محمد سلمان العطار (1344 ــ 1424 هـ / 1925 ــ 2003 م)
قال من قصيدة (ذكرى سيد الشهداء) وهي قصيدة طويلة:
حطوا الركابَ هنا فهذي (كربلا) وهنا سيجري ما عليَّ مُقدَّرُ
وتـجـلّـبـبـوا لـلحربِ درعَ تصبُّـرٍ لـتـصـيِّـرُوها لـلـقيامةِ تُذكرُ
أنا ناصرٌ دينَ الإلــهِ ومَــن يــقُـمْ للهِ فهوَ على الطغاةِ سيُنصرُ (1)
ومنها:
هذا الدمُ المطلولُ منكَ على الثرى الـحـقُّ فـيـهِ مُـوسَّــــمٌ ومُصوَّرُ
والـعـبـقـريةُ مـنـكَ شـعَّ سـنـــاؤها وحرارةُ الإيمانِ مـنــه تــحــدَّرُ
وبـه تـبـدَّتْ (كربلاءُ) وحــولــهــا صوتُ المعالي والفـضيلةُ يزأرُ
ولـمـبـدأ الأحــرارِ شُـــيِّــدَ مـنـبـرٌ لمْ يـحـكِـهِ عـنـد المـواعظِ منبرُ
يا جـوهـرَ الإيـمـانِ لـســتُ مغالياً إن قلتُ أنتَ إلى الحقيقةِ جوهرُ
الشاعر
السيد محمد بن سلمان بن محمد علي بن محسن العطار الكاظمي، ولد في الكاظمية من أسرة علوية شريفة ينتهي نسبها الشريف إلى الإمام الحسن (عليه السلام) وقد برز منها كثير من الأعلام.
درس العطار في مدينته وتخرج من كلية الحقوق في بغداد، وكان أثناء دراسته يعمل لكسب قوته، وبعد تخرجه عمل موظفا في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، ومدرسا في مدرسة الإمام الكاظم (عليه السلام) المسائية، وهو عضو جمعية الحقوقيين العراقيين وعضو لجنة إصلاح الأحداث ومحاضر في كلية الشرطة لسنين عدة، ومحاضر في معهد الدراسات العليا، ومثل العراق في مؤتمر خبراء الشؤون الاجتماعية العرب الذي عقد في القاهرة عام (1964)، كما رشحته وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى زمالة علمية في السويد للتخصص بعلم الإجرام.
وقد تسنم عدة مناصب إدارية منها: مقرر لمؤتمر مدراء السجون الذي عقد في بغداد، وسكرتير عام جمعية الصندوق الخيري الإسلامي.
حج بيت الله الحرام ام (1952) وحاضر في دورتين تدريبيتين لمدراء النواحي في وزارة الداخلية عام (1955).
توفي في مسقط رأسه ودفن في النجف الأشرف
شعره
للعطار ديوان بعنوان (سبل النجاة من اليوم الثقيل) وهو في النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام) وقد صدر ديوانه بهذين البيتين:
شـعـري بـطـهَ الـمـصـطـفى وبآلِهِ سورٌ أرتِّلُ سحرَها ترتيلا
وبولائهمْ في الحشرِ لا أخشى غداً يـوماً على كلِّ الأنامِ ثقيلا
قال من قصيدة في مولد فخر الكائنات محمد (صلى الله عليه وآله)، وقد ألقاها الشاعر في الحفل الذي أقيم في جامع المصلوب ببغداد بالمناسبة عام (1949):
يا بـاعــثَ الإســـلامَ ديـ ـنـكَ ديـنُ حقٍّ مــحكمُ
