محمد مهدي الخرسان (ولد 1347 هـ / 1928 م)
قال من قصيدة في السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) تبلغ (48) بيتاً:
وأشـدَها وقــعاً مصائبُ (كربلا) شـمُّ الـجـبـالِ لـهولِها مُتداعِيه
شادَ الحسينُ صروحَ دينٍ هُدِّمتْ ولـزيـنبٍ أوصى تـتمُّ الـباقيه!
فشقيـقـةُ الـسـبـطـينِ خفّتْ بالذي عن حملِه كلُّ الرواسي واهيه (1)
الشاعر
السيد محمد مهدي بن حسن بن الهادي بن موسى بن حسن بن علي بن شكر بن مسعود بن إبراهيم بن حسن بن شرف الدين الموسوي الخرسان، (2) عالم كبير ومحقق وباحث وأديب يعد من أعلام العراق في التراجم والسير والرواية، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية علوية موسوية لقّبت بـ (الخرسان) نسبة إلى أبي الفتح الأخرس الذي ينتهي نسبه إلى السيد محمد العابد بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام). (3)
يقول السيد محسن الأمين عن هذه الأسرة: (آل خرسان - سادة أجلاء يسكنون النجف ولهم وظيفة في السدانة) (4)
وكانت هذه الأسرة تسمى سابقاً بآل معصوم نسبة إلى: السيد أبو الحسن علي بن معصوم بن أبي الطيّب أحمد بن أحمد بن الحسن بن محمّد الحائري. المعروف بـ (ابن معصوم) وكان سيداً جليلاً عظيم الشّأن رفيع المنزلة، كان في المشهد الغروي ذا عز واحترام ووقار (5)
وقال محمد رضا الأنصاري عن هذه الأسرة: (من الاُسر العلويّة الشريفة والمعروفة في مدينة النجف الأشرف، يرجع نسبها إلى السيّد إبراهيم المُجَاب ابن السيّد محمّد العابد ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام، وكانت تسمّى هذه الاُسرة سابقاً بآل المعصوم نسبةً إلى جدّهم السيّد أبي الحسن معصوم (من أعيان المئة الخامسة للهجرة)، ثمّ اشتهروا بالخرسان وتلقّبوا به نسبةً إلى أحد أجدادهم وهو السيّد محمّد أبي الغنائم شرف الدِّين الأخرس. ومِن أفراد هذه الاُسرة مَن تشرّف بخدمة الروضة الحيدريّة المطهّرة، ومنهم من دخل الحوزة العلميّة ودرس العلوم الإسلاميّة، وصار من العلماء والفقهاء، وقد أدركتُ عميد هذه الاُسرة الكريمة في عصره، وهو العلّامة آية اللّه السيّد حسن الخرسان رحمه الله (1321 ـ 1405ق) الذي كان إماماً للحرم العلوي المطهّر، وكان سيّداً مقدّساً ذا هيبة ووقار. ومن أعلام هذه الاُسرة آية اللّه السيّد محمّد مهدي السيّد حسن الخرسان (المولود عام 1347ق) الفقيه وصاحب التحقيقات والتأليفات القيّمة. ومنهم آية اللّه السيّد محمّد رضا السيّد حسن الخرسان، الفقيه المحقّق ومن علماء الحوزة العلميّة. ومنهم العلّامة السيّد صالح بن عبد الرسول الخرسان الذي كان له مشاركة فعّالة في الانتفاضة الشعبانيّة عام 1992م، ثمّ هاجر إلى قم وسكن بها عقداً من الزمن، كان رحمه الله سيّداً جليلاً ذا عفّة ووقار، توفّي عام 1426ق بعد شهور من عودته إلى مسقط رأسه، وأخيراً صديقنا المفضال العلّامة السيّد محمّد صادق محمّد رضا الخرسان من أساتذة الحوزة العلميّة وعلمائها .
وكان والده السيد حسن الموسوي الخرسان من العلماء المحققين وله العديد من الآثار العلمية والتحقيقات للكتب التراثية وكتب أصول الرواية والحديث، فتدرج ابنه عليه ونهل منه، كما درس على يد كبار أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف أبرزهم الشيخ أغا بزرك الطهراني، والشيخ محمد رضا العامري، والسيد محمود الحكيم، والشيخ محمد علي التبريزي، محمد علي الأوردبادي، عبد الحسين الأميني حتى أكمل مرحلة السطوح والبحث الخارج، وحضر الأبحاث العالية على السيد أبي القاسم الخوئي (قدس سره)، وقد أقام الصلاة بمكان والده في جامع الأنصاري ويروي بالإجازة عن كوكبة من العلماء الأعلام) (6)
يعد الخرسان من أبرز أعضاء جمعية منتدى النشر، وقد ألف في الفقه والعقيدة والسير والتاريخ والأدب ما يقارب من أربعين كتابا ما بين مطبوع ومخطوط، كما حقق العديد من الكتب، فمن مؤلفاته المطبوعة:
غريب القرآن
عبد الله بن العبّاس
رسالة في الشورى
قلائد العقيان في تاريخ آل الخرسان
انتخاب الحِسان في لسان الميزان
نشوة الأماني ــ منظومة في نسب آل الخرسان
كتاب المحسن السبط مولود أم سقط؟
السجود على التربة الحسينية
مزيل اللبس في مسالتي شق القمر ورد الشمس
مقدمات كتب تراثية ــ مجلدان ــ مكتبة الروضة الحيدرية 1427 هــ
حديث الرزية
علي إمام البررة، نظم السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي - 3 أجزاء
نهاية التحقيق، فيما جرى في أمر فدك للصديقة والصديق بالنص والتوثيق
حي على خير العمل
موسوعة ابن إدريس الحلي
أما من الكتب التي حققها وشرحها: (تذكرة الألباب بأصول الأنساب، للشيخ أبي جعفر أحمد بن عبد الولي)، (روضة الواعظين لمحمد بن الفتال النيسابوري)، (علي إمام البررة)
ولجهوده الكبيرة في التأليف والتحقيق فقد أقيمت له مؤتمرات واجتماعات بحثية تكريما له
منها:
اجتماع تحضيري تحت عنوان: دور آية الله الخرسان في إحياء تراث أهل البيت (عليهم السلام)
اجتماع علمي لمؤتمر أمناء الرسل خصص للاحتفاء بالمقام العلمي لآية الله السيد محمد مهدي الموسوي الخرسان بمدينة قم المقدسة
شعره
قال من قصيدته في السيدة زينب (صلوات الله عليها)
قال من قصيدته في السيدة زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام):
تـيـهـي جـلالاً يـا بـقـــــــــــاعَ الـراويه وتـطاولي شـرفاً بـمثوى الـزاكيه
أدريتِ مَـن حــلّــتْ رُبـــــاكِ فـطهّرتْ مــنـكِ الربوعَ من الكلابِ الـعاويه
فــالَــبـضعةُ الزهـــــراءُ كانتْ اُمُّــهـــا حــدبتْ عـليها وهي تُدعى الحانيه
وإلى علــيٍّ وهــو خــيــــــــرُ اُرومــةٍ نــســبٌ تــبــلّـجَ كالسماء الضاحيه
والـجـدّ أحـمـدُ مـن أتـــــــى بــشريـعةٍ تهدي البرايا لــلــقــيــامــة بـــاقـيه
اِروي الحديث وأنـــــت بعضُ شهـودِه فـالــقــولُ مــنـكِ مُصدَّقٌ يا راويه
وتحدّثي للــــجـيلِ عن قومٍ مــضـــــوا فالجيلُ هذا الــعــصرُ اُذنٌ صاغيه
كــمْ بـــالــشـــآمِ عجائبٌ مرَّت بــــــها بــالــنـافعاتِ عن القرونِ الماضيه
تـلـكَ العظاتُ تقصُّ بعضَ حـــــديـثـها عـن زمــرةٍ حـكمت فكانتْ طاغيه
قرنٌ مــن الأعـــوامِ أثـــقــــلَ كـــاهلي بــالفــادحـــاتِ فـعـدتُ منها خاويه
كـم ذا لــقــيـتِ منَ الإساءةِ والـــــــعنا مـن صــبــيــةٍ ذُرِئـــتْ لنارٍ حاميه
فــالــخمرةُ الصهباءُ مِلءُ بـــــطونِـــها وأكــفُّــهــا خُــضـبـتْ دمـاءً زاكيه
نزوَ الــقـــرودِ عــلــى مــنابرِ أحــــمدٍ جــهــدتْ تـــعيدُ الشركَ فيهمْ ثانيه
قصرتْ بها الأنسابُ أقـصى فخــــرِها شــيــخٌ كـفــورٌ أو عـــجوزٌ زانيه
صــخــرٌ وهــنــدٌ والفـروعُ بأصــــلِها هذا الـنجارُ وذي الاُصولُ كما هيه
يا راويـــة فــــاروي الـحـــــديثَ لاُمّةٍ مـــكـبــوتــةٍ وتعيشُ ظمأى صاديه
وتـحدّثي عـن ذي الـقصــــورِ ولهوِها أيــنَ القـصورُ مضتْ وأينَ اللاهيه
قـالــتْ مـعــالــمُـها دوينـــــكَ ما ترى يــكــفـيكَ مـنّــي مــا تــــراها باقيه
فــاضربْ بطرفِـكَ أينَ بانيَ مــــجدِها ثــاوٍ بــــأيـةِ حـــفـــــــرةٍ أو زاويه
فـــــإذا الــقــصـورُ ولا بقاءَ لرسمِها وإذا الـــرؤوسُ ولا رمـــيــــمٌ باليه
وانــــظرْ إلى القـبرِ المُشيدِ ضريحُه سـامي الضراحِ علا بمثوى الزاكيه
ذيّــــــاكَ حـــكــــمُ اللهِ يـــأبــى عدله إلاّ الإطــاحــةَ بــالــعروشِ الخاويه
وتــكــــــونُ عقبـى الدارِ تبقى دائماً لــلــمــتّـــقـــيـــنَ ولــــلعتاةِ الهاويه
يا راويــــة والـــقـــلبُ ماضٍ جرحُه بالفادحاتِ مـن الـمآسي الـقــاســـيه
وأشدَهـا وقــــعاً مـــصـائبُ (كربلا) شـمُّ الـجـبـالِ لـهـــولِـــــها مُـتداعِيه
شادَ الحسينُ صــــــروحَ دينٍ هُدِّمتْ ولـزيـنــبٍ أوصـــى تـتــــمُّ الـباقيه!
فشقـيـقةُ الـسـبــطــــيــنِ خفّتْ بالذي عن حــمــلِــه كـــلُّ الرواسي واهيه
قد قابلت كلَّ الـخطـــــوب بـصبرها مهما تحيط بها الــــظــروفُ العاتيه
وأتـمَّتِ الـصـرحَ الذي لـــــبــــنـاتُـهُ قـــامــــت عليها فـهيَ اُسُّ الــزاويه
بـــدمــــــاءِ زمــــرتِـها تشيَّــــدَ اُسّه وتــشــيــدُ أعـلاه دمــــــــوعٌ جاريه
فــمــحــتْ بـها آثارَ ملكِ أمـــــــيــةٍ من دارِها طـــرّاً فــــــأضحتْ خاليه
كمْ مــوقـفٍ بـالشامِ لمْ تضــــرعْ به صكّتْ به أسـمـاعَ ذاكَ الـــطــاغــيه
وأذلّتِ الــنـــفــرَ الــلــئــامَ بقــــيلها فــعــنــتْ لــهـــا بـالذلِّ تلكَ الناصيه
وسمتهمُ الـعارَ الشنارَ بـــســـــــــبّةٍ حتّى هووا أعــــجــازَ نـــخلٍ خاويه
فصلُ الخـطابِ ويا له مِن حــــــجَّةٍ صُــعــقــتْ لـــهـا تلكَ الجباهُ العاتيه
فحروفُ خطبتِها حروفٌ زاهـــــية وبـلــــيــغُ حــجَّــتِـها صواعقُ داويه
كــمْ حــكــمــةٍ لله في تـقـــــــــديرِه فتبين واضـــحةً واُخــرى خــــــافيه
فــأســيرةُ الماضي تحطّمُ هيـــــكلاً ذرَّ الرمادَ فـــــمـــالـه مِـــنْ بـــاقــيه
وتقيمُ قـــبَّـــتـــــــــها برغمِ اُنـوفِهمْ في أرضِهمْ حـيــث الــقطوفُ الدانيه
وتـــــدرّ زينبُ حيث يهمي فضلها ثــــرَّاً عـــلــيـــكَ فــعدتَ منها راويه
وتخــــط زينبُ لــلخلودِ سطورَها ومـــــدادُها تــلكَ الدمـــوعُ الــغـــاليه
وطوتْ يـــــدٌ بيضـاءُ كلَّ صحيفةٍ لاُمــــيةٍ قـد ســوّدتـــهــا عـاصـــيـــه
هذا هوَ الفتــــحُ المبينُ بنصرةِ الـ ـدينِ الـــــــحـنيـفِ وتلكَ عقبى الباقيه
وخـتامُ شعري فـــــي نشيدِ القافيه تــيــهـــــــــــي جلالاً يا بقاعَ الراويه
.............................................................
1 ــ كتاب عقيلة بني هاشم، للسيد علي بن الحسين الهاشمي الخطيب ص 47 ــ 50
2 ــذكر نسب أبيه، السيد حسن الصدر في نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ج 1 ص 504
3 ــ الذريعة ج 9 ص 195
4 ــ أعيان الشيعة ج 4 ص 118
5 ــ تحفة الأزهار و زلال الأنهار في نسب أبناء الأئمة الأطهار للسيد ضامن بن شدقم ج 3 ص 297
6 ــ نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين ج 1 ص 504 تحقيق محمد رضا الأنصاري / الهامش
كما ترجم له:
الشيخ أغا بزرك الطهراني / الذريعة إلى تصانيف الشيعة ج 24 ص 160
محمد علي جعفر التميمي / مشهد الإمام ج 4 ص 332
كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 3 ص 251
الشيخ محمد هادي الأميني / معجم المطبوعات النجفية ص 111
الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 488
كاظم عبود الفتلاوي / المنتخب من أعلام الفكر والأدب ص 607
كامل سلمان الجبوري / معجم الأدباء ج 6 ص 134
اترك تعليق