محسن الخضري: (1254 ــ 1302 هـ / 1838 ــ 1885 م)
قال من قصيدة تبلغ (65) بيتاً:
لكَ ما بين (كـربـلا) والنواويـ ـسِ إلى أرضِ بابلَ أيَّ جلّى
يومَ أودتْ آلُ النـبـي وعـجّت بـينـها الزَهـراءُ تـنـدب ثـكلى
أيـنَ منها ذاكَ الحَبيبُ المفدّى وَالسراجُ الَّذي به الهـمُّ يُجـلى (1)
وقال من قصيدة تبلغ (51) بيتاً وهي في إنشاء قرية لإيواء الزائرين بين كربلاء والنجف:
وَقعتْ بينَ (كربلا) والغرييـ ـن فما كانَ موقعاً أحلاها
هـيَ لـلـزائـرينَ من ذا وهَذا موئلٌ عندَ قصدِها مولاها
شادَها من بـني العلى أوفاها ذمـةً وهوَ عصمةً أزكاها (2)
الشاعر
الشيخ محسن بن محمد بن موسى بن عيسى بن حسين بن خضر بن يحيى المالكي الجناجي النجفي ، عالم وأديب وشاعر، لقب بالخضري نسبة إلى جده الأعلى الشيخ خضر المالكي، والجناجي نسبة إلى قرية (جناجيا) قرب النجف.
ولد الخضري في النجف الأشرف من أسرة علمية أدبية فدرس الفقه عند الشيخ مهدي بن علي بن جعفر الجناجي، والشيخ راضي بن محمد آل خضر النجفي، ودرس الأصول عند المرجعين الكبيرين الشيخ مرتضى الأنصاري، والميرزا محمد حسن الشيرازي.
تصدر الخضري بعدها للتدريس وتخرج على يديه جملة من طلبة العلم وقضى شطراً من حياته بالتجوال في مدن العراق حتى وفاته في النجف ودفن في الصحن العلوي الشريف. (3)
وصف بأنه: (كان سريع البديهة في النظم، حسن المفاكهة ظريفاً خفيف الروح، كما كانت له آراء ناضجة في نقد الشعر نشرت قصائده المجلات النجفية مثل العدل الإسلامي، والدليل، والهاتف، والبيان وقد جمع أشعاره في ديوان وعلّق عليه الأستاذ عبد الغني الخضري ــ ابن أخ الشاعر ــ وطبع في المطبعة العلمية في النجف عام (1947) (4)
قال عنه الشيخ هادي كاشف الغطاء: (غرة عصره، وشاعر مصره، جرئ الجنان، منطيق اللسان، رقيق الحواشي، عذب الكلام، كثير النوادر، شهماً مقداماً، بارعاً هماماً، حسن التعبير، جيد النحرير، مرعي الجانب محبوباً عند الأباعد والأقارب..) (5)
وقال عنه الشيخ عبد الحسين كاشف الغطاء: (شاعر مفلق، وصاحب شرف محلق، معظم عند الأعيان والأشراف، للطافة طبعه ورقة حواشيه التي تغني عن السلاف، له من الغرر ما تبهر الأسماع، وتسحر الطباع...) (6)
وقال عنه الشيخ محمد رضا الشبيبي: (كان من شيوخ الأدب ونادرة من نوادر العراق في سرعة البديهة وحضور الخاطر، تؤاتيه الألفاظ ويتابعه الكلام، فهو كما قال الصاحب بن عباد في أبي الحسن السلامي: (له بديهة قوية، تنوف عن الروية). وهو مشهور بالإرتجال، وربما ارتجل القصيدة على ما قالوا في المحفل ينعقد لإنشاده، وله نوادر ونكت وإنشادات وإفادات كانت زاد المتأدبين، وبلغة المتهذبين...) (7)
وقال عنه السيد محسن الأمين: (كان عالماً فاضلاً أديباً شاعراً ...) (8)
قال عنه السيد جواد شبر: (كان عالماً فاضلاً كاملاً أديباً لبيباً سريع البديهة في نظم الشعر...) (9)
ونقل شبر عن الدكتور محمد مهدي البصير قوله عن الشاعر: (نظم الشعر وهو ابن اثني عشر عاما، ومن هنا يتبين إنه رجل كلام وفقه علاوة على أنه رجل أدب) (10)
وقال عنه الشيخ جعفر آل محبوبة: (يجمع شعره المغزى السامي والمعنى الحسن وجزالة اللفظ والسبك الرصين ووفرة البلاغة).(11)
وقال عنه الدكتور مهدي البصير: (إن ما وصلنا من أخبار الرجل قليل جداً على أن هذه الأخبار القليلة تدل دلالة قاطعة على أنه كان سريع الخاطر حاضر البديهة خفيف الطبع حلو الحديث والنكتة. فمن أخباره الدالة على سرعة خاطره أن أدباء النجف تعصّبوا على السيد حيدر الحلي عند تلاوة مرثيته البليغة للسيد جعفر القزويني فلم يستعيدوا منها بيتاً واحداً. وكان المترجم حاضراً فقال له السيد حيدر ما مضمونه إذا كان في هؤلاء من يهمني صمته فهو أنت. فأجابه على الفور بقوله:
مـيّـزتــنـي بـالعتبِ دونَ معاشرٍ سمعوا وما حيٌّ سوايَ بسامعِ
أخرستني، وتقولُ ما لكَ صامتا وأمـتّني، وتقولُ ما لكَ لا تعي) (12)
وقال عنه الدكتور مصطفى جواد: (من الشعراء المحسنين، ملابس لشعراء عصره المبرزين كل الملابسة، وإنه فوق السيد إبراهيم الطباطبائي والسيد جعفر الحلي، ومنازع للسيد محمد سعيد الحبوبي والسيد حيدر الحلي..) (13)
وقال عنه الخاقاني: (كان شخصية رصينة في الأدب، كما كان عنواناً بارزاً بين أدباء عصره) (14)
شعره
قال الخاقاني: (كان كثير الشعر ولكنه لم يعتن بجمعه فقد تلف أغلبه وقد تصدى لجمعه ولده الشيخ جواد فلم ينل منه إلا غيضاً من فيض، وقطرة من بحر..) (15)
قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (50) بيتاً:
بـأبـي الـذي مـا انـحـازَ نـحـوَ مفازةٍ إلّا ونــــازعه ابنُ سـعـدٍ آلَـــهــا
حـتـى إذا اقـتَـحـمـوا الفراتَ وأقبلتْ خـيـلُ ابـنِ هـنـدٍ تستحثّ رجالَها
صرّتْ رحى الحربِ الزؤامِ تديرها عـصـبٌ إذا مـرَّ الـطـعانُ حلالها
مـتـربِّـصـيـنَ تـــلاع كـــلِّ ثــنــــيَّةٍ كالأسدِ ترصدُ في الشرى أشبالَها
مُـتـسـربـلـيـنَ عـلـى الـحـديدِ بأنفسٍ أوحى لـهـا الرحمنُ ما أوحى لها
بيضُ الـسيوفِ إذا عدتْ وإذا غدتْ آبتْ وقد خـضـبَ الـنجيعُ نصالها
يتهافَتونَ عـلـى الـمـنـونِ كـأَنَّــــــما هيَ غادةٌ زانَ الـجـمـيـلُ جـمـالها
لا يـمـتـطـونَ الـخـيـلَ إلّا شُــــــزَّباً تـعـدو فـتـصـفـقُ بـالـجـباهِ نعالها
زهـراً كـأَمـثالِ الكواكبِ في الوغى مـستـنـهـضـيـنَ زهيرَها وهلالها
مُـتـواثـبـيـنَ إلــى الـنـزالِ فـعــــاذرٌ لـو رِيــعَ أن ســيـمَ الكميُّ نزالها
يَـقـتـادهمْ صعبُ المِراسِ إذا اِنبرى جـذّت أمـيّــةُ فـي الــشــآمِ قـذالها
مُـتـنـافـسـيـنَ عـلـى الــمـنـيَّـةِ دونه يـغـشـونَ فـي مـهـجـاتِـهمْ أهوالها
مِن كـلِّ مـخـروقِ الإهـابِ بصدرِهِ يـلـقـي الأسـنّـةَ أو يــذوقَ وبــالها
وأشــمَّ يـخـتـرقُ الـصـفــوفَ بأجيدٍ لـو طـاولَ الـشـمَّ الــرعانَ لطالها
حـتّـى إذا نُـودوا إلـى الـــدارِ الـتـي نـالَ الـسـعـادةَ مــنـهـمُ مَـن نـالها (16)
وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (33) بيتاً:
ولمَّا أبوا غـيـــــر سفكِ الدماءِ وَبـــاءوا بـغــيـضــهمُ حيث آبا
أطلَّ عــلـــيهـمْ بأسـدِ العـريـنْ تـــشقّ القلــوبَ وتـفري الرقابا
ودمـــــدمَ ثـمَّة ثـبــتَ الجِنــان فــمــزَّقَ بالبرقِ مـنها الـسـحابا
وَشــمَّـــرَ للحربِ عبلَ الذراع فــــضيَّقَ رعباً عـليها الـرحـابا
كأَني به مـاثــلاً بـالــــــحـسـامْ لاهـــوتَ قــدسٍ يقلُّ الـشـهـابــا
أو اللــــــيث شدَّ عـلى سابـــحٍ يــخـوضُ مـن الـدمِ بـحراً عُبابا
ولــــــمّا دَعاهُ إليـهِ القـــضــاءُ لــبَّى بحــيث الـقـضا مـنـهُ لابـا
وخرَّ كليماً ذبيــحُ الخَـــلــــيـلْ تُغتــصـبُ الـنـفسُ منهُ اِغتصابا
فَـلَــهــفي لعينيهِ نـحـوَ الخــيامْ ينقـلـــبُ الـطــرفُ مـنها انـقلابا
وَلِلَّهِ رأَسكَ يـــــا ابـنَ النَــبــي يُـعـــــلّى على الرمحِ يتلو الكتابا
وَلِلَّهِ ســبـــيكَ فـوقَ المــطـــي لـــها العيسُ ترغو أسىً واكتئابا
حواسرَ من فوقِ عجفِ النياقْ تجوبُ الهضابَ وتطوي الشعابا
إذا ما اسـتغـشنَ بـأسدِ العرينْ سـمـعنَ صليـلَ السـيـاطِ الجـوابا
ولم أنسَ زينبَ إذ تَــسـتَـغـيث أبا الفضلِ يا كهفَ عزّي المُهابا (17)
وقال في رثاء بطل العلقمي أبي الفضل العباس (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (29) بيتاً:
فـمـا كـلّـــتِ الـهـيـجاءُ إلا أعـادَها أغـرُّ إذا مـا اسـتـقـبـلَ الـجيشَ غبَّرا
إذا اقـتـــحـمَ الـصـفَّ المُـقـدَّمَ لــفَّه بـآخـرَ مِـن خـلـفِ الـصـفوفِ تأخَّرا
ويطعنُ وخزاً في الصدورِ بأسمرٍ مـنَ الـخـطِ يـمـحـو لـلـكـتـيبةِ أسطرا
وصاحَ بهمْ والموتُ أهونُ صيحةٍ فخُيلَ مليكُ الرعدِ في الصورِ زمجرا
وخاضَ غـمـارَ الــعــلقميِّ جوادُه يُـهـلّـلُ تـصـهـالاً وجــبــريـــــلُ كبَّرا
فروّى ومــا أروى غـــلـيلَ فؤادٍهِ فـهـلْ كـان طـعـمُ الماءِ في فيهِ مُمقرا
وجـــاءَ بـــها مـمـلـوءةً يـسـتلذّها ويطوي حشى من مـائِـهـا لـن تـقطّرا
أبا الفضلِ قبلَ الفضلِ أنتَ وبعده إلـيـكَ تـسـامـى الـفـضلُ عزّاً ومفخرا
فـواســيــتَ طـعّاناً أباكَ وصابراً أخــاكَ ومــقــطــوعَ الـذراعينِ جعفرا
وزدتَ عـلـيـهِ الـيــومَ فرقاً يشقّه عـمـودُ حـــديــدٍ ظــلَّ يُــرديـكَ للثرى
فلا قـــامَ لـلـهـيجاءِ سوقُ حفيظةٍ تـبـاعُ بـهـا نـفـسُ الـكـريــــمِ وتُشترى (18)
..................................................
1 ــ موقع بوابة الشعراء بتاريخ 10 / 5 / 2014 / موقع ديوان
2 ــ نفس المصدرين
3 ــ شعراء الغري ج 7 ص 211 ــ 212 / الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 235
4 ــ موقع بوابة الشعراء
5 ــ شعراء الغري ج 7 ص 212 عن كشكول كاشف الغطاء
6 ــ نفس المصدر والصفحة عن العبقات العنبرية لكاشف الغطاء
7 ــ شعراء الغري ج 7 ص 213 عن مجموعة الشبيبي
8 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٥٣
9 ــأدب الطف ج 7 ص 283
10 ــ نفس المصدر ص 284
11 ــ ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 215
12 ــ أعيان الشيعة ج ٩ ص ٥٣
13 ــ شعراء الغري ج 7 ص 214 عن مقال للدكتور مصطفى جواد بعنوان (حكومة بين خمسة شعراء) مجلة الغري النجفية
14 ــ نفس المصدر ص 214
15 ــ نفس المصدر ص 212
16 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 2 ص 403 ــ 405 عن ديوانه ص 23 ــ 26
17 ــ الإمام الحسين في الشعر النجفي ج 1 ص 166 ــ 167 عن ديوانه ص 27 ــ 29
18 ــ أدب الطف ج 7 ص 282 ــ 283
كما ترجم له:
كاظم عبود الفتلاوي / مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف ص 248 ــ 249
خير الدين الزركلي / الأعلام ج 5 ص 290
رسول كاظم عبد السادة / موسوعة أدباء إعمار العتبات المقدسة ج 1 ص 467 ــ 468
كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 3 ص 91
محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 499
محمد مهدي البصير / نهضة العراق الأدبية ص 184
اترك تعليق