يــا باعـث الإسلامِ نــهـ ـجُكَ نهجُ صدقٍ أقــومُ
لو أنَّ فــــرداً قــــد وعا هُ دنـتْ إلـيهِ الأنـــجـمُ
ولَــكَـمْ نـصحتَ القومَ لـ ـكـنَّ النـصـيـحـةَ تُؤلمُ
وهـــديــتـهـمْ فــكــأنّـهمْ معنى الهدى لم يفهموا
تركوا المروءةَ يا محمـ ـدَ فـهـيَ شـيءٌ مُـبـهـمُ
وغـدوا بــأدنــى حــالـةٍ فـيـهـا الـبـلاءُ مُـجـسَّمُ
هـيَ حـالـةٌ مـنـهـا الوليـ ـدُ إذا رآهــا يــهـــرمُ
يا خـيـرَ خـلــــقِ اللهِ بعـ ـدَ اللهِ بــاسـمِـكَ أقسمُ
أنــا فــي هــواكَ مُـتــيَّمٌ وبـنورِ هـديـكَ مُـغرمُ
فـمـتـى بـقـربِـكَ سـيدي شرفـاً أحــجُّ وأحــرمُ
ومـتـى أقـبِّـلُ تـربـةَ الـ ـقـبـرِ العـظـيـمِ وألـثـمُ
وقال من قصيدة (نور الهدى) وهي في عيد الغدير الأغر:
أو لـمْ تـسـألـي الـغـديـرَ لـماذا نـزلـتْ فـي ربــوعِه الأقـوامُ
ولجبريلَ رنَّةٌ فـي مـدى الآفـا ق كـلّـتْ عـن حــلّـهـا الأفهامُ
آيةٌ زفَّـهـا فـســــــرَّ ذوو الإيــ ـمانِ طرَّاً واسـتاءَ منها اللئامُ
قال: قـالَ الإلــهُ الـيــومُ أكـملـ ـتُ لـكـمْ ديـنَكـمْ وتمَّ الـسـلامُ
بـلّـغِ الـقـومَ يــا محــمـدُ عـنّي ما سأوحيهِ فــالـسكوتُ حرامُ
أنتَ ما دمتَ فـي الـحـياةِ نـبيٌّ وعـلـيٌّ بــعـــدَ الــنـبــيِّ إمامُ
ارتقـى مـنـبـرَ الـحدوجِ بـعزمٍ ولـقـد أنـصـــتـتْ إليهِ الأنــامُ
صاحَ يا قومِ ذا أخي ووصيي ووزيــري بـه الـعـلاءُ يُــرامُ
بـايـعـوهُ عـلـى الإمـامةِ بعدي وعـلـيــكــمْ له الخضوعُ لزامُ
فـأتـتـه الـرجـالُ طـائـعـةٌ تسـ ـعى وبـالــبشرِ تخفقُ الأعلامُ
ثمَّ مُدَّتْ له الأكفُّ وفي الـثغـ ـرِ ابـتـسـامٌ وفي الفؤادِ ضرامُ
عـاهـدتـه لـكنّها بعدَ موتِ الـ ـمصطفى ماتَ عهدُها والذمامُ
وقال من قصيدة طويلة بعنوان (عيد الغدير):
لــمَـن الـحفلُ قد أقــيــمَ بـــخــمٍّ يـتـعـالـى بـنـورِ مـجــدٍ عـتيدِ
ولـمَـنْ زَفَّــتِ الـملائكةُ الـطـهـ ـرُ تهاني المهيمنِ الـمـعـبــودِ
إنــه حـيـدرٌ بــــهِ كــمـلَ الــديـ ـنُ وأمسى في رفعةٍ وسـعـودِ
لا تــوالــوا ســواهُ فهو وزيري ووصيي ووارثي وعـضـيدي
إن نصرتمْ أخي علياً حـيـيـتـــمْ دونَ كلِّ الورى بعيشٍ سـعـيدِ
الوفا بالـعـهـودِ مـن شِـيـمِ الحرِّ فأوفـوا لـلـمـرتـضـى بالعهودِ
شـهدَ اللهُ حــيـنَ بـايـعـتـمـوهُ إن ربِّـــي يا قـومِ خـيـرُ شــهـيـدِ
يا ابنَ عمِّ الرسولِ وصفُكَ أعيا ني وقد أخفقتْ جميعُ جهودي
أنـتَ مــا أنتَ غيرُ رمزٍ تسامى فـي الـعـلى كنهُه عنِ التحديدِ
أنـتَ نــبـراسُ مـجـدِنـا وهُـدانـا أنتَ سرُّ الكونِ الوسيعِ المديدِ
وقال من أخرى في عيد الغدير أيضاً بعنوان (العيد الإسلامي الخالد) وتبلغ (67) بيتاً:
بدا الــغــديــرُ وعينُ اللهِ تـكـلـؤه وقـد غـدا بـسـنـا الـكـرارِ مُزدانا
جـاؤوا يـحـيـونَـه مِـن كلِّ ناحيةٍ يطوون في السيرِ كـثباناً ووديانا
طارتْ نفوسُـهمُ شوقاً وقد تركتْ وراءها ـ لا تطيقُ السيرَ ـ أبدانا
اللهُ أكبرُ أضـحـى الـيـومَ ســيِّدُنا مَن شادَ للدينِ رغمَ الـكفرِ أركانا
خـيـرُ الــنــبــيـينَ يتلو آيةً نزلتْ فـيـهِ ويُـعـلـنُ عَـن عُـلياهُ إعـلانا
(من كنتُ مولاهُ) في دنيا وآخرةٍ وضمَّ منه الحشا تـقـوىً وإيـمانا
فذا أبــو حـسنٍ مـولـىً لـه وغـدا يـمـسـي مـعاديهِ خسرانا وندمانا
عطرُ الإمـامـةِ مـن أردانِـهِ عبقٌ والكونُ أصـبـحَ مِـن ريَّـاهُ ريَّـانا
اللهُ أمّـرَ فـي الــدنــيــا أبـا حسنٍ لـمَّـا أفـاضَ عـلـى الأيـامِ إحسانا
وقال من قصيدة (اليوم أكملت لكم دينكم) وتبلغ (39) بيتاً:
أيُّـهـا الـعـيـدُ بـكَ الـعـيـدُ تبـاهى حـيـث نـالتْ أمَّةُ العدلِ مُـنـــــاهـا
ظلمةُ الشركِ انجلتْ عن أفــقِـها بـعـدَ غــيٍّ وبـدتْ شمسُ عُــــلاها
وثـغـورُ الـحـقِّ فــيـكَ ابـتـسمتْ وعيونُ الجورِ غرقى في بُــــكاها
أنــصـتَ الـكــونُ لآيٍ حــيـنـما أحـمـدَ الـمختارُ في الناسِ تــــلاها
آيــةٌ قـــد خُــتــمَ الـــذكــرُ بــها وبـهـا شــرعــتُــه تـــمَّ بِــنـــــــاها
كــمُــلَ الـدينُ عـلى رغمِ العدى وعـلـيٌّ ذروةُ الــمــجــدِ عــــــلاها
مُذ على الأحداجِ قامَ المصطفى بـيـديــهِ رافــعــاً حــامي حــــماها
قـــائـــلاً هــذا عــلـــيٌّ فــثِـقـوا بـعـلـيٍّ فـــعـــلـــيٌّ بــعــــــدَ طـــه
هــوَ صـنـوي ووزيــري وأخي وهـوَ لـلـشرعةِ مَن أعــــلى لواها
بـلّـغـوا غــائــبَــكــمْ عـنــي ولا تـنـكـروا مـا أنـا أتـلـــــوهُ شِــفاها
لـم يـكـنْ مــنِّـــيَ مــا بـلّـغـتُـــه بـلْ عـنِ اللهِ ولا أعـــــصـي الإلها
أظـهـرَ الناسُ سروراً ولظى الـ ـحـقـدِ لـلـكرارِ شبَّــــتْ في حشاها
بــايــعـــتـــه وبـــخٍ قـــالــتْ له وعـلـى إمــرتِــهِ أبـــــدتْ رِضاها
فـــلــمـــاذا أنـــكـــرتــه وغدتْ بعدَ موتِ المصطفى تبــدي عداها
أنــكـــرتــه وهــيَ تــدري إنّما نــفــسُـــه للهِ، لــلـــديـــنِ فـــــداها
أتـعـادي حــيـــدراً يــا ويــلـها أتــعــادي مَــن بــهِ الــرحمنُ باهى
ليتَ شعري خطبةُ الـمختارِ ما أحــدٌ مُـذ تُـلـيـتْ مـنـــهــــمْ وعاها
أفــسِــرَّاً تُــلــيـــتْ أمْ جـــهـرةً أمْ عـلـى صـمِّ الـجـــلامــيــدِ تلاها
أمَّــةٌ شـــاءَ لــهـــا الـــدهرُ بأنْ تــبـعـدَ الأهــلَ وتُــــدنــي غُرباها
أيُّــهــا الــجــاهـلُ يـا مَــن قلبُه عن طريقِ الحــقِّ قد ضـلَّ وتــاها
سَــلْ حُـنـيـنـاً عن مزاياهُ وسَلْ خيبراً مَن في الــوغى أردى فـتاها
مَن بها فرَّ ومَـن كـــرَّ بِــهـــــا مَن لــبـابِ الــحصنِ إذ ذاكَ دحاها
مَـن جـيوشُ الكفرِ مِن صارمِهِ أكــؤسَ الـمـــوتِ عـلـى ذلٍّ سقاها
ثــمَّ سَـلْ بـدراً فـفـيـهـا عـجـبٌ وسـيـنـبـيــــكَ بـمـا يـحــوي ثراها
وسَـلِ الـتـاريــخَ مَــن رُدَّتْ له بـعـدمـا غـــابـتْ عـن الناسِ ذُكاها
كــمْ لـــه مِـــن آيــــةٍ بـــاهـرةٍ فـي سـمـــاءِ الـمـجـدِ قد فاحَ شذاها
(هلْ أتى) في مدحِهِ نصٌ وقلْ إنّـمـا جــــاءتْ كـمـا جـاءتْ سِواها
(قـل تـعـالـوا) مـالها من منكرٍ ولــكـــمْ آيٌ لــه الــذكــرُ حــــواها
وسـلـونـي يــا لـعـمــري قولةً رنَّ مــــا بـيــنَ الــسماواتِ صداها
كــمْ لــه مِــن شِــيـــمٍ عـــاليةٍ فـــي الـتــواريـــخِ مُــعــاديهِ رَواها
ورعٌ فــــذٌ كـــريــــمٌ بـــطــلٌ نـفسُه الباري من الناسِ اصــطفاها
لــمْ يُــقِـمْ وجهاً إلى اللاتِ ولا عـبـــدَ الـعـزّى وبــالـكـسـرِ دهـاها
وصــفُــه حـــيَّرَ ألبـابَ الورى ولقـــد أعــجــزَ حــتــى شـــعراها
يا أمـيـرَ الــحــقِّ يـــا مَن حبُّه في عروقي قد جرى مجرى دماها
إنَّ نــفــســي بـــكَ ترجو أملاً واعـتـقـادي فـي غـدٍ تـلـقـى رجاها
فـازَ في الخلدِ مُــوالـــيكَ وفي سـقـرٍ يَـصـلـى مـعـاديــكَ لــظــاها
بــكَ هــامـتْ شيعةُ الحقِّ وإنْ أكـثـرَ الــلــومَ عــلـــــى ذاكَ عِداها
أيباهي الـشـمـسَ لــيـــلٌ أدكنٌ أمْ تُــحــاكــي ظــلــــمةُ الليلِ سناها
أم تُداني الأرضُ أفلاكَ السما أمْ يُـضـاهـي شُـهُـــبُ الأفقِ حَصاها
وقال من قصيدة (مصرع إمام المتقين) وتبلغ (34) بيتاً:
أترجو صلاحاً مِن أناسٍ بسيفِهمْ قضى واحدُ الدنيا أبو الحسنِ الطهرُ
قـضـى وهـوَ فـي محرابِهِ مُتعبِّدٌ فـهـلْ عـنـدَ حامي المسلمينَ لهمْ ثأرُ
فـيـا لـيـلَ أمـسٍ لا أتـيـتَ ديارَنا ويا فجرَ هذا اليومِ لا لحْتَ من فجرِ
لقد هُـدِمَ الإسـلامُ وانهدَّ صرحُـه وغُـيِّـبَ عـن أفـقِ الـمـعـالي له بدرُ
فجبريلُ يـنـعـاهُ ويـهـتفُ بالسـما أصـيـبَ مـبـيدُ الكفرِ وانتعشَ الكفرُ
وطـه يـنـادي والـنـبيُّونَ خُـشّــعٌ وأحـشاؤهم قد باتَ في طيِّها الجمرُ
ألمْ أوصِكمْ خيراً بأهـلي وطالما نـصـحـتـكـمُ حـتـى تـضـمَّـنني القبرُ
فأنكرتمُ صنوي وجـرتـمْ بـقـتـلِهِ أمـثـلُ عـلـيِّ الـشـأنِ يـخـذلـه الـفكرُ
لكمْ خزيكمْ طولَ الحياةِ وفي غدٍ فـلا تـسـألوني حيث موعدُنا الحشرُ
أبـا حـسـنٍ مَـن لـلـيـتـامى فإنّهمْ بـفـقـدِكَ يـا كـرارُ مـــسَّــهـمُ الـضُّرُّ
أبـا حـســـنٍ مَن لـلـعـدالـةِ إنَّـهـا بـغـيرِكَ لا تـسـمـو ويـعـلـو لها ذكرُ
وقال من قصيدة في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام):
يــا أولَ الـسـبـطـيـنِ نهجُكَ معهدٌ سامي الجوانبِ فاقَ أشرفَ معهدِ
عـلّـمـتَ أفــذاذَ الــرجـــالِ مآثراً فـي الـحـلمِ حينَ لبِسـتَ درعَ تجلّدِ
وأبـنـتَ لــلأعــداءِ أنّــكَ مُخلصٌ للهِ فــــي نـشـرِ الـســلامِ الأرشــدِ
حتى إذا ما نـاصـبـوكَ عـــداءهمْ واسـتـرهـبـوكَ بــمـبرقٍ وبمرعدِ
دالَ الزمانُ فنُلتَ أنصعَ صـفـحةٍ ومـضـوا بــتــاريــخٍ رديءٍ أسودِ
ماذا يضرُّ الشمسُ في عـلـيـائِـها إن فــاخـرتـهـا الـيــومَ نارُ الموقدِ
كمْ سدَّدَ الأعداءُ نحوكَ سـهـمَـهمْ فــي الــنــقـدِ لكن كانَ غيرَ مُسدَّدِ
وتــقــوَّلــوا بـحـديـثِـهـمْ لـيبرِّدوا حــرقــاتِــهــمْ لــكـنـهـا لـمْ تــبـردِ
قالوا عزفتَ عن الـجـهـادِ مُخيَّراً ورغـبـتَ فـي صلحٍ معَ المُستعبِدِ
ما أنصفوكَ ولا رعوا لكَ حرمةً وقـلـوبُـهـم قـد كـوِّنــتْ مِـن جلمدِ
أتـحـاربُ الـطـغيانَ في جـيشٍ له فـي سـاحـةِ الـهـيجاءِ أسوءُ مقعدِ
ما أنصفوكَ وكـيـفَ يـنطـقُ حاقدٌ أعمى بصيرتَه بـريـقُ الـعـسـجدِ
ومنها في معاوية بن أبي سفيان:
أويــرعـوي مـن غـيِّـهِ وبـقـلـبِـهِ لـلـجـاهـلـيـةِ شــعــلــةٌ لــمْ تـخـمدِ
نصبَ العداوةَ للشريعةِ وانتضى سيفَ الضلالِ فيا له من مُـعـتدي
هـوَ كـيـفَ يـأمرُ بالصلاةِ وكفُّه قد خُــضِّــبــتْ بــدمِ الـتـقاةِ السُّجَّدِ
أمْ كيفَ يرعى مسجداً ويصونَه مَن راحَ يُشركُ باسمِ ربِّ المسجدِ
وقال من قصيدة (رب الجهاد) وهي في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (33) بيتاً:
يـا سـيِّـدَ الــشــهــداءِ إنّــــا أمَّــــةٌ قد لازمت بـحـيـــاتِـهــا الأرزاءَ
فـأنِـرْ بـنـورِكَ يــا حـسـيـنُ سبيلَنا فـلـعـلـنـا سـنـمـزقُ الـظـلـــمـاءَ
عذراً أبا الـشـهـداءِ إنَّ لــواعــجي قـد ألـهـبـتْ نـيـرانُـها الأحـشاءَ
قـالـوا سـعـيـتَ إلى الهلاكِ مُخيَّراً ولو اصطبرتَ لنلتَ منه نــجاءَ
وبسيفِ جدِّكَ قد قُتلتَ ولــمْ تـكــنْ بـيـنَ الأنـامِ تـمـاثـلُ الـشـــهداءَ
تـبَّـاً لـهـمْ مـتـخـاذلــيــــنَ إذا طما خـطـبٌ وزلـزلَ مـنهمُ الأرجـاءَ
