788 ــ أحمد عبد الصاحب (1366 ــ 1421 هـ / 1946 ــ 2020 م)

أحمد عبد الصاحب (1366 ــ 1421 هـ / 1946 ــ 2020 م)

قال من قصيدة (قمر رمضان) وهي في الإمام الحسن المجتبى (صلوات الله عليه) وتبلغ (31) بيتاً:

فتلظّى في (كـربلاءَ) عِناقٌ     كنتَ فيه السيفَ الذي كانَ أحرى

لبنيكَ اســـــــتطالةٌ واقتحامٌ     ونــــــــزولٌ أولى المكابرَ ظهرا

ليُداري وسطَ التجالُدِ شِسعاً     قد تســـــــامى فوق الأذلينَ قَدْرا (1)

وقال في قصيدة (بأيّ احتشادٍ ألتقيك؟) وهي في الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) وتبلغ (13) بيتاً:

دعا للتجلّي (كربلاءَ).. فـــــــــأشرقَتْ     بدعوتــــهِ في كل بادٍ وحاضرِ

وصارت هيَ الشمسُ التي في ضيائها     حياةُ البرايا والحقولِ النواضرِ

نطوفُ بها في كلّ عامٍ بكـــــــــــــعبةٍ     ونـــــــرتعُ فيها كلّ يومٍ بِزاهِرِ  

وقال من قصيدة (مولد الضوء) وهي بمناسبة ميلاد الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وتبلغ (29) بيتاً:

يا (كربلاءُ) لـــــقاؤنا قدرٌ مشتْ     في ركبهِ ترنيمةُ الوجدانِ

وتجمّعتْ في أولِ الـــسطرِ الذي     بـدأتْ به همجيةُ الطغيانِ

واستوعبتْ حقّ الذينَ استشهِدوا     مـن أجلِ إنسانيةِ الإنسانِ

ومنها:

يا (كربلاءُ) لقاؤنا في حضرةِ الـ     ـهادي الــحبيبِ وقد نما الحسنانِ

غصنيـــنِ في دنيا الرسالةِ أورقا     نهرَيْ مروءاتٍ.. وروضَ حنانِ

أفلا تضــــــيئينَ الشموعَ لجاعلٍ     دَفَـــــــقَ الحياةِ مباركَ الجريانِ؟

ومنها:

يا (كربلاءُ).. إليكِ دعوةُ عاشقٍ     هذي مـــــــــــــروجي.. هذه غزلاني

أوصالُ تشـــــــكيليّةٍ.. أعـطيتُها     عصبي وعمري.. واضطرابَ جَناني

تتحدَّثُ الأجرافُ عــــــن رَبّانةٍ     معزوفتي منها.. وصــــــــوتُ كَماني

وقال من قصيدة (سراج في تخوم المعنى) وهي في أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه) وتبلغ (19) بيتاً:

يا سيــــــدي في (كربلاءَ) جِبِلَّةٌ     من صنعِ نفسي همّةً وشمائلا

أعطيتُها معنى صلاتي والهوى     ولــــهيبَ أعماقٍ مُلِئنَ زلازلا

فَمُجَرّدُ اســمِكَ يا حسينُ عوالمٌ     تهـــــبُ الأمانَ لنا نعيماً ماثلا

الشاعر

أحمد بن عبد الصاحب، ولد في الناصرية وهو خريج دار المعلمين سنة (١٩٦٤) وعضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، له العديد من المجاميع المطبوعة منها: (الذين آمنت بهم)، (بأي احتشاد ألتقيك؟)، (هلات خريفية)، (عقائل بني الأزرق)، وله مجموعة دراسات نقدية بعنوان (المنطق الحتمي للإبداع)

شعره

قال من قصيدة (سرُّ الله) وهي في الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) وتبلغ (31) بيتاً:

من قاتلٍ أقتـــصُّ أم من مُرْجـــفِ؟     وهواكَ يُغـــــريني بِمسخٍ مُسرٍفِ

يُـــخفي حقيـــقةَ ساعديكَ وَلِـــلمدى     من ســـــــاعـديكَ حقيقةٌ لا تخْتَفي

فلديــــكَ مِـــشكاةٌ مُسَنَّمـــةُ.. جرَتْ     بالبيِّنــــاتِ.. وأرْسَتِ النبأ الصفي

في الســـاجدينَ تقلَّبتْ بــكَ ومضةٌ     ما أُطـــــفئتْ بدجى سلوكٍ مؤسِفِ

إذ أنتَ ســـــــــــرٌّ سرمــديٌّ سابحٌ     بــالنورِ.. دون بني الظلامِ الأكثفِ

بُدِئتْ بـــك الدنيـــــا لِــيختمَها فتىً     من طهرِ صلبكَ.. بابتسامةِ مُسعِفِ

إنّي أعـــوذُ بناظـــــــريْكَ.. وأتّقي     من مشيِ همّــــــازٍ.. وَكَيْلِ مُطَفِّفِ

وأقـــولُ يا أمني.. وعرشَ مـودّتي     يا أصلَ إيماني.. وســـــــرَّ تزلُّفي

أحـــــيَيْتَ؟ أم أفنَيْتَ بذرةَ شـــاعرٍ     وبلوتَ؟ أم حالفْتَ قدرةَ مُنْــــصِفِ

ومُروّضُ الأبيــــاتِ فيكَ أمُـــفلحٌ؟     هُوَ؟ أو منَضِّدُ باقةٍ من أحـــــرُفِ؟

لمْ تحْوِ من مَدَياتِها غيرَ الـــصدى     وســــــــــوى عنـاءٍ مُستعادٍ أجْوَفِ

لا ريبَ أنّكَ سائــــقُ الـــمددِ الذي     مِمّا بنا مـــــــــــــن غوثِهِ لا نكتفي

أأقولُ فيكَ قصيدةً قــــــــــــد قالَها     قبلي جهابذةُ البيـــــــــانِ الأشرفِ؟

أسعى بأبحُرهِنَّ مُـــــنخلِعَ الرؤى     والـــــــــعَوْمُ يُبدي لي عظيمُ تخَلُّفي

لكنَّ في عــــــــمقِ الجراحِ تشوُّقاً     لِعبيرِ كــــــــــفّكَ.. يا مُجيرَ تخوّفي

ومُــــــــسدّدي لِصوابِها.. وحداثةٍ     أرجو بها أن تـــــــــستجيبَ لِموقفي

فَخروقُ أطماري.. وحيرةُ دمعتي     وذخـــــــــــــائرٌ.. أخفيتُهُنَّ بمُتحفي

تـــــــــستَلُّني.. وتلوّنُ الأفقَ الذي     نجواكَ فيهِ أشـــــــــــــعّةٌ لا تـنطفي

يا دافعـــي شمساً مُكرّمةَ الضحى     ومُعزَّ أيامي بِفضلةِ مِــــــــــــطرفي

لمْ تأتِ كـــي تُدْعى عظيماً.. إنّما     لتُزيحَ غائلةَ اللئيـــــــــــــمِ المُجْحِفِ

فَصدعْتَ.. والـدنيا إليكَ تعرّضتْ     بالمغريـاتِ الـــحمرِ دونَ الـمُصحفِ

ولقد أحبّوا لو تـــــــــداهنُهم.. فما     ركَنتْ سـريرةُ ثــــــــابتٍ لـم يُحرَفِ

يا منّةً الله الكريم.. ورحـــــــــــمةً     للعــــــــــــــــــالمينَ بلا عِثارِ تكلُّفِ

إنـــــــــي غداً آتيكَ فرداً.. واللظى     مرصادُ كلِّ مُشـــــــــــكّكٍ ومُسوّفِ

وأنا الــــــذي لي فيكَ يا كلَّ المنى     وبـــــــــــــــــآلكَ الأبرارِ كلُّ مُفوّفِ

أختارُ مــــــــن دنيا ضيائكَ نغمتي     لأثيرَ كلّ مُفكِّـــــــــــــــــــرٍ وَمُثقّفِ

بحقائقٍ لولاكَ مـــــــــا لبستْ حُلى     كلماتِها وكــــــــــــــــمالِها المُتلطّفِ

وقصيدتي إن لم أكــــــنْ زَخرفْتُها     فرجاءُ صدقٍ عذابـــــها هو زُخرُفي

يا فجرَ سيّدة الرحيــــلِ.. ويا هدى     سفّانها.. بتعلُّقٍ وتشــــــــــــــــــوّفِ

يا من صفاتُ عُلاهُ لـــــسنَ بحاجة     لثناء مثلي.. بـــــــــــل علاهُ مُشرِّفي

إقبلْ قليلاً جاء حــــــــقلَكَ ضارعاً     يا من بمــا أهدي وما أُلـــــــقي حَفِيّ

قال من قصيدة (زورق على ضفة البكاء) وهي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وتبلغ (37) بيتاً:

كمْ تَشظيْتْ في فضاءِ اغْــــــــــــترابي      وَتَـــــجَمَّعْتُ فـي قرارِ عـذابي

لأنادي بِـــــــــــــــــــــأدمعٍ.. واحْتراقٍ      في خِضَمِّ السجـودِ والاقتـرابِ

يا عليَّ القِيــــــــــــــــــــامِ.. والليلُ مَدٌّ      عندَ مَـجْلى الآيـاتِ والإنْجـذابِ

جئتُكَ اليومَ.. سائقي وجــــــــــــدُ قلبي      وانحيـــــــازي لِـهَدْيِكَ الوهّـابِ

قائلاً: فيكَ يا عـــــــــــــــليُّ حضوري      فَلْيَكُنْ في سِــــوى دُناكَ غِيـابي

سيدي خَـــــــضِّبِ الرؤى في شعوري      واسْكُبِ الفجرَ في فجاجِ كـتابي

وَابْعثِ السهْدَ صاحباً يَتَحَــــــــــــــرّى     عِلَّةَ الحُزْنِ في غضونِ ضبابي

لِيُديمَ البكاءَ في قُـــــــــــــــدْسِ صمتي      ويُضيءَ الشمــوعَ في محرابي

يا فتاها.. وشـــــــــــيخَها.. يومَ جاءتْ      بانْطِفاءٍ.. وَجِئتَـــــــها بالشِّهابِ

أنت معنى انْتمائنا.. والـــــــــــــتسامي      عندَ إسْفافِ هذه الأعْــــــــرابِ

يا عليَّ الأشـــــــــــــواطِ.. الفوزُ سَبْقٌ      نحوَ مــــوتٍ مُحَقَّقٍ.. وَضِرابِ

يا عليَّ العفْوِ المُعيــــــــــــــــــــدِ حياةً      لِسقيمٍ في ســــــــــــعْيِهِ.. كَذّابِ

يا عليَّ العــــــــــــــفافِ.. يَعْطفُ بأساً      عنْ مُبيحٍ لِسَوْءةٍ.. مُــــــــرْتابِ

يا علياً في كلّ ما نَدَّ عـــــــــــــــــــــنهُ      مِنْ مَعانٍ تَـــــــــمَتّعَتْ بالشبابِ

وأطَلَّتْ علــــــــــــــــــى العصورِ نقاءً      يَتَحَدّى فرائدَ الأحْــــــــــــــقابِ

قُلْ لِـــــــــــــصَوْتي يُبْقـي الْفَوارِزَ حَيْر      وَرُموزَ التَّـــــرْقيمِ دونَ حِجابِ

وابْتَعِدْ في سفائنـــــــــــــــــــي نَحْوَ لُجٍّ      يَتَقَرّى انْدِهاشَةَ الأخــــــــــشابِ

مُـــــــــــــــــــــــخْبِراً أُمْنياتِها أنَّ فجراً      مُسْتَـــــــــــجِدّا يَهْتَزُّ بالأعشابِ

سوفَ يأتي مُبارَكاً وَسْــــــــــــــطَ موجٍ      مِنْ وفودِ الـــــتسبيحِ والإنكِبابِ

مازِجاً في قـــــــــــــــــــنوتِهِ كـلّ شوقٍ      مُدهشٍ في صــــــــفائه الـخلّابِ

ســــــــــــــــيدي يا أبا الأئمَّةِ.. سِـرْ بي      لِزمانٍ بلا دُجىً وضـــــــــــبابِ

واخْتَصِرْنــي في همسةِ الـــصبحِ قَطْراً      مــن ندىً في عرائشِ الأعـــنابِ

وَحَــــــــــــــــــنيناً لَدى المساءِ.. إذا ما      ســـــــــالَ ماءً في دورةِ الدولابِ

فأنا المُنشدُ الــــــــــــــــــــــذي عــرفَتْهُ      ضِفَّةُ الشعرِ والــهوى والـخوابي

وأنا المــــــــــــــــنشدُ الذي ما احْــتَوَتْهُ      سقطاتُ الجحودِ باسْتقطـــــــــابِ

لِيَقيني بأنني لَسْــــــــــــــــــــــــــتُ إلّا      عَلَوِيّ الأبْــــــــــــــعادِ والأسْبابِ

أنت صوتي إذا الصدى صــــارِ صوْتاً      لِسِوى مَجْدِكَ الــــــــذي هو بابي

سيدي أنت لـــــــــــــــــــلذي حاصَرَتْهُ      خاطراتٌ.. ورُؤيةُ اسْـــــــتغرابِ

نهرُ وَجْدٍ.. وخفقُ ضــــــــوءٍ.. وعطرٌ      ونُصُولٌ ما أسْلَــــــــــسَتْ لِقِرابِ

وضراعاتُ تائبٍ.. واتقــــــــــــــــــــادٌ      وابتهالٌ.. وســـجدةٌ فـــــي الترابِ

سيدي.. كيف صُــــــحْبَةُ السيفِ كـانتْ      لِفَريدٍ مُـــــــــــــــــسْتَوْثِقٍ غَلّابِ؟

وهل الشعرُ قد أحـــــــــــــــاطَ بِوَصْفٍ      لِغَنِيٍّ جدواهُ مِـــــــــــــــلءُ إهابي

ألْفُ لا.. ثُمَّ ألْفُ لا.. يا جَـــــــــــــديراً     بِعِتابي.. فلا تُطِلْ فـــــــــي عِتابي

ما أنا اليومَ سيــــــــــــــدي غَيْرُ حَرْفٍ      جَرَفَتْهُ عواصِـــفُ الإصــــطخابِ

فرأى أنّ عـــــــــــــــــــــيشَهُ في ولاءٍ      ورأى أن أمْـــــــــــــــنَهُ في رِكابِ

فأتى البيتَ راجياً كـــــــــــــــــــلَّ عَفْوٍ      آمِناً فيه زجرةَ الحُـــــــــــــــــجّابِ

مُوقناً أن عَيْـــــــــــــــــــنَهُ سوْفَ تغفو      بِسَلامٍ مِنْ غِـــــــــــــلْظةٍ واحْتِرابِ

وقال من قصيدة (قديس البيت) وهي في مولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتبلغ (35) بيتاً:

ليلةٌ تلكَ فذّةٌ في الـــــــــــــــــليالي     حقَّ فيها لنجــــــمِها أن يُلالي

ويبـــــــــــــــــــــاهي لمرّةٍ بضياءٍ     وبزوغٍ مـــا مثلُهُ في الأعالي

يومَ جاءتْ تقبّلُ الـــــــــركنَ لهفى     حرّةٌ تخــــطَفُ المدى بانتقالِ

والسجايا من آلِهـــــــــــــــا تتجلّى     بِـــــــــحَياءٍ.. وعفّةٍ.. وَجلالِ

ايُّ أمرٍ يحـــــــدو بها؟ أيُّ غـيبٍ      من وراء المجيء والاعتزالِ؟

أيُّ وهْنٍ مــــشى بها وهيَ تذوي     مــثــــلَ غصنٍ.. نقيّةُ الأذيالِ؟

لحظةٌ ثمّ تختفي خلفَ ستــــــــــرٍ     بشــرودٍ.. وحـــيرةٍ.. وانذهالِ

تطلُبُ الرِّدْءَ في قداســــــــة بيتٍ     عن عــيونِ الأعمامِ والأخوالِ

واسْتمعْ أنتَ للـــــــــحسيسِ خفِيّاً     وأنـــــــــــــــينٍ مغلّفٍ بابتهالِ

وصُــــــــــــــــراخٍ مُخالطٍ لبكاءٍ     من ســحيقِ الـقرارِ دونَ ظلالِ

وتنادى وســــــــــطَ الفِناءِ رجالٌ     مـــــــــا دَهاها سليلةُ الأبطالِ؟

فــــــــــــــأجابتْ سؤالهم بطلوعٍ     شاحـــبِ الضوء خافقٍ بالهُزالِ

يحملُ الشمسَ والضـحى والمُحَيّا     ومزايــا لم تنتــــــــــسبْ لمِثال

وَحــــــبَتهُ من زهـوها اسمَ أبيها     أسدٍ فــخرُ هــــاشـمٍ في الرجالِ

لكنِ الطـــــــودُ شـيخُهُ قالِ مهلاً     ذا علــــــــــــيٌّ.. مُـحقّقُ الآمالِ

ذا عليٌّ لرايةٍ وَحــــــــــــــــسامٍ     وكتـــــــابٍ.. وصُـحبةٍ.. وَنِزالِ

وقضاءٍ تـــــــــنزّهتْ فيهِ فتوى     عـــــن تــجاعيدِ شـهوةٍ واختلالِ

ومضى الركبُ والدروبُ حبيبٌ     وربيبٌ.. مُــتمّمٌ لا يُـــــــــــبالي

مصطفاهُ ومرتضاهُ أشــــــــارا     للعـوادي أن تـــــــنزوي بانخذالِ

للذي كانَ لا حــــــــــسامَ سواهُ     فـــــي نزالٍ أو غــزوةٍ أو صِيالِ

سيّدَ اللفظ هكذا كلُّ صـــــوغي      والـتقاطي لهاجــسي.. واشـتعالي

ســــــــفرةٌ وَسْـطَ لُجةٍ وانقِذافٌ     في جـــــــحيمِ الآلامِ.. والاقـتتالِ

سيّدَ البُـــــــــــعدِ والمآلُ غزيرٌ     بعدَ تجديفِ شـــــــــــاعرٍ مُنـثالِ

كم من الكون يقنصُ الآنَ سطرٌ     لِيؤدّي لقـــــــــــــــــائدٍ مِرقـالِ؟

حقّ كفٍّ مبــــــرورةٍ.. أيْمَنـتها     دَعَواتٌ.. لمْ تُتّهمْ بافــــــــــتـعالِ

قمرٌ خلفَ نُدفَةٍ مـــــــــن غـيومٍ     لمْ تُضيّعْهُ حــــــــــيرةُ الأسـمالِ

مُشرقٌ أدهشَ الحقيقـةَ ضـــوءاً     وهْوَ يسمو حقيقةً بـــــــــاعتـدالِ

فـــــــــتلةٌ عندَ ساعدٍ واحْـوِرارٌ     عــــــند عيْنِ.. وَنُدرةٌ في النوالِ

وَنزوعٌ عـــلى الجبينِ مضـيءٌ     نزعَ الـــــــــــشعرَ فجرُهُ فَبَدا لي

سُبُحاتٍ لمْ تُــــــــــخترقْ بَـنفاذٍ     أو بطــــــرفٍ لعاشقٍ ذي انفعالِ

قيلَ إبــــــريقُ فضّةٍ عُنقُ ندبٍ     والثنايا في ثــــــــــــغرِهِ كاللالي

يا شموعَ الـميلاد حسْبُكِ وحْياً     وَشْيُهُ فوقَ قدرتي واحْــــــــتمالي

روضةُ الحبّ والثـناء أضاءتْ     بِعليٍّ.. فـــــــــــــحاولي ايصالي

لِتعاويذِ قُبّــــــــــــةٍ.. نَصَرَتني     برؤاها.. وأبرقتْ لـــــــــــخيالي

زغرداتٍ كــــــــأنّها صَدَحاتٌ     عــــــــــــــــانقها عوالمُ الأطفالِ

وقال من قصيدة (صمت في حرم الجلال) وهي في الإمام علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) وتبلغ (28) بيتاً:

أوقِفْ حصانَكَ أيُّها الخــــــــــــيّالُ     فـــــــــلقد رمـى إزميلَهُ المثالُ

وَتمَنّعَتْ تلكَ التضــــــاريسُ الـتي     سَجَدَتْ لها الخـطراتُ والآمالُ

خبَّيتهُ .. فـــــــــــبكى لوهْنِ يمـينهِ     وَتأفّفَ الــصُّـوّانُ والصلصالُ

وأجـــــابهُ القدسُ الرفيعُ دعِ المُنى     واقعدْ فلا رؤيــــــا ولا تـمثالُ

فَرجَعْتُ أشربُ سيّدي من غُصّتي     وعلمتُ أنَّ مَـداكَ لـــيسَ يُنالُ

فالأدهمُ المُــــــــــــختالُ تحتكَ آيةٌ     بــــــــــتمامِها تتــوزّعُ الآجالُ

هذا الجَمـوحُ وذلك الـــسيفُ الذي     ما اسْتُـــــلَّ إلّا أنـزلِـتْ أهوالُ

بِمَ أتقيهِ لـكي أُتمَّ خجــــــــــــــولةً     دمعي علــــــى حـافاتِـها سيّالُ

من للقــوافــــــي أن تفوزَ بوصفهِ     أوَ تدّعي بإحــــــــاطـةٍ أقوالُ؟

إنَّ اعتــلاجَ الـصّدرِ هولٌ جارفٌ     والهاجساتُ عظائــــــــمٌ أثقالُ

فإذا بــثقتَ لَهُ رضـــــاكَ تقشَّعتْ     سحبُ التلـــــعثمِ واستقـامَ مقالُ

أمْــــدُدْ أبا السبطينِ كفَّ مُصـافحٍ     لغريبةٍ إمعانُــــــــــــــــها قتالُ

ضمّتكَ مشجوجَ الجبينِ مضـرّجاً     بدمٍ كضوءٍ مالَهُ اضمـــــحلالُ

شفقٌ سخيٌّ بــــــالفيوضِ.. مُـتمِّمٌ     نِـــــــعَماً.. بألوانِ المُـنى تنثالُ

والأدعجانِ هناكَ لـــــم يُطفِئـهُما     تــــرْبٌ. ولم يأفلْ هنـاك جلالُ

وكأنَّ حدّي ذي الفقــــار وغمـدَهُ     قاما فــــــــــقالا: ربُّـنا الصقّالُ

وكأنَّ قرصَيْكَ اللذينِ تــــــــأدّما     بالملحِ بالمـــاءِ الـقراحٍ.. غِلالُ

تنفي مجاعاتِ النفوسِ وتـزدري      جشَعاً هو الإفـــلاسُ والأغلالُ

بارِكْ عليٌّ مـــــــــا أسيلُ فـإنني     إنْ لمْ تُباركْ صَدحـتي.. مُغتالُ

مِمّا قدحْتَ بمسْمَعــــيَّ عــجائبٌ     دخلتْ على ليلـــــي فجُنَّ الـبالُ

هدّارةُ الـــــــــحقِّ الـذي حُــمِّلْتَهُ     فنهضتَ فيهِ .. فلم يَغِبْ مِثقـالُ

يتوشّحُ التاريخُ مـــــنهُ بأخــضرٍ     أردانُهُ ضوّعْنَ .. والأذيــــــالُ

والـــعسجدُ الصافي الذي طلّقتهُ     وهُـــوَ الذي عـبدتْ سناهُ رِجالُ

يسمو بــــشخصِكَ مَأمناً ومثابةً      تأوي إلــــــــــى أفيائها الأجيالُ

والقُبّة الــــــــــزهراءُ فيهِ كأنّها     شمسٌ.. تـــــــموّجَ تحتها شلّالُ

العينُ والقلبُ اسْــتماحا وهجَها      عذراً وغادرَ صــــــوتهُ الموّالُ

أنا صامتٌ والعاطـفاتُ نواطقٌ     في داخلي مهما طـغى الإجزالُ

إن لم أوفقْ لاستجــــابةِ سامقٍ     فالصمتُ فخرٌ والذهــــولُ منالُ 

وقال من قصيدة (قمر رمضان)

الـــــــمعاني والإستعاراتُ حـــــــيرى     في ليالٍ بعطرِ ضوئـــكَ سكرى

رمضانُ الوحيِ المُرتِّلِ يـــــــــــروي     وهُيامي يردِّدُ الــــــوحـيَ ذكرى

يا حبيباً رغمَ البعــــــــــــــــــــادِ أراهُ     ويراني.. وبـــــيننا الرسْلُ تترى

أمسُكَ العذبُ فـــــــــــي عوالمِ حُلمي     باسمٌ لا يرى المدى غيرَ بشــرى

مُعلناً عن حــــــــــضورِهِ في ضـميرٍ     ومضيئاً في مهجةٍ تتقـــــــــــرّى

أنـت ســـــــيفــي.. وغيظُ قلبيَ يُـلغي     كلَّ مسخٍ.. أمامَهُ قــــــــد تـعرّى

والـــــــندى أنت حين يُحرقُ روحـي     جاحدٌ صفّدَ الـــــــــرؤى وأضرّا

الـــــــــمسمّى بالحُسْنِ أنـــــــتَ بأمرٍ      لَدُنِيٍّ.. أتــــــــــتْ بهِ الآيُ فجرا

لوليدٍ.. وســــــــــــــــــــــــيّدٍ.. وإمامٍ     وخــــــــــــصيمٍ لفاسقٍ زادَ كُفرا

هوَ ريحانةُ الرياحينِ لــــــــــــــــــمّا     درجَ النورُ في خُطاهُ.. فـــــــمرّا

يتهادى عزّا بـــــــــــــــــلا أيّ زهوٍ     واختيالٍ.. في مشرقٍ.. ما اكفهرّا

أيُّ صبرٍ يا سيدي كـــــــــــان يسمو     بكَ لمّا تمــــــــــــــيّزَ البغيُ شرّا

انّهُ القرحُ في قَرارِ قـــــــصــــــيدي     وقــــــــــصيدي تـمرّدٌ ما استقرّا

أمرتني قــــــــوافـــــــلٌ منكَ جاءتْ     تحملُ الشمسَ آيـةً .. والـــــمجرّا

من ترابٍ لــــــــهُ أريـــــــــــدَ خفاءٌ     وغيابٌ .. لكنّ وجـــــــهكَ أسرى

لِمجالــــــــي مــــــــــــــحمّدٍ وعـليٍّ     والــــــحسينَ الذي بــزندِكَ أوْرى

فــــــــتلظّى في كربلاءَ عـــــــــناقٌ     كنتَ فيه السيفَ الذي كـانَ أحرى

لبنيكَ استـــــــــــطالةٌ واقتحــــــــامٌ     ونزولٌ أولـــــــــى المكابــرَ ظهرا

ليُداري وسطَ التــــجالُدِ شِــــــــسعاً     قد تسامى فوق الأذلــــــــيــنَ قَدْرا

أمرتني يا سيدي مـــنكَ بيــــــــضٌ     من أيادٍ ان أحملَ الكونَ شـــــــعرا

وأذيبَ الافاقَ رنّةَ حــــــــــــــــزنٍ     وســـــــــرورٍ في ليلةٍ هــي أدرى

بالذي في سمــــــــــــائها من نسيمٍ     ووسيمٍ يصـــــــــافحُ الفجــرَ عطرا

قمرانِ اســــــــــتدعاهُما رمـضانٌ     لِـــــــــــيُنيرا في ليلة النصفٍ دهرا

أنتَ والبدرُ .. يا عــــــــيونَ عليّ     والبتولِ الــــــــــــتي تلتْ فيكَ أمرا

حفظ السرَّ حـــــــينَ زُلزلَ صرحٌ     ويقينٌ كادت به النــــــــــاسُ تغرى

فلمن يا مُساوري تتمــــــــــــــادى     بــــــــــــــــــضلالٍ جعلْتهُ لكَ قبرا

أبِسبط النبيّ جئــــــــــــتَ تُماري     وهْو سيفٌ بغمــــــــــــــــدهِ ما أقرّا

وهْوَ زحفٌ علــــــى اللئـيمِ عظيمٌ     ومــــــــــــــميتٌ لولا التصدُّعُ كَرّا

وهوَ حبـــــــــــــلٌ إلى تمـامِ أمورٍ     تَصِلُ البدءَ بـــــــــالختامِ.. لأخرى

تــــــــــــتجلى بعصمةٍ واعتصامٍ     بإمامٍ من عصرهِ مــــــــــــدَّ عُصْرا

هكذا اللطفُ فافهمِ القصدَ واذهبْ      مُستنيراً واستوعِبِ الوحــــــيَ فِكرا 

وقال من قصيدة (بأيّ احتشادٍ ألتقيك؟) وهي في سيد الشهداء ورمز الإباء الإمام أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)  

أغازِلُ قلبي.. أم أعانقُ خاطـــــــــــري     بِدَهشــــــةِ رسّامٍ .. وَحُرْقَةِ شاعِرِ

أمِ الغيظُ اُرضي بالتّذمّـــــــــــــرِ جَمْرَهُ     فأغْـــرِزُ في دنيا الفراغِ أظافري؟

واُمْعِنُ في شتمِ الـــــــــحوادثِ.. مُحْرِقاً     تفاصيلَها.. في غُصَّتي وَهَواجري

فَيا بْنَ فـــــــــــــتى أهوالِها.. أيّ مِدْحَةٍ     تُجيرُ احْتــــراقي أو تُغيثُ قياثري

ويا نَهْلَةَ الماءِ الذي مـــــــــــــــن فُراتِهِ     تُرَوّى مسافـــاتِ الحديثِ المُسامِرِ

بأيّ احْــــــــــــــــــتِشادٍ ألْتَقيكَ.. فألتقي     برفّافةٍ تختالُ فـــــــــــــوقَ المنابرِ

أصافحُ أنفاسَ النـــــــــــــــــــــبيّ وآلَهُ     وأشلاءَ صَحْبٍ مُغْدِقــــــاتِ التناثُرِ

تبارَتْ لِصَدّ الـــــــــعادياتِ عن الهُدى     ببأسٍ كَمِيٍّ .. وانْتدابِ مُنـــــــاصِرِ

أقولُ لها: هذا الحسينُ قـــــــــــــصيدةٌ     وســــــيفٌ كريمٌ في اليمينِ المُبادِرِ

وَوَردةُ جوريٍّ.. عــــــــلى جبهةِ الذي     يؤرِّخُ لــــــــــــلأقمارِ فخْرَ الدفاتِرِ

دعا للتجلّــــــــــــي كربلاءَ.. فأشرقَتْ     بدعوتهِ في كل بـــــــــــادٍ وحاضرِ

وصارت هي الشمسُ التي في ضيائها     حياةُ البرايا والحقولِ النــــــــواضرِ

نـــــــــــــطوفُ بها في كلّ عامٍ بكعبةٍ     ونـــــــــــــــرتعُ فيها كلّ يومٍ بِزاهِرِ  

وقال من قصيدة (من وحي نهج البلاغة) وهي مما أوحاه نهج البلاغة السفر الخالد لأمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتبلغ (27) بيتاً:

كيفَ أبني قصـــيدتي؟ كيف أدْخُلْ     وسمـــــاواتُ وَحْيِكَ اليومَ أجمَلْ

كلُّ سَطْـــــــــرٍ فـي دَفَّتَيْكَ ارتحالٌ     من تقَصّــــي ما يَقْتَضي أتَوَجّلْ

كـــــــــنتَ قَوْلاً في الغابِرينَ ثقيلاً     لا يُــــــؤدّى.. وقولُكَ اليومَ أثْقَلْ

يا سراجاً من صفحة الشمسِ أنقى     وَغَنِيّاً من دَوْرَةِ الـــــــبَدْرِ أكْمَلْ

أإذا قُلْتُ في صِفاتــــــــــــكَ شَيْئاً     كنتُ صَـــــوْتاً في سَعْيِهِ يَتَطَفَّلْ؟

أمْ إذا جئتُ.. قُلْتَ لي: بـــكَ أهـلاً     أرِحِ الـــــنفسَ ها هُنـا.. وتأمَّلْ؟

أيها النهجُ.. أيها الوهجُ.. أرْجِـــعْ     أوْجَ قلبي.. فَنَشْوَتي لا تُـــــؤجَّلْ

وَدَعِ النــــبضَ ريثما العِتْقُ يطفو     فَوْقَ أمواجِ دافِقٍ يَــــــــــــتَوَسَّلْ

لِأُصلّي بعــــــــــدَ البزوغِ قضاءً     لا أداءً.. لِــــــــــمُحْكَمٍ وَمُفَـصَّلْ

فلقد نِمْتُ عن أداء صـــــــــلاتي     عند بدءِ الفَجْرِ الذي كان أجــملْ

وتناســـــــــــيتُ حقَّهُ في احْتشادٍ     رُحْتُ من جَــرْسِ وَحْيِهِ أتــزَمَّلْ

أيها النهجُ كــــــــمْ بِحَقِّكَ أجـري     نحْوَ بَدْئي.. وكــمْ دمي يَتَـشكَّلْ؟

كم من النجمِ ينتمــــــي لِرَحـيلي     وَرَحيلي عوالمٌ تَــتَمَـــــــــــلْمَلْ؟

كيفَ يا أيَّها الأمـيرُ أغــــــــــنّي     بنشيدٍ مُخَضَّبِ الـــــلحنِ مُـرْسَلْ

في مَقاصيـــــــــرِ شاهِقٍ زَيَّنَتْها     قُدرةٌ.. خلفَــــــــها الــسنا يَتَـسَلَّلْ

أيها النهجُ أيها النـــــفْثُ.. أيْقِظْ     جُـــــــــــــمَلاً في دمائنــا تَتَرَجَّلْ

لِتُنَقّي مِزاجَنا من زمـــــــــــانٍ     فَوْضَـوِيٍّ.. بـه التـــــــطَلُّــعُ يُقْتَلْ

فيكَ للحمدِ نـــــــاهِجٌ مُسْتَفيضٌ     يَتَجَلّـي.. وَعَـــــــيْنُهُ عــينُ أجْدَلْ

يُحْجِمُ الطيشُ والـــــتسكُّعُ عمّا     في يديــــــهِ.. فَيَلْتَوي، ثُــمَّ يَرْحَلْ

أيها الزادُ.. والمســـــافةُ أقْسى     مــــــــــن مَمَرّاتِ خاطــرٍ يَتَخَيَّلْ

ألِعَيْنٍ نَضّاخةٍ أم مَصــــــــيفٍ     عندَ سَفْـحٍ.. أمْ سهرةٍ عندَ جــدوَلْ

مَــــنْ تُراهُ يُكَثِّفُ القَصْدَ شَكْلاً     عُـــمْرُهُ مِنْ عَقارِبِ الكوْنِ أطْوَلْ

يا قُـــطُوفاً من خُطْبةٍ قَبْلَ عَهْدٍ     في أخـــــــــــــاديدِ حِكْمَةٍ تَتَأصَّلْ

انقلينــــي من ضيقِ ما أنا فيهِ     وابعثيني قصيـــــــــــــــدةً تَتَوَغَّلْ

واكْفِلينــي.. فأنتِ قتْلُ ضبابي     وعذابي.. وخيرُ مَنْ يَتَكَــــــــــفَّلْ

أيّها النهـــــــــجُ.. فَجْرُنا لعَليٍّ      والليـــــــــــــــالي التي لهُ تَتَجَمَّلْ

إنْ صَمَتْنا وإنْ شدا الحِسُّ فينا     فَمَدانا من كلّ ذلــــــــــــكَ أضألْ

وقال من قصيدة (مولد الضوء) بمناسبة ميلاد الإمام الحسين (صلوات الله عليه)

أثبتُّ في عـــــــــــــــضّادةٍ عنواني     ومــــنحْتُ أطـــــهرَ مقلعٍ ألحاني

إذ تبعثينَ من الضـــــــــفافِ رسالةً     لتعـــــــــــــــانُـقِ التفاحِ والرمّانِ

وتشابكٍ فـــــــــــــــي أرخبيلٍ حالمٍ     مـــــــتراقصِ الـغاباتِ والخُلجانِ

والقــــــــــــــبّةُ الشمّاءُ تُغرقني بما     تـــــوحيهِ من عـبقٍ.. ومن أكوانِ

في مولدِ الضوءِ الذي احـــتفلت بهِ     طُــــرُقُ السمـا.. وحقيقةُ الدورانِ

وَعلا أساريرَ النبــــــــــــــيّ تورُّدٌ     وتــــأمُّلٌ في سـبــــــــــطِه الفيْنانِ

وتزاحمتْ كلُّ الغيـــوبِ فأغنتِ الـ     ـرؤيا وأدنــــتْ أبعدَ الأزمـــــــانِ

فَهوى على نحرِ الفــــــــــداءِ بقبلةٍ     غـــرستْ مـعاني الهدي والإيمانِ

يا كربلاءُ لقاؤنا قدرٌ مشــــــــــــتْ     في ركــــــــــــبهِ ترنيمةُ الوجدانِ

وتجمّعتْ في أولِ الــــــسطرِ الذي     بدأتْ به همـــــــــــــجيةُ الطغيانِ

واسـتوعبتْ حــقّ الذينَ استشهِدوا     مــــــــــن أجـــلِ إنسـانيةِ الإنسانِ

يا كربلاءُ لـــــقاؤنا في حضرةِ الـ     ـهادي الحـــبيبِ وقد نـما الحسنانِ

غصنينِ فــي دنـــيا الرسالةِ أورقا     نــهرَيْ مـروءاتٍ وروضَ حــنانِ

أفلا تــــضيـــئــينَ الشموعَ لجاعلٍ     دَفَــــــــقَ الحياةِ مباركَ الجريانِ؟

وتوزّعين كبــــــــــائسَ الحِنّاء في     أغـلى الأوانـــــــي غٍبَّ كلِّ أوانِ

لِمُجدّدٍ وهجَ النضـــــــــــالِ بقصّةٍ     تُـروى وتكتب فـــــي دمِ الشريانِ

وَلِمنْ دَعا كلَّ السيـــــــوفِ لأخذِهِ     لَـيُعيدَ صــــــــــــحوةَ أمّةِ الفرقانِ

وأقولُ للنفسِ التي قعــــــــدتْ بها     أغــــــــــلالُها في غيهبِ القضبانِ

يا نـفس.. هذا قائدُ الأحــــرارِ في     ألـــــقِ الضحى.. ومُروّعُ الأوثانِ

في كــــفّه يختــالُ سيفُ أبيهِ.. لمْ     ينكــــــــلْ.. ولم يركنْ إلــى إدهانِ

حتّى أضاءَ الــحائرَ المرفوعَ عن     دعوى النكوصِ ودعــــوةِ الخذلانِ

مُتصدِّراً كـــلَّ الحوادثِ.. شامخاً     فيهِنَّ.. مثلَ فواتحِ القـــــــــــــــرآنِ

يـــا كربــلاء.. إليكِ دعوةُ عاشقٍ     هذي مروجي.. هـــــــــذه غزلاني

أوصـــــــــالُ تشكيليّةٍ.. أعطيتُها     عصبي وعمري واضطرابَ جَناني

تتحدَّثُ الأجــــــرافُ عن رَبّــانةٍ     معزوفتــــي مـنها.. وصوتُ كَماني

نيرانُها.. وقِوامُـــــها في كــلِّ ما     يَشِيانِ – يــــــا منشودتي – قتلاني

هاتيكَ سمفونيّتي وَجْـــــــــدٌ لِذي     جُرحٍ قديمٍ.. أو لـــــــــــــجرحٍ ثاني

هَتكتْ عن الصبرٍ المُـكابِرِ سِترَهُ     وجميلُ صـــــــــبري خائرُ الأركانِ

يسمو بها الأبرارُ نحــــــوَ مثابةٍ     بالهيّـــــــــــــــناتِ .. عسيرةُ الإتيانِ

وقال من قصيدة (غدير الحب) وهي في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتبلغى (20) بيتاً:

بانسكابٍ عـــــــــــــبقريّ الكَلِمهْ     سَحّ نجــــــواهُ.. وَنَقّى نَغَمَهْ

سائلا دوماً عليّاً أن يُــــــــــــرى     باعثاً صوبَ الأماني حُلُـمَهْ

صمتُهُ البـــــــــــــركـانُ يا سيّدَهُ     فأضئ معناهُ.. وانْصُرْ ألـمَهْ

بلّغَ الهادي ونادى مُــــــــــــعلناً     إنًكَ المولى بكلّ الأوْسِـــــمَه

فَإلى أينَ اتّـــــــــــــجاهي.. وَأنا     عاشقٌ يملأ صدقاً ألــــــمَهْ؟

يا أمــــــــيرَ المؤمنينَ اخْتَصّني     حُبُّكَ العالي بأعــــلى مَلْحَمَهْ

وأتى بالزيتِ وَالـــــــفِرْشاةِ.. إذْ     لمْ أغادِرْ لِثـــــــوانٍ مَرْسَمَهْ

فَهْيَ لوْحـــــــــاتٌ خَلَقناها.. أنا     وَرُؤى لـــــــيلٍ رَكِبْنا أنجُمَهْ

للوِهادِ البيضِ.. معــــروشٌ بِها     لِــــــــرسولِ الله بوحُ الأكَمَهْ

فاسْتَقَرَّ التاجُ مرفـــــــوعاً على     رأسِكَ المرفوعِ فوقَ الأسْنِمَهْ

بيعةٌ حاضِـــــــــــرُها لم يستقِمْ     دينُهُ.. إلاّ إذا قــــــــــــد يمَّمَهْ

واضعا كـــــفّ الرضا في كفّهِ     قائلاً: أنت وليُّ المرحـــــــمه

يا أخا فخرِ النبييــــــــــن الذي     أفزَعَ البلوى فَــــفَرّتْ مُرغمَهْ

أيّ أفقٍ عَســـــــــعَسَ الظّلْمُ بهِ     لم يَنَمْ سيفُكَ إلاّ حَــــــــــسَمَهْ

يا ذُرى القُرصَيْنِ والملحِ الذي     منهُ أحشــــــــاءُ التقى مُؤتَدِمَهْ

بادلــــــــــــيني انّهُ الحبّ الذي     أتّقي أمواجَهُ الْـــــــــــمُلْتَطِمَهْ

ليس مدحاً غَـرَضي.. فالمُنتدى     مُـــــــــتْرَعٌ بالمَلَكاتِ الْمُلْهَمَهْ

إنّما الــــــــــــقولُ هنا صاريةٌ     وَســـــــــــروجٌ معها مُنْسَجِمَهْ

تتوفّانا.. وَأنغـــــــــــــامُ الرّجا     بِجَوازاتِ الْــــــــــعُلا مُخْتَتَمَهْ

فالغديريّةُ في أعـــــــــــــماقِنا     جنّةٌ كبرى.. وَبُقيــــــــا مُنْعِمَهْ

وقال من قصيدة (سراج في تخوم المعنى)

قلْ لي ولا تكتُمْ فديْـتُكَ قــــــــــــائلا     وَاسْلُلْ من الخطَراتِ سيفاً صائلا

يا منْ تسلَّقْتُ اللغـــــــــــــاتِ بسيفِهِ     وبِنــــــــفسِهِ أبدعْتُ شعراً فاصلا

وبعَيْنِهِ أبــــــــــــــصرْتُ كلَّ قَصِيّةٍ     وقضيّةٍ ...لـــــمْ تُعْفِ لحني آجِلا

إيّــــــــاكَ قلبي يـسْـتعينُ... وينبري     قلمي، وأخطُـرُ في المحافلِ باسلا

يا بسمةً.. والغمـدُ ضـاقَ بِنصْلِكَ الـ     ـفردِ المهنّدِ ... واتّــــقـاكَ جحافلا

اللهُ أكبرُ كــــــــــــــم بأسمى روعةٍ     غنّيْتُ؟ حتّى لمْ أحــــــــاذِرْ حائلا

يا سيدي في كـربـــــــــــــلاءَ جِبِلَّةٌ     من صنعِ نـفسي همّةً وشــــــمائلا

أعطيتُها معنـى صلاتي والــــهوى     ولهيــــــــــبَ أعماقٍ مُلِئنَ زلازلا

فَمُجَرّدُ اســـــــمِكَ يا حسينُ عوالمٌ     تهبُ الأمانَ لـــــــــــنا نـعيماً ماثلا

إذ أنت في كـل الـــــــعيون مَشاهِدٌ     كبرى.. تُجدِّدُ للحيــــــــــاةِ مَنازِلا

وسراجُ أوّابيـنَ لمْ يُقفِـــــــرْ.. ولمْ     يُفْقِرْ مَنِ اسْتَهدى وَرامَ دلائــــــــلا

أأقولُـــــــــــــــــها؟ فأسوقُ تقليديّةً     نــــــــفسي فداؤكَ مستجيراً عاذلا

وَهواكَ روحي والضميرُ وصيحةٌ     بِدَمي.. تُـــــــباغِتُني اندِلاعاً هائلا

فَأُبيحُ رأسي للصُّــــــــــداعِ أشُجّهُ     بِعويلِ أعــــــــصابٍ رأيْنَـكَ عائلا

لِشريعةٍ.. ولأمّةٍ ... ولِمِـــــــــــلّةٍ     ولكلّ عصرٍ صِـــــــرْتَ فيـه دائلا

يا بـــنَ الذي حَمَلَ الكتابَ مُفَصّلاً     يرْتَجُّ فيه مُجادلا ومُبــــــــــــــاهلا

وابــنَ الفتى الغوّاصِ في لَهَواتِها     والقلبُ في اللهواتِ لمْ يكُ زائـــــلا

وابـن التي طَهُرَتْ فأغلى مهرَها     أمرُ الإلهِ.. مــــــــــــناقباً وفضائلا

ما دمْـــــتَ يا مولايَ في رفافَتي     دَفقاً ... فلا صاحبــتُ موتي خاملا

وقال من قصيدة (غربة القمر) وهي في الإمام الحسين (صلوات الله عليه) وتبلغ (22) بيتاً:

عِبَرٌ ومَنْ لم يعتبرْ مُـــــــــــــــــتَرفّقا     فقدِ ارْتـــــــدى ثوبَ الحياةٍ مُمَزّقا

وفظائعُ التــــــــــــــاريخِ تُلقي درسَها     صوَراً.. وأمثالاً.. وفكراً أعمـــقا

الـــــــــــــــــدينُ والـدنيا اسْتقاما مرّةً     وتعانقا كَسَحابتيْنِ فَأغــــــــــــــدَقا

ثُمَّ انْقَلَبنا نحنُ.. لــــــــم نحرصْ على     أرْقى امتزاجٍ.. بـــــــالتألّقِ أورقا

كِـــــــــــــــــــــدْنا لقادتنا فأوردْناهمو     سيفَ الضغائنِ واستَبَحْنا المــوثقا

فَخبا الضياءُ وَأهـــــوت الجدرانُ من     فرط التداعي.. والبناءُ تَـــــــخرّقا

وتـــــــــــــــــــــسَنمَ المنبوذُ منبرَ آمِرٍ     ناهٍ.. تأهّب للخــــــــــــرابِ ولفّقا

ودعا لكلّ بعيدةٍ عن فـــــــــــــــــهمنا     ومَذاقنـــــــــــــا.. فزها بها وتأنّقا

حتّى إذا ضـــــــــــــجّتْ بنا أوجاعُنا     جــــــــئنا إليكَ الـيومَ نشكو الموْبٍقا

يا بـن النـــــبيّ ووارث الشرف الذي     رغمَ المضلّلِ سوف يبقى الأصدقا

ويكـــــــــــــرّمُ الحرفَ الذي أختارُهُ     لــــــــــقصيدة تروي اللهيبَ مُنَسّقا

فَلِأيِّ مَشْهدِ حـــــــــــــــــالةٍ وحشيّة     أدنو بكـــــلّ جوارحي.. كي أحْرَقا

وأقـــــــــــــــــــولُ للإنسانِ أو للهِ أو     إبليسَ.. أشــــــــــياءً تَحِزُّ المـنطقا

عن غربة القمر الــذي اغتالتُ مُحَيّـ     ـاهُ سيوفُ بني الأذّلّ.. فـــــــأشرقا

يا سيّدي.. بـــــــــــشذى ثناياكَ التي     رَشَفَ النبيُّ رُضـــــــابَها.. وتذوّقا

وبِرحمة الـــعينينِ.. وهْيَ تُحيطُ بالـ     ـحُرُمات.. تمنعُ فاســــــــــقاً مُتملّقا

وبـــــــــحزنِ أمّكَ.. والنبيّ يحيطها     علماً ... بأنّكَ سوفَ تُقتَـــــلُ مُحْنقا

وبحقّ صبرٍ أخيكَ وهو يرى الهوى     في صفّ مدخول السريرةِ أحـــمقا

وبغيـــــظِ صدرِ أبيكَ من نكثٍ ومن     إســـــــــــــــراع مارقةٍ أعدّوا فيلقا

يا سيّــــدي.. بدِماء نحرٍ تُخْضَبُ الـ     آفاقُ منها معـــــــــــــرباً أو مشرقا

مُدّ اليد الــــــــــــحمراء نحوي مرّةً     لِتردّ بالإيـــــــــــــــماءِ فجراً أزرقا

وأعودَ مُـــــــــــمتلكاً بحالكةِ الدُّجى     جسْراً يبشّرُ بالعبـــــــورٍ.. وزورقاٍ 

وقال من قصيدة (نزيف الرؤى) وهي إلى سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (20) بيتاً:

شرَفُ انتمائكَ أوَّلُ الـــــــــبـــغضاءِ     بمُسلســــــلِ الهمجيّةِ الهوجــاءِ

حَلَقاتُهُ الأولـــــــــــى بدايـــــةُ بؤسنا     وَســـــــعادةُ الفادينَ والشهــداءِ

يا بـــــنَ النبيّ نزيفُ قلبــــي لمْ يقفْ     ما دُمتَ في دنيايَ وَحْيَ دِمــاءِ

عيناكَ بَعْثُ الفجـــرِ في الجملِ التي     شرَّفتهـــــا فَكَشَفتَ ضُرَّ نِــدائي

وَدَعَوْتني لِثرِيَّـــةٍ يسمو بها قــــلَمي      ويسبَحُ فـــــــي الضياءِ دُعـائي

يا ومضةَ الأمـــــــلِ الذي ضيَّـــعْتُهُ     لمّا أضعتُ شـواطئي وسمــائي

فمتى أرى عينيكَ تــــبسِمُ بالـــرضا     لِمَدى انْعطافي.. مُـلقياً أعــبائي

ومُيَمِّماً وجــــهي إلى الوجـــهِ الذي     فيهِ انعِتاقُ قريحتي وَشِــــــفائي

آوي إليكَ وأرتـــــجي الـــمنجاةَ مِن     شَظَفِ التقلُّبِ في الهجيرِ النائي

فشديدُ بعدي عنـــــكَ يـــتركُ لهفتي     حَيْرى لِلَفحِ الشمسِ والرمـضاءِ

يا مُؤثراً لُغةَ التـــــــــدَفُّقِ في رؤى     شوقي وَمــــرفأ توبتي وَرجائي

قَدِمَتْ بأدوائي إليكَ ســــــــــــريرةٌ     ثكلى.. تـــرى نجواكَ خيرَ دواءِ

أهواكَ لا أدري لِـــــــــــحُبِّكَ عِــلَّةً     غيرَ اختٍيــــــــارِ الطفلِ للأسماءِ

مَزَجوهُ لي وأنا الرضـيعُ بِرَغوةِ الـ     ـلَّبنِ الطهــــورِ وفي قَراحِ الماءِ

ثُمَّ انتبهتُ على الحياةِ يـــــــــقودُني     فـــكري إليهِ.. بـموكبِ الشرفاءِ

فأنا المــــــــــــــــــــغرِّدُ للنبيِّ وآلهِ     في زحمةِ الســــــــمّارِ والندماءِ

وأنا الزعيمُ بِـــــــــــحُرَّةٍ .. مُنسابةٍ     فيما تُزوِّقُ ألسُنُ الــــــــــشعراءِ

أهدي نضارتَها وأصــــباغَ الرؤى     فـــــــــيها وَوَجْدَ الريشةِ العذراءِ

لأبي الأئمَّةِ سيّد الشهـــــــــداءِ مَنْ     نقّى عبــــــاراتي.. وأذهبَ دائي

لأكونَ وَحـــــــــدي للذي أنا عبدُهُ     في القوْلِ.. دونَ بــــــقيَّةِ الأحياءِ

........................................................

زودني بترجمته وأشعاره ولده الشاعر حيدر أحمد عبد الصاحب

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار