617 ــ محمد صادق القاموسي (1339 ــ 1408 هـ / 1920 ــ 1988 م)

محمد صادق القاموسي (1339 ــ 1408 هـ / 1920 ــ 1988 م)

قال من قصيدة (أبا الضحايا) وتبلغ (33) بيتاً:

يؤلمني أن الــضـحــايا التي      تحضـنـهم شامخةً (كربلاءْ)

وأن أوداجَ الــدمـــاءِ الــتي      تـعـطّـر الدهرُ بها واستضاءْ

من عابسٍ شاقَ الظبا والقنا      ومترفٍ عافَ المنى والهناءْ (1)

الشاعر

محمد صادق بن عبد الأمير بن صادق بن حسين بن درويش بن علي بن جواد بن عبد الخالق الربيعي البغدادي المعروف بـ (القاموسي)، شاعر وكاتب وصحفي، ولد في النجف الأشرف من أسرة بغدادية عُرفت بالأدب والتجارة حيث كان أبوه قد سافر إلى النجف إبان الحرب العالمية الأولى عام (1914) للدراسة والتجارة ــ وكان بزازاً ــ ، امتثالاً لرغبة خاله المجتهد الورع الشيخ باقر القاموسي البغدادي، أما لقب هذه الأسرة القاموسي فقيل إنه جاء من حفظ أحد آبائها كتاب القاموس المحيط للفيروز آبادي

وكان دكان الشيخ عبد الأمير ــ والد القاموسي ــ ساعة من عالم أو أديب أو شاعر فنشأ القاموسي في أجواء النجف العلمية والأدبية وعاشها، فدرس مقدمات العلوم الدينية والأصول والفقه والأدب والشعر، على يد أفاضل علماء النجف أمثال الشيخ محمد رضا المظفر، والعلامة السيد حسين الحمامي، والسيد حسن الموسوي، والسيد محمد حسين بن سعيد الحكيم، والشيخ نور الدين الجزائري، والسيد عبد الرزاق المقرّم، والسيد محمد علي الحكيم، والسيد مرزا حسن البجنوردي، والشيخ حسين الحلي، والسيد الخوئي.

درس القاموسي في كلية منتدى النشر (الفقه) وتخرّج منها وعمل أستاذاً للمنطق، كما عمل مرشداً ومشرفاً لمجلة (البذرة) التي كانت تصدرها الكلية، وكتب افتتاحياتها باسم (مرشد اللجنة) وقد انتخب عضواً في جمعية منتدى النشر لأكثر من ثلاثين دورة وكان عضواً مؤسّساً وإدارياً في المجمع الثقافي التابع للجمعية، وألقى العديد من المحاضرات في مواسمها الثقافية.

كتب الشعر مبكراً وشارك في المناسبات والاحتفالات الشعرية، ثم انتقل إلى بغداد عام (1959)، ونشر قصائده ومقالاته في صحف بغداد، وله ديوان شعر أعده وحققه محمد رضا القاموسي، كما ألف عدة كتب منها: (مشاكل الشباب)، (محاضرات إبليس)، (المقداد الكندي)

توفي القاموسي في بغداد وأقيمت لاستذكاره جلسات أدبية في بغداد والنجف، ورثاه عدد من الشعراء والأدباء والخطباء, منهم الشيخ الدكتور أحمد الوائلي، والشاعر صالح الظالمي، والشاعر هادي محيي الخفاجي (2)

شعره

قال عنه البابطين في معجمه: (يصدر شعره عن مناسبات وقتية، قال في رثاء آل البيت ومديحهم، ورثاء أساتذته، وفي مناسبات عامة، كما عارض بعض القصائد، وله غزل يتردد بين اللمح والاعتراف، قصائده متوسطة الطول، وعبارته مستقيمة واضحة المعاني، تتخللها ألفاظ التراث وصوره المأثورة)

قال في عيد الغدير بعنوان (العيد الحزين) وتبلغ (40) بيتاً:

أيـطـربـنـي مــاضٍ بــعــدلِـكَ زاهرُ     وقد ملأ الدنيا من الــظــلـمِ حاضرُ

وتفرحني الذكرى وما زلتُ خاضعاً     لأمــرِ الألــى قِــدْمـا عليكَ تآمروا

تباركتَ يا يومَ الــغــديــرِ ولــلـهدى     سنا واضحاً لو أحسنَ البحثَ حائرُ

تـعـالـيـتَ دســتــوراً به العدلُ دولةً     وقُــدِّســتَ ســلـطـانـاً بـه الحقُّ آمرُ

قرأتُكَ (نصاً) تــسـتـشـفُّ ســطورُه     سناً وحـديـثــاً يصطفيهِ الــتــواتــرُ

فــمــا هــالـنــــي إلاّ ختولٌ مــؤوّلٌ     وما راعني إلاّ جــهــولٌ مــكــابــرُ

أبا العدلِ يومُ الـمـصـلحينَ كأمسِهمْ     عصيبٌ وليلُ الـمـسـتـضامينَ عاكرُ

إذا لم يسرْ في الناسِ سيرَكَ مُصلحٌ     أمـيـنٌ عـلـى نــشـــرِ الــعدالةِ قادرُ

فـلا يــصــلـحُ الــدنــيــا عتادٌ وقوَّةٌ     وإن حاطتْ الستَّ الجهاتِ العساكرُ

وأنّى وقد ساويتَ في الحقِّ (قنبراً)     تــقــاســمُــه مــا تــقــتـني وتشاطرُ

ومـا بـتَّ مِـبطاناً وفي الناسِ جائعٌ     ولـو شـئـتَ ألــهــاكَ الغنى والتكاثرُ (3)       

وقال من قصيدته (أبا الضحايا):

عزَّ عـلـى يـومِكَ يومَ الإباءْ      أنَّـكَ لا تُـرثــى بغيرِ الـبكاءْ

وأنَّ ذكـراكَ عـلـى مــا بِـها      مِن عِظةٍ تُوحي لنا مـا نشاءْ

مـدرسـةٌ يــجـهـلُ طــلاّبُـها      على م تَـشْـيـيـدُكَ هـذا البناءْ

أبا الضحايا وعـزيـزٌ عـلـى      بـنـيـكَ أن تشجى بهذا النداءْ

وأن تـجـازى بدموعِ الأسى      ومـأتـمِ الحزنِ وشجوِ الرثاءِ

يؤلمني أن الــضـحــايا التي     تحضـنـهم شامخةً (كربلاءْ)

وأن أوداجَ الــدمـــاءِ الــتي     تـعـطّـر الدهرُ بها واستضاءْ

من عابسٍ شاقَ الظبا والقنا     ومترفٍ عافَ المنى والهناءْ

غـطّــتْ مآسيها على غايِها      فلمْ نعدْ نعرفُ غيرَ الـغـطاءْ

واحتشدَ اليأسُ على ضوئِها      فاحتجبتْ أنوارُها بالـدمـــاءْ

وقال من قصيدة (بنت العصور) وتبلغ (83) بيتاً:

بنتُ العصورِ فلا يَنهي روايــتَــها      تاريخُ جيلٍ ولا عصـرٌ يحدِّدُها

جاءتْ بأبلغَ عصماءٍ وما بــرحتْ      تُـتلى ومستمعُ الأجيـالِ مُنشِدُها

تفرَّدتْ بالمعاني الــبــكـــرِ هادرةً      مـنـهـا فـريــدُ قوافيهـا وشرَّدُها

صـاغَ الــحـسـيـنُ معانيها ولحَّنها      قلبٌ يعيها وأرواحٌ تــــجــسِّـدُها

دوَّتْ كأنَّ النحورَ الناضحاتِ دماً      رواتـهـا وكــأنَّ الــطفَّ مربدُها

للهِ بــأسُــكَ مـن ذكـرى ننامُ على      أطــيــافِـهـا ويـسـلـينا تــجــدُّدُها

مدى القرونِ تناجـيـنـا بـصرختِها      ونحنُ بالدمعةِ الخرساءِ نسعدُها

ما استلهمَ القادةُ الأبرارُ ثــورتَـها      وأرجفَ الطاغيَ الجبَّارَ مولدُها

إلا لأنَّ يداً مـخـضـوبــةً قـبـضتْ      عــلــى قــوائــمٍ أهدافٍ تُجرِّدُها (4)

.................................................................

1 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 82 ــ 82 عن ديوانه ص 99 ــ 102

2 ــ شعراء الغري ج 9 ص 232 ــ 233 / معجم الشعراء ــ كامل سلمان الجبوري ج 2 ص 423 ــ 424 / الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 154 ــ 155 / علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ٢٦٦

3 ــ شعراء الغري ج 9 ص 238 ــ 240

4 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 337 ــ 341 عن ديوانه ص 187 ــ 195

كما ترجم له وكتب عنه:

حميد المطبعي / موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين ج 3 ص 112

الشيخ محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 3 ص 969

الأستاذ السيد محمد حسين علي الصغير دراسة عن شعره بعنوان (الفن الاستعاري في شعر صادق القاموسي) ــ مجلة اللغة العربية وآدابها، جامعة الكوفة ــ المجلد 1، العدد 24 (31 ديسمبر/كانون الأول 2016)، ص 11 ــ 32 بتاريخ 31 / 12 / 2016

طيار فاضل حميد القطراني ــ دراسة البنية الصّرفية والتّركيبية ودلالتيهما في شعر صادق القاموسي ــ رسالة ماجستير ــ جامعة البصرة

شكيب كاظم ــ في ذكرى صادق القاموسي..المكتبة العصرية من مثابات شارع المتنبي الثقافية ــ ملاحق المدى بتاريخ 31 / 5 / 2014

مرتضى شناوة فاهم العرداوي ــ الاداء البياني في شعر صادق القاموسي ــ اللغة العربية وآدابها ــ جامعة الكوفة - كلية التربية للبنات - قسم اللغة العربية 2014 ــ أطروحة جامعية

مازن داود سالم الربيعي ــ الظواهر الفنية في شعر صادق القاموسي

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار