السيدة حكيمة (عليها السلام) مقصد المسلمين واتباع أهل البيت

السيدة حكيمة بنت محمد بن علي الرضا (عليهم السلام)، العالمة الفاضلة التقية الرضية، وكان لهذه السيدة الطاهرة أثر كبير في حياة الامام الحسن العسكري (عليه السلام) في كل مفصل من مفاصل إمامته وعلاقته مع ولده الامام المهدي (عليه السلام) ،وحفظه وإثبات ولادته وبيان إمامته بتوكيل في ما كان يسعى له بني العباس لمحو قضية الامام المهدي والغائها بشكل تام ( [1]) .

كانت السيدة حكيمة (عليها السلام) حاضرة عند طلب الإمام علي الهادي (عليه السلام) جلب السيدة نرجس من قبل بشير بن سليمان النخاس، عندما جاءت مع رقيق جلب من بلاد الروم، وكانت قد التحقت به بعدما رأت رؤيا للنبي عيسى (عليه السلام) والسيدة مريم الصديقة (عليها السلام) مع النبي الاكرم محمد (صلى الله عليه وآله) وانهم قد دعوها لزواج الإمام الحسن بن علي الهادي (عليهما السلام) وان تركب مع الرقيق لتصل إلى هناك ( [2]).

وبعد وصول السيدة نرجس إلى دار الإمام علي الهادي (عليه السلام) ، تولت السيدة حكيمة أمر تعليمها، بعدما اهتم الإمام علي الهادي (عليه السلام) بامر تعليمها ، فأوكله للسيدة حكيمة : " يا بنت رسول الله ، أخرجيها إلى منزلك ، وعلميها الفرائض والسنن ، فأنها زوجة أبي محمد وأم القائم "، وبعد التعليم والتزكية ، تولت امر زواجها من الامام الحسن العسكري (عليه السلام) ، وكان هذا قبل استشهاد الإمام علي الهادي أي عام (254هـ / 868م)، فكانت السيدة حكيمة بمنزلة الوالدة والمعلمة لها .

طلب الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) ، مجيء عمته إليه ، قبل يوم من ولادة المهدي (عليه السلام) ، فجاءت (عليها السلام) وعرض عليها امر ولادة الامام الحجة بن الحسن فانكرت حمل زوجته نرجس (عليها السلام)، وان لا اثر للحمل عليها، وبهذا يظهر ان السيدة حكيمة لم تكن تعلم بشأن حمل السيدة نرجس بالإمام المهدي (عليه السلام) إلى حين ساعة ولادته المطهرة ، وفي ذلك كثير من الدلائل على شدة الاوضاع وطلب السلطان له، وترقب الجواسيس للإمام العسكري (عليه السلام) ومعرفة ولده ووصيه ، وعلى الرغم  مما كانت عليه السيدة الجليلة حكيمة من ورع وتقوى فلم يبلغها الامام (عليه السلام) بامر الحمل إلى عند اقتراب الولادة المباركة ( [3]) .

وشهدت السيدة حكيمة ولادة الامام المهدي (عليه السلام)، وكانت ممن تشرف برؤيته, وروت عنه الاخبار ، فكانت تراه في حياة ابيه (عليه السلام) و بعد وفاته ايضاً، فكانت (عليها السلام) من سفراء وأبواب الإمام الحجة (عليه السلام)، وبذلك يتبين عظيم مقامها ودورها الرسالي .

فكانت السيدة حكيمة (عليها السلام) ، مقصد المسلمين واتباع أهل البيت (عليهم السلام) ، مبينة لإحكام الدين وقواعده الرفيعة، فقد ورد عن محمد بن عبد الله الطاهي، اذ قال : " قصدت حكيمة بنت محمد بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) اسألها عن الحجة ، وما قد اختلف فيه الناس فقالت لي : اجلس، فجلست ، ثم قال : يا أبا محمد ان الله تعالى لا يخلي الأرض من حجة ناطقة أو صامتة ولم يجعلها في اخوين بعد الحسن والحسين (عليهما السلام) تفضيلا للحسن والحسين وتنزيها لهما ان يكون في الارض عدليهما، لان الله تبارك وتعالى ، خص ولد الحسين بالفضل على ولد الحسن ، كما خص ولد هارون على ولد موسى ولابد للامة من حيرة يرتاب فيها المبطلون ويخلص فيها المحقوق ان الحيرة الان لابد واقفة بعد مضي الحسن (عليه السلام) وإذا لم يكن للحسن عقب ؟ فمن الحجة من بعده ؟ ! "، ثم حدثته في حديث طويل خبر زواج الامام العسكري (عليه السلام) من السيدة نرجس (عليها السلام) ، ثم خبر الولادة المباركة ، وما رأته للإمام المهدي من كرامات ومقامات ( [4]) .

 

[1]محمد حسين الاعلمي الحائري ، تراجم أعلام النساء ،( بيروت : مؤسسة الاعلمي ،1987م) ج2، ص24؛ سعيد بن هـبة الله بن الحسن الراوندي ، الخرائج والجرائح، تحقيق محمد باقر الابطحي , (قم: المطبعة العلمية,1989م.) ، ج1 ، ص455 ؛ علي بن يونس العاملي ، الصراط المستقيم ، (النجف الاشرف: مطبعة الحيدرية ، د.ت )، ج2 ، ص170 .

[2]هـاشم بن سليمان البحراني ، مدينة معاجز الائمة الاثني عشر ودلائل الحجج على البشر، تحقيق عز الله الهـمداني،ط1،(قم: مطبعة بهـمن ،1993م )، ج7 ، 524 .

[3]حسين عبد الوهاب ، عيون المعجزات ، (النجف الاشرف: المطبعة الحيدريه,1949م)،ص450.

[4]الأردبيلي ، جامع الرواة ، ج2 ، ص457 ؛ محمد المهـدي الطباطبائي ، الفوائد الرجالية ، تحقيق محمد صادق بحر العلوم ،(طهران: مطبعة افتاب ، 1975م)، ج2 ، ص317

المرفقات