393 ــ محمد بن السمين الحلي: (القرن الحادي عشر الهجري)

محمد بن السمين الحلي: (توفي قبل 1085 هـ / 1675 م)

قال من قصيدة في فضل أرض كربلاء ورثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (82) بيتاً:

طوبى لطيبِ شذاً بتربةٍ (كربلا)     فاقَ العبيرَ ذا وفاقَ المندلا

تـتـضـوّعُ الـحسناتُ من نفحاتِها      طـيباً إذا لثمتْ بأفواهِ الملا

كرمتْ فصـارتْ للجباهِ مساجداً      عظمتْ فعادتْ للشفاهِ مُقبَّلا           (1)

ومنها:

وابكِ الذبـيـحَ مـن الـقفا وابكِ المُرمَّـ     ـلَ بـالـدمـا وابـكِ الــقـتـيـلَ بـ (كربلا)

وابـكِ الـمصابَ المبتلى وابكِ الشكو     رَ على الرخا وابكِ الصبورَ على البلا

وابكِ ابنَ بنتِ المصطفى وابنَ الإما     مِ الـمـرتـضـى وابـكِ الإمامَ الأفـضـلا

وقال من قصيدة في رثائه (عليه السلام) تبلغ (91) بيتاً:

لم أنـسَ مـوقـفَـه بالطفِّ في نفرٍ     مِن أهلِهِ بين أصحابٍ وخلّانِ

يقولُ وهوَ خبيرٌ ما اسمُ أرضِكم      قـالـوا لـه (كربلا) قولاً بتبيانِ

فـقـالَ إنَّ بـها واللهِ مـصـرعُــنـا      بـهـا تصرَّعُ أولادي وإخواني (2)

الشاعر

محمد بن السمين الحلي (3)، ذكر السيد الأمين بعض أشعاره (4) ولم يذكر أي شيء من ترجمته، ونقل الأشعار السيد جواد شبر وقال: (وروى السيد الأمين في الأعيان هذه الجملة من الأشعار ولم يذكر لنا شيئاً من أحواله ، ولما كان شعره قد رواه الشيخ عبد الوهاب الطريحي وهو من أعلام القرن الحادي عشر الهجري ذكرناه هنا) (5)

قال المحقق الشيخ محمد صادق الكرباسي: (محمد بن السمين الحلي كان من فضلاء مدينة الحلة وشعرائها ويبدو من ترجمة فخر الدين الطريحي أنه كان قد توفي قبل عام (1085 هـ / 1675 م) وبما أن الطريحيين فقط نقلا عنه شعره فالظاهر أنه كان معاصرا لهما) (6)

والطريحيان هما الشيخ فخر الدين الطريحي (بن محمّد علي بن أحمد بن علي الأسدي) (979 ــ 1085 هـ / 1571 ــ 1775 م) وأخوه عبد الوهاب

ويقول الكرباسي عن شعره في معرض حديثه عن شعراء القرن الحادي عشر: (وأما الشاعر ابن السمين فله سبع قصائد من الطوال وقد فاق بكمّها وكيفها أقرانه ورغم أن قصائده من المطولات إلا أن فيها من السلاسة ما يخفف من ملل الإطالة، ولعل من أكثرها سلاسة هي قصيدته اللامية المكسورة ولعل سلاستها جاءت من استخدامه أسلوب السرد القصصي، وجاءت خفتها من اختياره بحر الخفيف وعلى أي حال فقد اخترنا من شعره ما يميزه عن غيره لأنه استخدم اشتقاقات الكلمة الواحدة في البيت الواحد ومن ذلك قوله على سبيل المثال:

أمـا نصيرٌ ينصرُ الفردَ نصرةً      ليُنصرَ يومَ الـجـمعِ وهوَ فريدُ

أما واحدٌ يأتي الوحيدَ موصِّلاً      ليُوصلَ يومَ الفصلِ وهوَ وحيدُ

أمـا جـابـرٌ يأتي مُجيراً يُجيره      إذا حـقَّ فـي يـومِ الوعيدِ وعيدُ

وقوله من أخرى:

خَلِّ يا خلَّ ذا الملامَ بقلبي      قد تخلّى عن القلوبِ الخوالي

لا يبالي بقولِ حبٍّ مُحبٌّ      فـي مـلامٍ ولائــمٌ قــالَ قــــالِ

ومما اخترناه من أبيات ابن السمين قوله عن أرض كربلاء:

كرمتْ فصارتْ للجباهِ مساجدا      عـظـمـتْ فـعـادتْ لـلـشـفاهِ مُقبّلا

فـيـهـا الـشـفاءُ لمن أرادَ شفاءَه      أشفى بها الداءَ العضالَ المعضلا

ويقول أيضا

أرضٌ تمنّتها السماءُ بكونِها      وتمنّتِ الأيدي تكونُ الأرجلا

تعبير رائع إذ في العادة أن يتمنى الأدنى أن يكون هو الأعلى، فالسماء تعتبر أعلى من الأرض وأشرف منها كما أن الأيدي أعلى رتبة من الأرجل وأبعد من الأرض، أما أن أرض كربلاء وصل بها الشرف إلى أن تكون هي الأرجل لتلمسها للطواف حول قبر ريحانة الرسول (صلى الله عليه وآله) لدى زيارته.

ومن إبداعاته أيضا استخدامه الكلمة التي بدأ بها في النهاية على شكل لف ونشر في قوله:

تعرفوني بأنّي خيرُ خلقِ الله      قدماً وآنفاً تنكروني

تنكروني فلم بغير اجترام تقتلوني وأنتم تعرفوني) (7)

وقال الدكتور سعد الحداد في ترجمة الشاعر: (واحد من الشعراء الذين طار صيتهم في الآفاق وانتشر شعرهم مدحا ورثاء في أهل البيت (عليهم السلام) إلا أنه لم يحظ بذكر ترجمته وسيرته ولم يشر إليه إلا اسما فقط

وابن السمين الشاعر الحلي من أولئك الذين تجاهلهم التاريخ لأسباب نجهلها، وربما يكشف المستقبل عن مخطوط يؤرخ لهذا الشاعر.

لقد روى الشيخ فخر الدين الطريحي في كتاب المنتخب شعرا كثيرا له، واحتفظ بنسخة خطية مصورة من مخطوطة قديمة فيها شعر للشاعر، وجميع شعره في أهل البيت عليهم السلام) (8)

وترجم له ناجي الحرز ضمن تراجم شعراء الإحساء وقال: (هو الشيخ محمد بن السميّن ــ بتشديد الياء وحذف لقب الحلي منه ــ ولا توجد ترجمة لهذا الشاعر سوى أن له قصائد كثيرة في رثاء الإمام الحسين عليه السلام وأسرة السميّن من الأسر المعروفة في منطقة الإحساء وفيها العديد من الشعراء والأدباء والفضلاء) (9)

ولا يمكن الاعتماد على هذا الرأي إطلاقا بعد أن تضافرت المصادر التي ذكرته على وصفه بالحلي وذكر اسم ابيه بـ(السمين) بلا تشديد.

شعره

وقد ذكر الكرباسي في الجزء الأول سبع قصائد للشاعر مع الإشارة إلى مصادرها وذكر في الجزء الثاني اثنتين لتصبح تسع قصائد، وهذه نماذج من قصائده الحسينية التسع المطوّلة:

يقول من الأولى وتبلغ (116) بيتاً:

يُــذادُ عـــن الــمــاءِ المبــاحِ وقد غدا     لــكـلِّ ســباعِ البرِّ منه ورودُ

ولستُ بناسٍ قولَه خــاطـــبـــاً بـــهـمْ     ويـعـلـمُ أنَّ الــقـولَ ليسَ يفيدُ

ألــم تــعـلـمـوا إنِّــي إمــــامٌ عـلـيـكـمُ     وإنّــي للهِ الــشــهـيـدِ شـهــيدُ

وإنَّ أبي يسقي على الحوضِ معشراً     ويطردُ عنـه مـــعـشراً ويذودُ

ولــولاهُ لــم يـخـضـرَّ لـــلـدينِ عودُه     ولا قــامَ لــلإسـلامِ قط عمودُ

ســلامٌ عــلــى الإســـلامِ بعدَ رعاتِه     إذا كان راعي المسلمينَ يزيدُ

ويــأتـــــوا ومنهم ذاكرٌ ومــســبِّـــحٌ     وداعٍ ومنهمْ ركّــعٌ وســجـودُ

إلى أن تــفــانــوا واحـــداً بعدَ واحدٍ     لديهِ فمنهمْ قــائــمٌ وحــصــيـدُ

وظــلَّ بـأرضِ الطفِّ فرداً وحــوله     لآلِ زيــادٍ عـــدَّةٌ وعـــــديـــدُ

وتــنـظـرهُ شــزراً مـن السمرِ والقنا     نواظــرُ إلا أنـــــهــــنَّ حـديدُ (10)

ويقول من الثانية وتبلغ (82) بيتاً وقد قدمناها:

طـوبـى لـطيبِ شذا بـتربةِ كربلا     فاقَ العبيرَ شــذا وفاقَ الــمـنـــدلا

تتضوّعُ الحسناتُ مـن نفـحـاتِـهـا     طـيـبـاً إذا لـثــمـتْ بــأفــواهِ الملا

كرمتْ فصارتْ للجـباهِ مـسـاجداً     عـظـمـتْ فـعــادتْ لـلـشـفاهِ مُقبّلا   

فيها الشفاءُ لـمـنْ أرادَ شــفــــاءه     أشفى بها الداءَ العضالَ المعضلا

يــا أرضــها فلأنتِ أشرفُ تربةٍ     طـابـتْ فـعـظّــمـها الإلــهُ وبـجَّلا

بوركتِ من أرضٍ تسامتْ رفعةً     لا تُـرتـقـى وجـــلالـــةً لا تُـعـتلى

أرضٌ تمنّتها الـسـمـاءُ بـكـونِــها     وتـمـنّـتِ الأيـدي تـكـونُ الأرجلا

ويقول من الثالثة وتبلغ (71):

مـا أهـلّ الـشـهـرُ الــمــحرَّمُ إلّا     انـهلَّ طرفي بمدمعٍ هطّالِ

وتـمـثـلـتُ مــا جــرى لــمـوالٍ     يتعالى مصابُهمْ عـن مـقالِ

لـكـمُ يــا بـنـي عـلـــيٍّ عــــلاءٌ     في ودادٍ وسُـؤدُدٍ فـي كمالِ

ومـحـلٍّ فــي رفــعــةٍ ومــعــالٍ     فـي تـعالٍ وعزّةٍ في جلالِ

وبــهـاءٍ فـي بـهـجـةٍ وضــيـــاءٍ     في تلالٍ ورونقٍ في جمالِ

وعــلـيـكـمْ مــن الإلــهِ صـــلاةٌ     جـمـعـة بـالـغـدوِّ والآصالِ

لستُ أنسى الحسينَ روحيْ فداه     وقـلـيلٌ يُفدى بنفسي ومالي

لـسـتُ أنــســاهُ بــعـد قـتـلِ أحِبّا     هُ وقتـلِ الفُرسانِ والأبطالِ

قاصـداً منهـجَ الخيامِ إلى الـفـسـ     ـطاطِ هـوناً مُـوصياً للعيالِ

أجملوا الـصـبرَ آلَ بيتِ رسولِ      اللهِ فالأجرُ فـيـهِ لـلإجـمـالِ (11)

وقال من الرابعة وتبلغ (59) بيتاً:

دمـعُ عـيـنٍ يـجـودُ غـيرَ بخيلِ     وغرامٌ يقـوى بـجـسـمٍ نـحـيلِ

ماءُ عينٍ لم يـطـفْ حـرّ غرامٍ     وغـلـيـلٌ فــيـه شـفـاءُ عـلـيـلِ

كيف يشفى الفؤادُ من ألمِ الحز     نِ وداءٍ بــيـن الضلوعِ دخيلِ

وجـوى الـحـزنِ لا يزالُ مقيماً     فـيه والـصبرُ مؤذناً بالرحيلِ

أينَ صبري إذا ذكرتُ قتيلَ الـ     ـطفِّ مـلقىً أكرمْ به من قتيلِ

ما ذكـرتُ الـقـتـيـلَ إلّا وسالتْ     عبرتي في الخدودِ كلَّ مسيلِ

ورأى النسوةُ الـكـرائمُ بـدرَ الـ     ـتـمِّ قـد غـيّـبته حجبُ الأفولِ

ويـنـاديـنَ جـدَّهـنَّ رســـولَ الله     يا خـيـرَ مـرسـلٍ ورســــولِ

لـو تـرانـا ونـحـنُ بـيـنَ أســيرٍ     وجـريـحٍ دامٍ وبــيــنَ قــتـيـلِ

آلَ يـاسـيـن سـدتـمُ الخلقَ طراً     وزكا فرعكمْ لطيبِ الأصـولِ

جـدكـمْ لـلـهـدى مـديـنــــةُ علمٍ     وأبـوكـمْ لـلـعـلـمِ بابُ الدخولِ

قد هُـديـنـا بـكـمْ ولـولا هـداكمْ     ما هتدينا إلى سـواءِ الـسـبـيـلِ

وهــداكـمْ هـو الـدلــيـلُ وقد قا     مَ بـهـذا الـدلـيـلِ صـدقُ الدليلِ

من تـلـقـى الـولا بـحسنِ قبولٍ     تـتـلـقـونــه بـحـسـنِ الــقـبـولِ (12)

وقال من الخامسة وتبلغ (62) بيتاً:

كـيـف أخـفي وجدي وأكتم شاني     ودموعي تسحُّ من سحبِ شاني

وفـــؤادي لا يــســتــفـيـقُ غراماً     وهــيـاماً لـشـــدّةِ الــخــفــقـــانِ

وجـفـونـي جـفـونُ طـيـبِ رقادي     واصطباري نأى ووجديَ داني

كيفَ صبري عن الحسينِ وقد أو     دى قــتــيــلاً بــأسـهـمِ العدوانِ

كيفَ أنساهُ بـالـطـفـوفِ فـــريــداً     بـعـدَ فـقـدِ الأنــصارِ والأعوانِ

أيـنَ مـن يـندبُ الشجاعَ المحامي     عن حمى الدينِ فارسَ الفرسانِ

ومــفــيــدَ الــعـفـاةِ يـــومَ طـعــامٍ     ومــبــيــدَ الــعــداةِ يـومَ طـعانِ (13)

وقال من السادسة وتبلغ (68) بيتاً:

بان صبري وبانَ خافي شجوني     واسـتـهـلـكَ بالدمعِ مني جفوني

فاندبي السبطَ في الطفوفِ فـريداً     قد تخلّى من مـسـعـفٍ ومـعـينِ

يـتـمـنّـــى لــكــي يـبــلَّ غــلــيـلاً     شــربــةً مــن مـباحِ ماءٍ معينِ

فـسـقـاهُ الـــعــدوُّ كــأســاً دهــاقاً     من كؤوسِ الردى وماءِ المنونِ

إنَّ جـدّي الـنـبـيَّ أشــرفَ خـــلقِ     اللهِ ذو الـفـضلِ والفخارِ المبينِ

وأبـي الـمـرتـضـى الوصيُّ عليٌّ     وهوَ ربُّ الـمـكـانِ والـــتـمكينِ

والبتولُ الزهــراءُ بـنـتُ رســولِ     الله أمّــي لأجـلِـهـا راقــبـونــي

يا ذوي البيتِ والمشاعرِ والأركا     نِ والحجرِ والصفا والـحـجونِ

يا ذوي الذارياتِ والطورِ والأعـ     ـرافِ والنحلِ والـنـسـاءِ ونـونِ

فـازَ مـن مـكّــنَ الـيـدينَ من الودِّ     وفــازتْ يـــداهُ بــالــتـمـكـيـــنِ

فازَ بـالـصـدقِ فـي الولاءِ كما فا     زَ بـصــدقِ الولاءِ نجلُ السمينِ

وعـلـيـكـــــمْ من ربِّكمْ صـلـواتٌ     وســـلامٌ فـــي كــلِّ وقتٍ وحينِ (14)

وقال من السابعة وتبلغ (87) بيتاً:

لقديمِ فضلكمُ الــعميمِ فــواضــلُ     لعميمِ فضلكمُ الــقــديمِ طوائلُ

لدليلِ مجدكمُ الأثــيــلِ شــواهــدٌ     لشهودِ قــدركــمُ النبيلِ دلائلُ

فمديحكمْ يجلو الــهـمـومَ سماعُه     نظماً إذا حفلَ الأنامُ مــحـافلُ

وإذا أديرَ مـصـابــكـمْ في محفلٍ     فهناكَ ماءُ الشأنِ هــامٍ هـاملُ

رزءٌ أصيبَ به الـحـسـيـنُ وآله     سـهـمٌ رمــاهُ بـه الـعداةُ النابلُ

لم أنسه يومَ الـطـفـوفِ وحــوله     مِن آلِ حربِ مقانبٌ وجحافلُ

فـيـبـادرُ الأنــصــارُ كـــلٌّ منهمُ     أسدٌ هزبرٌ أو شــجـاعٌ صائلُ

جادوا فجادوا في النفوسِ أمامه     جوداً يجودُ به الــجوادُ الباذلُ (15)

وقال من الثامنة وتبلغ (68) بيتاً وهي في زيارة الإمام زين العابدين (عليه السلام) مع السبايا قبر الإمام الحسين (عليه السلام) في رجوعهم من الشام:

قـسـمـاً بـالـكـريـــمِ إنَّ فــــؤادي     ما شجاهُ إلّا مـردُّ الــكـــريـــمِ

يـومَ جـاءَ الإمامُ من قـبـلِ الـشـا     مِ إلـى الـطـفِّ وارداً بـالحريمِ

فـرأوا جــابـراً وبـعـضَ بني ها     شــمٍ قد عجَّلوا بوشـكِ الـقـدومِ

ليزوروا قبرَ الـشـهـيـدِ إمــامِ الـ     ـخلقِ طرَّاً والـســيـدَ الـمـظلومِ

ابـنُ بـنـتِ الـنـبــيِّ مولى الهدايا     والإمــامَ الـمـطــهّرِ المعصومِ

يـا لـه يـومَ لـوعــةٍ واكــتــئــابٍ      ومـصـابٍ مُـــجـدّدٍ وغــمـومِ

فمطافُ الطوافِ بـالطفِّ يُشجي     وعويلُ الـحريمِ وسـطَ الـحريمِ

والـسـبـايـا مـا بـيـن أرملةٍ حسـ     ـرى وثـكلى عـبـرى وبينَ يتيمِ

يـا نجومَ الهدى شـموسَ المعالي     يـا بـحـارَ الـندى جبالَ الحلومِ

سادةُ الخيفِ والمصلّى وأهل الـ     ـبيتِ والركنِ والصفا والحطيمِ

لـكـمُ فـي الـعـلاءِ أرفــعُ بـيـــتٍ     مـعـدنُ الجودِ والفخارُ الصميمِ (16)

ويقول من التاسعة وتبلغ (91) بيتاً وقد قدمناها وفيها يذكر الشهيدين مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة (عليهما السلام):

لـكـنـنـي فـي ادِّكـاري إن نسيتكمُ     لـمـسـلـمٍ لـســتُ أنــســاهُ ولا هاني

فـكـيـف أنـسـاهُ إذ قــالَ الإمامُ له     اذهبْ هُديتَ أمـامـي نــحـو كوفانِ

فـهـذهِ كـتــبٌ مـن أهـلِـهـا وردتْ     مـضـمـونُـها أنّهمْ جُنـدي وأعواني

اذهـبْ إلـيـهمْ وبايعْ مَن وثقتَ بهِ     عـن طـيـبِ نـفـسٍ وإيـمـانِ وإيقانِ

فقالَ: سمعاً لمولى المؤمنينَ ومَن     لم ينثني عن هواهُ في الورى ثاني

وجـاءَ كـوفـانَ وانـقـادتْ لـبـيعتِهِ     طوائفٌ مـن أقــاصــيــها ومن دانِ

وبـايـعـوهُ اخـتـيـاراً ثـمَّ عـزَّ لـهمْ     بـنـكـثِـهـم بانَ عن غدرٍ وعـصـيانِ

هذا ولـم يـكفهمْ حتى بغوا وجنوا     عـلـيـهِ تـنـكـيـسـه من فوقِ جـدرانِ

واتـبـعــوهُ بـهـا مـن حـيـثُ بـوَّأهُ     دارَ الأمــانِ بــإخــلاصٍ وإيـــمــانِ

هما الشـهيدانِ في الأولى فيالهما     هما الحميدانِ في الأخرى السعيدانِ

ويقول في آخرها في التوسُّل بأهلِ البيت (عليهم السلام):

سـمـوتـمُ الـخـلـقَ فـي الـعــلـيـاءِ منزلةً     أسمى الذرى بـعـلـوِّ الـقـدرِ والـشان

لأنـكـمْ مـهـجـةُ الـــدنـــيـــا وبـهـجـتُـها     وأصـلُ عـنـصـرِها الباقي مع الفاني

وكـلـمـا جـاءَ فــي الــتـــوراةِ عــنـدكـمُ     وفـي زبـــورٍ وإنـــجــيــلٍ وقــــرآنِ

وعـلـمِ مــا كــانَ فـي الأزمـانِ مِن قدمٍ     ومـا يـكـونُ بـــأوقـــاتٍ وأزمــــــانِ

أنـتـمْ مـــوازيــنَ قــســطِ اللهِ أنــشــأكمْ     مِـن نــورِهِ قـبـلَ مـــرِّيــــخٍ ومـيزانِ

وأنـتـمُ حــسـبـي يــومَ الــمــعــــادِ غداً     في حط وزري وفي رجحانِ ميزاني

أعــــددتُ حـــبَّــكـمُ ذخـراً لآخـــرتــي     إذا عـرضـتُ لــجــنــاتٍ ونــيـــرانِ

فـأنـتـمُ جَـنَّـةٌ لــــلـــقـــاطـــفِ الــجاني     وحـبُّـكـم جُـنَّـــةٌ لـلـخـائــفِ الـجـاني

لا مـالـكٌ مــالــكٌ عــصـيـانَ أمــركــمُ     فـيـهِ ورضــوانُ يــلـقـاهُ بــرضــوانِ

صـلّــى الإلـهُ ومـا فـي الغيبِ من ملكٍ     عـلـيـكـمُ يـا مـــوالـي الإنسِ والجانِ

ما قامتْ الوُرقُ من فوقِ الغصونِ وما     نـاحـتْ عـلـى عـذبـاتِ الأيـكِ والبانِ                  

.................................................

1 ــ ديوان القرن الحادي عشر ج 2 ص 182 ــ 191 عن المخطوطة الحسينية الأولى بمكتبة الإمام الحكيم العامة في النجف الأشرف رقم 31

2 ــ ديوان القرن الحادي عشر ج 2 ص 302 ــ 311 عن المجموعة الأولى المخطوطة بمكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف بالرقم 392

3 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٦٢ / أدب الطف ج 5 ص 148

4 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٣٦٢ ــ 363

5 ــ أدب الطف ج 5 ص 152

6 ــ ديوان القرن الحادي عشر ج 1 ص 19

7 ــ نفس المصدر ج 1 ص 346

8 ــ الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 116

9 ــ كتاب (دفتر الشجي) لناجي الحرز ص 277 ــ 281 وهو مختارات من مراثي 100 شاعر إحسائي للإمام الحسين (عليه السلام) من مطبوعات الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة 1438 هـ / 2007 م

10 ــ ديوان القرن الحادي عشر ج 1 ص 96 ــ 112 عن المنتخب للطريحي ص 143

11 ــ نفس المصدر ص 252 259 عن المنتخب للطريحي ص 276

12 ــ نفس المصدر ص 260 ــ 265 عن منتخب الطريحي ص 88

13 ــ نفس المصدر ص 324 ــ 330 عن المنتخب للطريحي ص 368

14 ــ نفس المصدر ص 331 ــ 338 عن المنتخب للطريحي ص 73

15 ــ نفس المصدر ج 2 ص 204 ــ 213 عن المجموعة الأولى المخطوطة بمكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف بالرقم 201

16 ــ نفس المصدر ص 265 ــ 272 عن المجموعة الأولى المخطوطة بمكتبة الإمام الحكيم في النجف الأشرف بالرقم 439

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار