566 ــ زهراء المتغوي (ولدت 1394 هـ / 1974 م)

زهراء المتغوي (ولدت 1394 هـ / 1974 م)

قالت من قصيدة (تغريبة العشق) وهي في الإمام الحسين (عليه السلام) وتبلغ (35) بيتاً:

أغـرى جَـنـوبٌ أو أَغـارَ شَمالُ     فلـ (كربلاءَ) تحمحمُ الأوصالُ

قُمْ وانظر الشّوق الذي بِدَواخِلي     أرأيتَ كَيفَ يُـبـاغِتُ الزِّلْزَالُ؟

فـلـطَـالَـمـا أشْـعَـلـتُـهـا تَـهْـويمَةً     وكـأنّ كُـلَّ طُـقـوسِها استِهْلالُ (1)

وقالت من قصيدة (لهيب الولاء) وتبلغ (35) بيتاً:

وبـ (كربلاءَ) منازلٌ جَمعتْ     دُررَ القلوبِ كـأنّـهـا عقدُ

مـا بـيـنَ شـيـخٍ فـي تـبـتّـلِـهِ     ذِكـرٌ وفـي تـسـبيحِه وِردُ

أو فتيةٍ في زهرِ طـلـعـتِـهـا     يُعلى الجبينُ ويُزهرُ الخدُّ

وشاركت الشاعرة مع عدد من الشعراء بكتابة زيارة الناحية المقدسة شعراً بتوجيه من السيد ضياء الخباز وقد اشترك كل شاعر ببيتين قالت المتغوي في بيتيها:

سَلامٌ عَلى التُرْبِ فِي (كَربَلاء)      عَلَى النَّوحِ والأعَينِ الدَامِعَه

سَلامٌ هُـو الــعِـشْـقُ والذِّكْرَيات      تَعـودُ الـى مَسْرَحِ الـفَــاجِعَه

وقالت من قصيدة (إليه .. إليه) والفائزة بالمركز الأول بمسابقة (شاعر الحسين): (2)

إليهِ الفضاء

خريطةُ شوقٍ

تسافرُ من نبضِ نبضِ الهيام

ثنيّات ضوءٍ تقودُ عصافيرَها للسماءْ..

لبوابةِ العرشِ في (كربلاءْ) ..

يهجّنها الحزنُ يختزلُ الظلَّ فيها

ويبكي الأديمُ على أن تحثَّ شراراتِه

يتوترُ قلبُ الزمانِ، يؤوب كأقصى العناق

الشاعرة

زهراء بنت أحمد بن كاظم المتغوي الدرازي البحراني، ولدت في البحرين وهي حاصلة على شهادة البكالوريوس من جامعة البحرين وتعمل مدرسة لمادة الرياضيات، شاركت في العديد من الأماسي والمواسم الدينية الخاصة بأهل البيت (عليهم السلام) في البحرين والكويت والسعودية وعُمان، وحصلت على العديد من الجوائز والشهادات منها المركز الأول في مسابقات: (خديجة الديلمي) و(الزهراء في عيون الشعراء) و(أبي تراب) و(شاعر الحسين)

صدر لها ثلاث مجاميع شعرية هي:

أهداب الريحان

بأي ذنب قتلت

سيمياءُ الحلمِ

كتبت الباحثة زهرة حميد عودة بحثاً عن قصيدة المتغوي (كل الحروف تؤدي الى فاطمة) قالت فيه: (وقع اختياري على قصيدة (كل الحروف تؤدي الى فاطمة) للشاعرة البحرينية زهراء المتغوي لكثرة الانزياحات فيها وخروجها عن مألوفة اللغة، وسيحاول البحث الاجابة عن الأسئلة الاتية: ما المقصود بأسلوب الانزياح وما وظيفته؟- ما صور الانزياح التي استثمرتها الشاعرة لإضاءة ثراء النص وإبراز قيمه الدلالية؟- وقد توزع البحث على ثلاثة مباحث خصص أولها للتعريف بأسلوب الانزياح ووظيفته وتناول المبحث الثاني الانزياح الاستبدالي متمثلا بالاستعارة والكناية، أما المبحث الثالث فقد كشف عن الانزياح في آلية التناص) (3)

شعرها

قالت المتغوي من قصيدة (قاصمة الظهر) وهي في رثاء النبي (صلى الله عليه وآله) وتبلغ (30) بيتاً:

إلـى طـيـبـة الـنـوراءِ قـلـبــكَ خـافــقٌ     تراوده الأشـواقُ فــي السهلِ والوعرِ

و طـلـقـتَ دنـيـا الـناسِ وجداً ورغـبةً     لـمَـن حـبُّـه في القلـبِ والعينِ والفكرِ

إلى الـمـوئـلِ الـمقصودِ في كلِّ غـايةٍ     ولـلـخـالـقِ الـمـعـبــودِ مُستودعُ السرِّ

إلى الصادقِ المختارِ إشراقةُ الـهــدى     ونـورٌ مـن الـرحـمــنِ بـلْ آيـةُ الفخرِ

وتبكي كريمَ الأصلِ والنفسِ والــنهى     ومَـن أودعَ الآيـــاتِ فـي لـيـلـةِ القدرِ

وتبكي وفي الأحشـاءِ نارٌ وجــمـــرةٌ     وفي جوفك الأحزان ألظى من الجمر

أتـبـكـي نـبـيّـاً زلــزلَ الـــدهـرَ فـقـدُه     فأسبلَ عينَ الكونِ فـي حرقةٍ تجري؟

أتـبـكـي وفـي الأثـنـيـنِ تنهالُ حسرةٌ     على البطلِ المغوارِ والـقـائـدِ الـحُـرِّ؟

على النورِ سرِّ النورِ والمجدِ و العُلا     وسـيـد خـلـقِ اللهِ مـن سـالـفِ العُصرِ

رسولٌ لـه الأفلاكُ صـلّـتْ وخــاتـــمٌ     لـكـلِّ نـبـيٍّ جــاءَ بــالـنُّـصـحِ والــذكرِ

تـألّـقَ ديـــنُ اللهِ مـــــــــِن قـسـمـاتِـه     ومِـن هديـهِ المبرورِ كالكوكبِ الدُّرِّي

أتـبـكـي كـريـمـاً بلْ عطوفاً وراحماً     إلى الخلقِ ما إن مسَّها هاجسُ الضرِّ؟

أتـبـكـيـهِ مـوجـوعـاً يـجـودُ بـنـفـسـهِ     وفـي جـوفِـهِ الأسـقـامُ كالـعـلقمِ المُرِّ؟

ويرجو من الأصحابِ مِن قبلِ موتِهِ     دواةً وقــرطــاسـاً يُــســـطّـرُ بـــالحبرِ

فـيـنـهـرُهُ مـن كــانَ يـنـكـرُ فـضـلَـه     ويــدعوهُ - ياللعارِ - في النزعِ بالهجرِ

ويُـسـلـبُ حـقُّ الـمــرتضى وعهوده     وتــلــكَ - يمينُ اللهِ – قــاصمةُ الظهرِ

أيُحرقُ بيتُ الطهرِ مــن دونِ جرمةٍ     ويُـسـحـبُ ثــأرُ اللهِ بــالــقيدِ والأسرِ!

وتُسقـط بنتُ الـمـصـطـــفـى لجنينِها     تُـجازى بعصرِ البابِ والضلعِ بالكسرِ

أما كـانـتِ الزهـراءُ بـنـــتَ مـحـمـدٍ     أمـا كـان يُـدعـى اسـمُهـا ربَّةَ الخدرِ؟

وقد كان يـهـواها ويهوى رضــاءَها     ويـؤثـرُهـا بـالروحِ في العسرِ واليسرِ

وكـمْ قـالَ أمِّـي فـاطـمٌ وهـيَ ابنـتـي     وفي سخطِها سخطي ومِن برِّها برِّي

فـكـيـف سـتـلـقــــونَ الإلهَ بـظـلـمِها     ولـيـس لكم يا عصبةَ الشرِّ مِن عذرِ؟

وقالت من قصيدة: (كلّ الحروف تؤدّي إلى فاطمة):

ماذا يقاربُ ضوئي من ثُـــــــــــــــــريّاهُ؟     والعرشُ في سُدُفِ الأقـداسِ حاكاهُ؟!

خطَّ اللجينُ عــــــــــــــــــلى أثباجـه دُرراً     مـــــــــــــمهورةً بشـعاعٍ من تحاياهُ

والوصفُ يهطلُ بي من قطرِ ســــــــلسلِه     فالشعرُ محــــــضُ حُبابٍ في حُميّاهُ

والشمسُ حبّةُ خالٍ فـــــــــــــــــوقَ وجنتِهِ     شفّتْ على ولـــــــــهٍ نشوى عِذاراهُ

والنخلُ نهنهةٌ في صدرِ أغنـــــــــــــــــيةٍ     كانت تراودُها صهبـــــــــــاءُ مغناهُ

والعمرُ ثيمةُ أشــــــــــــــــــــــذاءٍ بلوحتِهِ     والــــــــــــــــدهرُ وشمُ أفانينٍ بحنّاهُ

والفجرُ بعضُ تـــــــــــــــــواشيحٍ بمرفئه     تعيدُ في ثقةِ الـــــــــــــشطآنِ ذكراهُ

يا يومَ فاطمةَ الفاضتْ غدائــــــــــــــــرُه     وطافَ بالألقِ الهادي مُــــــــــــحيّاهُ

آتيكَ يا قبسَ الإيمـــــــــــــــاضِ مُحتطباً     واللهُ ألهمني مـــــــــــــن قدسِ علياهُ

يا فاطمَ الـــــــــــــــوله الشادي بأوردتي     حــــــــاشا ودادك أن يرفضَّ حاشاهُ

و دارة النبأ المسجور مــــــــــــــركزها     بنجمِ عــــــــــــــــشقكِ مغرورٌ وتيَّاهُ

فالقلبُ يكرعُ مــــــــــــــن ملقاكِ أكـؤسَه     وكوثرُ الهبة الأغــــــــــــلى تعاطاهُ

والكونُ مـــــــــــحضُ مجرّاتٍ وأنـتِ له     قطبٌ يوازنُ يُسراهُ بيمــــــــــــــناهُ

ما غيرُ سرّك فـي الأخبارِ مــــــــــــبتدأٌ     وما تَــــــــــــــــشيّأَتِ الأفلاكُ لولاهُ

ما غيرُ سرِّكِ للصــــــــــــلصالِ أوسمةٌ     لأنَّ نورَكِ مِـــــــــــــن أرقى خباياهُ

غداةَ بِسمكِ أومى آدمٌ خــــــــــــــــــجلاً     فصارَ مُنسلخاً عنها خــــــــــــطاياهُ

واستافَ بردَكِ إبـــــــــــــــراهيمَ منعتقاً     فأربكَ الوهجَ الضاري وأطفــــــــاهُ

و قلبُ يونسَ في أغـــــــــــــــوارِ لجّتهِ     ما غيرُ حرفِكِ بالنـــــــــجوى تهجَّاه

ولا ســـــــــــــــــــليمانُ مفتـوناً بمملكةٍ     إلّا وذكركِ أعطاهُ وأغـــــــــــــــناهُ

وشوقُ طه إلى عينيكِ أشـــــــــــــــرعةٌ     والقلبُ يهــــــــــــدرُ كالموّال: أماهُ

وما خفوق عــــــــــــــــليّ في صــبابتِه     إلّا لروحكِ يا أصـــــــــــفى مراياه

من حيثُ لا حيثُ كنتِ الأمس في غــده     وكنتِ أجملَ ما تُبدي هــــــــــداياه

آتــــــــــــــيكِ في وطرٍ فُضّت خواتــمُه     مِن أعينِ الزمنِ الغافي سَرَقْنــــــاهُ

كــــــــــــوثرتِ بذرته الحدباء فانفلــقتْ     بها الــــــــــــــــــمشيئةُ لمّا آذنَ اللهُ

و كنتِ نبــــــــــــــــعةَ إحساسٍ بذمّتـها     نهرٌ يهدهده موجٌ وأمــــــــــــــــواه

يلتاحُ همسُكِ والأمشــــــــــــاجُ ســادرةٌ     حتّى يجنّحُ في الأرحامِ نجــــــــواهُ

يُهدي خديجةَ ميعاداً يضاحكـــــــــــــها     ما أعذبَ الفــــــــرح الآتي وأحلاه!

فأنتِ حينَ صـــــــــخور الهمِّ تكــسرها     وينشبُ القدرُ المــــــــــحرومُ بلواهُ

تـــــــــــــــــــبلسمينَ مـعَ الآلامِ غفوتها     فــــــــــــــــــلا تفيقُ على آهٍ وأوّاهُ

وتمطرين حنــــــــــــــــاناً في شكايتِها     لا يرجعُ الأمـــــــــلَ المصهورَ إلاهُ

وتغزلينَ أماناً في توترِهــــــــــــــــــــا     إذا البريةُ أشباحٌ وأشـــــــــــــــــباهُ

وحين أزهرَ بالتفاحِ مـــــــــــــــــوسمُه     وفاضَ كلُّ رحـــــــــــيقٍ مِن ثناياهُ

تأتينَ خالصةً مِن كـــــــــــــــلِّ مغلسةٍ     والصبحُ منبلجٌ شعّتْ ســــــــــراياهُ

تأتينَ ومضةَ إشراقٍ يعانقـــــــــــــــها     ضمينُ ما خلقَ الـــــــــباري وأنشاهُ

فأنتِ لــــــــــــــــلشفقِ الولهانِ أحجيةٌ     تــــــــــــــضجُّ لغزَ أساطيرٍ حكاياهُ

وإن أقاربَ يا زهــــــــــراء في نغمي     فالحبرُ يعْلَــــــقُ من ذكرى خزاماهُ

وكلّما ارتعشَ النسرينُ فـــــــــي ظمأ     رحيقُ بيدركِ الـــــــــــــميمونِ غذّاهُ

وكلّـــــــــــــما يبسَ الخفّاقُ من جدبٍ     أجــــــــــريتِ في دمِه عطراً فأحياهُ

رهنتِ قلبكِ لـــــــــلإحسانِ فالتصقتْ     بهِ القلوبُ وذابـــــــــــتْ في سجاياهُ

وطافَ صوتُكِ في التاريخِ فانـهمرتْ     منكِ الفصاحةُ فجراً قــــــــــد تغشّاهُ

والسترُ أنتِ ملاكٌ في خـــــــــــميلتِه     وسوسناتُ ربيـــــــــــــــعٍ في تكاياهُ

ينـــــــــهالُ عشقُكِ في مستعذبٍ شبمٍ     مــــــــــــن المراضعِ أطفالاً شربناهُ

ففي الضـــــــــلوعِ صـباباتٌ تنازعنا     إن هامَ خــــــــــــافقُ مجنـونٍ بليلاهُ

حيثُ الكمالُ تجــــــــــلّى في مفازتِهِ     مِن القرابةِ أجراً قــــــــــــــد تقاضاهُ

فباتَ عمرُكِ يا عشريـــــــــــنَ نافلةٍ     أسطورةً تهبُ الإنسانَ معــــــــــــناهُ

وصارَ دربُكِ شوطاً ليسَ نبلــــــــغُه     لو كانَ يُبــــــــــذلُ من عزمٍ قصاراهُ

وباتَ قلبُكِ فانوساً لصــــــــــــحوتِنا     حتّى يصافحَ نـــــــــــــورُ اللهِ مسراهُ

فـــــــــــدمتِ مدرسةً والمجدُ طالبها     والعــــــــــــــلمُ والمُثُلُ الأنقى نداماهُ

لكنّما الزمـــــــــــــــنُ الغدّار طعنته     أجرتْ برزئكِ طـــــــــــبعاً ما تعدّاهُ

زهراءُ غادرتِ الأطــــــــيارُ أيكتَها     وجرحُ فقدِكِ ما أقسى رزايــــــــــاهُ!

