840 ــ سعيد بن مكي النيلي (465 ــ 565 هـ / 1072ــ 1169 م)

سعيد بن مكي النيلي (465 ــ 565 هـ / 1072ــ 1169 م)

قال من قصيدة في مدح أمير المؤمنين ورثاء الإمام الحسين (عليهما السلام) تبلغ (78) بيتاً:

تحكّمت فيهم الأعداء ـ ويلــــهمُ     ومن نجيعِ الدما اسقوهــــــمُ العلقا

تالله كم قصموا ظهراً لحيـــدرةٍ     وكم بروا للرسولِ المصطفى عنقا

والله ما قابلوا بـ(الطفِّ) يـومهمُ     إلا بما يوم بدرٍ فيـــــــــــــهمُ سبقا (1)

الشاعر

سعيد بن أحمد بن مكي النيلي، عالم وأديب وشاعر ونحوي ومعلم من أعلام الشيعة، ولد في بغداد، وقد اختلف في اسمه بين سعد وسعيد وأبي سعيد فسمّاه السيد محسن الأمين مرة بـ (أبو سعيد النيلي) فقال ما نصه:

(أبو سعيد النيلي منسوب إلى النيل، بلدة على الفرات بين بغداد والكوفة، كان الحجاج حفر لها نهراً أسماه النيل باسم نيل مصر) (2)

وقال أيضاً في مورد آخر: (سعد بن أحمد بن مكي النيلي..) (3)

وقال السيد نور الله الحسيني التستري: (أبو سعيد النيلي رحمه ‌الله من فضلاء شعراء الإمامية). (4)

وقال السيد التستري أيضاً: (أبو سعيد سعد بن أحمد المكي النيلي من مشاهير الأدباء والشعراء وأكثر منظوماته في مديح أهل البيت عليهم‌ السلام.. والنيلي نسبة الى النيل بالحلة) (5) وقال بذلك محمد علي التبريزي (6)

وسمّاه ياقوت الحموي بـ سعد فقال: (سعد بن أحمد بن مكي النيلي المؤدب الشيعي، كان نحوياً فاضلاً عالماً بالأدب، مغالياً في التشيع، له شعر جيّد أكثره في مديح أهل البيت) (7)

وكتب الدكتور مصطفى جواد فصلاً عن الشاعر وسمّاه (سعيد بن أحمد بن مكي النيلي) وعدّه من الشعراء المنسيين الذين أجحف بحقهم المؤرخون وأهملوا أشعارهم رغم أنه كان يعد من أبرز شعراء عصره الذي كان يعج بكبار الشعراء، وقد ترجم جواد للنيلي بما نصه: (هو سعيد بن أحمد بن مكي النيلي كان أديباً وشاعراً ونحوياً فاضلاً ومؤدباً بارعاً من أدباء الشيعة المشهورين، أقام بعد النيل ببغداد لقيام سوق الأدب فيها في أواسط القرن السادس وهو من أهله). (8)

كما سمّاه بذلك السيد جواد شبر فقال: (الصحيح سعيد بن مكي النيلي) (9)

والظاهر أن اسمه سعيد كما قال الدكتور جواد والسيد شبر لأنه أفصح عنه في إحدى قصائده حيث يقول:

دع يا سعيد هواكَ واستمسك بمَن     تسعدْ بهم وتُزاحُ مِن آثامِه (10)

وعلى كل حال فكل هذه الأسماء تدل على شخص واحد.

النيلي في سطور التاريخ

قال عنه السيد محمد صالح البرغاني عند ذكره لقصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام): (هي للنيلي ولما كان المترجم قد أكثر من النظم في أهل البيت ترجح عندي أن تكون له). (11) ويظهر من كلام البرغاني أن النيلي كان من الشعراء المكثرين في حق أهل البيت (عليهم السلام) كما أكد ذلك الحموي في قوله: (له شعر جيد أكثره في مدح أهل البيت) (12)

وعده ابن شهراشوب: من شعراء أهل البيت المتقين (13) 

وقال ياقوت الحموي: (إنه قد ناهز المائة من عمره) (14) وقد علق السيد جواد شبر على ذلك بالقول: (السنة التي ناهزها شيء قليل جداً يجعل سيرته رمزاً من رموز التراجم في تاريخ الأدباء العراقيين في هذا القرن). (15)

