824 ــ يحيى بن الحكم الأموي (توفي قبل 89 هـ / 699 م)

يحيى بن الحكم الأموي (توفي قبل 89 هـ / 699 م)

لهامٌ بجـنبِ (الطفِّ) أدنى قرابةً     من ابنِ زيادِ العبدِ ذي الحسبِ الوغلِ 

سميَّةُ أمسى نسلها عددَ الحصى     ولـــيسَ لآلِ المصطفى اليوم مِن نسلِ (1)

الشاعر

يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، كان عاملاً على المدينة لعبد الملك بن مروان (2)

وقد اختلف في عدد هذه الأبيات بين البيتين والثلاثة، وألفاظها ونسبتها. غير أن اتفاق المصادر المتقدمة على نسبتهما لمروان ترجح هذه النسبة (3)

وقد ورد في قصة هذين البيتين أنه لما أدخل رأس الإمام الحسين (عليه السلام) إلى مجلس يزيد تمثل يحيى بهما فضربه يزيد على صدره، وقال: اسكت لا أم لك‌. ثم قام فانصرف‌.

وروي أنه قال لمن جاء بالرؤوس والسبايا للشام: (حجبتم عن محمد يوم‌ القيامة. لن أجامعكم على أمر أبداً). (4)

يقول السيد جواد شبر في معنى هذين البيتين: (كان زياد ينسب لأبي عبيد: عبد بني علاج من بني ثقيف لأن سمية اتهمت به، وولدت زياداً على فراشه فكان يسمى الدعي وأشار إليه النسابة الكلبي بقوله:

فإن يكنِ الزمانُ جنى علينا      بقتلِ التركِ والموتِ الوحي

فقد قَتلَ الدعيُّ، وعبدُ كلبٍ      بأرضِ الـــطفِّ أولادَ النبيِّ

أراد بعبد كلب: يزيد لأن أمه ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها فولدت يزيد. وبالدعي: عبيد الله بن زياد. ولما سُئلت عائشة عن زياد لمن يدعى، قالت: هو ابن ابيه. وكان زياد يسمى: وليجة بني أمية، وفي اللغة، الوليجة: الرجل الذي يدخل في القوم وليس منهم. ولما استلحق معاوية بابي سفيان غضب لذلك بنو أمية لأنه أولج فيهم من ليس منهم، فقال عبد الرحمن بن الحكم:

أَلا أَبلِــــغ مُعاويَةَ بنَ حربٍ     مُغَلغَلَةً مِــنَ الرَجُلِ اليَماني

أَتَغضَبُ أَن يُقالَ أَبوكَ عَفٌّ     وَتَرضَى أَن يُقالَ أَبوكَ زانِ

فَأَشهدُ أَنَّ رِحــمَكَ مِن زيادٍ     كَرِحــمِ الفيلِ مِن وَلَدِ الأَتانِ

وَأَشهَدُ أَنَّها وَلَــــــدَت زِياداً     وَصَخـرٌ مِن سُمَيَّةَ غَيرُ دانِ) (5)

وهذه الأبيات تنسب ليزيد بن مفرغ الحميري الذي عُرف بكثرة هجائه للأمويين لكن أبا الفرج الأصفهاني ينسبها لعبد الرحمن ويقول: (والناس ينسبونها إلى ابن مفرِّغ لكثرة هجائه لزياد وذلك غلط) (6)

وعن يحيى بن الحكم يقول السيد محسن الأمين في ترجمة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب: (ويحيى هذا مع أنه أخو مروان وابن الحكم فقد كان له مواقف حسنة منها الموقف الذي نفع فيه الحسن بن الحسن عند عبد الملك وسعى في قضاء حاجته، ومن مواقفه المحمودة أنه لما ولي أخوه مروان الخلافة ــ وكان يلقب خيط باطل ــ أنشد يحيى:

لحا الله قوماً أمرُّوا خيطَ باطلٍ     على الناسِ يعطي ما يشاءُ ويمنعُ

ومنها أنه سأل أهل الكوفة الذين جاؤوا بالسبايا والرؤوس ما صنعتم فأخبروه فقال: (حُجبتم عن محمد (ص) يوم القيامة لن أُجامعكم على أمر أبداً.

ومنها أنه لما ادخل السبايا والرؤوس على يزيد كان عنده يحيى هذا فقال: لهام بجنب الطف أدنى قرابة ـ البيتان، فضرب يزيد في صدره وقال: أسكت، وفي رواية انه اسرَّ اليه وقال: سبحان الله في هذا الموضع ما يسعك السكوت). (7)

ويقول السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم في باب (إنكار بعض الصحابة على يزيد وابن زياد)

(ولا نعني بذلك الإنكارات الشخصية من بعض الصحابة على عبيد الله بن زياد وعلى يزيد حينما أخذا ينكتان رأس الإمام الحسين (ع) بالقضيب تشفياً منه، كزيد بن أرقم‌ وأبي برزة الأسلمي‌ وأنس بن مالك‌. إذ ربما كانوا يشعرون ببعض الحصانة لمركزهم الاجتماعي، ولأن السلطة كانت تتجمل بهم، فلا تقدم على قتلهم بعد أن لم يكن لإنكارهم مظهر على الصعيد العام.

بل اقتصرت على الإنكار عليهم أو على بعضهم بشدة، كقول عبيد الله بن زياد لزيد بن أرقم: (أبكى الله عينيك! فوالله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب‌ عقلك لضربت عنقك)، وأمر يزيد بإخراج أبي برزة الأسلمي سحباً.

ولا نعني أيضاً مثل إنكار يحيى بن الحكم، حيث قال حين أدخل الرأس الشريف إلى مجلس يزيد:

لهامٌ بجـنبِ (الطفِّ) أدنى قرابةً     من ابنِ زيادِ العبدِ ذي الحسبِ الوغلِ 

سميَّةُ أمسى نسلها عددَ الحصى     ولـــيسَ لآلِ المصطفى اليوم مِن نسلِ

فضربه يزيد على صدره، وقال: اسكت لا أم لك‌. ثم قام فانصرف‌، ولا قوله لمن جاء بالرؤوس والسبايا للشام: (حجبتم عن محمد يوم‌ القيامة. لن أجامعكم على أمر أبداً)

فإنه أيضاً كان يتمتع بحصانة النسب الأموي، ولم يكن لإنكاره مظهر على الصعيد العام). (8)

.........................................................

1 ــ تاريخ الطبري ج ٤ ص ٣٥٢ / لواعج الأشجان ص ٢٢٤ / أعيان الشيعة ج 1 ص 611 / البداية والنهاية ج 8 ص 162 / الكامل في التاريخ ج 4 ص 37 / فاجعة الطف: ابعادها، ثمراتها، توقيتها للسيد محمد سعيد الحكيم ج 1 ص 100/ مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 114 / سبيل المستبصرين لصلاح الدين الحسيني ص 254/ الاحتجاج ج 2ص 30 / مقتل الحسين للسيد المقرم ص 423 / حمص منذ الفتح العربي الإسلامي حتى نهاية العصر الأموي ص 339 ــ 340 / موسوعة آل بيت النبي ج 2 ص 345 للدكتور مجدي باسلوم والأستاذة سميرة مسكي / المرأة العظيمة للشيخ حسن الصفار ص 247 / مقتل أبي مخنف ص 213 / أدب الطف ج 1 ص 147 / مختصر تاريخ دمشق ج 27 ص 226 / الإرشاد ج ٢ ص ١٢٠ / حياة الإمام الحسين للقرشي ج 3 ص 375 / ديوان القرن الأول ج 2 ص 88 ــ 89. وقد نسب البيتان في هذه المصادر ليحيى بن الحكم

2 ــ تاريخ دمشق ج 64 ص 121

3 ــ نسبا في أمالي ابن الشجري ج 1 ص 213 / مقتل الحسين ج 2 ص 63 / مجمع الزوائد ج 9 ص 198 / المعجم الكبير ج 3 ص 116 / تاريخ دمشق ج 64 ص 123 / تاريخ الإسلام ج 5 ص 18 / الوافي بالوفيات ج 1 ص 623 / أنساب الأشراف ج 3 ص 421 / الأغاني ج 12 ص 71 نسبا لعبد الرحمن بن الحكم ، وفي مثير الأحزان ص 54 / تذكرة الخواص ص 262 للحسن البصري

4 ــ تاريخ الطبري ج 4 ص 356 / الكامل في التاريخ ج 4 ص 89 / البداية والنهاية ج 8 ص 213 / تاريخ دمشق ج 62 ص 85 في ترجمة نضلة بن عبيد.

5 ــ أدب الطف ج 1 ص 148

6 ــ الأغاني ج 13 ص 179

7 ــ أعيان الشيعة ج ٥ ص ٤٥

8 ــ فاجعة الطف: أبعادها، ثمراتها، توقيتها ج 1 ص 99 ــ 100

كاتب : محمد طاهر الصفار