جعفر الهلالي (1346 ــ 1440 هـ / 1927 ــ 2019 م)
قال من قصيدة (ذكرى الطفوف) في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (45) بيتاً:
ما (كربلاء) سوى بدرٍ بها انتصرتْ لأحمدٍ تلكمُ الآيــاتُ والـسـورُ
ومـا الـحـسـيـنُ سـوى طـهَ بـفـكـرتِهِ بـذاكَ يـنـطقُ إعلاناً به الخبرُ
يا ثـورةَ الـحـقِّ والإيـمـانِ فـجَّـــرَها سبطُ النبوَّةِ لمَّا استفحلَ الخبرُ (1)
ومنها:
وكــنــتَ للهِ قـــربــانــاً تــنــاهــبه بـ (كربلاء) سيوفُ القومِ والسمرُ
يا تربةَ الطفِّ طاولتِ السماءَ علاً فـودَّ لـو حـلَّ فـي أجـوائِـكِ القمرُ
يا كـعـبـةً طـافَ أحرارُ العبادِ بها فـطـابَ فـيـكِ لـهـمْ حـجٌّ ومـعتمرُ
الشاعر
الشيخ جعفر بن عبد الحميد بن إبراهيم بن حسين بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن أحمد الهلالي الإحسائي البصري، عالم وأديب وخطيب وباحث ومحقق وشاعر، ولد في البصرة من أسرة يرجع أصلها إلى الإحساء، نشأ على يد والده الخطيب الشيخ عبد الحميد الهلالي فترسّم خطاه ومنهجه، ثم سافر إلى النجف لمواصلة دراسته فدرس على يد العديد من الأعلام منهم: السيد حسين محمد تقي بحر العلوم، ومحمد تقي الحكيم، والسيد أحمد النحوي الإحسائي، والشيخ حسين الفرطوسي، والسيد محمد جواد العاملي، والشيخ علي زين الدين، والشيخ علي التاروتي.
كما دخل الهلالي كلية الفقه وتخرج منها حاصلاً على البكالوريوس في العلوم العربية والإسلامية، واتجه نحو الخطابة فارتقى المنبر الحسيني في العديد من المدن العراقية، هاجر إلى الشام وأقام فيها ثم انتقل منها إلى الكويت، ثم عاد إلى النجف حتى وفاته ودفنه فيها.
نشر قصائده ومقالاته في الصحف والمجلات العراقية والعربية، وله العديد من المؤلفات في العقيدة والأدب والتاريخ منها:
(الملحمة العلوية)، (معجم شعراء الحسين عليه السلام بجزأين)، (الداماد محمد باقر)، (منهج ديكارت)، (الأذواء والأذوات)، (المؤرخين)، (مستدركات كتاب الكنى والألقاب)، (تراجم النساء)، (المجالس الحسينية في تاريخ أهل البيت عليهم السلام)، (الأوليات في الأحداث والأخبار)، (الأدب العربي في الأحساء)، (من حياة وسيرة المعصومين)، (عدتي للآخرة في رثاء العترة الطاهرة)، (أبو العلاء المعري ــ الشاعر الحكيم والفيلسوف الزاهد)، (ديوان شعر)، (تحقيق ديوان الشاعر عبد الله الوايل) (2)
عُرف الهلالي بثقافته الواسعة وتتبعه الأدبي يقول الدكتور خليل عبد السادة إبراهيم الهلال: (لم يقتصر نشاط الهلالي على إعادة النظر في شعره وتنقيحه، وهذا ما تؤكده المسودات التي كتبها بخط يده، بل تعداه إلى النظر في شعر الآخرين، وما قيل فيها، ليقول رأيه ويثبت حكمه النقدي، وهذا ما تجده في كتابه: معجم شعراء الحسين عليه السلام، وديوان الشيخ عبد الله الوايل الإحسائي المسمى الدرة الفاخرة في مدح العترة الطاهرة الذي حققه وعليق عليه) (3)
ويقول محمد الحسيني: (العالم، المحقق، والأديب، شخصية ليست مركبة، تكتشف عمقها وأغوارها بيسر، لينٌ هادئ، سيان إن اتفقت معه أم لم تتفق.. وهو فوق ذلك، شخصية ظريفة تمطر مستمعيه بالطرافة وتسكرهم، دون أن يفقد هيبته ووقاره..
لا يعرف الشيخ الهلالي التصنّع، ولا يجيد التمثيل، وهو على منبره لا يغري بالجهل، ولايمرّر الخرافة، ولا يتحذلق على جمهوره، وهو العالم المحقق. حسيني الهوى، وحسيني السلوك والمنهج، فتأدب بأدب الإسلام وأدب رموز الإسلام، فلم يستغلً منبر سيد الشهداء للخصومة والاحتراب، ولا للإساءة للغير) (4)
شعره
من أبرز شعره (الملحمة العلوية) وتضمّ (1174) بيتاً على وزن واحد وقافية واحدة وهي في مدح أمير المؤمنين (عليه السلام) (5) يقول في مطلعها:
لَــكَ هــــذا الــشّــعـرُ اُنضِّــدُه وعلى أعــتــابِــكَ أُنْشِدُه
ماذا ســـأعــدُّ بِــقــافِــيـــــــــةٍ مهما لــلــشّــعــرِ اُردِّدُه
ولـفـــضْلكَ عدٌّ لا يُــحـــصـى قِـدْمـاً قـد حــارَ مُــعَدِّدُه
وبِــــكَ الـشّـعـراءُ وإن بَــلَغَتْ أقصى ما المَــدْحُ يُعَدِّدُه
فـبـــلـوغُ الــغـايـةِ مَـبْـــــدَؤُها بِــمـديـحـكَ فــهو مُؤَبَّدُه
لـــكـنَّ ولاَءكَ فـي قَـلْـــبــــــي فأَتيتُ الــيــــومَ أُجَـسِّدُه
قـدْ ســـارَ كـمـا قد ســارَ دمي في جِسمي كــيفَ أُبَـدِّدُه
حِــرزي إن قَصَّرَ بــي عَمَلي وضَماني باسْمِكَ أعــقِده
إنّــــي وولاكَ لــنـــــا فَـرضٌ أضـحى المختارُ يُــؤكّدُه
وبـ (قُلْ لا أســــــألُكم) نَــصٌّ جــاء الــقــــرآنُ يُــؤَيِّدُه
وبِــنَـــــصِّ حَــديـــثٍ مُعْتَبَــرٍ قـد صَحَّ هنالكَ مُــوَرَّدُه
عِــنـــــوانُ صـحـيفةِ مُؤمِنِــنا بِولاكَ تَــشَـــيَّــدَ مَعْــقِدُه
بِـكَ قِـــــدماً قالَ أبو الزَّهــرا ءِ مقــالاً عــالٍ مُـســـنَدُه
لَـولا مـــــــا أخْشى مِنْ قَــوْم قَـوْلاً فـي عِيسى تُــوردُه
لأبَـنْـتُ مـــقالاً لَـســــتَ تَــمـ ـرُّ بِــقَــوْم فـيما أعْـــهَدُه
الاّ أَخَــــذَتْ مِــمّــا وَطِــئَــتْ قَــدَماكَ تُراباً تــفــســـدُه
ويَروْنَــكَ حِــينَ تَهِلُّ الطَّــــرْ فَ لِــحُــبِّ اللهِ وتَحْمــدُه
تَــدْعـــــوه تُناجِــيــه لَــيـــلاً بالذُّلِ هُناكَ وتَــقْــصُـــدُه
تُولِيــهِ الــفَــضْــلَ وتَـشْكُـرَه فيما أعـطـاكَ ونَـقْصُـــدُه
وبِــذَاكَ تَقُولُ لِمنْ غــالــــى إنّي لِــلــخـالِــقِ أعْـــبُــدُه
أنــا عبدُ مَــشِــيـئَتِهِ الكُبـرى أنا نُــوْرٌ مِـنـه تَــوَقُّـــــدُه
لكنَّ عُــقــــولَـهمُ تــاهَـــــتْ مُذ شَخْصُكَ لاحُ مُمــجَّدُه
ودَعَـتْـكَ بـأنّـكَ رَبُّ الـخَـلْـ ـقِ تُفِيـضُ الرِّزْقَ تُحَــدِّدُه
يـا وَيْــلَــهُــمُ مِــــمّــا قَالـوا قَـولاً نَـقـلُــوه ونَــجْـــحَدُه
وبِــذاكَ مــعــــاويـــةُ جَلـى وســواهُ مِمَّـــنْ يَعْـــضُدُه
فَلِــحَــرْبِــكَ قـــادَ جَحافِـلَهِ ولِـســبِّـــكَ رَاحَ يُـــــمَـهِّدُه
وَنَـهــى أن تُــرْوى مَنْــقَبَةٌ لَكَ والـرّاوي يَـــــتَــهَــدَّدُه
قَدْ كانَ (وِلاكَ) جريمــتهم واللهُ ولاك مُــــــؤَيِّــــــــدُه
وهُــنـاكَ كَثِير لا يُحْــصى لِــلــقَــولِ يَـطُــــوْلُ تَعَدُّدَه
أأبــــا حَسَن وَمُصَابُــكَ ما زِلــنــا فـي الدَّهْـــرِ نُرَدِّدُه
قــدّسْتُ شَهَادَتَكَ الــعُظمى شَـوقــاً بــالـعِــــزَّةِ تَعْقِــدُه
يَــوْمٌ فــي الــبَــيْتِ بَدا ألقاً مـيـلادُك وهْـــوَ مُــخَـــلّدُه
وبيومٍ تُصــرَعُ عــنـدَ البَيْـ ـتِ فَطابَ الــخَتْمُ ومـوْلِدُه
قَـدْ كُنْتَ أَتَيْــتَ تُؤَدّي الفرْ ضَ وذكْــــــرُ اللهِ تُــرَدِّدُه
فأتـاكَ هــنــاكَ شَقِيُّ الخَلْـ ـقِ بِــــغَــدْر كانَ يُـجَسِّــدُه
فَصَرَخْتَ هُنَالِكَ فَزْتُ بها ولِــــربِّــكَ رِحْـتَ تُمَــجِّدُه
أأبا حَــسَــــن بكَ قد ثُكِلَتْ دُنْيا الإســــلامِ ومَعْــبَـــدُه
فَبَكَاكَ الـدّيــنُ وشِـرْعَــتُهُ ونَعاكَ الــــكَــونُ وَفَرْقَــدُه
وغَدا جبريل أسىً يُـعـلـي صَـوْتــــاً بــالأفْــقِ يُرَدِّدُه
والمِنْبَرُ بَعْدَكَ والِــمــحرا بُ نَعى والفَرْضُ ومَسْجِدُه
وَبَكَتْكَ يَتامى ما فَــتِــئَـتْ لِــعَــظِــيــمِ نَــوالِـكَ تَعْهَدُه
ومنها:
يــا دُنـيـا الـحقِّ ويـا نَغـــــماً يتـلوه الدّهرُ ويُــنــشــــدُه
فَبيوم الميلادِ الأســـمــــــــى كـمْ راحَ يُفاخرُ مــسـجدُه
مُذْ وافتْ فاطـمةٌ تَـــــــــدعو والبيتُ تَزاحَــمَ مَـــشْهَدُه
وتقولُ وزاحمَـها للــــــــطّلـ ـقِ مَــصـــيـرٌ حان تَأكُّدُه
يا ربِّ أتَــيْــتــــكَ مُـؤمِنَـــةً ولــشُــكــرِكَ جِئتُ أردِّدُه
سَهِّلْ يا ربِّ عــــلــــيَّ بِــه وَضعاً فتـباركَ مَـــولِـــدُه
وإذا بالـكـعبةِ حائِــطُـــــــها ينشَقُّ هُـــنــاكَ مُــصـمَّدُه
وَضعَته هُنــالــكَ مُــبتَـــهلاً للهِ يُــنــيــــبُ ويَــعْــبُـــدُه
ويَلوحُ النورُ بــــغُـــرَّتـــهِ ويَعُمُّ الــكـــونَ تَـــوقُّــــدُه
وتلقَّفَكَ الــطُـهــرُ الــهـادي فــنـطَـقتَ ورِحتَ تُمـجَّدُه
هو هذا الفضلُ فأيــن سِوا كَ ومـا قدْ قالَ مُـــؤيِّـــــدُه
خَـسِـئُـوا مـا ســاوَوا أنمُلةً أيُـســاوي الــنّــــورَ مُلبَّدُه
ونشأتَ وأنتَ بحجر الطّهـ ـرِ يُريـكَ اللُّطفَ ويَحشِدُه
قد كـانَ يُـنِـيـمُـكَ مُـقـتـرباً مـنـه ويــضُــمُّــكَ مَشْهَدُه
ويُغذّي رُوحَــكَ بــالإيــما نِ نَــمـيــراً زاكٍ مَــوْرِدُه
فظَهَرْتَ كأعْــظـمَ إنـسـانٍ لِعُلاكَ تَــشَـــيّـــدَ مَـعْــقِدُه
ما فاقَكَ غَيرُ أبي الزَّهــرا ءِ إمامُ الــكــونِ وســــيِّدُه
فمُحَمَّدُ شَـــمـسُ الكونِ بَدا ولأنــتَ بــذلــكَ فَــرقَــدُه
فلأنـــتَ ولـــــــــيُّ اللهِ لنا ورسولُ اللهِ مــحــمَّـــــدُه
وقال في أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً:
ذكراكَ يا بطلَ الخلودِ بــمــســمـعي خطرتْ فكانتْ في القصيدةِ مطلعي
وتفجَّرتْ بــفــمــي فــرحــــتُ أبثّها مـدحـاً تــفــوحُ بــنـشرِكَ المتضوِّعِ
ولأنــتَ مـفـخـرةُ الدهورِ فـهلْ إلى معنى عُلاكَ تنالُ ريــشــةُ مــبـــدعِ
ذكـراكَ درسٌ كمْ أفاضَ على الملا حِكماً بها لـلـعـقـلِ أخـصـبُ مــرتعِ
تمضي الدهورُ وأنتَ في أفقِ العُلى قــمـرٌ يــنـيـرُ الـــدّربَ لــلـمـتـطــلّعِ
أبداً ســيــقـــــــرؤكَ الزمانُ تفاخراً لــلـحـقِّ فــي وجــهِ الضّلالِ الأسفعِ
إيهاً وليدَ الــبــيــتِ ذكـــرُكَ عاطرٌ إمَّا يمرُّ على الــمــحــبِّ الــــمـــولعِ
فعُلاكَ شمسٌ قد تألّقَ مُـــشـــرقــــاً تــعــنـــو لــه الــدنــيـا بـغـيــرِ تمنُّعِ
ولــيــومِ مــولــــدِكَ الـمباركِ قصةٌ فــيــــهــــــا لشخصِكَ مـيزةٌ لمْ تُدفعِ
شكوى إليكَ أبا الــحــســيـــنِ يبثّها قلبي ونارُ الــحــزنِ تُــلـهبُ أضلعي
هيَ نفثةُ المصدورِ فجَّـرَهـا الأسـى شعراً على فمِ شاعرٍ مُــتــفــــــجِّــعِ
قد عادَ وضعُ المسلمينَ كــما تـرى بـــدداً بـــأيـــدي الــخــائنينَ الوضَّعُ
وبلادُنا وهيَ الجريحةُ قد غـــــدتْ نـهـبـاً لـرغـــبـــةِ طامعٍ أو أجــشــعُ (6)
وقال من أخرى في مولد أمير المؤمنين (عليه السلام):
حينَ انثنتْ للبيـــــتِ أمُّكَ فــاطــــمٌ تدعو بدعوةِ خـاشـــعٍ مُتضرِّعِ
يا ربِّ جئتُكَ كــــي تسهِّلَ حاجـتي فإليكَ مُنقلبي وعنـــدكَ مفزعي
وإذا النداءُ يــقــولُ فاطمةُ ادخـلـي حـرمَ الإلهِ وعندَ مثـــواهُ ضِعي
فولدتَ طــهراً فــوقَ أشرفَ بُـقعةٍ هـيَ قـبـلـةٌ لـلـساجــــدينَ الرُّكَّعِ
لكَ سجَّلَ الــتأريــخُ أروعَ صـفحةٍ وكفى بها مثلاً عــــلى ما أدَّعي
كرِّمتَ عن (هــبلٍ) لـتسجدَ نـحـوه ولغيرِ ربِّ العــرشِ لمْ تتضرَّعِ
وسـبـقـتَ لــــلإســـلامِ لا مُـتـردِّداً والناسُ ثوبُ الـشـركِ لمَّا تنزعِ
وبذلتَ نفسَــكَ في الـمــواطنِ كلِّها في اللهِ لا تخشـــى لــقـاهُ مُدرَّعِ
كمْ وقفةٍ لــكَ دونَ أحــمدَ جاوزتْ حدَّ الثناءِ ومـــثلها لمْ نــسـمــــعِ
حتى رفــعـــتَ لــديــنِ أحمدَ رايةً خــفَّــاقــةً بــالنصرِ فوقَ الأربعِ
أأبا الحسيــــنِ وما اقولُ بمعشرِ الـ أصحابِ بعدَ أبي الهداةِ الأروعِ
لــو قـلّــــــدوكَ الأمرَ ما زلّتْ بهمْ قــدمٌ عـن الـنـهــجِ القويمِ المهيعِ
ولأبصـــــروا بحراً خضمَّاً طافحاً بالعلمِ لا نقصٌ بهِ فــي مــوضـعِ
وإمــــــامَ حــقٍّ لـم يـلـنْ بـحكومةٍ جـوراً ولــم يـــرغبْ بلذّةِ مطمعِ
وفـــــتـــىً سـياسياً ولكنْ ليسَ في أفــعـــالِــه مــيــلٌ لــغــدرٍ أفـظعِ
كــــلاً ولنْ يلـــجَ القصورَ وغيره مِـن شـعـبِـه يــأوي لـكـوخٍ أضلعِ
أو كانَ يلبسُ للحريرِ وفي الورى فـردٌ يــحـنُّ أسـىً لـثــوبٍ أرقـــعِ
الملحُ والـخـبـزُ الـشـعـيـرُ غـذاؤه مُـتـأسِّــيــاً بـالـبـائـسـيــــنَ الجوَّعِ
أأبا الهداةِ الــغــرِّ أنـتَ زعـيــمُـنا لــسـواكَ بـعــدَ المصطفى لمْ نتبعِ
وولاكَ قد نشأتْ عليهِ نــفـوسُــنـا أفـهـلْ نـحـيـدُ عن الصراطِ المهيعِ
وبـذاكَ قــرآنُ الإلــهِ مُــصــــرِّحٌ والـنـاسُ مـنـه بـمـنـظــرٍ وبمسمعِ
يا ســيِّــدي والــيــومَ يُرجعُ نفسَه تــأريــخُــنا المـاضي بشكلٍ مُفزعِ
أيـكـونُ حـــبُّـكَ يــا عـليُّ جريمةٌ فـيـهـا ألاقـي فـي بلادي مصرعي
ألأنَّــنــي فــي كــلِّ آنٍ ثـــــــورةٌ في وجــهِ كــلِّ مُــخــرِّبٍ أو مُبدعِ
أمْ أن جُــرمـي أنّــنـي لا أبـتـغـي حكماً سوى الإسلامِ يا دنيا اسمعي (7)
وفي أمير المؤمنين (عليه السلام) أيضاً:
إلى مَن غدت تعنو له الفـصحاءُ توجَّهتُ يـحـــدوني هوىً وولاءُ
أبا حسنٍ يا آيةَ اللهِ فـي الـــورى ويا معجزاً حـارتْ به الـحـكـماءُ
مقامُكَ أسمى أن تُحيطَ بـكـنـهِـهِ نـعـوتٌ ولا يَــرقــى إلــيــه ثـناءُ
تـعـثّـرتِ الأقـلامُ والـفـكرُ دونه فيا ليتَ شعري هل تفي الشعراءُ
وهلْ بعدَ مدحِ اللهِ يا نفسَ أحمدٍ سيبلغُ أدنى وصـفِــكَ الــبــلــغـاءُ (8)
وقال من قصيدة في نهج البلاغة:
يا بناةَ العرفانِ فــي دولةِ الإســــ ـلامِ أنـتـــمْ عِـمــادُنا المذخــــورُ
ثـورةُ الـفــكرِ فـيـه فجّرتمـــــوها يَـقِظَةً حـولـهـا الـزمانُ يـــــدورُ
بـاركَ اللهُ فـيــــكـمُ ذلكَ المـــــسـ ـعى ووافـاكـمُ بــذاكَ الـحـبـــورُ
إنّ إحـيائكم لـ (نــهــجِ) عـــلـــيٍّ هـوَ والـحقُّ مَـكْـسَـبٌ مَـشـكــورُ
لـم يـكنْ لـلبلاغةِ الــيومَ نهــجـــاً بـل لدى العلمِ ذاكَ بحرٌ غــزيـرُ
هوَ نهجُ الـــعقيدةِ الصُّلبةِ الشـــمّـ ـاءِ يـنهارُ من صـداها الـكَـفـورُ
هوَ نهجُ الآدابِ والـخُلُق الــســـا مي به الروحُ تزدهي والضــميرُ
هـوَ نهجٌ لـلحِكَمِ يبني الــــسيـاسا تِ نـظـــامـاً لـه الـهدى دســتورُ
هـوَ هـذا نـهــجُ الـــــبلاغةِ حــقّاً مـن عـلــيٍّ بـيــانُــه مــســـطورُ
عـجباً ذلـكَ الـتــــراثُ بـهـــذا الـ ـحـجمِ يُـقصَى ومَــن سواهُ نميرُ
مـا الـذي كانَ قد جناهُ عــــلــــيٌّ عند قومٍ حتى استحــرّت صدورُ
ألأنَّ الـحقَّ الـذي قـدْ رعــــــــاهُ كانَ مـرَّاً والـجــاحـــــدونَ كـثيرُ
يا لها أُمّـة أضـاعتْ حِــــجَـــاها حيث راحتْ خلفَ السرابِ تسيرُ
ولديها مـن ثورةِ الــفـــكرِ ما يُغـ ـني ولكنْ أينَ السميعُ البصيرُ؟!
فهيَ تعشو عن الحقيقةِ في المسـ ـرى وفـي بـيـتِها السراجُ المنيرُ
أخـذتْ تـطـلــبُ السواقي البعيدا تِ وفـي جـنـبِها تـفيضُ الـبحورُ
إنَّ هـذا هـوَ الخَــــسَارُ وهلْ يُفـ ـلـحُ قـومٌ قـد مــــاتَ فيهمْ شعورُ (9)
وقال من قصيدة (يوم البتول):
أتى يومَ الــبـتـولـةِ فــــــهــوَ عيدٌ فطابَ بذكرِ مولدِها القــصيدُ
بدتْ کالشمسِ تغــــمرُ کـلَّ أفــقٍ مِـن الـدنيا وقد سعدَ الــوجودُ
هيَ الزهراءُ فــــاقتْ کلَّ أنــثــى لها فضلٌ فهلْ توفي الــحدودُ
أبــوهــا ســــــيــدُ الـكـونـينِ طه وحيدرةٌ لــهـا بـعـلٌ مــجــيــدُ
وشبلاهــــا هما الحسنُ الـمصفّى وذاكَ حسينُها السبــطُ الـشهيدُ
ولاهــــا الــديــنُ والإيـــمانُ حقاً وتلكَ هيَ السعادةُ والــــسعودُ
أبنــــتِ المصطفى وافاكِ شعري بمدحتِه وإن غـضِـبَ الحسودُ
شــــربتُ ولاكِ مِن لبـنٍ زکــــيٍّ تــغـذّيــنـــي بـــهِ أمٌّ ولــــــودُ
وذاكَ مِــن الإلــهِ عـظيمُ فــــضلٍ ومــنٍّ عــنـــده شكـري يزيـدُ
سأبقى ما حُــييتُ ولـي وصــــالٌ بــحــبِّــكِ لا أزلُّ ولا أحــيــدُ
أسيدةُ النساءِ إلـــيــكِ قــصــــدي إذا اختلفتْ من الناسِ القصودُ
فأنتِ البضعةُ الـكبرى تســــامتْ بـعـلـيـاهـا ومـثـلــكِ مَن يسودُ
حباكِ اللهُ منه بـــكـلِّ فــــــضــلٍ وفــضـلـكِ کــلّـه کـــرمٌ وجودُ
بفضلِكَ لاحَ فـي مــــــصرٍ کيانٌ لــهُ حــكـمٌ وسـلـطـانٌ مـشــيـدُ
بهِ لــلـفـاطــمـــيــــينَ اعــتــزازٌ بـنـسـبَــتِـهـمْ إلـيــكِ عُلا وجودُ
أفاطمةُ الــــــبــتـولِ وما عساني أقــولُ ومـجـدُكِ السامي عتيدُ؟
رضــــاكِ رضا الإلـهِ بلا جدالٍ وسُـخـطـكِ سخطه وهوَ الشهيدُ
ومِــــن عجبٍ وأنتِ الطهرُ ذاتاً تـنـزَّلَ فــيــكِ قـــرأنٌ مــجــــيدُ
يرومُ البعضُ فضلَ سواكِ جهلاً بــمــضحكةٍ على الراوي تعودُ
وعــذراً يـــا ابنةَ المختارِ عذراً إذا لــمْ يــســـعفِ القولَ القصيدُ
أبعدَ مــــديحِ ربِّ الكونِ هلْ لي إلى عليـــــاكِ يأخذُ بي صعودُ؟
لـكِ الـقـدحُ الـمُـعـلّـى يومَ حشرٍ وفـي الـفردوسِ طابَ له الخلودُ
رجوتُكِ من ذنوبـي والـخـطـايا إذا ما الـنـارُ شـبَّ لــهــا وقـــودُ
فأنتِ لكِ الـمـلاذُ إذا تــرامـــتْ هـنـاكَ صــحائفٌ لي وهيَ سودُ
فما لي غيرُ جاهِكِ مِن مـغـيـثٍ ومـثـلـكِ بـالـشـفـاعــةِ مَن يجودُ
فما خابَ الذي مـسـكتْ يــــداهُ بـحـــبـلِ ولاكِ إنْ وهــنـتْ زنودُ
وهاكِ لدى الــخـتـامِ عظـيمَ ودٍّ ســلامــــاً کــلَّ آونــةٍ يــــزيــــدُ (10)
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):
يا ليلةَ العشرِ كمْ تسمو بـكِ الــفكرُ وفي دروسِــــــكِ ما تـــحيا بـه العبرُ
رهطٌ لنسلِ رسـولِ اللهِ يـــــطـردُه عن دارِه مـــوغـــلٌ بــالظـلمِ مؤتـزرُ
رهـطٌ تــقـاذفـه الــبـــيــداءُ لاسكنٌ يأوي إلــيــــه، عـــليهِ حَـوَّمَ الـخـطرُ
يا للعجائبِ كمْ لــلظلمِ مِـن صــورٍ يــأتــي بــها بشــرٌ فـي فــعـلِـه أشــرُ
مثلَ الحسينِ الذي فـي جـدِّهِ نعمتْ هـــذي الأنـامُ غدا يُـجفى ويُــحــتــقرُ
ونـغـلُ ميسونَ بينَ النـاسِ حاكمُها وهو الذي لم يصـــنـــه الـدينُ والخفرُ
يملي على السبطِ إذعـانــاً لـبـيـعتِه ودونَ ما يــبـــتــغيهِ الصارمُ الـــذكـرُ
حاشا ابنُ فاطمةٍ أن يغتـدي تـبــعاً وهوَ الذي غصنُه ما عادَ يَــنـــكـــسـرُ
يا ليلةَ العشرِ مِن عاشورَ أيّ فـتىً قـــد بــاتَ ليلكِ لا مـاءٌ ولا شـــجــــرُ
وحوله النسوةُ الأطــهــارُ ذاهــلـةٌ وسطَ الخيامِ ومنها الــقــلــــبُ مـنفطرُ
كلٌّ تراها وقد أودى المـصابُ بها وعندها من مــــآســـي صبـحِها خـبـرُ
وبــيـنهـا زيــنـبٌ والهمُّ يـعصرُها ودمـعُـــهـا مِـــن جفونِ العـينِ يـنـحدرُ
ترى الحسينَ أخـاها وهو يُــعـلِمُها بـــقــــتلِه والعـدا مِــــن حــولِـه كُــثُـرُ
فـأعـولـتْ والأسـى يذكي جـوانبَها مما دهاها ونـارُ الـحـزنِ تـسـتـــعــــرُ
فراحَ يطلبُ مـنـهـا أن تـشــاطـرَه عظمَ الــمــهـــمَّةِ مهما يـعـظمُ الـضرَرُ
يا أختُ لا تـجزعي مما يـلــمُّ بـنـا فــــــــذاكَ أمـــــــــرٌ بـــــه للهِ نــأتــمـرُ
يا ليلةَ العشرِ ما خرَّتْ عزائـمُ مَن للسبطِ دونَ الورى في الحقِّ قد نُصروا
باتوا ومثلَ دويِّ النحـلِ صـوتُــهمُ ولــلـصــلاةِ لــهـمْ فـــي لـيـلِـهمْ وطـــرُ
وبــيــنَ مَــــن يــقرأ القرآنَ ديـدنَه حـتـى الـصـباحِ فـمـا مـلّوا ومـا فَـتَروا
أكـــرمْ بــهـمْ مِن حماةٍ مالهمْ شُـبُهٌ بــيـنَ الـعــبـادِ وإن قــلّـوا وإن نــزروا
هـمْ إن دجى الليلُ رهبانٌ سماتُـهمُ وفـي الــنـهارِ لـيـوثُ الـغابِ إن زأروا
صلّى الإلهُ عليهمْ ما همتْ سُحُـبٌ ومــــا أضــــــاءَ بــأنــوارٍ لـــه الـقـمـرُ (11)
وقال من قصيدته (ذكرى الطفوف) رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) وقد قدمناها:
ذكرى الطفوفِ فكمْ مرَّتْ بكِ العُصُرُ وذا جلالكِ فوَّاحُ الشذى عطرُ
تـصـرَّمـتْ ذكــريــاتٌ في الدُنا خَبَبَاً وأنـتِ خـالــدةٌ كالشمسِ تزدهرُ
مِن قبلِ ألفٍ وأنتِ الــطـــودُ شامخةً وهكذا الــحـــقُّ لا يعفو له أشرُ
وذا صداكِ لسمعِ الدهرِ يــقــرعــــهُ إنَّ الشهيدَ برغـمِ الجورِ مُنتصرُ
وإنَّ ذاكَ الدمَ الــفـــوَّارَ يــســفــكــهُ على ثرى الــطفِّ جزَّارٌ له نذرُ
وإنَّ دنيا وإن قـدْ ســالـمـتْ نـــــزِقاً يوماً فلابدَّ عــقباها لمن صبروا
وذا الحسينُ وهـذا مـجـدُ ثــورتـــــهِ له على الدهرِ فــي علياهُ مُفتخرُ
وقال من قصيدة في رثاء الإمام الباقر (عليه السلام):
عُـجْ عَلَى طَــيْــبَةٍ وَحَيِّ الإِماما بَاقِرَ الــعِــلْــمِ مَــنْ سَما إِعْـظَاما
وابْـكِهِ في البَقِيعِ مُنْهَـدِمَ الـــقَــبْـ ـرِ وَقَدْ كانَ شامِخاً يَــتَــســــامَى
غَـادَرَتْهُ يَــدُ الــجُــنــاةِ بِفِعْلِ الْـ ـحِقْدِ فانْهَدَّ لِــلــصَّــعِيدِ رِمَـــامــا
لَـمْ تُراقِبْ بِهِ النَّبِيَّ وَلَــمْ تَــــحْـ ـفَـظْ بِــهِ حُــرْمَــةً لَـــهُ أَوْ ذِمـاما
لَـيْتَ تِلْكَ الأَكُفُّ شُلَّتْ غَدَاةَ اسْـ ـتَهْدَفَتْ مِنْ ذُرَى الكَمَالِ السَّنـاما
أَسَّــسَــتْــهــا لَــهُــمْ أُمَيَّةُ أَضْـغا نــاً فَــعَـلُّوْا عَلَى الأَسَاسِ انْتِقـاما
وأَنالُوا الإِمامَ ظُلْــمــاً وعَـــسْفاً حِـيـنَ جارُوا وأَوْسَعُوهُ اهْتِضـاما
ولَــقَــدْ كــانَ لِــلْــبَـرِيَّةِ مَــأْوىً ولِـسُــبْــلِ الــرَّشـــادِ بَدْراً تمَـاما
فَـلَـكَـمْ حَــلَّ مُــشْكِلاً كَانَ لَـوْلا هُ حِـجَـى الـقَـرْمِ عِـنْـــدَهُ يَتَحامَـى
فَحَدِيثُ النُّقُودِ حِــيــنَ تَـمــادَى مَلِكُ الرُّومِ قَدْ حَباهُ اهْــتِــمــامــــا
وهِشَامٌ عَراهُ مِــنْــهُ ذُهــــــولٌ حِينَ راحَتْ تَرْمِي السِّهامُ السِّهاما
واغْتَدَى عالِمُ النَّصارَى وَقَدْ نا ظَــرَهُ كــانَ قَـدْ أَماطَ الــظَّــلامــا
فتَحَاماهُ واغْتَــدا يـبـعــــث اللَّوْ مَ لِأَتْــبــاعِــهِ هُــنـاكَ وَقَــامــــــا
فَتَــجَـلَّى فَضْلُ الإِمامِ لأَهْلِ الـ ـشَّامِ كَالشَّمْسِ حِينَ تَـجْلُو الظَّلاما
وَلَدَى مَــدْيَــنٍ وَقَدْ سَدَّ فَيها الـ ـقَــوْمُ أَبْــوابَــهـا لِــيَقْطَعُوا الإِماما
وهُناكَ اعْــتَــراهُـمُ مِنْهُ خَوْفٌ فــانْــثَـــنَــوْا عَــنْ عِنادِهِمْ إِحْجاما
وَمَضَى بَعْدَهَا لِطَــيْــبَــةَ حَتَّى مَــلَّــهَــا وَاسْــتَــقَــرَّ فِـيـهـا لِــمَاما
وغَــدَا ابْــنُ الوَلِيدِ يَنْتَظِرُ الفُرْ صَــةَ حَــتَّــى أَحَــلَّ فِــيـهِ الحِمَاما
دَسَّ سُمَّاً لَهُ نَــقِــيــعــاً فَأَوْدَى بِــابْـــنِ طَـــهَ وَأَثْـــكَـــلَ الإِسْلاما
فَقَضَى مِنْهُ يا لَهُ مِنْ مُــصابٍ أَوْرَثَ الــقَــلْـــــبَ لَوْعَةً وضِراما
فَنَعَتْهُ السَّماءُ والأَرْضُ شَجْواً وأَســالَـــتْ لَهُ الدُّمُــوعُ سِـــجــامـا (12)
وقال من قصيدة في الإمام الرضا (عليه السلام):
أقصَوكَ عـن حــرمِ الـــرسالةِ عُنوةً كي يغمروكَ وهلْ يضيعُ الجوهرُ؟
فالشمسُ إن حَجَبَ السَّحابُ شعاعَها فـي الأُفـــقِ فهيَ بنـورِهـا تـستـأثرُ
وكـذا الجـبالُ فـلنْ يهدّ شــمــوخَـهـا بـــــرَدٌ تـراكـمَ وَقـعُـهُ المـتــكـــثّـرُ
وإذا خـراسـانٌ تـضـمّــكَ رائـــــــداً فـذّاً بــــــأبــــرادِ الـعُـلى يـتـــــأزّرُ
قـفْ فـي خـراسـانٍ وشُـــمَّ تــرابَـها فـتـرابُـها المـســـكُ الـمُدافُ الأذفـرُ
قـلْ إن حَـلَـلتَ بـأرضِها وفِــنـــائِـها بوركـتِ أرضـاً بـالإمـــامِ تَــــنـوّر
قـد حـزتـهِ شـرفـاً بـمــلــتــحــــدٍ به ســرُّ الـوجـودِ وركــنُــــه والمحورُ
قـبـرٌ تضـمّن بضـعـةً لمــحــمّــــــدٍ هـوَ مِـن سنـا ذاكَ الجــنـــابُ مُنوّرُ
فـعـلى ترابِكِ كمْ تواجـــدتِ الـورى قـد شـدَّهـا لكِ شوقُها الــمــتـفجّـرُ!
أبـداً تـطـوفُ ببـقـعـــةٍ مــيــمــــونةٍ مثـلَ الـحجـيجِ.. مُـــهــــلِّلٌ ومكبِّـرُ
وتـروحُ تــلــثــــمُ للضريـحِ بـلهــفةٍ وبـذاكَ للـفضـلِ الكـبــيــرِ تـــؤشّـرُ
هذي المظاهرُ لا تزالُ على المـدى مـا بـيـنَ أبـنـاءِ البريّةِ تـــظـهــــــرُ (13)
وفي الإمام الرضا (عليه السلام) أيضاً قال:
يمِّمْ خراسانَ واقصــــدْ ظـلـهـا الـرحــبا وانشدْ بها من قريضِ الشعرِ ما عذبا
وحيِّها تربةً تـســـــمـو بــروعــتــهــــــا فـهـا هـنـا المجدُ صرحٌ ينطحُ الشهبا
مجدٌ له في ســــما الـعـلـيـاءِ مــؤتـــــلقٌ لا زالَ يـخـتـرقُ الأجـيـالَ والــحُـقبا
مجدٌ تـهـــــاوى لـه الأمــلاكُ ســـــاجدةً مِن قبلِ ألفٍ ولمْ تـعـدلْ بــهِ ســبــبـا
مجدُ الــــرضا مَن على هامِ الزمــانِ له تاجٌ، فـسـبحانَ مَن أعطى ومَن وهبا
ســـــبـطُ الــنــبــــيِّ وفرعٌ من أرومـتِهِ قـد شرَّفَ اللهُ فــيــهِ الـعـجـمَ والـعربا
منزَّهٌ عن صــفـاتِ النقصِ، طــاهــــرةٌ منه الـثـيـابُ تــســـامــى عـــزَّةً وإبـا
(أبا الجوادِ) وحـسـبـي أن أبــــثّــــــكها عـواطـفَ الـحـــبِّ لا زوراً ولا كذبا
نهلتها فــزكــتْ روحــي بــخـــــالصِها درَّاً زكــيــاً طــهــوراً صـــافياً رطبا
وفـيـكَ ظــلــتُ أغــنــيــهـــــــــا بقافيةٍ شـأتْ عـلــى كلِّ مَن غنّى ومَن طربا
في يومِ مــيــلادِكَ الأســـــمـى أردِّدُها عـلى الــمـسـامـعِ تـجـلــو الـهمَّ والتعبا
يومٌ طلـعتَ عــلـى الــدنـــــيا فراحَ بهِ يــزهـو الـوجـودُ وأبــدى ثــوبَه القشبا
يومٌ لتكتــمَ حيث الفضــــلُ تـــكــســبُه وفــي سباقِ المعالي تحرزُ الــقــصــبا
والـكـاظـمُ الغيظِ يحيــــي ذكـرَه خلفٌ صـلـــبُ الإمــامــةِ يــتــلـــوهُ بها عقبا
أكبرتُه عـلـمـاً تـهـــــدى الــنـفـوسُ بهِ إلـى الــحـقـيـقـةِ نـهـجـاً مُــشــرقاً لحِبا
يا مَـن غــدوتَ مـــــن الـبــاري بقيَّته عـلـى الـــعـبـادِ يــزيــــلُ الشكَّ والرِّيبا
ويا إمـامــاً تـحـــــــــدّى في إمــامـتِـه أهلَ الضــلالِ وقد رامــوا بـهـا شـــغبا
فالـواقـفـيــةُ أغرتــــــها مـطـامــعُــهـا غداةَ راحــتْ تـحـيكَ الــزورَ مُــكتـسبا
قد أنكرتْ لأبــــــيــكَ الـطـــهرِ موتَتَه وصوَّرتْ أنـــــه قـد غـابَ واحـتـجــبـا
وتـلكمُ الطعنــــةُ الـنجلاءُ كـــادَ بــهــا ركنُ الإمـامـــةِ أن يـــــنهدَّ مُــنـشـعِــبا
فرحـتَ تبــــطلُ ما حاكوا ومـا برموا بــثــاقـبٍ مــن دلــيــــــلِ الحقِّ قد لهبا
حتــى شــــمختَ وقد هُدَّتْ مطـامعُهم وزُيِّــفــــوا وتـــلاشــوا بـعــد ذاكَ هبا
سبــــحانَ ربِّـكَ لــمْ يـتـركْ شـــريعتَه نهباً فأعـطــاكَ مـنه النـصرَ والـغــلــبا
يا مَــــــن بـه الـــدينُ قد ألفي دعائمه مـصـانــةً حــيث كنــــتَ الدرعَ واليلبا
شــــيَّدتَــه بعظيمِ الـفـكـرِ تــنــشــــرُه رعباً هزمتَ به لــلـكـفـرِ مـــا جـــلــبا
قارعتها حُـــجــجـــاً وافى بــــها نفرٌ مِن كلِّ طــائــفــةٍ قــد أجــلبتْ عــصبا
ولا غــرابــــةَ يا بنَ الأكرمــــينَ إذا لاحــتْ خـــلالكَ في دنيا الـهدى شُــهبا
فأنــتَ لــلــعــــلمِ والعرفــــانِ وارثه مِــن أحـــمدٍ فـاضَ كالبركـانِ وانســكبا
حـتــــى عـدوُّكَ لمْ تبخــــلْ عليهِ بما وضــعــتَ مِـــن منهجٍ للطـبِّ قد نــسبا
ورحـــتَ تـرشدُه عن نقــــضِ بيعتِهِ فــــــي شــكــلِها فأعادَ الأمرَ واضطربا
قد رامَ خـــفضَ مقامٍ أنـــتَ صاحبُه فــكـــــانَ كــالـــوعلِ أدمى قرنَـــه فنبا
يريدُ إطفاءَ نــورِ اللهِ فــي صــلـــفٍ واللهُ يأبي ســــــــوى مــا خـــطّ أو كتبا
أينَ الصروحُ بـني العباسِ هلْ بقيتْ آثارُها حين ضجَّـــــتْ منـــكـــمُ صخبا؟
أينَ الــمــزامــيـرُ والقيناتُ تصحبُها تحيي الليالي بها مـــــــــجنونـــةً طربا؟
أينَ الذي وسعَ الـــدنــيــا بما غنمتْ يُجبى الخراجُ له ما أمطـــــــرتْ سُحُبا؟
وأينَ من كادَ يبغـي في حــبــائــلِــه غدرَ الرضا مُذ لـــــــــه مـــن دارِهِ جلبا
فلا الــرشــيــدُ لــــه مـلــكٌ يـــخلّدُه ولا بقى لابنِه المأمــونِ مـــــــــــــا طلبا
وقـبـلـهـم فـي الورى كانوا فراعنةً طواهمُ الدهرُ لا مــجــداً ولا حــــــــــسبا
وذاكَ موسـى وبـردُ الـخـلـــدِ جلّله وذا عليٌّ تــســـامى عــــزَّه قُـــبَـــــبَـــــــا
فـبـالــتـقــــــى هذهِ الآثارُ واضحةٌ أعـلامُــهــا لــــلهداةِ الســــــــادةِ النُــجــبا
على الطريــقِ مــصـابــيحٌ منوَّرةٌ ما خابَ مَن بهمُ استــهدى وما نـــــــــكــبا (14)
.............................................................
1 ــ مجلة الموسم العدد 12 ص 288 ــ 289 / الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 53 ــ 55
2 ــ الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 112
3 ــ الشيخ جعفر الهلالي ناقداً ص 172
4 ــ الشيخ جعفر الهلالي.. حسيني الهوى، حسيني السلوك / مركز التضامن للإعلام بتاريخ 31 / 5 / 2019
5 ــ طبعت بتحقيق محمّد سعيد الطريحي مطبعة الوفاء، بيروت 1988
6 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ٢٨٠ / أدب المحنة ص 668
7 ــ علي في الكتاب والسنة والأدب ج ٥ ص ٢٨٠ ــ 282
8 ــ نفس المصدر ص 278
9 ــ مجلة تراثنا، السنة الأولى، العدد الخامس ص ١٥٤
10 ــ موقع إذاعة طهران بتاريخ 5 / 7 / 2021
11 ــ كتاب ليلة عاشوراء في الحديث والأدب ص 239 ــ 240
12 ــ سيرة الإمام الباقر لحسين الشاكري ص 498
13 ــ مجموعة الأثار ـ المؤتمر العالميّ الثاني للإمام الرضا عليه السلام ج 2 ص 383
14 ــ موسوعة المصطفى والعترة للحاج حسين الشاكري ج ١٢ ص ٥٩٢ ــ 594
كما ترجم له:
محمد حسين الصغير / فلسطين في الشعر النجفي المعاصر ص 187
داخل السيد حسن / معجم الخطباء ج 2 ص 185
محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 3 ص 1333
حيدر المرجاني / خطباء المنبر الحسيني ج 1 ص 164
كاظم عبود الفتلاوي / مستدرك شعراء الغري ج 1 ص 91
كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 1 ص 406 ــ 407
كامل سلمان الجبوري / الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 112
الشيخ عبد الله الحسن / ليلة عاشوراء في الحديث والأدب ج 1 ص 237
محمد سعيد الطريحي / مقدمة الملحمة العلوية
اترك تعليق