669 ــ محي الدين الجابري (ولد 1385 هـ / 1966 م)

قال من قصيدة (للهِ كيفَ جمعتَ أشطارَ الردى):

يتناخيانِ وطالما خانَ الـرَّدى     عزماً يثورُ ونخوةٌ تــتـضـــرَّمُ

آ كربلاءُ ولــلـدمــوعِ مـواسمٌ     لـكـنَّــمـا لـكِ مِـن دمـانا موسمُ

أورثتِنا شرفَ الشهادةِ فانتمى     لكِ في عروقِ العابرينَ لها دمُ

وقال من قصيدة (كربلاء الهوية):

ومــاذا هـل يـضــلُّ دمٌ أبيٌ     له فـي (كربلاءَ) دمٌ دليلُ؟

يلوذُ بنورهِ عطشٌ البراري     وتستسقي مواجعَـهُ الحقولُ

وتـشتبكُ المسافـةُ بـيـن ليلٍ     وآخرَ وهـو بـيـنـهما يحولُ

الشاعر

السيد محيي الدين بن مسلم الجابري، ولد في النجف الأشرف من عائلة علمية علوية شريفة، ونشأ في أجواء العلم والأدب، أكمل دراسته في بعداد ثم غادر العراق.

نشر قصائده في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية، له العديد من المطبوعات والمؤلفات ومنها تحت النشر، عاد إلى الوطن بعد سقوط النظام البعثي البائد ليواصل نشاطه الثقافي

شعره

قال من قصيدة (للهِ كيفَ جمعتَ أشطارَ الردى):

الدهرُ أخرسُ والــــرَّدى بـكَ أبـــكمُ     لا يـنـطـقـانِ ونـحــرُكَ المُتكلّمُ

ولو انَّ بارقةَ الــــسيــوفِ تلعثــمتْ     أخبرتُ عنها كيفَ يقرعُها الدمُ

ومِـن الـفـجـيــــعةِ أنَّ صوتَكَ شِــقّه     فـوقَ الــرمــاحِ بــآيــةٍ يـتـرنَّـمُ

وعلى صـعـــيدِ الـغاضريةِ شِقَّــه الـ     ـثاني يـسـبِّــحُ ظــامـئـاً ويتمتمُ

للهِ كـــيفَ جـمعتَ أشــطـارَ الــرَّدى     وحنى عليها جسمُكَ الــمُـتقسِّمُ

في كلِّ عضوٍ مـنـكَ مــــوتٌ فــاجعٌ     ولكلِّ جرحٍ مِن جـراحِـكَ مأتمُ

تـبـكـيـكَ أجـفـانُ الســـيوفِ وربَّــما     ضجَّتْ برنَّــتِها عليكَ الأسـهـمُ

والخيلُ من حزنٍ نضتْ أعـــــرافُها     خيلاءَها وعـدتْ إلـيكَ تحمحمُ

ضـاقتْ بـهـا حـلـبـاتُـها فـــــوسعتَها     حـبَّـاً وصـدرُكَ تـحـتـها يتهشّمُ

ولـربَّـمـا فـاضتْ دموعُــــكَ رحمةً     لـشــقـاءِ قـاتـلِـكَ الذي لا يَرحمُ

يا سـيِّـدَ الـكـلـماتِ يُنـــــمي بعضُها     بـعـضـاً لـحـزنــي فيكَ إمَّا تألمُ

فـإذا اسـتـطـالَ بـها إلــيـــكَ حنينُها     سـكـنـتْ وأربَـكـهـا ذهولٌ مبهمُ

وتشـابـكـتْ فـيها خــطـــوطُ فجائعٍ     تُـخـفـى وأخـرى غيرهنَّ تُجسَّمُ

صـورٌ عـجـائـبُ فـــــي ثناياها دمٌ     حـرٌّ يــصـيـحُ ودمــعـةٌ تـستفهمُ

وبكاءُ قرطـيـنِ اســــــتـدارا في يدٍ     شـوهاءَ مِن حجرٍ وخدٌّ يُــلـطـمُ

ورمادُ ذاكـرةٍ حـــــــــدودُ رمـادِها     بــابٌ أحــاطَ بـه الـلظى ومُخيَّمُ

حدَّانِ من لهــــــبٍ تلــوذُ ظــلالـها     بـظـلالِــهــا وشـخـوصهنَّ تهدّمُ

وهـنـاكَ ثــــــــمَّــةَ لـلـعـويلِ تلفُّتٌ     نـحـوَ الـعـويـلِ وصـرخةُ تـتكتَّمُ

يـا خـوفـــــــهـنَّ اسـتـبـقِـهنَّ لوائذاً     بـالـبَّـرِّ فـهـوَ بـهـنَّ بـــرٌّ أرحــمُ

فلـعـلــــهـنَّ إذا الــتـــجأنَ حواسراً     لـلـيـلِ يـسـتـرهــنَّ لــيــلٌ مظلمُ

يا لـــيلهنَّ خُذِ الــــفـجيعةَ وارتحلْ     بنسائِها فالـخـيـلُ حـولـكَ حُــوَّمُ

فإذا ســـريتَ بـــهنَّ مِـلْ إمَّـا ترى     أثــلامَ أقــمــارٍ هـوتْ تـتـثـلّـــمُ

هاتيـــكَ أشلاءُ السماءِ على الثرى     ظمآنــةٌ تــهـمـي عـلـيها الأنجمُ

ونـــــثــارُ آيـــاتٍ تُــردِّدُهــا مــلا     ئــكـةٌ ويــتــلوها على رمـحٍ فـمُ

ما إن تـئـنُّ مِـن الــيــتـــامى طفلةٌ     عـطـشـى يـكـادُ لـشجوِها يتلعثمُ

وعلى الشريعةِ ساعدانِ إذا اشتكى     متنٌ وقاسمَه الــشـكـايـةَ مِعصمُ

يــتــنـــاخيانِ وطالما خانَ الـرَّدى     عزماً يــثورُ ونخوةٌ تــتـضـــرَّمُ

آ كربلاءُ ولــلـدمــوعِ مـواســــــمٌ     لـكـنَّــمـا لـكِ مِـن دمانـا مــوسـمُ

أورثتِنا شرفَ الــشـهـادةِ فــانتمى     لكِ في عروقِ الـعـابريـنَ لها دمُ

وقال من قصيدة (كربلاء الهوية)

تُـــقـــاسِـــمُنا المـواسمُ والــفـصولُ     ويـجـمـعُـنـا إلـيــــــكَ دمٌ يـسـيـلُ

وتـتَّـسـعُ الــمـــقــــــابـرُ مــا هـتفنا     بـحـبِّـكَ والـــمــنافـي تَـسـتـطـيـلُ

وتحـــتـــشــــدُ الجيوشُ لـــنا إذا ما     تـحشّـدَ دمــعُنا الـنـزرُ الـقـلـيـــلُ

أمـن حـزنٍ بـنـا نــبكـيــــــــــكَ إمّا     أضـاءَ يـقينـنَـا حزنٌ جـــــلــيـلُ؟

أم ان الـدمــــعَ ذاكــــــــرةٌ خـرابٌ     نـرمِّـمُـهـا فـيـهـدمُـــهــا العويـلُ؟

ويــعــلـــيها من الــحـــــكـامِ جـيـلٌ     بـقـتـلانـا وبـالـنـكـــبــاتِ جـيـلُ؟

وفي الــحــالـــيـــنِ نذهـلُ فيكَ حبّاً     عـن الـبلوى فـــيــسلـمُنا الذهـولُ

وتَــنْــمِـينا مـنــــايـــــــانا ــ إذا مـا     قُـتـلـنا ــ لا العشيرُ ولا الـــقــبيلُ

وينسبُنا الــطــغــــــاةُ إلـيـكَ ذبـحـاً     فـنـفـخـرُ إنَّكَ النسبُ الأصـــــيـلُ

أبـا الأحرارِ حـسـبـهـــــــــــمُ إبـاءً     بـأن أبـاهـمُ الـحُـرُّ الـقــــــتـيــــلُ

وحــســبُ الــثــاكــلاتِ بهم فخاراً     بـأنَّ الـحـربَ أمُّـهــــــمُ الـثـكـولُ

تــنــادوا قـــصِّـــرِ الأعمارَ فـيــها     إلـى مـجــــــدٍ سـمــاويٍّ يـطــولُ

كـذا والـثائرونَ بـــكـــلِ عـــصــرٍ     عوارفَ ما الصليلُ وما الصهيلُ

تراجمُ للـــوقـــــــائعِ وهي عُــجْـمٌ     تـحـدّثـهـم فـتـعـــــربُ مـا تـقـولُ

وتـنـدبـهـم إلـــى مـــوتٍ عـــــزيزٍ     إذا مـا كــــــــادهـمْ مـوتٌ ذلـيـلُ

ومــاذا هـل يـضــلُّ دمٌ أبــــــــــيٌ     لـــه فـي (كـــــــربلاءَ) دمٌ دليلُ؟

يلوذُ بنورهِ عـــطـــشٌ الــبـــراري     وتــســتــســقي مواجعَـهُ الحقولُ

وتـشتـــبـــكُ الــمــسـافـةُ بـيـن ليلٍ     وآخرَ وهـو بــــيــــــنـهما يحولُ

إذا انتهبَ الصباحُ دمَ الــــضــحايا     فـغـامَ وردَّ مـا انـتـهــبَ الأصيلُ

جـرى فـاسـتـوقـفَ الـدنـــيـــا بهيّاً     ومـاجَ كـأنـه الألـــقُ الـجــمــيـلُ

وكان كما الـــنـــهارِ إذا استدارتْ     بـه الأرضُ اسـتـدارَ بـهـا يـجولُ

يشعُّ فــتـــجــفلُ التيجــــــانُ مـنـه     ويـربِـكُـهـا فـتـهـوي أو تـمـيــــلُ

يصيحُ على جياعِ الأرضِ إمّا اسـ     ـتـبـدَّ بـهـم مـن الخوفِ الـخـمولُ

لجوعِكم المشاكـسِ ألـــفُ مـعـنـى     بـه عـن مـوتِـكـم مـوتٌ بــديـــلُ

ولـلـمـلـحِ الـذي نـبـتـتْ عـلـيــــــه     مـلامـحُ أهـلـكـمْ غـضبٌ يـهـولُ

هـلـمـوا جـوعـكـمْ سـيـفـاً قـديــمـاً     يـهـابُ سُـعـارَه الـسـيفُ الصقيلُ

وصـولـوا بـالـهـيـاكـلِ من حديــدٍ     عـلـى جـبـروتِـهـم أنّـى يــصـولُ

وبـالأحـشـاءِ خـــــــــاويـةٍ تـدوّي     إذا دوّى حـديــــــــــدُهـم الأكـولُ

وبـالـشـهـداءِ يـقـدِمـهـم رعـيـــــلٌ     إلـى غـدهِ ويـتـبـعــــهـمْ رعــيـلُ

فليسَ سوى قميـــصِ الـعـزِّ ثـوبٌ     وإن أدمـتـه بـالـطـعـنِ الـنُـصولُ

وهل تَـئِدُ الـكـــرامـةَ فـي صـدورٍ     إذا وُطِـأت كـرامـتَـهـا الـخـيـولُ

 

كاتب : محمد طاهر الصفار