رأوا السكوتَ على المظالمِ حكمةً والذلُّ لـلـمُـسـتـعـبِـديـــــنَ دهاءَ
فـوثـبـتَ كالليثِ الهصورِ مُقارعاً مَن أصبحوا لأولي الخنا أجراءَ
حتى قُـتـلـتَ وفـوقَ رأسِـكَ لـلعُلا تــاجٌ يُــطــاولُ شــأوَه الجوزاءَ
فـذهـبـتَ موفورَ الكرامةِ حيث قد أحـسـنـتَ أنـتَ إلى الجهادِ إداءَ
يُزجى لكَ الـحـمـدُ الـعـظيمُ وإنّهم أمـسـوا بـأفــواهِ الــــورى لعناءَ
وقال من قصيدة في الإمام الحسين (عليه السلام):
شهيدُ الإبا أخـرسـتَ كـلَّ مُـفــوَّهٍ وحـارَ بـمعنى وصفِ آياتِكَ الفـكــرُ
شهيدُ الإبـا قد كنتَ للحقِّ ناصراً وذخراً عظيماً حيث عزَّ لهُ الذخـــرُ
شـهـيـدُ الإبا خَلّدتَ للدينِ شرعَه وكـنـتَ لـه فـرداً وأعـــداؤه كُـــثـــرُ
وألـقيتَ درساً في المعاليَ والإبا ولا زالَ يزهو في محاسنِه الــعصرُ
لـئـنْ كانَ للأحرارِ تـاجٌ مـعـظّـمٌ فــأنـتَ بـذاكَ التاجِ رغمَ الــعِدى درُّ
رضعتُ هواكمْ في الطفولةِ شيِّقاً إلى جودِكــمْ إذ أنــتـمُ الـجــودُ والبرُّ
ورحـتُ بـكـمْ في كلِّ نادٍ ومحفلٍ أباهي وهلْ في غيركمْ يُحسنُ الفخرُ
وإني قد أوقـفـتُ شـعري لأجلكمْ ومــا بـسـواكـمْ يُـحـسنُ النظمُ والنثرُ
وقال من قصيدة (ذكرى محرم) وتبلغ (27) بيتاً وقد ألقاها الشاعر في الحفل الذي أقامه شباب الكاظمية في يوم عاشوراء في الصحن الكاظمي الشريف عام (1360 هـ / 1942م):
شهرٌ بهِ رامَ ابنُ حربٍ ذلَّ مَنْ لسوى الإلهِ وحكمِهِ لا يـخـضـعُ
حاشاهُ أن يرضى وأحـمـدَ جدُّهُ وأبوهُ حـيـدرةُ الـبـطـيـنُ الأنزعُ
والأمُّ فـاطـمـةٌ أجـلَّ نـسـاءِ خلـ ـقِ اللهِ طـرَّاً فـي الأنـامِ وأرفــعُ
فأبى وأرخصَ للـصوارمِ نفسَه ومضى يحاربُ والعوالي شُرَّعُ
يا جاحداً حقَّ الحسينِ تعالَ خُذ ما يـنـشـئُ الـتـاريـخُ فـيه ويبدعُ
واللهِ لـولاهُ لـمـا انـتـشرَ الهدى كلّا ولا حـكـمُ الـشـريـعـةِ يُـتـبعُ
فيهِ استقامَ الدينُ بعد تضعضعٍ وإلى القيامةِ سوفَ لا يتضعضعُ
ديـنٌ فــداهُ بــنـفـسِــهِ وبــأهـلِهِ فتراهمُ في الحربِ لمْ يتزعزعوا
لا يرهبونَ ولا يـهابونَ الردى إذ بـالـشـجـاعـةِ والإبـاءِ تدرَّعوا
وقال من قصيدة (ذكرى فاجعة الطف):
أتـــرومُ إذلالَ الـــحـــســيـنِ أمـيَّةٌ وهـوَ الأبــيُّ الـــهاشميُّ الضيغمُ
أبـغـيـرِهِ وبــغـيـرِ والــدِهِ عــلــــى رغمِ العدى نصَّ الكتابُ المحكمُ
تـبَّـاً لـهـا فـيـمـا تـريـدُ ومــا درتْ أنَّ ابــنَ فــاطــمــةٍ أعــزُّ وأكرمُ
عـجـبـاً أفي مثلِ الحسينِ ورهـطهِ عـبـدٌ لــئـيـمٌ ســـافـــلٌ يـتـحـكّــمُ
فأثارَ شـبـلُ عـلـيِّ أعـظـمَ نـهـضةٍ أمـسـى بـمـفـخـرِها الهدى يترنَّمُ
هـيَ نـهضةُ الحقِّ المبينِ ولمْ تزلْ درسَ الإبا لـلـنـاهــضـيـنَ تُـعـلّـمُ
قد شعَّ في أرضِ الحجازِ ضياؤها فانجابَ عنها لـيـلُ شـركٍ مُـظـلمُ
وسـرى إلـى أرضِ الـعراقِ بفتيةٍ غُـرٍّ عـلـى غـيـرِ العُلى لم يقدموا
لـن يـرتـضـي ذلَّ الــجـبــانِ لأنَّـه يــدري بـأنَّ الـدينَ سـوفَ يُـهـدَّمُ
فـفـدى لـديـنِ اللهِ مــهــجــتَـــه ولمْ يخضعْ وفـي يـدِهِ الحسامُ المخذمُ
وقال من قصيدة (وثبة الدم):
حـرٌّ ونـهـجُ جــهــادِهِ فــرقـــانُ راحـتْ تُـرتِّـلُ آيَـه الأزمانُ
حرٌّ ونفسُ الحرِّ جدّ طـمـوحــةٍ هيهات يثني عـزمَها عدوانُ
حــرٌّ زكا بين الـخـلائـقِ محتداً وعلا له رغمَ الأعادي شانُ
حــرٌّ أبــيُّ الـنـفـسِ شبلُ محمدٍ يـنـهـارُ مـن عـزماتِه ثهلانُ
حـرٌّ لــه دســتــورُ عدلٍ محكمٌ مـا فـيـه مـسكـنةٌ ولا إذعـانُ
إمّــا حــيــاةٌ حــرَّةٌ وعــزيــزةٌ وبظلّها كلُّ الـحـقـوقِ تُصانُ
أو لا فإنَّ الـموتَ خيرُ سـعـادةٍ بسمومِها تترنَّـمُ الـشـجـعـانُ
يا وثـبـةَ الــدمِّ، والـدمـاءُ كفيلةٌ أن تستنيرَ بنورِها الأوطـانُ
يا وثبةَ الدمِ أنـتِ أشـرفُ وثبةٍ بدمِ الحسينِ أشيدَ منكِ كـيانُ
يا وثبةَ الدمِ أنتِ مشعلُ نهضةٍ الـمـجـدُ والـعـلـيا لها برهانُ
يـا سـيِّـدَ الـشـهداءِ اسمُكَ بلسمٌ يروى بفيضِ نميرِهِ الظمآنُ
وقال من قصيدة في ذكرى وفاة الإمام الصادق (عليه السلام):
لــحـــاكَ اللهُ يــا شــوّالَ عــمَّا أتـيـتَ فـعـنـدكَ الـعجبُ العجيبُ
وما كـنـا نـؤمِّلُ فـيـكَ خــطبـاً لـه الـولـدانُ مــن فـزعٍ تـشـيــبُ
أيـقـضـي صـادقُ الأقوالِ سُمَّاً ويحيا في الورى الوغدُ الكذوبُ
فــبـعـدَ الـيـومِ لا يـــومٌ سـعـيدٌ يـمـرُّ بـنـا ولا عــيــشٌ يـطـيـبُ
أبا موسى شكوتُ وأنتَ تدري ويـعـلـمُ ذلـكَ الـفـطــــنُ الأريبُ
وإن أشـكـو فصدري للشكاوى وثـقـتُ بــأنّــه صـــــدرٌ رحيبُ
لقد ولّى زمــانُ الـخـيـرِ عـنّــا فيا زمــنَ الـهـناءِ مـتى تـــؤوبُ
أبـا مـوسـى وأيّ فــتـىً ينادي أبا موسى وفـي الـنجـوى يخيبُ
ألـسـتَ ابنَ الألى مـن آلِ طـه وما لـسـوى الـعـلا مـنهمْ وثـوبُ
مدحـتـكـمُ وقد صرَّحـتُ دوماً بـغـيـرِكـمُ مــديــحـي لا يـطـيـبُ
وقد أوقفتُ شعري في هـواكمْ وذاكَ عـلـيَّ مـفـتـرضٌ وجــوبُ
غداً أرجو الشفاعةَ لي لأنـــي إلـى مَـن ألـتـجـي إن لـم تـجيبوا
.................................................................
1 ــ ترجمته وشعره عن: موسوعة الشعراء الكاظميين ج 6 ص 415 ــ 448
اترك تعليق