868 ــ حُميِّد نصار (1163 ــ 1225 هـ / 1749 ــ 1810 م)

حُميِّد نصار (1163 ــ 1225 هـ / 1749 ــ 1810 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

يا وقـعةَ (الطفِّ) كمْ عينٍ بكِ انذرفتْ     وللهدايةِ كـــــــــــــــمْ ركنٍ بكِ انهارا

أفيكِ يـقضونَ آلُ المصـطفى عــطشاً     والــــــــــماءُ طامٍ فليتَ الماءَ قد غارا

ويصبـــحُ السبطُ شلواً فـيكِ تــصهرُه     شمسُ الهجيرِ على الرمضاءِ إصهارا (1)

ومنها:

يا أقبراً بعراصِ (الطفِّ) هجـتِ لنا     حـــزناً يؤجِّجُ في أحشائنا نارا

ما زرتُ أرضَكِ إلا هاجَ بي شجنٌ     ومدمـعي سالَ مِن عينيَّ مِدرارا

لمن ظعونٌ بأرضِ (الطفِّ) سائرةٌ     تبغي الشآمَ فليتَ الركبُ لا سارا

ومنها:

يا وقعةَ (الطفِّ) كمْ عينٍ بكِ انـذرفتْ     وللهدايةِ كـــــــــــــــمْ ركنٍ بكِ انهارا

أفيكِ يـقضونَ آلُ المصـطفى عــطشاً     والــــــــــماءُ طامٍ فليتَ الماءَ قد غارا

ويصبـــحُ السبطُ شلواً فـيكِ تــصهرُه     شمسُ الهجيرِ على الرمضاءِ إصهارا

الشاعر

الشيخ حُميِّد بن إبراهيم بن محمد بن نصار آل نصار الشيباني اللملومي النجفي، عالم وأديب وشاعر، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية، وهو عم الشيخ محمد نصار الشاعر المشهور باللغتين الفصحى والدارجة (2)

 وأصل هذه الأسرة من (لملوم) وهي قرية على شاطئ الفرات، اندرست حوالي سنة (١٢٢٠ هـ) لنضوب الماء فيها بانتقال مجرى الفرات، فتفرق أهلها في المدن وسكن أكثرهم مدينة الشنافية. بين النجف والسماوة وكان أخو الشاعر قد سكنها حتى وفاته فيها (3)

يقول السيد جواد شبر: (واطلعني السيد ضاحي آل سيد هادي السيد موسى على مخطوطة بخطه ومن تأليفه المسمى (لملوم قديماً وحديثاً) أن الشيخ علي بن إبراهيم بن محمد أخو الشيخ حميّد قد أقام في ناحية الشنافية منذ هجرته إليها من (لملوم) وكان عالماً فاضلاً، عاش حوالي ثمانين عاماً إلى أن توفي سنة 1300 هـ). (4)

وقد انتقلت أسرة نصّار إلى النجف الأشرف لطلب العلم وكان أغلب رجالها من طلبة العلوم لكن أغلبهم مات في الطاعون الذي عم العراق، يقول عنها شبر: (أسرة أدب وعلم، أصلهم من لملوم سكنوا النجف لطلب العلم وتوفي منهم في طاعون سنة ١٢٤٧ ما يقرب من أربعين رجلاً طالباً للعلم وهم غير أسرة آل نصار المعروفين في النجف الذين منهم الشيخ راضي رحمه ‌الله يسكنون محلة العمارة). (5)

نشأ الشيخ حُميِّد نشأة علمية في مدينة العلم، قال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان فاضلاً مشاركاً في العلوم أديباً في المنثور والمنظوم مكثراً في مدائح الأئمة عليهم ‌السلام ومراثيهم) (6)

وقال الخاقاني: (عالم جليل، وأديب ناثر، وشاعر مطبوع.. من الشخصيات التي انتشر ذكرها وذاع صيتها فاتصل ببعض الأمراء ورمقته مجموعة من الأعيان، ولا بدع فقد حصل على علم وأدب برزه وأوجب احترامه عندهم..) (7)

وقال عنه عبد الحسين الشبستري: (عالم نجفي فاضل، جليل القدر، أديب كاتب شاعر، أكثر شعره في مدائح أهل البيت (عليهم السلام) ورثائهم) (8)

وكانت للشاعر صحبة تامة ومودة أكيدة مع حمد آل حمود زعيم الخزاعل المشهور المتوفى سنة ١٢١٤ وله فيه مدائح كثيرة (9)

توفي النصار في النجف الأشرف ودفن بها (10)

شعره

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

يوم ابنُ حيـــــدرَ والأبطـــالُ عــــــــــــابسةٌ     والشمسُ في عنبرِ الهيجــــــــاءِ تنتقبُ

والسمرُ مِـــــن طربٍ تهتـــــــــــــــزُّ مـائسةً     والبيضُ في قممِ الأقرانِ تخـــــــتضبُ

رامــــــــــــتْ أميَّــــــــــــةُ أن تـقتــادَ ذا لبدٍ     منه وتحجبُ بـــدراً ليـــــــسَ يـحتجبُ

فانصاعَ كــــــــــــالضيغـمِ الـكرّارِ مُــــبتدراً     بصولةٍ رِيع منها الـــــــــجحفلُ اللجبُ

يــــــــــــلقى الكماةَ بثــــــــغرٍ باســــمٍ فرحاً     كأنهم لنــــــــــــــــــدى كفّيه قـد طلبوا

حتى إذا لـم يدعْ للشركِ مِــــن سكــــــــــــنٍ     إلّا وقــــــــــــامتْ بهِ مِن بــأسِه الندبُ

وافته داعيةُ الرحمنِ مـــســـــــــــــــــــرعةً     فـخرَّ وهــــــوَ يطيلُ الشكرَ مُحـتســـبُ

نفسي الفداءَ له والــــــــــــــــــــسمرُ واردةٌ     مــن نحرِه والمواضي البيضُ تختضبُ

مضرَّجُ الــــــــــــــــجســمِ مـا بلّت له غُللٌ     حتـــــى قضى وهوَ ظمآنُ الحشا سغِبُ

دامــــــــــــي الجبيـــنِ تــريـبُ الخدِّ مُنعفرٌ     على الــــــــــثرى ودمُ الأوداجِ ينسكبُ

مغسَّلٌ بنجيــــــــــــــــــــــــــعِ الطعنِ كفَّنَه     سافي الرياحِ ووارتــــــــــه القنا السلبُ

قضى كريماً نــقيَّ الثــــــــــــوبِ مِن دنسٍ     يــــــــــــــــــــــزينُه كلّما يأتي ويجتنبُ

يا قائداً جــــــــــــــــــمحَ الأعـداءَ طوعَ يدٍ     كيفَ استقادتكَ مـــــــــــنها جامحٌ ذربُ

لئنْ رمتكَ ســهــامُ الدهرِ عـــــــــــن إحنٍ     وقـــــــــــــــارعتكَ مواضيهِ فلا عجبُ

كنتَ المجيرَ لـــمَن عــــــــــــادى فحقّ له     أن يطلبَ الثـــــــــــأرَ لمّا أمكنَ الطلبُ

يا مخرسَ المــــــــــــوتِ إن سامتكَ نائبةٌ     مِن النوائبِ كــــيفَ اغــــــتالكَ الشجبُ

يا صارمــــــــــاً فلَّ ضربُ الهامِ مضربَه     ولا تعابُ إذا ما فــــلّتِ القـــــــــــضبُ

لو تـــــــــعلمُ البيضُ مَن أردتْ مضاربَها     نـــــــبتْ وفلّ شِباها الــــروعُ والرهبُ

ولو درتْ عــــــــادياتُ الخيلِ مَن وطأتْ     أشلاءَه لاعـــــــــتراها الــــعقرُ والنقبُ

إن كوَّرتْ منكَ كفُّ الشركِ شمسَ ضحى     فما على الشمسِ نقصٌ حيــــن تحتجبُ

ما كنتُ أحــــــــــــــــسبُ والأقدارُ غالبةٌ     بــــــــأنَّ شملَ الهدى الملتــــامَ ينشعبُ

فـــــــــــــــــــكمْ عفيفةِ ذيلٍ للبتولِ سرتْ     على أضـــــــــــالعَ لمْ يشدد لــــها قتبُ

تطوي على جــــــــمراتِ الوجدِ أضلعَها     وقد أضرَّ بها الإغــــــــــــماءُ والسغبُ (11)

وقال من قصيدته الرائية في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) والتي قدمناها:

يــــــا ناعي ابنَ رسولِ اللهِ هجــتْ لنا     حزناً ودمعاً على الخدَّينِ مِـــــــدرارا

نعيتَ لو تدري مَن تنعاهُ ما ضــحكتْ     أسنانُ فيكَ ولا سامـــــــــــرتَ سُمَّارا

يا وقــعةَ الطفِّ كمْ عينٍ بكِ انــذرفتْ     وللهدايةِ كـــــــــــــــمْ ركنٍ بكِ انهارا

أفيكِ يـقضونَ آلُ المصـطفى عــطشاً     والــــــــــماءُ طامٍ فليتَ الماءَ قد غارا

ويصبـــحُ السبطُ شلواً فـيكِ تــصهرُه     شمسُ الهجيرِ على الرمضاءِ إصهارا

وحوله آلـــــــــــــهُ صـرعــى كأنهمُ     جزرُ الأضاحي عليها التربُ قد ثـــارا

للهِ مِن فتيةٍ شدّوا مــــــــــــــــآزرَهم     على القتالِ وكـــــــأسُ الموتِ قد دارا

جادوا بأنفسِهمْ عن نفــسِ ســـــيِّدِهم     وقد رأوا لبثهم من بـــــــــــــعدِه عارا

سبعينَ مولىً كريماً مـا بـكــــى لهمُ     باكٍ ولا أحـــــــــــــــدٌ يوماً لهمْ وارى

نائينَ رهنَ الفيــــــافي لا تـرى لهمُ     غيرَ الظباءِ ووحـــــشِ الأرضِ زوَّارا

ما زرت أرضكِ إلّا هاجَ بي شجنٌ     ومدمعي سالَ من عيــــــــــنيَّ مِدرارا

لمَنْ ظعونٌ بأرضِ الـــطفِّ سائرةٌ     تـــــــــبغي الشآمَ فليتَ الركبَ لا سارا

وممَّن النسوةُ اللائي يُـــــــسار بها     تخالهــــــــــــــــنّ على الأقتابِ أقمارا

لمْ أنسَ زينبَ إذ قالتْ مــــــودَّعةً     والحزنُ بادٍ ودمــــــــــعُ العينِ قد فارا

هلّا تمرُّونَ بالقتلى نودِّعُهـــــــــمُ     ونقتضي مِن تربِ الخديـــــــنِ أوطارا

وقال من حسينية تبلغ (30) بيتاً:

ما انتظارُ الدمــــــــعِ أن لا يستهلّا     أو مـــــــــا تنظرُ عـاشوراءَ هلّا

هلَّ عـــــــــــــــــاشورٌ فقمْ جدِّدْ به     مأتمَ الحزنِ ودَع شـــــرباً وأكلا

كيفَ لا تحزنُ في شهـــــــــــرٍ به     أصبحتْ آلُ رســـــــولِ اللهِ قتلى

كيفَ لا تحزنُ فـــــــــــي شهرٍ بهِ     غُودِرت فاطـــمةُ الـزهراءِ ثكلى

كيفَ لا تـــــــــــحزنُ في شهرٍ بهِ     رأسُ خيرِ الخلقِ فـي رمحٍ يُعلى

يومَ خرَّ ابنُ رســــــــــولِ اللهِ عنْ     سرجِـــــــــــه للهِ خـطبٌ ما أجلّا

يا قتيلاً أصــــــــــبحتْ دارُ العُلى     بــــــعده قفراً وربـعُ الجودِ مَحلا

لا حظتْ بعدكَ فرســــــــــانٌ ولا     جرِّدَ الشجعانُ يـومَ الروعِ نصلا

بأبي المقتولُ عـــــــــطشاناً وفي     كفَّه بحرٌ يــــــــرِّوي الخلقَ جُملا

بأبي العــــــــــــاري ثلاثاً بالعرا     ولقد كانَ لأهـــــــلِ الأرضِ ظلا

بــــــــــــــأبي الخائفُ أهلوهُ وقد     كان للخائفِ أمـــــــــــناً أينَ حلّا

وإذا عاينتَ أهليــــــــــــــهِ ترى     نوباً فيها رزايا الـخلـــــــقِ تُسلى

مِن عليلٍ وسَّـــــدته البزلُ حلساً     وقتيلٍ وسَّــــــــــــــدته البيدُ رملا

ومصــــــوناتٍ عِـفافٍ أصبحتْ     بادياتٍ للـــــــــــعدى حلّا ورحلا

وترى هذي تنادي ولـــــــــــدي     وأبي هذا وذي تــــــــــنـدبُ خلّا

وبنفسي من غــــــــــــدتْ نادبةً     جدَّها والدمعُ في الخدِّ اســــــتهلّا

جدّ لو شــــــــاهدتَ مـا حلَّ بِنا     لم تعــــــلّ يوماً لما عايـنتَ حملا

حلفوا يا جدّ أن لا يـــــــــتركوا     لكَ لا شيــــــخاً ولا كـهلاً وطفلا

مِن جسومٍ جُزِّرتْ فـوقَ الثرى     ورؤوسٍ عنْ جـــــــــسومٍ تتخلّى

ووجـــــــوهٍ كالمصـابيحِ غـدتْ     في هجيرِ الصيفِ لا تعرفُ ظِلّا

ونساءٍ أصــــــــــبحـتْ مـسبيةً     وخــــــــــيامٍ غُـودِرت نهباً وشلّا

لو ترى يا جدَّنا إذ قــــــــرَّبوا     نحونا للسيـــــــــرِ أنقاضاً وهزلا

لرأتْ عـــــيناكَ خـطـباً فادحاً     جَلَّ إن يلقى له الـــــــــناظرُ مثلا

وترى السجَّــادَ مـغلولاً عـلى     قتبِ الرحلِ عليلاً مُستــــــــــــذلا

ينظرُ الرأسَ فــــــيبكي ثم يبـ     ـكي ليتامــــــى عن بكاً لا تتسلّى (12)

وقد نسبت هذه القصيدة في بعض المصادر للشيخ هاشم الكعبي والصحيح أنها للشيخ حميد النصار كما أكد ذلك السيد محمد حسن الطالقاني في تحقيقه لديوان الكعبي / انتشارات الشريف الرضي، 1420 هـ / 1999 م حيث يقول: ص 174 : نشرت في الطبعة السابقة من الديوان قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) نسبت للمرحوم الكعبي، ومطلعها

ما انتظار الدمعِ أن لا يستهلّا      أو ما تنظر عاشوراء هلا

إلى تمام ثلاثين بيتاً، وهي من الشعر الحسيني المشهور يحفظها معظم الخطباء وتتلى في المجالس دوما، وليست لصاحب الديوان، وإنما لمعاصره الشيخ حميد ــ تصغير حميد ــ نصار اللملومي النجفي وقد نص على ذلك الإمام الجليل السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة ج 28 ص 206 (من الطبعة القديمة) في ترجمته له وأثبت منها سبعة أبيات والبحاثة الفاضل الشيخ جعفر محبوبة في ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 470 عند ترجمته أيضا وأثبت منها بيتين مكتفياً بشهرتها، والأستاذ البحاثة الشيخ علي الخاقاني في شعراء الغري ج 3 ص 290 وأثبتها غيرهم ممن لا يحضرنا

.................................................................

1 ــ ذكر منها (14) بيتاً في شعراء الغري ج 3 ص 289 / (4) أبيات في أدب الطف ج 6 ص 137

2 ــ أدب الطف ج 6 ص 135

3 ــ شعراء الغري ج 10 ص 322 / الهامش في ترجمة الشيخ محمد نصار

4 ــ أدب الطف ج 7 ص 233 ــ 234 في ترجمة ابن أخيه الشيخ محمد نصار

5 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٤٣٤

6 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 183

7 ــ شعراء الغري ج 3 ص 287

8 ــ مشاهير شعراء الشيعة رقم 324

9 ــ أدب الطف ج 6 ص 135

10 ــ أعيان الشيعة ج ٦ ص ٢٥٥

11 ــ ذكر منها (23) بيتا في أدب الطف ج 6 ص 136 ــ 137

12 ــ ذكر منها (25) بيتاً في شعراء الغري ج 3 ص 290 ــ 291 / ذكر منها (7) أبيات في أعيان الشيعة ج 6 ص 255 ــ 256

كما ترجم له:

السيد محسن الأمين / أعيان الشيعة ج 6 ص 255 ــ 256 

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 3 ص 1290 

كامل سلمان جاسم الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 158

الشيخ جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 3 ص 469

السيد الأمين / معادن الجواهر ج ٣ ص ٥٨٥

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار