674 ــ حسن الجامع (1326 ــ 1403 هـ / 1908 ــ 1982 م)

حسن الجامع (1326 ــ 1403 هـ / 1908 ــ 1982 م)

قال من قصيدة في زيارة الأربعين:

تنادي ألا يــا نـــازلــينَ بـ (كربلا)     دفــنــتــمْ لــمــقــتـولٍ بغيرِ تراتِ

فهلْ رُشَّ فوقَ الــقــبــرِ مـــاءٌ فإنّه     قضى ظامئاً في جنبِ شطّ فراتِ

فوافوا بأرضِ الطفِّ جـــابرَ زائراً     كــئـيـباً حزيناً دائمَ الــحــســراتِ

أقاموا العزاءَ الحزنَ مِن فوقِ قبرِهِ     وفي تــربِـــه قــد سكّبوا العبراتِ

فـيـا لـيـتـني مَعْ زائريه بـ (كربلا)     اُقـــبّـــــلُ للأبوابِ والــعــتــبــاتِ

وأنشقُ تـربـاً حــلَّ فــيـهِ ابنُ فاطمٍ     وأنظرُ قــبـــراً حــفَّ بـــالبركاتِ

وقال من أخرى في نفس الغرض:

وصلوا (كربلاء) في يوم عشريـ     ـنَ برأسِ الشهيدِ وابنِ الشهيدِ

رُدَّ لــلــجـسـمِ بــعــدَ حملٍ وقرعٍ     قــد عــراهُ مـــن اللـعينِ يزيدِ

وتــلاقــوا بــجـابــرٍ وأقـــامــــوا     مأتماً منتهاهُ يــومَ الـخــلـــودِ

الشاعر

حسن بن عبد اللّه بن إبراهيم بن محمد بن عبد الصمد الجامع الخطي، قال عنه الشيخ علي المرهون: (ولد في بلاده (القلعة) من أبوين كريمين قاما بتربيته أحسن قيام، حتّى نشأ وترعرع على منهاج آبائه وأجداده محبّاً لأهل البيت الطاهر عليهم السلام موالياً لهم، متفانياً في مودّتهم؛ لذلك ولع بمديحهم ومراثيهم منذ نعومة أظفاره، حتّى كوّن من ذلك ديواناً كبيراً) (1)

وقال عنه عبد العزيز البابطين: (شاعر تقليدي، نظم على الموزون المقفى واقتصر شعره على الموضوع الديني، فله مدائح نبوية وأخرى لآل البيت، كما مدح ورثى بعض شيوخه، وقد نجد في شعره لمحات صوفية وتأثيرات تظهر في مفرداته ولغته التي تتسم بحسن الانتقاء وقوة الإيحاء وحضور الحس الديني، متأثر ببلاغة القدماء في بعض صوره، غير أن معظم صوره تنبئ عن تجربة حداثية رغم اختياره للموضوع القديم، على نحو ما نجده في قصيدة «قرآن فجرك» التي تتسم بالرهافة وسطوع المعنى الشعري). (2)

توفي الجامع في مدينة الخبر بالسعودية.

شعره

قال من قصيدة في مدح النبي محمد (صلى الله عليه وآله):

قــرآنُ فــجـــرِكَ في أمِّ القرى ابتسـما     وخـاتـــمُ الوحي في أكنافِـــها وسما

وشمسُ ذكـرِكَ قد أرختْ ذوائــبَــهــا      فشامَ في الأفقِ عشقاً للـــهدى فهمى

وغـيـثُ لـطــفِـكَ قـد طـافـتْ غمائمُـهُ     على الـنفوسِ تناغي الفكـــرَ والقيما

وصُوْرُ دعوتِكَ الكبرى التي انطلقـتْ     أبواقُه، لــتــمــيــطَ الـغـــيَّ والسقما

دوَّى على الــكـونِ لا تــنـــفكّ رائـعةً     أصداؤه تستحثّ الــعـــــقلَ والهمما

يا غيمةَ الخيرِ ما طافتْ عــلــى بـــلدٍ     إلا وروَّته من ســلــــــسالِــهــا دِيَما

يا صاحبَ القبَّةِ الــخــضراءِ حـنَّ لها     قلبُ الــحــيـــاةِ فـــحيّاها هوىً وفما

ورفرفتْ حــولـها الأرواحُ واثــــقــةً     بأنَّ قدَّكَ فرضٌ والــــــمــقــامُ حِـمى

وأنَّ مِن قبرِكَ الــســامي قد انبجستْ     عينُ الفيوضاتِ حـــتى روَّتِ الأمما

فأقبلتْ نحوه يُطوى الـــطــريــقُ لها     ويسبقُ القلبُ في تـــرحالِها الــقــدما

وحينَ لاحَ لها منه ومـــيــضُ ســــناً     تأجّجَ الشوقُ يا مـــولايَ واضطرما

وراحَ يــخــفـــقُ فـــــي وجدانِها وَلَهُ     يــســري فــيــمـــلأ منها أنفساً ودما

قفْ يا يَراعُ بذكرى المصطفى خجلاً     واعزفْ من الشعرِ في ألطافِها نغما

ففي الـسَّــمـاواتِ عيدٌ للنبيِّ، وفي الـ     أرضِ احــتــفـــالٌ لأبناءِ الولاءِ سما

يومٌ به مقلةُ الــدنــيــا قـــد اكــتحلتْ     بنورِ ســــيِّــدها بــدءاً ومــخــتَــتَــما

وأسفرَ الصبحُ عن شمسٍ أضـاءَ بها     أُفْقُ الحياةِ، فغابَ الــلــيـلُ وانصرما

يا أرضَ مكَّةَ طيبي وازدهي ألــــقـاً     فــفــيــكِ أزهــرَ نــــورُ اللهِ وانـقسما

من جانبِ البيتِ بثَّ الــحــقُّ دعوتَه     ومنه يرفعُ شبلُ الــمــصــطـفى علما

محمدانِ بـمـنــهاجيهما ازدهـــــرتْ     شريعةُ اللهِ وازدانَ اســـمُــهـــا بِــهِما

عزَّتْ بعبدِ مــنــافٍ وابــــنِـــه زمناً     وســوفَ يـبــعـــثها المهديُّ إن حكما

وعْـــدٌ مـــن اللهِ بـالنصـرِ المبينِ له     مــهــمــا تــطــاولَ مدُّ البَغْيِ واحتدما

قال من قصيدته الأولى في زيارة الأربعين:

هنيئاً لزوّارِ الحسينِ فــقــد حـــظوا     من اللّه بالــغــفــرانِ والـــبركاتِ

كأنّي بــهــمْ قــد أقـــبلوا وتسارعوا     مـواكـبَ كـبــرى غيرَ منقطعاتِ

فــمِــــن كلِّ قطرٍ أقبلوا وتـبــادروا     بلطمٍ ونوحٍ عاليَ الــنــغــمــــاتِ

لمشهدِ مولايَ الــحــسينِ قد اعتنوا     وفي تربِهِ قد عـــفّـــروا الوجناتِ

ولا ســيَّــمــــا في يـومِ عشرينَ إنّه     لـيـومٌ عــظــيــــمٌ جَدَّدَ الحسراتِ

به جاءَ زيــنُ الــعــابــديـــنَ وأهلُه     مِن الشامِ بـــعــــدَ الذلِّ والكرباتِ

وزيــنـــــبُ جاءتْ والفواطمُ خلفها     وأدمــعُــها تجـري على الوجناتِ

تنادي ألا يــا نـــازلــينَ بـ (كربلا)     دفــنــتــمْ لــمــقــتـولٍ بغيرِ تراتِ

فهلْ رُشَّ فوقَ الــقــبــرِ مـــاءٌ فإنّه     قضى ظامئاً في جنبِ شطّ فراتِ

فوافوا بأرضِ الطفِّ جـــابرَ زائراً     كــئـيـباً حزيناً دائمَ الــحــســراتِ

أقاموا العزاءَ الحزنَ مِن فوقِ قبرِهِ     وفي تــربِـــه قــد سكّبوا العبراتِ

فـيـا لـيـتـني مَعْ زائريه بـ (كربلا)     اُقـــبّـــــلُ للأبوابِ والــعــتــبــاتِ

وأنشقُ تـربـاً حــلَّ فــيـهِ ابنُ فاطمٍ     وأنظرُ قــبـــراً حــفَّ بـــالبركاتِ

وقال من الثانية:

أبّــنــوا مــا بــقــيــتُــمُ للــشـــهيدِ     واسكبوا الدمعَ مثلَ درٍّ نضيدِ

أبّنوا مَن أشادَ للدينِ صــــــــرحاً     ســامــيـــاً ذكـرُه بيومِ الخلودِ

أبّنوا مَن فدى إلى الـــدينِ نـــفساً     هيَ نفسُ الــــتقديسِ والتمجيدِ

أبّنوا من قضى ومـــا ذاقَ مــــاءً     وهوَ نفسُ الــنبيِّ خيرِ الجدودِ

أبّنوا من أتى بـــطفلٍ رضـــيـــعٍ     لأنــاسٍ قــلــوبــهــمْ كــالحديدِ

طــالــبــاً مـــنهُمُ لجرعةِ مــــــاءٍ     وأبوه الــســـاقي بيومِ الورودِ

ما سقوه الأعــداءُ ماءً قــــراحـاً     غيرَ سهمٍ أصــــابه في الوريدِ

أبّنوا من رأى أخــاهُ صـــــريـعاً     عافراً في الثرى قـطيعَ الزنودِ

أبّنوا من رأى بـــنــيه وأهـــــلـيـ     ـهِ ليوثَ الوغى بــحرِّ الصعيدِ

أبّنوا مَن لــصــدرِه داسـتْ الخيـ     ـلُ ورضَّتْ خــــزانـةُ التوحيدِ

أبّـنــوا مَـــن لرأسِــهِ رفـعَ الـــقو     مُ عــلــى رأسٍ أســـمرٍ اُملودِ

أبّنوا مَن بـــرحــــلِه هــــجمَ القو     مُ بأمرٍ من الغويِّ الــعــنــيــدِ

سلبوا المحصناتِ والنارَ شــــبُّوا      في خباءٍ قد حُفَّ بـالـــتــأيــيدِ

أبّــنـــوا مَــــن وصيّه أســـــروه     غـــــلّـــلــــوه لهفي له بالقيودِ

أبّنوا من نـــســـاؤه ســيَّـــــروها     حـاسـراتٍ تُهدى لرجسٍ عنيدِ

إن بكتْ أســرعَ الــعــدوُّ إلــــيها     بسـياطٍ فـــتــشــتــكـي للشهيدِ

ولـــكـــــــوفانَ أدخلوها ولـــلـشا     مِ كسبيِّ الـــــيهودِ أو كالعبيدِ

حاسراتٍ مِن بعدِ ســجـــفِ خباءٍ     مــــوثـــقاتٍ قد اُدخلتْ ليزيدِ

وغـــدا شـــامــــتـــاً بآلِ عـــلــيٍّ     خيرةِ اللّهِ مِن جــمـيعِ الوجودِ

وغدا بــالـــقــضــيبِ ينكتُ ثغراً     وهوَ واللهِ منبعُ الـــتــوحـــيـدِ

وهوَ يدعو لمَن ثــوى يــــومَ بدرٍ     شـــيــبــةٍ ثـــــمَّ عتبةٍ والوليدِ

قــد أخــذنـــا بــثــأرِنا مِن حسينٍ     وجــلـبنا عيالَه بـــالـــقــيــودِ

وشــفــيــنــــــا قلوبَنا مِن عــلــيٍّ     بــحــســيـــنٍ وكلِّ شهمٍ شديدِ

حين أشفى الــغـــليلَ أصدرَ أمراً     لــيـــردوا ذوي التقى والجودِ

وصلوا (كربلاء) في يوم عشريـ     ـنَ برأسِ الشهيدِ وابنِ الشهيدِ

رُدَّ لــلــجـسـمِ بــعــدَ حملٍ وقرعٍ     قــد عــراهُ مــن اللـعينِ يزيدِ

وتــلاقــوا بــجـابــرٍ وأقـــامــــوا     مأتماً منتهاهُ يــومَ الـخــلـــودِ

جــلــســوا حــــولَ قبرِهِ في بكاءٍ     نــادبـــاتٍ يــنــدبنَ خيرَ فقيدِ

.....................................................

1 ــ شعراء القطيف ج 2 ص 375

2 ــ معجم البابطين ص 1922

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار