469 ــ زهير المهنا (ولد 1391 هـ / 1971 م)

زهير المهنا (ولد 1391 هـ / 1971 م)

قال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (16) بيتاً:

قولي لـها أنَّ المصائبَ لوعةٌ      وأنا الغريبُ و(كربلا) ماءٌ وطينْ

يـأتـيـكِ بالأخبارِ تربٌ نازفٌ      مِـن كـفِّ طـه قـد تـجـرَّعه اليقينْ

قارورةُ الإعجازِ نبضُ محمدٍ      دمُـه، وعـيـنُ اللهِ لــلـنـبـأ الـمـبينْ (1)

ومنها:

نـامـتْ لـيـالـي (كـربلا) وعيونُهم     ترعى المصائبَ والمواجعَ والحنينْ

تركوا الحسينَ وقلبهم في (كربلا)      وشـمـاتـة الأعــدا لـهـمْ حـقـدٌ دفـيـنْ 

الـشـامُ شـؤمٌ والـمـجـالـسُ غـصَّـةٌ     ورقـيَّـةٌ رحـلـتْ ولـم تـكُ تـسـتـكينْ

الشاعر:

زهير بن عبد الله بن أحمد المهنا، ولد في مدينة الجش بالسعودية، ويعمل معلماً للغة العربية فيها.

شعره

قال من قصيدة في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) لأم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها) قبل خروجه إلى العراق وإخبارها إياه بحديث القارورة التي أودعها إياها النبي (صلى الله عليه وآله) والتي سيتحول ترابها إلى دم عبيط عند مقتله:

أمّــاهُ قــولـي لـلـمـواجـعِ تـسـتـكـيـنْ      وإلى مغيبِ الشمسِ يُحتضنُ الدفينْ

قـولـي لـهـا إنَّ الــتــرابَ رســائـــلٌ      وروايـةٌ غـيـبـيّـةٌ تـحـكـي الأنـيـــنْ

قـولي لـها أنَّ الــمـصـائـبَ لـوعـــةٌ     وأنـا الـغـريبُ و(كربلا) ماءٌ وطينْ

يـأتـيـكِ بالأخــبـارِ تـربٌ نــــــازفٌ     مِـن كـفِّ طـه قـد تـجـرَّعـه الـيـقينْ

قـارورةُ الإعــجــازِ نـبـضُ مـحـمـدٍ     دمُـه، وعـيـنُ اللهِ لــلـنـبـأ الـمـبــيـنْ

تـحـكـي مـصـائـبَ زينبٍ وحسينِـها      صـرخـاتُ جـرحٍ لـلـيتامى والحنينْ

رأسٌ تــهــشّــمَ بــالــعــمـودِ مُـلـبِّـياً      إيثـارَه هــديــاً يــسـيـرُ بـه الـسـفـينْ

سـهـمٌ تـنـشّـبَ بـالـمصاحفِ عـنــوةً      فقـأ الـضـحى والنورُ نزفٌ مستكينْ

تـروي تـوجُّــعَ طـفـلـةٍ من ضربِـها      وفرارَ طـفـلٍ مـن رجـيـمٍ أو لــعـينْ

والـنـارُ قـد لاذتْ بـعـطـفِ مـخـيَّــمٍ     فـأجـارَهـا شـوقـاً وعـطـفـاً لا يــبينْ

وأبـى الـفـراتُ بـأن يـجـودَ بـمـائِــهِ      فـتـقـاصـرتْ خـطواتُه خجلاً رزيـنْ

نامتْ على حسراتِها شمسُ الضحى     فـخـيـولُ آلِ أمـيــةٍ وطـأتْ حـسـيـنْ

وفـررنَ مـن جـورِ الـزمـانِ نـساؤه     فـأتـتـهمُ الصحراءُ بالحضنِ السخينْ

نـامـتْ لـيـالـي (كـربلا) وعـيـونُـهم     ترعى المصائبَ والمواجعَ والحنينْ

تـركـوا الحسينَ وقلبهم في (كربلا)     وشـمـاتـة الأعــدا لـهـمْ حـقـدٌ دفـيـنْ 

الـشـامُ شـؤمٌ والـــمـجـالـسُ غـصَّـةٌ     ورقـيَّـةٌ رحـلـتْ ولـم تـكُ تـسـتـكـينْ

قـارورةٌ كـشـفتْ مـصـائـبَ أحــمـدٍ      فـتـلـوتـهـا بـالـلـطـمِ دومــاً والأنــينْ

وقال من أخرى:

وقفَ الحسينُ على صراطِ مودَّتي      متأمِّـلاً عـــــشـقـاً يـذوبُ بـدمـعتـي

ورأى فؤاداً عاثراً في صرخــتــي     مُـتـناثـــراً يطفو بخاطرِ غـصَّـتـي 

وبـيـانُ حـرفـي شـوقُـه مُـتــكـسِّراً      يـلـهــــو بـسـهـمٍ سـاكـنٍ في مُقلتي

ورأى الـيـتـامى يـنهلونَ مدامـعي     وجـــراحَ سهمِ القلبِ ينزفُ عبرتي

مِن نـدبةِ الأطفالِ صغتُ دفاتـري      فـكـتـبـتُـهـا عـنـوانَ جـرحِ مودّتــي

وسـقوط أبطالِ الطفوفِ فصـولها      وبدأتُ من رأسِ الحسينِ قصــيدتي

أغمضتُ جـفنَ العينِ حتى هـزَّني      ألمَ الـفـراقِ ومِـن ضياعِ أحـبّـــتـي

مـسـتـعـطـفاً ماءَ الـفـراتِ وصـدَّه      حـتـى تـغـنّـى مـن هــمـومِ هـويَّتي

مـا عـدتُ مـنـغـلقَ الهوى مُتعثّـراً      فالشمسُ والعطشُ المـرمَّلُ قـصَّتي

ورسمتُ خارطةَ الطفوفِ مناسكاً      جسدَ الحسينِ هدايتي بل كــعـبـتـي

وإلى الفراتِ جعلتُ سعيي سـبعةً       يمَّمتُ روحي نحوَ رأسِـكَ قـبـلتي

وجعلتُ من طفلِ الحسينِ مـقـامَه      أرضَ الـخـيـامِ تَـتـمَّـتي في حجتي

والسبيُّ والـتـنـكيلُ منحرُ هـديـنـا     وطريقُ أهلِ الشامِ موضعُ جمرتي

وأنختُ رحلي لـلـحـسـيـنِ مُـلـبِّـياً      فـحـسينُ عشقي إن قصدتُ محبَّتي

وقال:

عجبتُ لأمرِ الحسينِ الجريحْ      وكيفَ أضاءَ الفضاءَ الفسيحْ

وكـيـفَ أطـاحَ بـظـلـمِ الطغاة     وأسـرجَ عـدلاً بنهجٍ صحيحْ

وأعـطـى الحياةَ إباءً وفـخـراً      فأثمرَ وجهَ السحابِ الفصيحْ

وهبَّتْ نـسـائـمُ عـتـقٍ رمــالٌ      مِن العشقِ باتتْ تبثّ القريحْ

وتـوقـظ حـسَّـاً تـنـامـى بـهـمٍّ      تـنـاثـرَ فـوقَ عبابِ الصفيحْ

أشارتْ إليَّ هـمـومُ الـطفوف      بعزفِ البكاءِ ونوحٍ طـريـحْ

وقال:

سـمـعـتُ رمـالَ طـفوفِ الإباءْ      تـغازلُ حرفي بسيلِ العطاءْ

وتـهـمـسُ فـي أذنـيـهِ حـنـيــناً      تناجيهِ عشقاً بـفيضِ الـعـنـاءْ

وتـروي عـجـائبَ يومٍ حزيـن      يـفـتّـتُ قـلـبـاً عــظـيـمَ البلاءْ

فـأنـصـتَ حـرفـي بـقلبٍ كليم      وراحَ يـردِّدُ عـشــقَ الـفـــداءْ

حـسـيـنٌ أتـيتُكَ زحفاً وشـوقـاً      لألـثـمَ مـنـكَ تــرابَ الــفـــداءْ

وأنصبُ دمعي مجالـسَ حزنٍ      ترومُ المعالي بصدقِ الــولاءْ

وتـرفـعُ هـامَ الـصـمودِ شعاراً      يرفرفُ بين كـفوفِ الـسـمـاءْ

رآكَ الـزمـانُ إمـامـاً وفــــرداً     منحتَ الوجودَ وســامَ الإبــاءْ

وخـلّـفـتَ نـهـجـاً يـنـيرُ دروباً      لمَنْ ثارَ حرباً علـى الأدعـياءْ

فطوبى لمَنْ عاشَ دربَكَ خطاً      يـمـدُّ الـحـيـاةَ بــروحِ السـخاءْ

وقال:

رعشاتُ قلبي ترجمانُ لـسـانـي      وزفيرُ صدري خافقي وبياني

وأنـيـنُ حـرفـيَ نـسـمـةٌ هـفهافةٌ      بـلْ نـهـرُ آهـاتٍ تـنـزّ حـناني

هامَ الـخـيـالُ بأحرفي ومـودَّتـي      وتمازجتْ صرخاتُه بـكـيـاني

وإلى الطفوفِ تمايـلـتْ أغصانُه      شغفاً يراودها صـريـرُ بناني

أمـلـي تُـحـرِّقــه بـقـايا لـوعـتـي      وشهيقُ أمنيتي تضمُّ زمـانـي

زحـفـوا إلـيـكَ بــأنـفـسٍ تـوَّاقــةٍ      فتجمَّعتْ أرواحُهم بـــجـنـاني

ذابـوا بـمـشـيـتِـهم يسايرهمْ رجا      وتقولبوا في لـوعـةٍ وحـنــانِ

هـبُّـوا تـضـلـلـهـمْ مـلائكةُ السما      حرَّاسُهم حـشـدٌ من الرحــمنِ

ونـسـائـمُ الأشـواقِ تـهـفو ساعةً      نـحـوَ الـحسينِ بلهفةِ الظـمآنِ

جعلوا المدامعَ حـطّـةً ورسـائـلاً      تتلو تمائمَ عـشـقِـهـم بـلـساني

وسكبتُ شـوقـي قصـةً مـقـروءةً      تحكي الفراقَ بنكهةِ البـركانِ

أنا إن حُرمتُ مـسـيـرةً وزيـارةً      فلقدْ بعثت الروحَ في خفـقاني

وخطوتُ بالآهاتِ أندبُ حسرتي      مُـتـأمِّـلاً فـي دوحةِ الـبسـتانِ

ألـهـمـتُ قـافـيـتـي مـحابرَ لهفتي     فتراقصتْ في ندبةِ الإخـوانِ 

وكـتـبـتُ أحـجيتي مدادَ مصائبٍ      تـشدو مزاميراً بفيضِ حـنانِ

وقال:

ما قيمةُ الأخبارِ بــعـدَ فـنـائِـها      وغـدتْ خـيـوطُ ولائـهـا تتـبدَّدُ

إنْ لمْ تكنْ في كـفِّــهــا نبأ بقي     يـدعُ الـزمـانَ مُـحـدِّثـاً يـتـجدَّدُ

فـالـقـلـبُ يـعلقُ بالمـآثرِ شوقُه     ويـعـيـشُ فـي أحـضـانِها يتلدَّدُ

فـإلـيـكَ مـعـجـزةَ الــنـبيِّ وآلهِ     قارورةٌ تحكي المصائبَ ترشدُ

قارورةٌ تحوي المـآتمَ صرخـةً      وتـشـيـرُ لـلآلامِ ســاعـةَ تشهدِ

سـبـط تـفـرَّى نحـرُه متشحِّـطاً      وعلى صفيحِ العشقِ نـبعٌ يولدٌ

أطفاله الآهاتُ تـعزفُ حسـرةً      وإلـى عـذابـاتِ الـتـأوِّهِ تـنـشـدُ

حرٌّ ونارٌ والأعـادي شـوكـــةٌ      في ظهرِ خيـماتِ الرسالةِ توقدُ

عطـشٌ وسلبٌ ثمَّ سحقِ مهابةٍ      ولـهـيـبُ سـبيٍّ والشماتةُ تشهدُ

طـعـنـاتُ غدرٍ واليتامى لوعة      وفـرارُ أهــلٍ والـبـراءةُ تُــوأدُ

سيرٌ على جمرِ الفراقِ وحرقةٌ      ترنو الأضـــاحي ساعةً تتوقّدُ

وحسيننا رأسٌ يـطـوفُ بـعـينِهِ      يرعى الأيامى والمآثـرُ تسردُ

آه لـزيـنـبَ والــفــؤادُ مـجـرَّحٌ      تـنـخـى أبـاهـا والعويلُ محمدُ

وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام):

روحـي إلى أرضِ العراقِ تلهَّفتْ     وتسابقــتْ في لـجَّـــةِ الأشواقِ

هامتْ بحبِّ أبي الفـضائلِ سرمداً     وإلـى نـداهُ تـهـافـتـــتْ أوراقي

رعـشاتُ حرفي أســلـمتْ آمـالَـها     وهفتْ بجودِ مـحـــبَّةِ الأعراقِ

عــبــاسُ، نــهـرُ مـحبَّـتي ألـفـيـتُه     يرجو عطاءكَ ساعةَ الإشراقِ

وذكرتُ جودَكَ في الشدائدِ شاهداً     حــيـث الـفؤادُ بلهفةِ الإشــفـاقِ

يــا كـافـلَ الأيـتامِ يـا سـندَ الـهدى     هلّا كفـلـتَ مـدامــعَ الأعــنـاقِ

وكـفـيـتـهمْ شـرَّ الــفـراقِ تـحـنُّـناً      فـالـشوقُ أغـرقه النحيبُ الباقي

يـا سيِّدي شهقاتُ دهـريَ أحكمتْ     حـلـقـاتِـهـا فـتـصـارختْ آماقي

إنَّــا بُـلـيـنـا ســيــدي بـمـصـائـبٍ      لــلـبـغـي والـعـدوانِ والإحراقِ

فـانهضْ بجـودِكَ واسـقـنا آمـالَـنا     روِّ الجوى فالروحُ فــي إخـفاقِ

ألـقيتُ فـي حضنِ الـمودَّةِ رايـتي     وزرعـتُ أمنيتي حـديثَ رفاقي

وقال:

نبضاتُ قلبي تشتكي تلحــــــــــيني     وتطوفُ حزناً دمعُها تــلويني

حرفي يمازجُ جـــــــــــرحَه متفنِّناً     يطفو به في عالمِ التــــــكوينِ

ويسائلُ الأشجانَ عن عــــــــبقاتِها     ما للفراتِ مُهشــــــمُ العرنينِ

ما للفراتِ تشـــــــــــــــكّلتْ ألوانُه     وتلاطمتْ أمـــــواجُه غسلينِ

قد خانَ عهدَ الأنبيــــــــــاءِ وباعه     أبدى أظــــــافرَ حقدِه لحسينِ          

قد شاحَ بالوجهِ الـــــعبوسِ مُقطّباً     ويداهُ للأعدا تقولُ خــــــذيني

لِمَ يا فراتُ تـــــركتَ مهجةَ فاطمٍ     يسقي الظما من عــبرةٍ وأنينِ

أســــــــــــفي عليهِ فقيدُ أمَّةِ أحمدٍ     فرداً تجرّع مــــصرعاً بيقينِ

مـــاتتْ حروفي والحسينُ أعادها     نغماً تــــــــــدوّي خافقاً بأنينِ

تـــركوهُ في البيداءِ يحضنه العرا     والشمسُ تنسجُ نورَها لحسينِ

والرملُ من أرضِ القداسةِ عاطرٌ     مِن فيضِ نحرٍ عابقِ التكوينِ

وتضوعُ من نحرِ الحسينِ نسـائمٌ     حُــــــبلى تعشقها العلا بحنينِ

.................................................

1 ــ زودني بسيرة الشاعر وقصائده الأستاذ علي التميمي ــ دائرة المعارف الحسينية / لندن

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار كاتب : محمد طاهر الصفار