850 ــ سالم الطريحي (1224 ــ ١٢٩٣ هـ / 1809 ــ 1876 م)

سالم الطريحي (1224 ــ ١٢٩٣ هـ / 1809 ــ 1876 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (20) بيتاً:

غداةَ ظوامي الضّبا في (الطفوفْ)     سقـــــتْ من دمائكمُ حدَّها

وجـــــــــــــــدّكَ ما بينها والخيول     على صدرهِ جعلتْ وردَها

وأسرته حوله بــــــــــــــــــالعرى     يــــنسجُ ريحُ الصبا بردَها (1)

ومنها:

قعدتمْ وأعداؤكمْ في (الطفوف)     شفتْ من أعزَّتِكمْ حقدَها

فـــــلا عذرَ حـتى نرى بيضكمْ     رقـــابَ أعاديكمُ غمدَها

لئن ضـــــــــاعَ وترُ بني هاشمٍ     إذا عدمتْ هاشمٌ مجدَها

وقال من حسينية أخرى تبلغ (28) بيتاً:

عرِّجا بي على عراصِ (الطفوفِ)     أبكِ فــــيها أسىً بدمعٍ ذروفِ

يا عراصَ (الـطفوف) كمْ فيكِ بدرٌ     غـــاله حادثُ الردى بخسوفِ

وهـــــــــــــزبرٌ قضى طليقَ مُحيّا     بين سمرِ القنا وبيضِ السيوفِ (2)

وقال من أخرى:

لعلّكَ لمْ تــدرِ يومَ (الطفوف)     غـــــداةَ غدى دمُكمْ مُستباحا

وأعــــــظمُ ما يقرحُ المقلتينِ     ويُدمي الفؤادَ شجىً وانقراحا

مجالُ الخيولِ على ابنِ النبي     ترضُّ قــــــراهُ غدوّاً رواحا (3)

وقال:

وأعظمُ مفجعةٍ في (الطفوف)     لها في حنايا ضلوعي أوارُ

ركـــوبُ بناتِكَ فوق الصعابْ     أســــرى تقاذفُ فيها القفارُ

حواســرُ ليسَ عن الناضرينْ     لهنَّ بــــــغيرِ الأكفِّ استتارُ (4)

وقال من قصيدة تبلغ (22) بيتاً:

حـتى هوتْ صرعى فتحسبُ أنّها     أقمارُ تمٍّ في الطفوفِ غواربا

وبقي ابنُ أمِّ الموتٍ لمْ يرَ صاحباً     بـين العدى إلّا المهندَ صاحبا

فغـــــــدا يمزِّقُ سحبَها عدواً كما     مــزّقنَ أنفاسَ الشمالِ سحائبا (5)

وقال

وقفتُ على أطلالِــــــــــها باكياً بها     وأطـــــلالها ما بين أيدي البلى نهبُ

وقوفي غداةَ (الطفِّ) بينَ عِراصِها     وللعينِ فيها مِن مُذابِ الحشى سكبُ

غداةَ ابنِ حامي الدينِ صِيحَ برحلِه     فلا مشــــرقٌ إلا استشاطَ ولا غربُ (6)

الشاعر

الشيخ سالم بن محمد علي بن سعد الدين بن جلال الدين الطريحي النجفي الرماحي، ولد في النجف في أسرة علمية عريقة قال عنها السيد جواد شبر: (وآل طريح من أقدم الأسر العربية التي استوطنت النجف الأشرف منذ أكثر من أربعة قرون، ومن مشاهيرهم في القرن الحادي عشر الشيخ فخر الدين بن الشيخ محمد علي وهو الجد الخامس لشاعرنا المترجم له أبي محمد الحاج سالم بن محمد علي بن سعد الدين ابن جلال الدين بن شمس الدين بن الشيخ الأجل فخر الدين). (7)

وقال الخاقاني: (وآل طريح من الأسر العلمية الأدبية التي يرجع عهد توطنها النجف إلى القرن السابع الهجري وقد تسلسل منهم أعلام ساهموا في بناء المجد العلمي وشاركوا في تدعيم الأدب النجفي، وآثارهم شاهدة ومؤلفاتهم ناطقة، فقد موجوا كثيرا من الأجواء، وخلقوا نوادي كانت مهوى أفئدة أهل الفضل، وقد سدوا فراغا في المكتبة العربية بتآليفهم ذات الشأن والأثر في اللغة والتفسير والتاريخ، صاهروا كثيرا من الأسر العلمية ونسبهم كما هو المشهور يرجع إلى القبيلة الشهيرة أسد وإلى حبيب بن مظاهر الأسدي منها) (8)

