط لا تُــــبرى

أأبقى وصحبي نصبُ عيني وأخوتي     ضــــــــــحايا وأبنائي منــحَّرةٌ نــــحرا

لعمرُ أبي لا خيرَ في العيشِ بعــدهمْ     وما هوَ إلّا بعـــــــــــــــــــدهمْ نكداً مرّا

وقال من حسينيته الثانية وتبلغ (65) بيتاً:

لمّا انجلى عنها حـسينٌ وبـ(الـ     طفِّ) على رغمِ العدى خيَّما

حـــــــــــفّته مِن فتيانهِ عصبةٌ     كـــلٌّ له الموتُ الزؤامُ انتمى

تخاله بدرٌ عـــــــــــــلى طالعٍ     في أفــــــقِ المجدِ وهُمْ أنجما

ما بينَ عباسٍ إذا قــــــــطّبتْ     رعـــباً مصاليتُ الوغى بسَّما

وبينَ مَن بالخُلـــقِ والخَلقِ قد     شابــــــــــهَ خيرَ الأنبيا فيهما

والقاسمُ القــــــاسمُ حقَّ العلى     بالسيفِ لــــــمّا عـالماً قد سما

فلو تــــــــراهمْ مُذ تنادوا إلى     جيشٍ على حــــــربِهمُ صمَّما

ترى هلالاً طالعاً في سـما الـ     ـهيجاءِ إن بدرُ الســــما أظلما

ترى زهيراً قد نمتـــــه العلى     للقينِ لمّا ســـــــــــــلّه مخذما

ترى بريرَ البرَّ أجرى من الـ     أبطالِ بحراً مِن دمٍ مُــــــفعما

تــــــــرى حبيباً بين أصحابهِ     يرتاحُ إن طـــيرُ الوغى رنّما

كلُّ ابـــــــنِ هيجاءٍ تغذّى بما     تحلبُه اللدنُ فلــــــــــنْ يعظما

لا يأمنُ الــــــــــخائفُ إلّا إذا     مدَّ إلى عليـــــــــــــائِهمْ سُلّما

والجائعُ العاري مـتى جاءهمْ     يكفونه الملبسَ والمـــــــطعما

وقال في أهل البيت (عليهم السلام):

آلُ النبيِّ فما للناسِ شــــــــــــــــأوهمُ     ولا يضاهيهمُ بالفضلِ كــــــــلُّ نبي

ما آدمٌ لا ولا نــــــــــــــــوحُ ولا أحدٌ     مِن النبيينَ مِن بــــــــدءٍ ومِن عقبِ

ولا الــــــخليلُ ولا موسـى الكليمُ ولا     عيسى ولا كـــــلُّ مبعوثٍ ومنتخبِ

فهمْ وعمرو العلى أوفى الورى ذمماً     وأكرمُ النــاسِ مِن عجمٍ ومِن عربِ

أفديهمُ مِن حـــــــــــــــماةٍ للنزيلِ إذا     ما نــــــــــــازلته يدُ الأيامِ مِن نُوبِ

ومِن كفاةٍ إذا ما عمَّ عامَـــــــــــــــهمُ     جدبُ السنينِ وغارتْ أعينُ السحبِ

فمنهمُ الحسنُ الزاكــــــــي علاً وتقىً     أفـــديهِ مِن مجتبيً بالمكرماتِ حُبي (11)

وقد أهديَ له كتاب الكامل للمبرد فأخذ يقرأ فيه ورأى أنه عند ذكر النبي صلى‌ الله ‌عليه ‌وآله يصلي عليه الصلاة المبتورة، يذكره ولم يذكر آله فقال:

إنَّ كــــتاباً لم يكنْ يُبتدى     فـــــيهِ بذكرِ الآلِ بعدَ النبي

ولم يكنْ يختمُ في ذكرِهم     فليسَ ب‍(الكاملِ) في مذهبي (12)

........................................................

1 ــ شعراء الغري ج 8 ص 93 ــ 96

2 ــ شعراء الغري ج 8 ص 96 ــ 99

3 ــ أعيان الشيعة ج 2 ص 212

4 ــ نفس المصدر ج 10 ص 331

5 ــ شعراء الغري ج 8 ص 87

6 ــ شعراء الغري ج 8 ص 89

7 ــ أدب الطف ج 10 ص 39

8 ــ ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 372

9 ــ شعراء الغري ج 8 ص 89

10 ــ رقم 2066

11 ــ شعراء الغري ج 8 ص 92 ــ 93

12 ــ شعراء الغري ج 8 ص 89

كما ترجم له:

كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الشعراء ج 4 ص 435

تاريخ البصرة ص 463 ــ 465 رقم 768

كاتب : محمد طاهر الصفار