الشكل والتعبير.. طاقات جمالية متجددة

إن كل عمل فني هو صورة معبرة عن شيء ما، وأن الاختلاف بين الصورة والاشياء الفعلية هو الاختلاف الوظيفي، فالشكل هو الذي يكشف عن مضمون العمل الفني بطريقة تساعد على إبراز الاحساس الجمالي، بغية توضيح حقائق الحياة والاحاسيس والمشاعر الانسانية .

وفي ضوء هذا المفهوم يمكن القول أن الشكل والتعبير متساويان في الاهمية فالتعبير لا يتعدى حدود الشكل، ويعتمد كل منهما على الاخر ، ومن المحال فهم أي منهما أو تقديرهما إلا داخل الكيان الكلي الموحد الذي هو العمل الفني وأن المضمون التعبيري لا يكون ذا قيمة إلا لأن الشكل ينظمه ويهذبه ، فالشكل هو العنصر الذي لا يمكن أغفاله على الاطلاق، ومن دونه يستحيل أيصال تعبير ما الى المتلقي،  وأن ما موجود على سطح اللوحة وما يقوم به الفنان من إيماءات ومن علاقات وبناء وتراكيب لا يكون إلا لغرض التوصل الى التعبير الذي يلم حوله سائر مقومات الابداع الفني ،والنتيجة هنا أن الشكل يأتي بناء على ما يقرره الرسام على وفق انفعالاته واحاسيسه ومشاعره الوجدانية ، ومن ثم الفكرة التي نضجت في عقله نتيجة لذلك، وهذا ما يقدمه على سطح اللوحة عن طريق الشكل .. أو الاشكال التي يعبر من خلالها عن تلك الانفعالات التي يستلمها المتلقي .

وتأسيساً على ذلك فأن لكل شكل من الاشكال طاقات تعبيرية والشكل الذي يخلو من هذه الطاقة التعبيرية لا يمكن أن ندركه شكلاً بحد ذاته، فالأشكال لا بد أن تحمل تعبيرات محددة وتكون ذات دلالة مفهومة لدى المشاهد المتلقي،  وعلى وفق هذا المعنى فان التعبير يصبح أحد أهم العناصر التي تدخل ضمن نطاق تركيبة الشكل الذي أول ما يدرك فيه هو التعبير وقبل أي شيء آخر على الرغم من اختلاف التعبير في نسب الادراك من شخص لآخر .. لاختلاف خبرات وتجارب كل منهم والتي لا تتشابه بين أي أثنين قطعاً.

وللتعبير محتويات فعل مباشرة وغير مباشرة .. فالفعل المباشر هو ما يراه بصر المتلقي من اشكال ويدركها بشكل او باخر، في حين يفسر التعبير غير المباشر بانه الادراك الحسي العقلي الذي يعطي الشكل حالة معينة ويوصل تعبيره لنفس المتلقي بحالة مختلفة ، اذ ان الاشكال الموحية بالتعبير تحقق نوعاً من الاتصال الفعال بين الشكل والموضوع ، فكل شكل لابد ان يكون ضمن مجموعة من العناصر المكونة للوحة وله في نفس الوقت ابعاده المؤثرة في نفس المشاهد وكل بحسب دلالاته.. ومن ثم فأنه يحقق تعبيراً عالياً عن الحركة الباطنية لكل علاقات البناء والعلاقات المؤثرة في نتاج فعل التعبير، مع الاخذ بعين الاعتبار أن طاقة الشكل التعبيرية مرتبطة بقدرة الرسام وتقنياته وانفعالاته التي ترتبط بتوقعاته وتخيلاته المستقبلية ارتباطا مباشرا .

وبالتأكيد فهناك مجموعة من الاشكال والعناصر الفنية استخدمها الفنان في بناء لوحاته.. توحي بدلالات نفسية مختلفة يستطيع المشاهد ترجمتها، ونذكر منها :

1. مجموعة الاشكال الهندسية

·        المربع - ودلالاته النفسية  الموحية للمشاهد تكرس بالتناسب والاستقرار والثبات وهو يوحي ايضا بالجهات المتساوية .

·        الدائرة - وتتمثل دلالاته النفسية بالصفاء والطمأنينة واللانهائية

·        المثلث -                فهو مختزل وبسيط ومنطلق ومتنام ومستقر ويوحي بالهدوء في نفس الوقت .

·        المستطيل -  ودلالته تنحصر بالتمدد والتوازي .

·        المكعب - يوحي بالفضاء والقوة والغموض .

·        الهرم -   ويوحي بالانطلاق والاستقرار والديمومة .

·        الاسطواني- ودلالته الايحاء بالدحرجة واستمرارية الحركة .

2. مجموعة العناصر الفنية                    

·        التوازن-  ويتمثل بالتناظر والاستقرار والتقابل والتتكافؤ .

·        الفراغ-    ويتمثل هو الاخر بدلالات المجهول و الضياع والمطلق والسكون .

·        النقطة-    ودلالته النفسية بانه يمثل المركز والبداية ونقطة الانطلاق.

·        التظليل-  ويتمثل بتجسيم الاشكال والغموض والعتمة.

·        التجسيم-  ويمثل بدوره الهيئة في شكل محاكاة الواقع.

·         التباين - يوحي بالتنوع والحياة .

·        السيادة-   توحي بتركيز الاهتمام والسيطرة على باقي الاشكال والقوة والإثارة.

·        التكرار-  ويلعب هذا العنصر دور التنظيم والتماسك بين اجزاء اللوحة .

كاتب : سامر قحطان القيسي