درس الطريحي في بداية حياته على يد والده والشيخ نعمة الطريحي، ثم الشيخ مرتضى الأنصاري. (9) ثم اشتغل بالتجارة

قال السيد محسن الأمين في ترجمته: (كان فاضلاً شاعراً مجيداً ناسكاً يعاني حرفة التجارة، قاسم ماله بعض إخوانه لوجهه تعالى...) (10)

وقال السيد جواد شبر: (ولد في النجف ونشأ وشب على حب الكسب وتعاطي التجارة حتى أصبح في أواسط حياته من ذوي الثروة والجاه وسعة الحال وهو إلى جنب ذلك يحمل ثروة أدبية لا تقل عن ثروته المادية. وفي سنة ١٢٧٥ هـ وفقه الله لحج بيت الله الحرام فنظم أرجوزة ذكر فيها ما اتفق له في طريق الحج وما شاهده في الحجاز ونجد، توجد نسخة منها عند أحد المشايخ من أبناء عمه، ووالده شاعراً وقارئاً ذاكراً تخرج عليه جماعة من الخطباء منهم الخطيب الشيخ كاظم سبتى) (11)

وقال عنه الشيخ جعفر آل محبوبة: (كان من الشعراء المكثرين، ومن المادحين والراثين لأهل البيت وجلّ شعره فيهم..) (12)

وقال الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان يتحرف بالتجارة وهو من بيت علم وتقى، وكان شاعرا أديبا تقيا ناسكا له مراثي كثيرة في الإمام الحسين عليه السلام) (13)

وقال السماوي: (كان فاضلا يعاني حرفة التجارة، ولكن الفضل كان شعاره، وكان ناسكا قاسم ماله بعض إخوانه لله رجاء رضوانه أخبرني اليخ راضي الطريحي عن الشيخ صافي الطريحي قال: كنت شريكه في التجارة، فجاء إلي يوما وقال: كم عندكم من الدراهم اليوم؟ فقلت، أربعمائة درهم، فقال: أعطنيها فأعيته إياها فأرسلها جملة من ذوي الحاجة، فسألته عن السبب، فقال: إن سفينة من البصرة غرقت وفيها لنا مال دراهم فتصدقت لتعود علينا، ثم إنه بعد أيام وردت لنا مزادة فيها الدراهم، فسألنا عن التفصيل، فقيل غرقت الأموال من السفينة لكن هذه المزادة معلقة في مسمار فلم تغرق مع غرق الأموال، بل نجت مع السفينة) (14)

وقال عنه عبد الحسين شبستري: (من مشاهير أدباء وشعراء النجف الأشرف، وكان عالماً جليل القدر، جيد الشعر، فاضلاً. تخرج على والده وعلى الشيخ مرتضى الأنصاري). (15)

وجاء في معجم شعراء العرب: (من أشهر الأدباء في النجف، وهو عالم شهير وشاعر مطبوع...) (16)

توفي الطريحي ودفن في النجف الأشرف (17)

شعره

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدته الدالية التي تبلغ (20) بيتاً وقد قدمناها:

