645 ـــ عبد الغني الخضري (1326 ــ 1396 هـ / 1907 ــ 1976 م)

عبد الغني الخضري (1326 ــ 1396 هـ / 1907 ــ 1976 م)

قال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (56) بيتاً:

ويمَّمتَ الـعـراقَ وأنــتَ أدرى      بـهِ خُـبـراً وأعـلـمُ فيهِ حالا

فـجـازَ بكَ المسيرُ لـ (كربلاءٍ)      فقلتَ بلا هنا حطوا الرحالا

جرى قلمُ القضاءِ على ابنِ طهَ      بيومِ الطفِّ أن يقضي قتالا (1)

الشاعر

الشيخ عبد الغني بن حسن بن إسماعيل بن محمد بن موسى بن عيسى بن حسين بن خضر الجناجي المالكي المعروف بـ (الخضري)، (2) شاعر وأديب وصحفي، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية برز منها العديد من أعلام الفقه والأدب.

نشأ الخضري في الأجواء العلمية التي كانت تعجّ بها النجف وكان والده أديباً شاعراً فنهج منهجه في طريق المعرفة والآداب، وبعد أن تعلم القراءة والكتابة انتقل إلى المدرسة العلوية الإيرانية وتخرج منها.

كما درس الخضري العلوم الفقهية والأدبية في جامع الهندي على يد أعلام النجف منهم: الشيخ عبد الكريم الشرقي، والشيخ إبراهيم الكرباسي، والشيخ محمد تقي صادق، والسيد علي التبريزي، ثم حضر الأبحاث العالية على الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والسيد أبي الحسن الأصفهاني.

خالط الأدباء والشعراء وشارك في الأندية الأدبية والثقافية، ونشر كثيراً من القصائد في الصحف العراقية، وأسس عام 1945 (جمعية التحرير الثقافي) في النجف وأصبح معتمدها ورئيس مدرستها الدينية، كما ترأس تحرير مجلة (التحرير الثقافي).

 له من المؤلفات:

ديوان شعر

عواطف الإخوان

الرسائل الأدبية (2)

قال عنه الخاقاني: (أديب وديع النفس مرح الروح، رقيق العاطفة، مرهف الحس، وقد تطلع إلى الحياة الأدبية والاجتماعية تطلعاً جدياً وشارك في الحس الاجتماعي والوطني والأدبي وماشى الفكر الحرة التي انتجت جمعية الرابطة والمنتدى فكان من بارزي الأعضاء الأول ومن الشباب الشهم الحي ..) (3)

ونقل السيد جواد شبر في ترجمته عن الطهراني قوله: (عالم فاضل وأديب شاعر. كان في النجف الأشرف من أهل العلم والفضلاء الأجلاء وكان على طريقة الاخبارية، وهو شاعر مكثر لا سيما في مدح أهل البيت ورثائهم وهو سريع البديهة جداً وشعره متوسط ، طبع له (منتظم الدرر في مدح الإمام المنتظر) طبع بالمطبع الحيدرية بالنجف سنة ١٣٣٩ ه‍. يحتوي على ٧٢ صفحة. توفي يوم الثلاثاء منتصف محرم الحرام سنة 1358 هـ . ودفن في الإيوان الذهبي في الصحن العلوي الشريف. وله شعر كثير وله تخميس التائية الشهيرة لدعبل بن علي الخزاعي والتي أولها:

تجاوبنَ بالأرنانِ والزفراتِ     نوائحُ عجمِ اللفظِ والنطقاتِ

 وله تخميس قصيدة السيد جعفر كمال الدين الحلي والتي أولها:

يا قمر التمّ إلى مَ السرار     ذابَ محبّوكَ مِن الانتظارْ

ومن ذكرياتي عن المترجم له أني كنت أجتمع بجملة من اللبنانيين الأفاضل ورجال العلم في الإسبوع مرة في دار العلامة المرحوم الشيخ عبد الكريم الحر وهو صهر الشيخ المترجم له فكنا نقضي ساعات من الليل في الاستماع إلى شعره الذي كان يحفظه ويردده بأنشودته ونبراته ولا أنسى أن كل ما ينظم ويقرأ هو في مدح حجة آل محمد صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن سلام الله عليهما. أمّا ما رواه لي ولده العلامة الشيخ محمد الحر سلمه الله عن سيرة والده رحمه الله قال: كان لا يمرّ يوم من الأيام إلا ونظم من الشعر عشرات الأبيات وقد ألزم نفسه بنظم كل يوم قصيدة كاملة وملكته الشعرية وحافظته القوية وسرعة البديهة مضرب المثل، يقول ما كنت أسمع بديوان شعر إلا واقتنيته وحفظت أكثره عنه أخدانه ومعاصروه كنا نقرأ عليه القصيدة الكاملة مرة واحدة فيحفظها ويقول ولده سلمه الله: أما الذي أدركته منه في أواخر عمره فقد قرأتُ عليه قصيدة تتكون من ستين بيتاً وهو يرغب أن يحفظها قال: إقرأ عليّ منها ثلاثين بيتاً فقط، فقرأتُ فأعادها عليّ حفظاً، ثم قرأت عليه ثلاثين بيتاً بعدها فأعادها عليّ حفظاً، ويقول ولده إن مجموع ما نظمه لا يقل عن أربعة آلاف قصيدة وأكثرها في صاحب الأمر حجة آل محمد وحدّث العلامة الجليل السيد عبد الرؤوف فضل الله أنه قد سمع من المرجع الديني الورع السيد عبد الهادي الشيرازي رحمه الله كان يتحدث عن المترجم له ويقول : إن ولاء الشيخ عبد الغني الحر وحبّه لآل محمد لو وزّع على جميع أهل البلد لما دخل أحد منهم النار .

 وحدّث أحد تلاميذه عن سرعة البديهة وقوة الحافظة عند الشيخ الغني فقال: كان يدرّسنا رسائل الشيخ الأنصاري عن ظهر غيب وحفظ العبارة بنصّها ، كما كان يحفظ أحاديث الكتب الأربعة ويستظهرها تماماً كما كان يحفظ القرآن الكريم ونهج البلاغة ومقامات الحريري ومقامات بديع الزمان الهمداني. وعندما يتلو بعض الفصول يهتز لها إعجاباً بها، وأذكر صوته الجهوري مضافاً إلى بسطته في العلم والجسم ونقل لي ولده بعض الاكتشافات والتجليات والكرامات التي تدل على روحانيته وشدة ولائه وعقيدته ومنها يظهر إيمانه الراسخ بالفكرة والمبدأ) (4)

وقال عنه الأستاذ كامل سلمان الجبوري: (له حسٌّ مرهف وروح مرحة، وشعره حافل بالأغراض التي تهدف إلى استنهاض الروح القومي والتمسك بأهداب الفضيلة وإحياء التراث العربي والإنساني والدفاع عن حياض الأمة) (5)

وقال عنه عبد العزيز البابطين في معجمه: (انتهج نهج القصيدة العربية القديمة، فأخلص لعروضها وموضوعاتها، له مطولات مرتبطة بمناسبات عصره السياسية والاجتماعية، يغلب على السياسي منها روح المديح، وله مقطعات معظمها مربعات شعرية، تنم جميعها على رؤيته للحياة والعلاقات الإنسانية وتكشف عن ذاته)

توفي الخضري في النجف ودفن في الايوان الذهبي في الصحن العلوي الشريف، وأقيم له حفل تأبيني، جمع ما قيل فيه من شعر ونثر ولده الأستاذ عبد الأمير في كتاب (أدب الذكرى)، وأرخ وفاته السيد موسى بحر العوم بقوله:

مدارجُ العلمِ وكنزها الغني      لـبَّـتْ نــداءَ ربِّـهـا في سننِ

مـعَ الـغـنيِّ أدرِجا في كفنِ      أرَّخ: (نداءَ ربِّهِ لبَّى الغني) (6)

شعره

قال من قصيدته التي قدمناها وتبلغ (56) بيتاً:

أبا الشهداءِ رزؤكَ لن يــزالا      جديداً يـمـلأ الـقـلــبَ اعتلالا

تـردِّدُ هـولـه الــدنــيـــا دويَّـاً      فيبعثُ في الحشا داءً عُضـالا

أبا الشهداءِ يومُكَ كيفَ يُسلى      ألــيــسَ سُــلوِّهِ شيئاً مُــحــالا

أبا الـشـهـداءِ مـوقفُكَ المُجلّي      بتاريخِ الكرامــةِ قـــد تـــلالا

إبــاءً قــد أهـــابَ بكلِّ نـفـسٍ      بأن تــأبــى الــدنا والانخذالا

وصبرُ كيفما جـرتِ الـقضايا      وإن بَيَّضنَ بالـمجرى القذالا

وإنَّ الدينَ بالأجــســـادِ يُفدى      وبالأرواحِ تــبــتــذلُ ابــتذالا

......................................................................

1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 371 ــ 373 عن ديوانه ص 180 ــ 183

2 ــ نفس المصدر ج 4 ص 200 ــ 201

3 ــ شعراء الغري ج 5 ص 473

4 ــ أدب الطف ج 9 ص 185 ــ 187

5 ــ معجم الأدباء ج 3 ص 476

6 ــ موقع مكتبة الروضة الحيدرية

كما ترجم له

رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 2 ص 224 ــ 225

محمد خيري رمضان / معجم المؤلفين المعاصرين في آثارهم المخطوطة والمفقودة وما طبع منها أو حقق بعد وفاتهم ص 363

كامل سلمان الجبوري / الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 200 ــ 201

جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 211

محمد علي جعفر / مشهد الإمام ج 3 ص 205

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 1 ص 130

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 2 ص 294

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 498

: محمد طاهر الصفار