وقال عنه الشيخ عبد الحسين الأميني: (سعيد بن أحمد بن مكي النيلي المؤدب، من أعلام الشيعة وشعرائها المجيدين المتفانين في حب العترة الطاهرة وولائها، المتصلبين في اعتناق مذهبهم الحق، ولقد أكثر فيهم وأجاد وجاهر بمديحهم ونشر مآثرهم) (16)

وقال عنه الحاج حسين الشاكري: (الشيخ سعيد بن أحمد بن مكي النيلي أديب شاعر ونحوي فاضل، انتقل إلى بغداد وساهم في الحركة الأدبية أواسط القرن السادس، أسن حتى أناف على التسعين وله مدح في أهل البيت (عليهم السلام) وهو معروف بتشيعه) (17)

وقال عنه عبد الحسين الشبستري: (عالم بغدادي، نحوي فاضل، أديب بارع، شاعر جيد الشعر، وله (ديوان شعر)، اكثر شعره في مدح أهل البيت (عليهم السلام)، وكان متفانياً في حبهم وولائهم. تولى التأديب في مكاتب بغداد، وقد فقد بصره في أواخر أيّامه) (18)

بقي أن نذكر ما قاله العماد الاصفهاني في الشاعر والرد عليه فقد وصفه بأنه: (كان مغالياً في التشيع، حالياً بالتورع، غالياً في المذهب، عالياً في الأدب، معلِّماً في المكتب، مقدماً في التعصب، ثم أسنَّ حتى جاوز حدّ الهرم وذهب بصره وعاد وجوده شبيه العدم، وأناف على التسعين، وآخر عهدي به في درب صالح ببغداد سنة اثنتين وستين وخمسمائة. ثم قال: ثم سمعت انه لحق بالأولين). وقال أيضاً عند ذكر بعض قصائد النيلي في حق أمير المؤمنين (ع): (من ههنا دخل في المغالاة وخرج عن المضافاة فقبضنا اليد عن كتابة الباقي ورددنا القدح على الساقي وما أحسن التوالي وأقبح التغالي) (19)

فقد رد عليه الشيخ الأميني بالقول: (نسبه القاصرون إلى الغلو، لكن الرجل موال مقتصد قد أغرق نزعا في اقتفاء أثر القوم والاستضاءة بنورهم الأبلج، وقد عده ابن شهرآشوب في معالمه من المتقين من شعراء أهل البيت عليهم السلام) (20)

إن وصف العماد الأصفهاني للنيلي كان بعيداً عن الحقيقة ومجانباً للصواب تماماً، فلم يكن النيلي ولا غيره من شعراء الشيعة غلاة في أئمتهم (ع)، ولم يخرجوا عن الأوصاف والنعوت والمزايا التي وهبها الله لهم والصفة التي وصفها بهم رسول الله فضمّنوا ما جاء بحقهم (ع) في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة المتفق عليها في أشعارهم ولم يخرجوا من هذا الإطار كما سنرى في شعر النيلي.

وبسبب هذه السفاسف والترهات التي جاء بها الأصفهاني وغيره وقع الضياع والتضييع والإهمال الذي لحق بالأدب الشيعي والعداء والاغفال الذي مُورس بحق تلك النتاجات الفكرية والعلمية والأدبية الشيعية، فهذا الموضوع يتكرر عند الدارس لكل مرحلة أو دولة أو شخصية تعود للشيعة، ويستطيع القارئ أن يبحث عن نتاج أي شاعر شيعي في الدولة الأموية والعباسية ليرى مقدار الإجحاف الذي أصاب الأدب الشيعي من قبل المؤرخين الدارسين والباحثين على حد سواء.

ورغم أن ياقوت الحموي قد عده من الأدباء في كتابه معجم الأدباء إلا أنه لم يذكر له أي مؤلف أو رسالة في النحو والأدب رغم أن المصادر التي ترجمت للنيلي أجمعت على أنه كان شاعراً وعالماً وأديباً ونحوياً ومعلماً وهذه الأوصاف لا تطلق إلا لمن خاض غمار التأليف ولا أدري لِمَ لمْ يتعرّض المؤرخون إلى مؤلفاته سوى القليل من شعره والذي لا يتجاوز قصائد قليلة والذي هو كل ما بقي له.

يقول السيد جواد شبر: (وذكره ياقوت الحموي في معجم الأدباء مع أنه لم يذكر له مؤلفاً ولا رسالة والذي بعثه على ذكره كونه أديباً نحوياً وقال فيه: له شعر جيد أكثره في مدح أهل البيت وله غزل رقيق مات سنة ٥٦٥ هـ، وقد ناهز المائة. وكل من ذكره بعد عماد الدين الاصفهاني إنما هو عيال عليه وطالب إليه. ودرب صالح الذي رآه فيه سنة ٥٦٢ هـ آخر رؤية هو من دروب الجانب الشرقي ببغداد ولا نعلم موضعه من بغداد الحالية مع كثرة تفتيشنا عنه إلا أنه كان مباءة للسروات والكبراء على ما يستفاد من بعض الاخبار ـ وقد روى عن ابن مكي النيلي بعض شعره ابن اخته عمر الواسطي الصفار. هذا جميع ما وقع الينا حتى اليوم من أخباره وسيرته وهو بالإضافة الى المائة السنة التي ناهزها شيء قليل جداً يجعل سيرته رمزاً من رموز التراجم في تاريخ الأدباء العراقيين في هذا القرن) (21)

ورغم أن النيلي لم يكن الشاعر الوحيد الذي نسيه التاريخ وتغافل عنه المؤرخون لأسباب شتى إلا أن إهمال شعر النيلي بالذات يعد إجحافاً حقيقياً بالشعر وعقوقاً بتاريخ الأدب العربي لأن السبب في إهماله لا يستند إلى أي منطق أو مبرر معقول بل استند إلى الأهواء والأمزجة الطائفية التي ارتكزت على الميول والتوجهات فكان سبباً واهياً كما نرى ذلك في قول العماد الأصفهاني

شعره

شعره من الطراز الرفيع وكان مكثراً في مدائح ومراثي أهل البيت (عليهم السلام) كما وصفته المصادر وهذا ما يجعله من الشعراء المكثرين المجيدين يقول من قصيدته التي قدمناها في حقهم (عليهم السلام):

يحقّ لي إن بكــــت عيني دمـاً لهم     وإن غدوتُ بنـــارِ الحزنِ مُحترقا

يا منزلاً لعبتْ أيــــدي الشـتاتِ به     وكان يشـــــــــــــرقُ للوفّادِ مؤتلقا

مالي على ربعِكَ البالي غدوت به     وظلت أسأل عـن أهـــــليه ما نطقا

أبكي عليه ولو أن البــــــكاءَ على     سوى بني أحمد المختار ما خـــلقا

تحكّمت فيهم الأعداء ـ ويلـــــــهمُ     ومن نجيعِ الدما اسقوهــــــمُ العلـقا

تالله كم قصموا ظهراً لحيــــــدرةٍ     وكم بروا للرسولِ المصطفى عنقا

والله ما قابلوا بالطـــــــفِّ يـومهمُ     إلا بما يوم بدرٍ فيـــــــــــــهمُ سبقا

وهي قصيدة طويلة جدا يستعرض فيها النيلي ما جرى على أهل البيت من المآسي ثم يقول في آخرها:

فهاكموها من النيــــــــــــــليِّ رائقة     تحكي الحيـــــــــا رقة لفظاً ومتسّقا

إذا تلى نــــــــــــــائحٌ يوم محاسنَها     أزرت على كل من بالشعرِ قد نطقا

من شاعر في محاق الشعر خاطره     إلى طريــــقِ العلى والمجدِ قد سبقا

وفي قصيدة أخرى يحث نفسه على التمسك بولاية أهل البيت يقول من قصيدة تبلغ (20) بيتا:

دع يا سعيد هــواك واستمسك بمن     تسعد بهم وتــــــــــــــزاح من آثامِهِ

بمـحمدٍ وبحيـــــــــــــــــدرٍ وبفاطمٍ     وبولدِهم عقـــــــــــــــد الولا بتمامِهِ

قومٌ يـسرُّ وليّـــــــــــــــهم في بعثه     ويعــــــــــــض ظالمهم على إبهامِهِ

وترى ولــــــــــــــيَّ وليِّهم وكتابه     بيميــــــــــــــــــنه والنـورُ من قدّامِهِ

يسقيه من حـــــــوضِ النبيِّ محمدٍ     كأساً بها يشـــــــــــــفـي غليل أوامِهِ

بيدي أمير المؤمنـــين وحسب من     يسقى به كأســـــــــــــــاً بكفِّ إمامِهِ

ذاك الذي لولاه ما اتّضـــــحت لنا     سبلُ الهدى فـــــــــــي غورهِ وشآمِهِ

عبدَ الآلهَ وغيــــــــــره مـن جهله     ما زال منـــــــــــــعكفاً على أصنامِهِ

ما آصفٌ يوماً وشمعـــون الـصفا     مع يوشع في العلـــــــــم مثل غلامِهِ (22)

وهذه هي القصيدة التي قال عنها عماد الدين الأصفهاني: (من ههنا دخل في المغالاة وخرج عن المضافاة فقبضنا اليد عن كتابة الباقي ورددنا القدح على الساقي وما أحسن التوالي وأقبح التغالي).

ولو عرضنا هذه القصيدة على أحاديث النبي بحق أمير المؤمنين (ع) وأهل البيت لا نجد فيها أية مغالاة كما يزعم الأصفهاني, فتمسك الشاعر بأهل البيت جاء وفق حديث النبي (صلى الله عليه وآله): (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا) وهذا الحديث متواتر في كتب الفريقين (23)

أما مضمون قول النيلي أن الموالي لعلي يسقى من حوض الكوثر فهو تضمين لأحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكثيرة في هذا الشأن وهي موجودة أيضاً في كل كتب السير ومنها قوله (صلى الله عليه وآله) لعلي:

(أنا واردكم على الحوض وأنت يا علي الساقي) (24)

وقوله (ص): (... ترد على الحوض وشيعتك رواء مرويين ويرد عليك أعداؤك ظمأ مقحمين وتذود عنه من ليس من شيعتك) (25)

وقول أمير المؤمنين (عليه السلام): (أنا مع رسول الله (ص) ومعي عترتي وسبطايَ على الحوض، فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا، فإنّ لكل أهل بيت نجيب. ولنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة، فتنافسوا في لقائنا على الحوض، فإنا نذود عنه أعداءنا ونسقي منه أحباءنا وأولياءنا ومن شرب منه شربةً لم يظمأ بعدها أبداً. حوضنا مترعٌ فيه مثعبان ينصبان من الجنة أحدهما من تسنيم، والآخر من معين، على حافتيه الزعفران، وحصاه اللؤلؤ والياقوت، وهو الكوثر...) (26)

إذن فتهمة الأصفهاني التي ألصقها بالنيلي هي عارية عن الصحة.

وفي قصيدة أخرى يضمن النيلي أحاديث الرسول (ص) المتعلقة بالشفاعة ومنها قوله (ص): (يشفع يوم القيامة الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء) (27)

وقوله (ص): (الشفعاء خمسة: القرآن، والرحم، والأمانة، ونبيّكم وأهل بيته) (28) فيقول:

ومحمــــــــــــدٌ يومَ القيامــةِ شافعٌ     للمؤمنيـــــــن وكلُّ عبدٍ مقـنتِ

وعليُّ والحسنـــــــــــانِ ابنـا فاطمٍ     للمؤمنين الفــــــائزين الشـيعةِ

وعليُّ زينُ العابديـــــــــــن وباقرٌ     علم التقى وجعفر هــــو منيتي

والكاظـم الميمون موسى والرضـا     علم الهدى عند النـوائب عُدّتي

ومحـمد الهــــادي إلى سبلِ الهدى     وعلى المهدي جعلت ذخـيرتي

والعسكريين الذيـــــــــــــن بحبهم     أرجو إذا أبصرتُ وجهَ الـحجَّةِ (29)

كما ويضمن النيلي حديث رد الشمس لعلي وهو حديث متفق عليه في مصادر الفريقين وقد رواه من أهل السنة الطبراني (30)، والهيثمي (31) والقندوزي (32) والموفق الخوارزمي (33) وابن حجر (34) وابن عساكر (35) والذهبي (36) والسخاوي (37) وسبط ابن الجوزي (38) والشوكاني (39) والمتقي الهندي (40) والحافظ السيوطي (41)، وغيرهم فإذا أراد الأصفهاني أن يتهم بالغلو من يقول بذلك فليتهم هؤلاء قبل اتهامه النيلي.

يقول النيلي:

فإن يكن آدم مـــن قبـــــل الورى     بنـــــــى وفي جنّة عدن دارُه

فان مولايَ عــــليــــــــاً ذا العلى     من قبلـــــــــه سـاطعة أنوارُه

تابَ عــــلى آدم مـن ذنـــــــــوبه     بخمسة وهـــــــــو بهم أجارُه

وان يكن نوحُ بنـــــــى سفـــــينة     تنجيــــه من سيل طمى تيّارُه

فان مولاي علياً ذا الـــــــــــعلى     سفينة يـــــــــنجو بها أنصارُه

وان يكون ذو النون ناجى حوته     في اليـــــــمِّ لما كظه حصارُه

ففي جلنرى للأنامِ عبــــــــــــرة     يعرفـــــــــها من دلَّـه اختيارُه

ردت له الشمـــــسُ بأرضِ بابلٍ     والليل قد تجلـــــــــلت أستارُه

وان يكن موســى رعى مجتهداً     عشراً إلى أن شفّـه انــــتظارُه

وسار بعد ضــــــــــــــرّه بأهله     حتى عـــــــلت بالواديين نارُه

فان مولاي علياً ذا العلــــــــــى     زوّجه واختــــــار مَن يختارُه

وان يكن عيسى له فضـــــــيلة     تدهش من أدهشــــــــه انبهارُه

من حملته أمه ما سجــــــــدت     للات بل شغلـــــــــها استغفارُه (42)

أما في حديث خيبر وقول رسول الله (ص): (لأعطينَّ الراية غداً رجُلا يحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله كرَّار غير فرَّار يفتح الله على يديه) فيقول النيلي:

فهزّها فاهتزَّ من حولِـــــهم     حصنــاً بنوه حجراً جلمدا

ثم دحا البــــــابَ على نبذةٍ     تمسح خمسين ذراعاً عددا

وعَبَّر الجيش عـلى راحته     حيــــدرة الطاهر لما وردا (43)

وفي حديث الغدير وتنصيب أمير المؤمنين للخلافة فيقول:

ألم تعلمــــــــوا أن النبي محمداً     بحيدرة أوصى ولم يسكن الــــــرمسا

وقال لهم والقوم في خُمّ حضّر     ويتلوا الذي فيه وقد همـــــــسوا همسا

علي وصيي بعد موتـــي وإنه     نصيري ومنّي مثل هارون مِـن موسى (44)

ويقول في حديث النبي (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها):

خصَّه الله بالعلـــوم فأضحى     وهو ينبىء بسرِّ كل ضميرِ

حافظ العلم عن أخيه عن الله     خبير عن اللطيـــف الخبيرِ (45)

وللنيلي أشعار أخرى في أغراض متعددة دلت على قوة شاعريته كما دلت على علمه الواسع في الأمور الفقهية والفلسفية والعقائدية ومنها رده على رجل يدعى يوسف أسطي عندما عرّض بالدين بقوله:

إذا اجتمع الناس في واحد     وخالفهم في الرضا واحدُ

فقد دلَّ إجماعـــــهم كلهم      على أنه عقــــــــــله فاسدُ

فأجابه النيلي بقوله:

ألا قل لمنْ قـــــــــــال في غيّه     وربـــــــــي على قوله شاهدُ

إذا اجتمــــع الناس فـــي واحدٍ     وخالفهم فـــــي الرضا واحدُ

كذبتَ وقولكَ غير الصحيــــح     وزغلك ينقـــــــــــــــدهُ الناقدُ

فقد أجمعت قوم موسى جميعاً     على العجلِ يا رجـسُ يا ماردُ

وداموا عكــــوفاً على عجلـهمْ     وهـــــــــــــارون منفردٌ فاردُ

فكان الكثير هم المخطئـــــون     وكان المصيـــــبُ هو الواحدُ (46)

...........................................................................

1 ــ ديوان سعيد بن مكي النيلي، جمع وتحقيق ودراسة: الدكتور عبد المجيد الإسداوي / أستاذ الأدب العربي القديم بكلية الآداب جامعة المنيا ــ مركز العلامة الحلي لإحياء تراث حوزة الحلة العلمية، العتبة الحسينية المقدسة، 1440 هـ / 2019 م سلسلة دواوين حلية محققة 15 ص 107 ــ 116

2 ــ أعيان الشيعة ج ٢ ص ٣٥٧

3 ــ أعيان الشيعة ج ٧ ص ٢٢٠

4 ــ مجالس المؤمنين ج 2 ص 570 ــ 571 

5 ــ إحقاق الحق ج ٣ ص ٧٥

6 ــ ريحانة الأدب ج ٤ ص ٢٦٤

7 ــ معجم الأدباء ج 3 ص 347

8 ــ مجلة الغري النجفية السنة الثامنة ص ٣٩

9 ــ أدب الطف ج 3 ص 174

10 ــ ديوانه ص 126 / الغدير ج 4 ص 395

11 ــ أدب الطف ج 3 ص 169 عن: معدن البكاء في مصيبة خامس آل العبا للبرغاني (مخطوط)

12 ــ معجم الأدباء ج 3 ص 347

13 ــ معالم العلماء ص 153 

14 ــ معجم الأدباء ج 3 ص 347

15 ــ أدب الطف ج 3 ص 171

16 ــ الغدير ج ٤ ص ٣٩٢

17 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج 1 ص 197

18 ــ مشاهير شعراء الشيعة رقم 402

19 ــ شذرات الذهب 4 ص 309

20 ــ الغدير ج ٤ ص ٣٩٢

21 ــ أدب الطف ج 3 ص 171

22 ــ ديوانه ص 125 ــ 127

23 ــ الحديث جاء مسنداً إلى كثير من الصحابة منهم: علي بن أبي طالب، الإمام الحسن السبط، أبو ذر الغفاري، سلمان الفارسي، جابر بن عبد الله الأنصاري، أبو الهيثم بن التيهان، حذيفة بن اليمان، أبو سعيد الخدري، خزيمة بن ثابت، زيد بن ثابت وغيرهم وقد رواه النسائي في سننه الحديث 8148 والطبراني في المعجم الكبير ج 5 ص 186 والترمذي في سننه الحديث 3876 والحاكم النيسابوري في المستدر ك ج 3 ص110 وأحمد في مسنده ج 4 ص371 وغيرهم

24 ــ رواه الخوارزمي في مقتل الحسين ج 1 ص 94 والآمدي في غاية المرام ص 35 حديث 22

25 ــ رواه ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة في معرفة الأئمة ج ١ ص ٥٧٦ والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج ٢ ص ٤٥٩

26 ــ ورد الحديث في تفسير فرات الكوفي ص 366 وتفسير نور الثقلين ج 5 ص 511

27 ــ رواه ابن ماجة في سننه حديث 316

28 ــ رواه المتقي الهندي في كنز العمال ج ٧ ص ٢١٤

29 ــ ديوانه ص 88

30 ــ المعجم الكبير ج 24 ص 147 رقم الحديث 19054

31 ــ مجمع الزوائد، كتاب علامات النبوة - باب حبس الشمس له (ص) ج 8 ص 297

32 ــ ينابيع المودة ج 1 ص 417

33 ــ مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ص 306

34 ــ فتح الباري شرح صحيح البخاري ص 256

35 ــ تاريخ دمشق في ترجمة علي (ع) ج 2 ص 283

36 ــ ميزان الإعتدال ج 2 ص 244

37 ــ المقاصد الحسنة ص 226

38 ــ تذكرة الخواص ص 287

39 ــ الفوائد المجموعة ص 118

40 ــ كنز العمال ج 12 ص 349 رقم الحديث 35353

41 ــ الخصائص الكبرى ج 2 ص 82

42 ــ ديوانه ص 95 ـــ 96

43 ــ نفس المصدر ص 90

44 ــ نفس المصدر ص 102

45 ــ نفس المصدر ص 93

46 ــ نفس المصدر ص 88

كما ترجم للنيلي:

ابن شهرآشوب / مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٥٢٤

فريد وجدي / دائرة المعارف الإسلامية ج 10 ص 440 

الزركلي / الأعلام ج 3 ص 83 

ابن شاكر الكتبي / فوات الوفيات ج 2 ص 50 ــ 51 

الصفدي / الوافي بالوفيات ج 15 ص 198 ــ 199 

الصفدي / نكت الهميان ص 157 

السيد حسن الصدر / تأسيس الشيعة لفنون الإسلام ص 124 

الشيخ عباس القمي / الكنى والألقاب ج 3 ص 229 

ابن العماد / خريدة القصر ج 4 ص 203

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار كاتب : محمد طاهر الصفار