أميُّة قد جــــــــــــــــــاوزتْ حدَّها     فقُمْ فالظبا ســــئمتْ غمدَها

إلـــــــــــــى مَ النوى وعلينا العدى     تجورُ ولــــم نستطعْ ردَّها

تحمّلنا ما لـــــــــــــــــو أنَّ الجبالْ     تــــــــــــحمّل أيسرَه هدَّها

تــــــــــــــباغتْ علينا وقد أدركتْ     على رغمِ آنافِنـــــا قصدَها

رمتنا بفادحــــــــــــــــــــةٍ لم نزلْ     نكابدُ طولَ الــمدى وجدَها

فـــــــــــــــما أوقعَ الدهرُ مِن قبلِها     ولا مُـــــــوقِعٌ مثلها بعدَها

غداةَ ظوامي الضّبا في (الطفوفْ)     سقـــــتْ مـن دمائكمُ حدَّها

وجـــــــــــــــدّكَ ما بينها والخيول     على صدرهِ جعـلتْ وردَها

وأسرته حوله بــــــــــــــــــالعرى     يــــنسجُ ريحُ الـصبا بردَها

ثوتْ كالأضاحي بحرِّ الـــــــهجيرِ     لها اللهُ ما ضمنــــتْ لحدَها

وفوقَ المهازلِ تطوي القـــــــــفار     نساؤكمُ غورَها نـــــــجدَها

أسارى تبثّ الـــــــــــــجوى تارةً     أباها وآونةً جدَّهــــــــــــــــا

فما بـــــــــــــــينَ لا دمةٍ صدرَها     تـــــــــــنوحُ ولاطمةٍ خدَّها

يذيبُ الجوى قـــــــــلبَها والسياط     يؤلّمُ قـــــــــــــارعـةً زندَها

وزينبُ تدعـــــو أسـىً والخطوبُ     بأحشائِها قدحـــــــتْ زندَها

بني غالبٍ سوِّمــــــــوا الصافنات     وانتدبوا للوغـــــــى أسدَها

بهنَّ مواجيفُ طلقُ الـــــــــــعنانِ     تقفو سلاهبُها جــــــــــردَها

قعدتمْ وأعداؤكمْ في (الـطفــوف)     شـــــفتْ من أعزَّتِكمْ حقدَها

فـــــلا عذرَ حـتى نـرى بيــضكمْ     رقــــــــابَ أعاديكمُ غمدَها

لئن ضـــــــــاعَ وترُ بـــني هاشمٍ     إذا عدمـــــتْ هاشمٌ مجدَها

وقال من حسينيته الفائية التي تبلغ (28) بيتاً وقد قدمناها:

عرِّجا بي على عراصِ (الطفوفِ)     أبكِ فــــيها أســـــــىً بدمعٍ ذروفِ

يا عراصَ (الـطفوف) كمْ فيكِ بدرٌ     غـــاله حـــــــادثُ الردى بخسوفِ

وهـــــــــــــزبرٌ قضى طليقَ مُحيّا     بيـــــــن سمرِ القنا وبيضِ السيوفِ

يــومَ هاجت عصائبُ الشركِ للهيـ     ـجــاءِ تقفو الصفوفَ اثرَ الصفوفِ

حاولتْ أن يــــضامَ وهو الأبيّ الـ     ـضيمِ كهفُ الطريدِ مأوى المخوفِ

شــــــــــــدّ فيهـا وكمْ لطيرِ المنايا     مِن خفوقٍ على العـــــــدى ورفيفِ

يحسبُ البيضَ فـي الكريهةِ بيضاً     ووشــــــــــــــيجَ القنا معاطفَ هيفِ

مِـــــن لؤيٍّ بيضُ الوجوهِ أباةُ الـ     ـضــــــــــيمِ أسدُ العرينِ شمُّ الأنوفِ

عانقـــــوا المرهفاتِ حتى تهاووا     صرَّعاً فـــــي الثرى بحرِّ الصيوفِ

وبقى ابـــــــــنُ النبيِّ لمْ يرَ عوناً     في الوغى غـــــــــيرَ ذابلٍ ورهيفِ

فانثنى للنـــــــــــــزالِ يكتالُ آجا     لاً فوفّى بالسيفِ كـــــــــــــلَّ طفيفِ