زهــــــــراءُ غادرت الـدنيا حلاوتُها     والـــــصبرُ باتَ ضريعاً مُذ جرعناهُ

لا زالَ بيـــــــــتُكِ مسكـوناً بوحشتهِ     قد صـــــــــوّحَ الـوجعُ الدامي يتاماهُ

والبابُ يحفرُ فــي الألبـابِ صرختَه     وتطحنُ الغــــــضبَ الموقوتِ عيناهُ

لازالَ خـــــــــــــدّكِ محمرّاً بلطمتِه     وكـــــــــسرُ ضلعكِ موتوراً بشكواهُ

لا زلتُ طفلتَكِ الــــــحيرى وخافقها     طاف الهــــــــجيرُ على أعتاب دنياهُ

لو يزفرُ الــــوجعُ المحمومُ في رئتي     لذابَ كلّ جليــــــــــــــدٍ من شظاياهُ

والخطبُ يثقبُ أنـــــــفاسي ويجلدُني     ويستبيحُ خيالاتي بشكـــــــــــــــواهُ

وظـــــــلُّ دمعتك الحمراءَ يخرسني     والليلُ يرقب في صمـــــتٍ مصلاّه!

وقالت من قصيدة (تغريبة العشق)

اللهُ أكبرُ، والـعُــطــورُ تَـراكَــضَتْ     ومِــن الــضَّــريــحِ تدفّقَ الشَّلاّلُ

وبِهيدَبِ الدَّمْعِ اسـتـرَاحـتْ غَـيْـمَـةٌ     لـلـعُـشْــقُ مِــن سَـــلسَـالِها سَيَّالُ

نَـكَـفــتْ بـمـنديلِ الوِصَالِ شجونَها     وسـطَ الــفَــراديــسِ الـتي تَخْتالُ

والـمُـسْـتـحـيـلُ تــفــتُّـــهُ دَعَــواتُها     لا يَـسـتـقـيــمُ مَـعَ الحُسينِ مُحَـالُ

الصَّابـئــون عَلى شَريعةِ غَـفْـلـتـي     دَرجوا على حُكْمِ الرَّدى أو مَالوا

والرَّاحلون هوى الـحـسـيـنِ أجنَّهُم     وأنا كَـحَـظِّــي صَـخْــرةٌ مِعْطـالُ

فمتى ببُشراكَ الـقـمـيــصُ يعيدُ لي     بَصَري فأنتَ اليوسُفُ المِفْضالُ؟

ومتى قِطافُ الاصْـطـبارِ يَلوحُ لي     فـأنـا وكُــلُّ الـمُـتـعَــبــيـنَ سِلالُ

عـدني إذا مَـلَـكوتُ عُشْقك ضَمَّني     ونَـمَـا عـلـى أَعْـتـابِكَ الـصِّلصالُ

ولَبَسْتُ درعَ الصَّمتِ في تَغْريبتي     والصَّمْتُ في حَرمِ الجَمالِ جَمالُ

وقال من قصيدة (لهيب الولاء):

بأبي ونفسي مَـن بـمــقـتـلِــه     ذهبَ الصفاءُ وغادرَ السعدُ

لـلـطـفِّ حـيـثُ الطفُّ غايتُه     ويحوطه الأصـحابُ والوِلدُ

ساروا وشوقُ الموتِ ينهبُهم     والموتُ بين مسـيرِهمْ يحدو

وبكربـلاءَ مـنــازلٌ جَـمـعت     دُررَ الـقـلـوبِ كــأنّـهـا عقدُ

مـا بـيـنَ شــيــخٍ فــي تـبـتّلِه     ذكرٌ وفـي تـسـبـيــحِـه وِردُ

أو فـتـيـةٍ فـي زهــرِ طلعتِها     يُعلى الجبينُ ويزهــرُ الـخدُّ

حولَ الحسينِ وتحـتَ رايـتِه     وقفوا وفيضُ شعــورِهمْ وِدُّ

مـتـدرِّعــيــنَ لنصرِ سيِّدهمْ     وإلـيـهِ فـي أعـمـاقِـــهمْ عهدُ

وبـحـومــةِ الـميدانِ تذرفُهمْ     بـيـضُ النصالِ وصارمٌ هِندُ

بـرزوا كـمـاةً فـي تـدافعِهمْ     مـوجٌ وفــي إصــرارِهـمْ مدُّ

وقال من قصيدة (جرح على وتر الزمان) وتبلغ (20) بيتاً:

حسينٌ يا حروفُ العشقِ أسكبُها     وفي النبضاتِ شعرٌ ليسَ يندلقُ

حسينُ القلبِ أيَّ الـحـبِّ تـنفحُه     فيغرقُ فيكَ عطرٌ نـاضحٌ عبِقُ؟

حـسـيـنٌ جـذوةٌ والـعمرُ يوقدُها     خـلـوداً يـعـتـريـهِ الـنورُ والألقُ

حـسـيـنٌ لـحـنُـه أصـلٌ يـجذّرنا     ونحنُ الفرعُ عـنه كيفَ نفترقُ؟

حسينٌ أنتَ لي المشكاةُ ناصعةٌ     وبينَ غلالةِ الأضلاعِ تــخـتـرقُ

فخُذ بيدي سبيلاً لا يُـضـيّـعني     إذا ارتعدَ الـشتاتُ ونـاءتِ الفِرقُ

فأشرعتي محابرُ مهجةٍ ولـهى     سـفـائـنُـهـا إلــى لـقـيـــاكَ تستبقُ

وهلْ أرجو نجاةً منكَ يا أمـلي     وبـيـن يـديـكَ دوماً يُحـمدُ الغرقُ

وقالت من قصيدة (على ضفاف أبي الفضل) وتبلغ (25) بيتاً:

أبا الفضل يا سُلوتي والمنى     ويا مؤنسي في الدّجى لو يطولْ

سـألـتـكَ يـا مــن أزاحَ العنا     لـيـنـداحَ عـن وجــهِ ابـنِ البتولْ

ويا مَـن تـكـفّلتَ ضيمَ النّسا     وأسـعـدتَـهـا في الزمـانِ المهولْ

ورايـــاتُ عــزِّكَ أعـلـنـتها     بـعـزمِ أبــيٍّ فــتـــيٍّ صــــــؤولْ

ووجهُكَ مثل الـسنا ضاحكٌ     إذا دقّـتِ الـحـربُ مـنـها الطبولْ

سـتـلـقـاكَ عـبّـاسَ أحلامِها     جريءُ الخُطى لا يهـابُ الوغولْ

تـجـدّلُ فـرســانَــهــا والقنا     تُـفـرِّقُ ركـبــانَــهــا والــخــيـولْ

فـيـا أيُّـهـا الـبــدرُ إشراقُــه     تـعـالـى فـلا يــعـتـريــــهِ الأفولْ

ويا أيُّـهـا الـنفـحُ لا ينقضي     ولا يـبـلـغُ الــزهــرُ مـنه الذبولْ

وقالت من قصيدة (جراح رملة) وتبلغ (37) بيتاً:

نعى قاسماً يـحـكي شجاعةَ حيدرٍ     وصبراً تناهى من عزيمةِ طه

ونسغاً من الإيمانِ أغصانُه التقى     وأوراقَ طـهـرٍ بالندى تتماهى

وغيثاً سقـى بالطفِّ شرعةَ أحمدٍ     وقفرَ رياضِ المُكرماتِ رواها

أقاسمُ لو تدري جموحَ مشاعري     وكيفَ تضلّ الـمـقـلتانِ كراها؟

وفي الـجـفنِ آثارٌ تنمُّ عن الأسى     إذا أدمعتْ ماءَ العيونِ عصاها

وآهٍ لـروحـــي بـيـن ذلٍّ ووحــدةٍ     تناجي على بعدِ الديـارِ مُـنـاها

وشاخَ زمــاني والجراحُ تنوشني     ذئـابـاً جـيـاعـاً لا تــــحدُّ فلاها

ولو أنصفــتْ بين الهمومِ كنايتي     لــصــرتُ إلــيـهــا أمَّها وأباها

وقال من قصيدة (عشقي وأملي) وهي في الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) وتبلغ (33) بيتاً:

مـهـمـا تـكـالـبـتِ النوائبُ جملةً     فهوَ الربيط لجأشِه و الصابرُ

حـتـى يـبـوِّؤهُ الإلــهُ مــكــانَـــه     والشرعُ مِــن آيــاتِــهِ يتواترُ

غمرَ الـحياةَ رياضَها وقــفـارَها     أمـلاً يــردِّدُه الربابُ الماطرُ

و رعى الوجـودَ بـنـظـرةٍ أبويّةٍ     وحنانُها من روحِـه يـتـقاطرُ

و لقد حـمـلـنا همَّه، وهـمـومُـنـا     في قلبِه المكـلومِ جرحٌ غائرُ

مـهـديُّـنـا يـا مَـن يـتيهُ به المدى     والقولُ يعجزُ والبيانُ الحائرُ

قطبُ الزمانِ فديتُ طلعتِكَ التي     تـاقـتْ إلـيـهـا أفؤدٌ ونـواظـرُ

عـجِّـلْ فـإنَّ الـعـصرَ فلكٌ هامجٌ     يـغـشـاهُ حـقـدٌ جـامحٌ ونوائرُ

وقالت من قصيدة (سيمياء الحلم المرتقب) وتبلغ (51) بيتاً:

فيا سيّد الدنـيـا أتـيـتُ ولـهفتي     كما الهيمُ لو يستكُّ في سمعِها الرعدُ

ويـا لابـسـاً مجدَ السيادةِ عـمَّةً     لـهـا الـفـخـرُ مـمـلـوكٌ ونابضُه عبدُ

ويا أيها الموعودُ غيثاً وغيمةً     متى في سؤالاتِ النوى يهطلُ الردّ؟

(أبا صالحٍ) لا أبلجَ اللهُ نـظرةً     لـضـوئـكَ لا تـألــو ويـبلغها الـجـهـدُ

(أبا صالحٍ) لا سدّدَ اللهُ خطوةً     لنصرِكَ ما رصّتْ أرومــتَـهـا جـنــدُ

وقال من قصيدة في مولد السيدة الحوراء زينب بنت أمير المؤمنين (عليهما السلام) تبلغ (30) بيتاً:

زينبُ الطهرُ قد أتـــتْ والحـنايا     أمطرتها الـسـعودُ قطراً فقطرا

زينبُ الطهرُ أشــرقتْ والمـرايا     صورٌ بالجـمالِ والحسنِ تترى

غرةٌ فـي الـدجى أضاءتْ ونورٌ     بــلــيــالــي الأنــامِ يختالُ بدرا

قم أيا صاح و اصطبحْ بالتهاني     فازَ من يغــرفُ التحياتِ فجرا

هـل أتـى الدهرُ مثلها من سعودٍ     أمْ تراها نواظرُ الدهرِ حيرى؟

تلكَ مـن كـمّــلــتْ بـعـلمٍ وحـلـمٍ     ورفــيــعٍ مــن النهى زادَ فخرا

تلكَ من أودِعتْ صفاءً وطــهراً     أو عــطاءً يـمازجُ الغيثَ بحرا

تلكَ أسمى من السماءِ افـتـخاراً     أو مِن النجـمِ تــلـــكَ أرفعُ قدرا

تلكَ كفُّ الندى وطيبُ السـجايا     وربـيـعُ الأخـــلاقِ يزدانُ نشرا

وحــيــاءٌ لا تـحـتـويـهِ حـروفي     وعفافٌ يـزدانُ في الخدرِ سترا

وقالت من قصيدة (للقمر .. قصيدةٌ عطشى) وهي في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

إليكَ تواضـعَ الفخــرُ احتــراما     وصلّى العشقُ مفتوناً وصاما

ومن شفتيكَ عنقـودُ المـــــعاني     تعلّــــقَ في فمِ الدنيـا كلامـــا

أبا الفضلِ الذي مـا كان حــلـمٌ     ســواهُ يــعيــدُ للنّهـرِ انتظامــا

وفي يمنــاكَ غيمات العطـــايا     وبي أمـــلٌ لأعلاهـــا تسامــى

قصدتُ رؤاك يدفعني هـيامـي     لأمـلأ سلّـــةَ الذكــرى هيامـــا

وأقطــفَ من ربـيعِـكَ سنبلاتٍ     وفي شفتيَّ حــرفٌ قد تنامــى

أجبني سيــــدي فرؤاك بشرى     تهلُّ كـوجـهِ صــاحبِها تمـــاما

وأنت البدرُ يا (عباسُ) أسرى     بأحــلامِ الأرامـــــــلِ واليتامى

فخــذني مهجةً عطشتْ لوعـدٍ     وكنـتَ لنارِها الحرّى ســـلامـا

وطرّز في ضريحك أمنيــاتي     وكـــن لردائهـــا البالي وسـاما

فقد أفـنيتُ في لقياك عمـــري     ومســكُ لقـــاكَ أرجـوه الختاما

وقالت من قصيدة (جراح رملة)

توَسّدَ غبراءَ الحروبِ فــــــــتـــــــــــــــــاها     لينزعَ من عـــــيني فتـيلَ سناها

ويستلَّ من روحي تمــائمَ سعـــــــــــــــــدِها     ويمحضَــــها نزفاً يطيـلُ جواها

فألبسُ من ديمومةِ الحزنِ مــــعـــــــــــــطفاً     ينـــــــــازعُ أمّ الحادثـاتِ رداها

وبعضُ تباريح الأمـــومةِ عـــــــــــــــــــلقمٌ     متى الليلُ أرخى للهـمومِ شجاها

يسائلــــــــــني قلبي وأعـــــــلم أنـــــــــــــه     ظميٌّ وروحي لا يـــغور ظماها

يفتتني والشوقُ يعصــــفُ مهــجــــــــــــتي     ويعــصرُ مني أضـلعي وحشاها

أحنٌ لقنــــديلي و شــــمعة ظـلمـــــــــــــتي     وبـــدرَ سـمائي لـو يطولُ دجاها

إلى قاسمٍ أهــــفو وهل مثـــلُ قـاســـــــــــمٍ     وجــمرتُه في القلــبِ زاد لظاها؟

تقاطرَ حـــــزناً ليس يسكـنُ رجـــــــــــــعُه     فتـــــــمزجُ عيني مــاءها بدماها

أقاســــمُ نبــضي لو دريـتَ مـــــــــفـــارقٌ     وقــلبـي تـداعى في هــواكَ وتاها

فيــــا ليتني أحظــى بلـقياك ســـاعــــــــــةً     فتخبــــــو همومٌ للشغـــافِ جذاها

وترفو غداةَ الوصلِ ثـوبَ حـــشـــــــــاشةٍ     لها البيـنُ ما بينَ الجـــراحِ كساها

وهل نظرةٌ تحيي المواتَ بـــأضـلـــــــعي     فـــــــــتزهِرُ مـني خافـــقاً وشفاها

فأنتَ ملاذي وابتسامُ ســـــــــــــــــريرتي     أيا جنــــــــةٌ للروحِ طـــابَ جناها

خلت من رؤى عينيـــــــــــكَ دنيايَ بعدما     تمثلــــــتَ فيها أرضَـــها وسماها

ولا زلتُ أرنو للسمــــــــاءِ و غــــــــايتي     خيــــالك، أرعـــى بدرها وسهاها

وصوتك شعر لا يـــزالُ يــــــذيـــــــــبني     ويرفـــــــــــعني شمساً يتيهُ سناها

كما وردةٍ فـــاحت بأعــــــماقِ مهجـــــتي     إذا قـــــــلتَ: "يا أماهُ" فاحَ شذاها

وقد كــــــــــانَ يُغريني البقاءُ لأجـــــــلِها     وفارقتُ روحي مُذ جرعتُ أساها

وســـارت أمــــوري فرحةً بـــــــرجـائها     فـلم ألـــــــتمسْ سعدا بغيرِ رجاها

وأزهرت الدنيــــــــا بـــضحــــكةِ ثغرِها     ولفّعـــــــــــــــــني ليلٌ غداةَ نواها

وكـــــــالطيفِ أشواقــــي تيمّم نـــــحوها     وركبُ حنيني راحـــــــــلٌ لهواها

فودّعتُ مــن آمــــــــالِ قلبي سرورَهـــا     وزهــــــــوةَ عمري ليلةً وضحاها

ولــم يبقَ لي فــــي العمرِ إلّا صبـــــابةٌ      على الشــوقِ والذكرى يُراقُ مداها

فـــدهرٌ سقــــــاني غصـــةَ البين منشـداً     أهــــــــــــازيجَ لحنٍ للفراقِ حداها

وطـــــــــفّ سقاني المرَّ كــــأساً معجّلاً     على فــــــــــــــتيةٍ لله عشقُ هواها

نـــــــــــعاها زمانٌ بالطـــوارقِ زاحفٌ     يشيعُ صـــــروفَ الغدرِ حين نعاها

نعى من طيوف المجد باكــــورةَ الهدى     ودوحةَ عزٍّ لا يُــــــــــــطال عُلاها

نعى قاسما يحكي شجــــــــــــاعةَ حيدرٍ     وصبرا تناهى من عزيــــــــمة طه

ونسغاً من الإيمان أغصانـــــــــه التقى     وأوراق طهرٍ بالندى تــــــــــتماهى

وغيثاً سقى بالطفِّ شـــــــــــرعةَ أحمدٍ     وقفرَ رياضِ المكرمــــــــاتِ رواها

أقاسمُ لو تدري جمـــــــــوحَ مشاعري     وكيف تضـــــــــــلّ المقلتانِ كراها؟

وفي الجفن آثـــــــــــارٌ تنمُّ عن الأسى     إذا أدمعــــــــت ماءَ العيونِ عصاها

وفي القلب، هذا الجرحُ قد صبّ جامَه     فآهٍ له مـــــــــــــــــــما يصبّ وواها

وآهٍ لــــــــــــــــروحي بين ذلّ ووحدة     تناجي على بعــــــــــــد الديارِ مُناها

وشاخ زماني والجــــــــــراح تنوشني     ذئـــــــــــــــــاباً جياعاً لا تحدّ فلاها

ولو أنصفتْ بين الهمومِ كــــــــــنايتي     لصـــــــــــــــــرتُ إليها أمّها وأباها

وقال من قصيدة (زينب.. وملحمة أخرى):

عبرتُ الزوايا إلى نهرِ عينيكِ

يا ساحلَ الدفءِ

ما كنتُ أعرفُ أنَّ الزوايا

تبلورُ حبي إليكِ اشتياقا

وتغسلُ مني رذاذَ الأسى والعذاب

عبرتُ الزوايا لأسألها

عن تباريحِ وجدٍ

وآهاتِ شوقٍ

وروحٍ تحلقُ في خافقيّ

وتهويمة

مثل سربِ الحمامِ المهاجر

عن أفقِ غيمٍ من العطرِ

لكنّني قد أضعتُ الجواب

وأبحرتُ كالملحِ

ذابَ انتشاءً

وما زالَ يحكمُه الصخرُ

والبحرُ والظلمُ والاكتئاب

وأبحرتُ والموجُ عاتٍ غزير

وقرصنةُ الرأي تسرقُ

حتى ملامحَ وجهي

ونبرةَ صوتي

وذكرى الطفولةِ من حدقاتِ عيوني

ومِن وجهِ أمي

وتسرقُ حتى غرورَ الشباب

لماذا أتيتك؟

قبّلتُ كفّيكِ

فاحتْ روائحَ مسكٍ

وطيبٌ خفيٍّ

ونورٌ تسلّلَ بين ضلوعي

أحسستُ روحي ترفرفُ

بل تتعملق

تكبرُ.. تكبر.. تكبر

ثم تحلّقُ فوقَ السحاب

لماذا أتيتكِ؟

يا زينبَ الطهر

سرتُ وأمتعتي بعضُ حبرٍ

يصارعُ في داخلي أحرفاً

وشيءٌ من الشعرِ

كان يحاول فيَّ التمرّد

يكسرُ روحَ الرتابة

يحملُ في وجعي

عالماً

لا يفسّرُ غير الضباب

ورغم العناد

ورغم سنيّ الجفاف

رأيتكِ في ليلةِ الجدبِ

نافورةً

وأنا كنتُ والماءُ يغمرُ أجزاءَ روحي

وقد كنتُ أسعى برغمِ الشوائب

رغمَ الهزيعِ الأخيرِ مِن الليل

في داخلي

كنتُ أسعى إليكِ

ليخفتَ في حاضري الاغتراب

ورجعُ الصدى يا حبيبةَ حيدر

كان يرتِّلُ اسمَكِ

مولودةً في طهورِ القوارير

يمرحُ في لحظاتِ التدفّقِ

تنضحُ عيناكِ طهرا

صفاءً

يموسقُ حتى الطبيعة

عزفاً بهيّاً

وقد كانَ يجفلُ في داخلي الاقتراب

وفاطمةٌ تستحثُ الدقائق

تستبطنُ الفرحَ المتنفّس

من بوحِ عينيك

كانتْ تلمٌ الندى

في اختيال

وتبسمُ في روعةِ العشق

حباً تعانقُ تلكَ الرضاب

وتلكَ شموسُ التجلّي

تحيط بنورِكِ

سحرِ النبوةِ يسطعُ يرقبُ

أنوارَ وجهِكِ

يخجلُ حتى جمالُ الورود

إذا قبّلَ المرتضى وجنتيكِ

وأعطاكِ من روحِه

الصدقَ والارتقاء

وقلباً رويّاً

عطوفَ الحنايا

وإن كانَ في رونقِ الصبرِ

لا يمتطيهِ الأسى أو يهاب

وحولكِ نجمانِ

شعَّا برفقٍ

ليحتضنا في لحاظِ التفتحِ

روحَ الشذى من لقائِكِ

في لحظةِ الزهو

هذا الحسين

تغرِّدُ في مقلتيهِ السنون

وفي حسنِ السبطِ ألفُ نشيدٍ

يسبِّحُ للهِ شكراً

وللهِ للهِ

كيفَ النجومُ تصلّي

وتهوي لشكرِ قدومِكِ نحوَ التراب؟

أحبُّكِ حبَّاً نديّاً

يعزِّزُ ما انسابَ من راحتيكِ

ويكتبني في عيونِكِ شعراً

تفاعلَ بالوجدِ مِن ناظريكِ

ويُسكر ذراتِ عشقي الجميل

وينثرُها في مجالِ الندى

وارتعاشِ السراب

أحبُّ التكهّنَ في قدسِ فحواكِ

في وهدةِ الصمتِ

في لعلعاتِ الأسى

كنتُ أرقبُ نوراً يقولبني

في الطهارةِ

من أفقِ دنياكِ

كانتْ يمينكِ تنضحُ رفقاً

وتأخذني من جحيمِ التحدُّرِ نحوَ الهضاب

أحبّكِ زينبَ

أذكرُ إشعاعَ روحِكِ

عندَ الصلاة

وكانتْ صلاةُ الإلهِ تكبّرُ حين ترى مقلتيكِ

ويبهرُها البدرُ

كيفَ تفتّقُ نوراً

برغمِ الحياء

ورغمَ العفافِ ورغمِ الحجاب؟

أحبُّكِ زينبَ

لكنني لستُ أنسى

بكاءكِ في حشرجاتِ الطفوف

وكنتُ أراقبُ فيكِ الدموع

على صهوةِ الصمت

تطفو وتدنو

تودّعُ دفءَ الأخوةِ صبراً

وكانتْ شموسُ الرحيل

تسافرُ صوبَ الجنانِ

وتلقي مفاتيحَها في يديكِ

وتستدرجُ القدرُ المستميت

وقد كنتِ تدرينَ كمْ يستحيلُ الإياب!

فوا حرّ قلباه

كيفَ تسيرينَ وسط الزحام

إلى التلّ؟

سوط الفجيعةِ عارٍ

وما ثمّ قلبٌ تلوذُ إليهِ الضلوع

وتستصرخينَ العروبة والدينَ في القومِ

لكنّ حيث الهباء

يعجّ الخطاب

تلوذينَ بالصبرِ مثلَ العواصفِ

عندَ ارتحالِ الأحبةِ

ويحَ الفراق

يكادُ يقطّعُ وجهَ النياط

يزعزعُ حلمَ الفراشات

يصحو مع الروعِ والبردِ

صوتُ اليتامى

يسافرُ في الليلِ

بينَ الفراسخِ مثلَ الخناجرِ

أو كارتعادِ النواقيسِ بالخوفِ والارتياب

فواحرّ قلباهُ تلكَ الهموم

وأنتِ كما الطودِ

يكسرُ رجعَ الأسى

في ارتياعِ الأراملِ

في هذيانِ الشموعِ

وكانتْ عيونُكِ ترقبُ أوجاعَ ليلى

وتغمرُ رملةَ بالدفءِ

وهيَ تهدهدُ مرثيّةً للرباب

وينبجسُ الغيظُ

حينَ المدائنُ تكشفُ

ما اكتنَّ من قسماتِ الصغار

وغمغمةٍ في عيونِ سكينة

تلكَ البدور

التي يتصفّحُ منها الزمانُ الخؤونُ

يلولبها

في ارتطامِ المجرَّاتِ بينَ العذاب

وبينَ العذاب

تعرّينَ وجهَ يزيدَ القبيح

على غبشِ الظلمِ

في مجلسِ المتخمين

لتكسيهِ مِن حلقاتِ الشنارِ سوادا

تقولين:

واسعَ لسعيكَ

وانصبْ لجهدِكَ

إنَّ صليلَ الدماءِ حياةٌ

وإنَّ صهيلَ الجراحِ خلودٌ

وقنديلُ زيتٍ

وإنَّ الشهادةَ كانت تعنونُ اسمَ الحسينِ انفجاراً

ومِن صبحِها الدمويُّ

توضَّأ فجرٌ

وأقسمَ بالنصرِ

مِن عالمِ الذرِّ حتى الحساب

وقال من قصيدة (إليه إليه) الفائزة بالمركز الأول بمسابقة شاعر الحسين عام 2015

إليهِ الفضاء

خريطةُ شوقٍ

تسافرُ من نبضِ نبضِ الهيام

ثنيّات ضوءٍ تقودُ عصافيرَها للسماءْ..

لبوابةِ العرشِ في كربلاءْ..

يهجّنها الحزنُ يختزلُ الظلَّ فيها

ويبكي الأديمُ على أن تحثَّ شراراتِه

يتوترُ قلبُ الزمانِ، يؤوب كأقصى العناق

ويرتبكُ الدّهرُ، ينزف رعشته، فوق جنح الذهول

ويسحقُ أبخرةَ الصمتِ صوتُ الدماءْ..

على ذروة في مواقدِ شعرٍ تناسل منها كأحفاد هابيل

حين تقودُ القوافي إليهِا

بمنذورةٍ من بيانْ

وكلُّ القصائد خرساء بكماء وهي اللسان

فخذ خطوة وانتبذ جهة اللامكانْ

فما حُمّ كان..

ليقطف شهدَ الحناجرِ

نصل المذابحِ

ريحا غضوبا هصورا

وثورة بركنة تتمخضُ حرفين في حيّز الروح: دالَ الدموعِ و ياءَ النداءْ..

..........................................................................

1 ــ سيرتها وقصائدها عن موقع شعراء أهل البيت (عليهم السلام)

2 ــ صحيفة الوسط البحرينية بتاريخ 11 / 12 / 2015

3 ــ الثراء الدلالي في قصيدة (نهنهة في محراب الضوء) ــ من بحوث المؤتمر العلمي النسوي الرابع، تحت شعار الزهراء عليها السلام .. مداد النور ومشكاة السماء / مجلة مدينة المصطفى (صلى الله عليه وآله) لنشر البحوث والمقالات لطلاب جامعة المصطفى المفتوحة ص 707

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار