قم كالحسين

وَقَفْتُ بِنَجدٍ وأطلالِها

وهِمتُ بأطرافِ آصالِها

وبَلَّ الثّرى من دَمي مَدمعي

ومِن سَحِّ عيني وتَهمالِها

فكم بالظّعائنِ جَدّ الرّحيلُ

وكانَ فؤادي بأحمالِها؟

يَتوقُ إليها بُعيدَ اللّقاءِ

إلى حِلِّها بعدَ تَرحالِها

فيا أيّها التّارِكِي للأسى

وخمرِ الأماني وجريالِها

متى العيسُ حَنّت فكيفَ المَسيرُ

إذا البيدُ عَنّت على بالِها؟

وما كنتُ لولا وفاءُ الضميرِ

لِأسألَ عنكَ وعن حالِها

وإنَّكَ تعلمُ جَدبَ السّنينِ

وتذكُرُ أيّامَ إمحالِها

سألتَ الحياةَ فهذي الحياةُ

أمامَكَ فاخضَع لأحوالِها

إذا رُمتَ خيرًا بها عادِها

وإن رُمتَ شرًّا بها والِها

بلى عند إدبارِها تنتهي

تمامًا كما عندَ إقبالِها

فقُمْ كالحسينِ ولا تَقعُدَنْ

أسيرًا بها قيدَ أغلالِها

تَنامُ على حبّها والِهًا

وتَصحو على حبّها والِها

فدَيتُكَ إنَّ الحياةَ الغَرورَ

لَتَعرِفُ أوجُهَ أنذالِها

فسَلْ عن يزيدٍ وعن فِسْقِهِ

وحَلْيِ القرودِ وسِربالِها 

وسَل عن معاويَةٍ بالشّآمِ

وشَروى النّفوسِ بأموالِها

وسَلْ عن أميّةَ عن فتنةٍ

فهل خَمَدَت بعدَ إشعالِها؟

وهل نَسِيَت هندُ كيفَ هَوَت

على أرضِ بدرٍ بإعوالِها؟

أرادت أميّةُ قتلَ الرّسولِ

ورَدَّ الخِلافَةِ عن آلِها

لقد صَدّقتهُ بأقوالِهِ

وقد كَذّبتهُ بأفعالِها

وجَرّت أميّةُ حربَ عليٍّ

وبِالمُجتبى سُمَّ آمالِها

وجَرَّت أميّةُ فَجعَ البتولِ

وإثكالَها بعد إثكالِها

وجَرَّت أميَّةُ هَتكَ الكساءِ

وذَبْحَ الحسينِ بأنصالِها

وقد دَرَتِ النّاسُ يومَ الطّفو

فِ مَن للحروبِ وأقيالِها؟

ومَن مِثلُ هاشِمَ تُدلي الأسودَ؟

و هاشِمُ أدرى بأشبالِها

لِ هاشِمَ يُنمى إباءُ الجدودِ

وحَسبُكَ إفضالُ أفضالِها

شاعر : احمد غالب سرحان