كمْ جيوشٍ يفلّهـــــــا عن جـيوشٍ     وزحــــــــــــــــــوفٍ يلفّها بزحوفِ

كلما همَّ أن يصولَ عـــــــــــليهمْ     هــــــــــــمَّتِ الأرضُ خيفةً برجيفِ

لمْ يزلْ يـــــوردُ المواضي نجيعاً     مِن رقابِ الــــــــــعدى بقلبٍ لهوفِ

فدعاهُ داعـــــــــي القضاءِ فألوى     عَــــــــــــــن هوانٍ لدارِ عزٍّ وريفِ

وهوى ثاوياً علـــى التربِ ما بيـ     ـنَ الأعادي ضريـــــــــــبةً للسيوفِ

فبكته السمــــــــاءُ وارتجَّتِ الأر     ضـــــــــونَ والشمسُ آذنتْ بكسوفِ

يا قتيلاً تقلُّ سمـــــــــــرَ العوالي     منه رأســــاً عـلى سنا الشمسِ موفِ

وتسوقُ العدى نـــــــساهُ أسارى     فوق عــــــــجفِ المطى بسيرٍ عنيفِ

أعلى النيبِ تنتحي البـيدَ أينَ النـ     ـيبُ والبيدُ مــــــــــن بناتِ السجوفِ

تلك تدعو بمهجةٍ شفّــــها الوجـ     ـدُ احتراقاً وذي بدمــــــــــــعٍ ذروفِ

أينَ أسدُ الــــــعرينِ شمُّ العرانيـ     ـنِ حـــــــــماةُ الـورى أمانُ المخوفِ

ســـــــوّموها يا آلَ غالبَ جُرداً     تــــــــــــخبط الأرضَ مـنكمُ بـوجيفِ

وابـعثـــوها صـواهلاً عـابساتٍ     يـمـلأ الـــــــــــــــجوَّ نـقعُها بـسدوفِ

لـتروا نــــــسوةً لـكمْ حـاسراتٍ     جـشّمتـها الأعـداءُ كـــــــــــــلَّ تنوفِ

ولـكمْ أوقـفـــــوا بـدارِ ابـنِ هندٍ     مَن تـــــرى الموتَ دون ذلِّ الوقوفِ

وقال من حائيته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

أيـا مـدلـــــــجاً بـالــــذميلِ الـعنيفِ     خـفافاً شـأتْ بـالمـسيرِ الرياحا

تجوبُ الــــــفلا سـبســـــــباً سبسبا     وتقطعهنَّ بِـــــــــــطاحا بِطاحا

أنخــــها مريحاً بـــــــوادي الغريّ     مـــــــــــــثيراً لديه بـكا ونواحا

وقلْ يـــا مبدِّدَ شـــــــملَ الصفوف     إذا ازدحمتْ يومَ حــربٍ كفاحا

لعلّكَ لمْ تــــــــدرِ يــومَ (الطفوف)     غــــداةَ غدى دمُكمْ مُـــــستباحا

وأعـــــــــــــظمُ ما يقـرحُ المقلتينِ     ويُدمي الفؤادَ شجىً وانقـــراحا

مـــــــجالُ الخيولِ عـلى ابنِ النبي     ترضُّ قــــــراهُ غدوّاً رواحــــا

وعترته حوله كالنجـــــــــــــــــومِ     يـــــــــنبعثُ الليلُ منها صباحا

وقته الردى فتيــــــــــةٌ في النزالِ     تصافـحُ دونَ الحسينِ الـصفاحا

ترى البيضَ بيضاُ وسمرَ الصعاد     قدوداً وكـــــــــأسُ الـمنيةِ راحا

وراحـــــتْ تخوضُ غمارَ الردى     وتحسبُ جدَّ المــــــــنايا مزاحا

تلقى الســــــــــهامَ ببيضِ الوجوهِ     بيومٍ به صائحُ المــــوتِ صاحا

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (29) بيتاً:

يوم ابن فاطمَ والرمــــــــــــاحُ شوارعُ      والــــــــبيضُ يرشحُ حدُّها بمنونِ

والخيلُ عــــــــــــابسةُ الوجوهِ بمعركٍ     غصَّ الفضاءُ بجيشِــــه المشحونِ

يثني مكردسَها بأروعَ لــــــــــــــم ترمْ     يمناهُ غيرَ السيـــــــــفِ والميمونِ

ضنّتْ بصـــــــــــــــــــارمِه يداهُ وإنّه     بالنفسِ يومَ الـــــموتِ غيرُ ضنينِ

وأشمَّ عبلُ الــــــــــــــساعدينِ شمردلٌ     ضخمُ الــــــدسيعةِ شامخُ العرنينِ

في مـــــــعشرٍ بيضِ الوجوهِ سوابغِ الـ     أيــــــــدي مناجيبِ القرونِ قرينِ

تغشى الــــــــصفوفَ بملتقى من هولِه     ذكرتْ أميةُ مــــــــــــلتقى صفينِ

حـــــــــتى دُعوا لحضيرةِ القدسِ التي     فيها يـــــــــرونَ العينَ رأيَ يقينِ

فتناثروا مثلَ النـــــــــجومِ على الثرى     مـــــــــا بينَ منحورٍ إلى مطعونِ

وبقى ابنُ أمِّ الموتِ ثــــــــــــمّة موقداً     نــــــــارَ الوغى فرداً بغيرِ معينِ

يسطو فتنثـــــــــــــــالُ الجيوشُ كأنّما     شاءٌ تـــــــــنافرَ من ليوثِ عرينِ

ظـــــــــــــــامٍ يروِّي مِن دماءِ رقابِها     في الحربِ حدَّ الصارمِ المسنونِ

حتى إذا سئمَ الحياةَ ونــــــــــــــــــابه     فــــــــــــقدانَ أكرمَ معشرٍ وبنينِ

وافاهُ سهمٌ كـــــــــــــان مرماهُ الحشا     فأصابَ قبلَ حشاهُ قــــــلبَ الدينِ

فهوى فــــــضجَّتْ في ملائكها السما     حزناً عليه بــــــــــــــرنَّةٍ وحنينِ

وثــــــــوى على الرمضاءِ لا بمشيَّعٍ      يــــــــــــــوماً لحفرتِه ولا مدفونِ

اللهُ أكبرُ كيفَ يبقى في الــــــــــثرى     مُلــــــــــــقىً بلا غسلٍ ولا تكفينِ

ويروحُ للأعداءِ تــــــــــوردُ صدرَه     مِــــــــــن كلِّ نافذةِ المغارِ صفونِ

ما راقبتْ غــــــضبَ الإلهِ لجنبه الـ     ـسامي ومــــــوضعِ سرِّهِ المكنونِ

رضَّــــــــــتْ خزائنَ وحيهِ بخيولِها     بغياً وعيبةَ علــــــــــمِه المخزونِ

وأمضُّ داءٍ فــي الحشا لو لامسَ الـ     ـراهونَ ضُعضِـعَ جانبُ الراهونِ

ســــــــــبيِ الفواطمِ حُسَّراً ووقوفُها     فــــــي دارِ أخبـثَ عنصرٍ ملعونِ

وقفتْ بـــــــمرأى مِن يزيدَ ومسمعٍ     ولهانــــــــةً تدعـو بصوتِ حزينِ

أحسينُ يا غوثَ الصريخِ وملجأ الـ     ـعــــــافي وكــنزَ البائسِ المسكينِ

أحــــــــسينُ يا عزّي يعزُّ عليكَ أن     تُسودَّ مِن ضـــربِ السياطِ متوني (18)

وقال من رائيته التي قدمناها:

وقُم باكياً مَن بكته الـــــــــسماء     وأظلمَ حــــــزناً عليه النهارْ

غداةَ غدى ثــــــــــاوياً بالـعرى     يـــــــــكفّنـه العثيرُ المُستثارْ

أيا ثاوياً وزّعــــــــــــــت شلوهُ     عوادي المهارِ عُقرنَ المهارْ

لها الويلُ هل علمتْ في المغارْ     على صــدرِه أيّ صدرٍ يُغارْ

فوالهفةُ الديــــــنِ حتى الخيول     لها يا ابـــــنَ طه عليكَ مغارْ

حقيقٌ علــــى العينِ أن تستهلَّ     دماً مثلما يــــــــستهلُّ القطارْ

أترضى وجسمُكَ فوقَ الصعيدْ     ورأسُكَ فوقَ الــــصعادِ يُدارْ

وتـــــبقى على التربِ لا حفرةٌ     تُشقُّ ولا نعشُ فيـــــــهِ يُسارْ

وأعظـمُ مفجعةٍ في (الطفوف)     لها في حنايا ضلوعـــي أوارُ

ركــــوبُ بناتِكَ فوق الصعابْ     أســـــــرى تقاذفُ فيها القفارُ

حواســـرُ ليسَ عن الناضرينْ     لهنَّ بــــــــغيرِ الأكفِّ استتارُ

وقال من بائيته التي تبلغ (22) بيتاً:

خطبٌ أمــــــــــادَ من المعالي جانبا     ودهى فجبَّ مِــــــن الهدايةِ غاربا

خطبٌ أطلَّ عــــــــــلى الأنامِ بفادحٍ     أشجى الأنـــــــامَ مشارقاً ومغاربا

وأصـــــــــابَ مِن عُليا نزارٍ أسدَها     بأساً فــــــصبَّ على نزارِ مصائبا

يومٌ به جاءت يغصُّ بـــــــها الفضا     عصبٌ تـــــــــــؤلّبُ للكفاحِ كتائبا

يقتادُها عمرُ بــــــــــــنِ سعدٍ مُجلباً     للـــــــــــحربِ فيها شُزَّباً وسلاهبا

حسبُ الأبــــيِّ يروحُ منها ضارعاً     فأبى الأبيُّ فآبَ مـــــــــــنها خائبا

وغـــــــدا أبيُّ الضيمِ يبعثُ للوغى     أسداً تصولُ علــى العداءِ غواضبا

حسبتْ حمامَ الموتِ سجعَ حمـــائمٍ     فيها ومُطّـــــــــردَ الكعوبِ كواعبا

وغدتْ تحطّمُ في الصدورِ عواسلاً     منها وتــــــثلمُ في النحورِ قواضبا

حيَّــــــــــتْ بها بيضَ الظبا فكأنّما     حــــــيَّتْ مِـن البيضِ الظباءِ ترائبا

حـتى هوتْ صـرعى فتحسبُ أنّها     أقمارُ تــــــــمٍّ في الطفوفِ غواربا

وبقي ابنُ أمِّ المـوتٍ لمْ يرَ صاحباً     بـــــــــين العدى إلّا المهندَ صاحبا

فغـــــــدا يمزِّقُ سـحبَها عدواً كما     مــزّقنَ أنــــــــفاسَ الشمالِ سحائبا

ما زالَ يخطفُ بـــالحسامِ نفوسَها     حــــــــتى أراها في النزالِ عجائبا

فهناكَ حمَّ بـــــــه الــقضاءُ مُفوِّقاً     سهماً بأوتارِ المنيةِ صــــــــــــــائبا

فهوى فدكدكتِ الجبـــالُ وكُوِّرتْ     شمسُ الضحى وغدا النهارُ غياهبا

مَـــــن مُبـلغنَّ بنـي نــزارَ وغالباً     وتـــــــرتْ بنو حربٍ نزارَ وغالبا

مَن مـــــبلـغنَّ نـزارَ أنَّ زعـيمَها     نسجتْ عـــــــــليه الذارياتُ جلاببا

مَن مبلـــــــغنَّ نـزارَ أنَّ نسـاءها     رُكِّبنَ أسرى هــــــــزلاً ومصاعبا

.............................................................................

1 ــ أدب الطف ج 7 ص 242 ــ 243 / ذكر منها الخاقاني (12) بيتاً في شعراء الغري ج 4 ص 119

2 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص ١٧٩ / شعراء الغري ج 4 ص 121 ــ 123 / ذكر منها (26) بيتاً في أدب الطف ج 7 ص 244 ــ 245

3 ــ ذكر منها (12) بيتاً في أدب الطف ج 7 ص 245

4 ــ ذكر منها (16) بيتاً في أدب الطف ج 7 ص 247

5 ــ شعراء الغري ج 4 ص 118 ــ 119 / ذكر منها (19) بيتاً في أدب الطف ج 7 ص 247 ــ 248

6 ــ ذكر منها الخاقاني (17) بيتاً في شعراء الغري ج 4 ص 117 ــ 118

7 ــ أدب الطف ج 7 ص 244

8 ــ شعراء الغري ج 4 ص 115

9 ــ مشاهير شعراء الشيعة بالرقم 391

10 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص ١٧٩

11 ــ أدب الطف ج 7 ص 244

12 ــ ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 437

13 ــ الحصون المنيعة في طبقات الشيعة ج 9 ص 309

14 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 83

15 ــ مشاهير شعراء الشيعة بالرقم 391

16 ــ معجم الشعراء العرب ص 1368

17 ــ شعراء الغري ج 4 ص 117

18 ــ شعراء الغري ج 4 ص 123 ــ 124

كما ترجم له:

الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة ج 9 قسم 2 ص 648 

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 833 

كامل سلمان جاسم الجبوري‎ / معجم الشعراء ج 2 ص 301

: محمد طاهر الصفار