مقالات / ثقافة الإصغاء عند الإمام الجواد (عليه السلامُ )

ثقافة الإصغاء عند الإمام الجواد (عليه السلامُ )

الحمد لله الواحد الذي لا شريك له، و الصمد الذي لا شبيه له ، الذي ليس كمثله شيء و هو السميع البصير ، وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين و سيد المرسلين وعلى آله الطيبين. 

إن في ثقافة منهج الكتاب و العترة تصنيفًا للناطقين بحسب ما ينطقون ، فهناك ناطق يفرغ عن لسان الله الناطق وهم حجج الله على خلقه ، وهناك ناطق يفرغ عن لسان إبليس و أتباعه من شياطين الجن والإنس، وإن من الواضح في معارف الكتاب و العترة أن الله تعالى ذكره لو شاء أن يعرّف الخلق نفسه لفعل إذ لا مردّ لإرادته ، ولكنه جعل بينه وبين خلقه سبيلًا، فمن سلكه كما أراد الله هُدي إلى صراط مستقيم، ومن أبى و سلك سبيلًا غيره فقد ضَل ضلالًا بعيدًا ، ومن هنا تأتي أهمية معرفة المسلم لمصادر عقيدته و ثقافته الدينية ، فلا بد للمسلم من عين صافية ينهل منها المعارف التي توصله إلى الله تعالى و تدخله الجنة من أوسع أبوابها، وهذا لا يكون إلا بعد أن يتبع المسلم الأئمة الذين نصبهم الله تعالى ليكونوا ناطقين عنه ، وهذا يقودنا إلى الابتعاد عن كل ناطق يخالف أهل البيت (عليهم السلام ) لأنه بمخالفته هذه ينطق عن الشيطان .

ومن هنا جاء قول الإمام أبي جعفر الثاني محمد بن علي الجواد صلوات الله وسلامه عليهما:" من أصغى إلى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق ينطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق ينطق عن لسان إبليس فقد عبد إبليس".

نلاحظ هنا مدلولًا آخر للعبادة فقد جاءت بمعنى الموافقة و الاتباع أي بمعنى الطاعة لما ينطق به الناطق ، و قد وردت مفردة العبادة في القرآن الكريم بمعنى الطاعة أيضًا، فقد قال تعالى: "ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألّا تعبدوا الشيطان" ، فالله تعالى له ناطق ، و إبليس له ناطق فمن استمع إلى ناطق الله و أطاعه بعد اعتقاد منه بصدقه وأنه لا يقول إلا حقًا فقد عبد الله، ومن أصغى إلى ناطق إبليس فقد عبد إبليس، و الإصغاء لا يعني مجرد الاستماع إلى صوت الناطق و إنما يتعدى ذلك إلى موافقته و إقرار ما فيه من المضامين.

و هذا التقسيم الثنائي للناطقين يحكم علينا بالاعتقاد أن لا وجود لتعدد السُبل الموصلة إلى الله، فالسبيل واحدة ، وهذا المعنى واضح في القرآن الكريم، قال تعالى: "قل هذه سبيلي أدعو إلى الله".

أسأل الله سبحانه و تعالى أن يجعلنا مع سيدنا الإمام الجواد صلوات الله وسلامه عليه في الدنيا والآخرة، و الحمد لله رب العالمين.

المرفقات

: الأستاذ محمد علي الفتلاوي : دار القرآن الكريم