333 ــ فاطمة بنت الإمام الحسين (ع): (40 ــ 117 هـ / 660 ــ 735 م)

فاطمة بنت الإمام الحسين (عليهما السلام): (40 ــ 117 هـ / 660 ــ 735 م)

قالت من قصيدة في رثاء أبيها سيد الشهداء (عليهما السلام):

إن الحسيـنَ بـ (كربـلا)     بينَ الأسنّــةِ والحـرابْ

فابكــي الحـسينَ بعبـرةٍ     ترجى الإلهَ مع الثـوابْ

قلت: الحسين فـقال لي:     حقا لقد سكـــنَ التـرابْ (1)

الشاعرة:

الصديقة الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، نبعة من بيت الوحي، وسليلة من سليلات النبوة، وكريمة من كرائم الإمامة، تدرّجت في الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة، فهي حفيدة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء وأمير المؤمنين وابنة سيد شباب أهل الجنة (عليهم السلام)، وكانت ذات منزلة عظيمة في التقوى والعبادة قال عنها أبوها الإمام الحسين عليه السلام: (إنها أشبه الناس بأمي فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أما في الدين فتقوم الليل وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين) (2)

وقد شابهت السيدة فاطمة بنت الحسين (عليها السلام) جدتها الزهراء حتى في المآسي والمحن التي جرت عليها فخاضت رحلة الحزن والدموع والسبي من المدينة إلى كربلاء، ومنها إلى الكوفة فالشام مع الركب الحسيني الذي سجل بتضحياته ودمائه ودموعه وآلامه معنى الكرامة والحرية والعقيدة

ولدت السيدة فاطمة بنت الحسين عام (40هـ)، (3) على أصح الأقوال، ووصفتها المصادر بأنها أكبر بنات الإمام الحسين (عليه السلام) وأكبر من أختها السيدة سكينة، (4) كما روت أغلب المصادر أن أمها هي السيدة أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي. (5)

ولكن نسبتها إلى أم اسحاق بنت طلحة بالأمومة يخلق تعارضاً في التواريخ، فأم إسحاق هذه كانت زوجة للإمام الحسن (عليه السلام)، حتى وفاته، ولما حضرته الوفاة قال لأخيه الإمام الحسين: إني أكره أن تخرج هذه المرأة من بيتكم. (6)

فتزوّجها الإمام الحسين بعد وفاة الإمام الحسن، ومن المعروف أن الإمام الحسن توفي عام (51 هـ)، وولادة السيدة فاطمة كانت عام (40 هـ)، فالتعارض واضح في الروايتين.

ولا يمكن الاعتماد على أي رواية تقول بأن ولادتها كانت بعد عام (51 هـ)، لأن السيدة فاطمة هي أكبر بنات الإمام الحسين وكانت في يوم الطف قد بلغت مبلغ النساء، ويدلنا على ذلك زواجها من ابن عمها في حياة أبيها، وخطبتها في الكوفة، وخَصِّها بوصية أبيها في يوم عاشوراء، لمرض الإمام زين العابدين (عليه السلام). كما سيأتي

فمن المستحيل أن يكون عمرها آنذاك ثماني سنوات إذا اعتمدنا على أن أم إسحاق هي أمّها لأن ولادتها ستكون عام (53 هـ) على أقصى تقدير بعد انقضاء عدة الزوجة وفترة الحمل، فمعركة الطف كما هو معروف كانت عام (61 هـ).

أن هذا الالتباس وقع فيه كثير من الكتّاب لكنهم لم يدخلوا في تفاصيله أو يبيِّنوا ما يكشفه. لكن ابن عنبة الحسني يذكر رواية ترفع هذا التعارض والالتباس حيث يقول:

إن أمَّها ــ أي أمّ السيدة فاطمة بنت الحسين ــ هي شهربانو بنت يزدجرد الثالث آخر الأكاسرة الساسانيين (7).

وهذه الرواية هي التي توافق الصواب والتي تكون طبيعية مع عمر السيدة فاطمة، فالسيدة شهربانو هي أمّ الإمام زين العابدين (عليه السلام). وهذه الرواية تتوافق تماماً مع سنة ولادتها فمن المعروف أن ولادة الإمام السجاد (عليه السلام) كانت عام (38 هـ) فهي تصغره بسنتين وهي أخته لأمه وأبيه

كما تتوافق هذه الرواية مع سنة وفاتها فقد روت كل المصادر أنها قد جاوزت السبعين من عمرها عند وفاتها وحددت سنة وفاتها بتاريخين هما سنة (110) (8) و(117 هـ). (9) فيكون عمرها الشريف هو (70) أو (77) عاماً.

ولا يكون عمرها الشريف قد جاوز السبعين إلا بالاعتماد على رواية صاحب عمدة الطالب التي تقول: بأن أمها هي السيدة شهربانو بنت يزدجرد أم الإمام زين العابدين (عليه السلام).

وقد وصفت السيدة فاطمة بـ (الصغرى) تمييزاً عن جدتها سيد نساء العالمين الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها السلام) كما وُصفت بالكبرى كونها أكبر بنات الإمام الحسين عليه السلام. (10)

عبادتها

من الطبيعي أن تبلغ حفيدة الزهراء الغاية في العبادة فهي ربيبة بيت الوحي وسليلة النبوة وكريمة الإمامة ويدلنا قول أبيها سيد الشهداء على منزلتها وعبادتها عندما خطبها ابن عمها الحسن بن الحسن: إنها تقوم الليل وتصوم النهار.

وقد رُوي: (إن فاطمة بنت الحسين كانت تُسبّح بخيوط معقود فيها وذلك حرصاً منها على الذكر والعبادة والتسبيح) (11)

وقال السيد عبد الرزاق المقرم: (كانت فاطمة بنت الحسين (عليهما السلام) جليلة القدر عظيمة المنزلة وكانت لها المكانة العالية من الدين..) (12)

كانت فاطمة عالمة محدّثة.. روت عن جدتها الصديقة الزهراء, وعن أبيها الإمام الحسين وعن أمّ سلمة، وأمِّ هاني بنت أبي طالب، وعن عمّتيها زينب الكبرى وأم كلثوم، وعن أخيها زين العابدين عليّ بن الحسين، وعن أسماء بنت عميس وعن بلال الحبشي (مؤذن الرسول) (13) وروى لها أهل السنن الأربعة (14) وقال ابن كثير عنها: (من الثقات) (15)

ويقول العلامة الشيخ جعفر النقديّ: (هي من عالمات نساء أهل البيت (عليهم السلام) .... ويروي عنها: ولدُها عبد الله بن الحسن المثنّى بن الحسن المجتبى وأخوه الحسن وغيرهما). (16)

ويقول عنها الزركلي: (فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب.. تابعيّة، من راويات الحديث، روت عن: جَدَّتها فاطمة الزهراء مرسلاً، وعن أبيها، وغيرهما) (17)  

ومن الأحاديث التي روتها عليها السلام:

حديث رد الشمس لجدها أمير المؤمنين عليه السلام في زمن النبي صلى الله عليه وآله عن أسماء بنت عميس (18)

ومنها: عن أبيها عن جدتها فاطمة الزهراء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: إن الله عز وجل باهى بكم وغفر لكم عامة ولعلي خاصة، وإني رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، إن السعيد كل السعيد من أحب علياً في حياته وبعد موته (19)

ومنها ما ذكره الأنصاري السنبكي عنها عن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين، عن أمها فاطمة بنت رسول الله، أنه (صلى الله عليه وآله) قال لعلي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي. (20)

ومن خصائصها الشريفة أنها المؤتمنة على مواريث الأنبياء، فقد استودعها أبوها الإمام الحسين مواريثَ الأنبياء، في يوم كربلاء فسلَّمتها إلى الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) بعد أن برئ من مرضه.

 فقد روى الكليني عن الإمام محمّد الباقر (عليه السلام) أنه قال: (ثم إن حسيناً (عليه السلام) لما حضره الذي حضره، فدعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين (عليهما السلام) فدفع إليها كتاباً ملفوفاً، ووصية ظاهرة.

وكان علي بن الحسين (عليه السلام) مبطوناً لا يرون إلاّ أنّه لما به، فدفعت فاطمة الكتاب إلى علي بن الحسين) (21)

وروى المجلسي: إن فاطمة (عليها السلام) كان عندها أشياء مِن آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رواية أبي المقدام وهو من أصحاب الإمام الصادق (ع)

فحينما مرَّ أبو المقدام في طريق حجِّه على الإمام الصادق (عليه السلام) وأراد السلام على السيدة فاطمة بنت الحسين، قال الإمام الصادق لجارية له:

استأذني على عمتي، فدخل الإمام الصادق (عليه السلام) مع أبي المقدام على فاطمة فقال أبو المقدام:

يا بنت رسول الله هل بقي شيء من آثار رسول الله ؟

فدعت فاطمة أولادها فجاءوا فقالت:

يا أبا المقدام هؤلاء لحم رسول الله ودمه، ثم أرته جفنة للطعام وأشياء كانت تخصّ رسول الله فتناولها أبو المقدام وتبرّك بها. (22) وقد ذكر الصفار هذه الرواية (23)

وقال عنها الشيخ محمد الحسون: (وجلالة هذه العلويّة المخدّرة وعظم شأنها، أوضح من أن يحتاج إلى بيان، وإقامة دليل وبرهان. فهي عالمة، محدّثة، مجاهدة، تركت أثراً لا يُمحى في التأريخ الإسلامي، وإليها وإلى غيرها من بنات أمير المؤمنين عليه السلام يرجع الفضل في نجاح ثورة الحسين عليه السلام ونهضته الدامية. وما عسى الباحث، أو الكاتب أن يكتب عن حياة هذه العلويّة المخدّرة، التي قضَت عمرها الشريف المبارك في العلم والجهاد) (24)

وقال الشيخ النمازي الشاهرودي: (وبالجملة، لا نظير لها في التقوى والكمال والفضائل والجمال، ولذلك تُسمّى الحور العين) (25)

وتقول الكاتبة السورية السيدة زينب بنت علي الفوّاز العاملي: (كانت فاطمة بنت الحسين كريمةَ الأخلاق، حسَنةَ الأعراق.. لمّا جهّز يزيدُ أهلَ البيت إلى المدينة بعد قتل الحسين، أرسل معهم رجلاً أميناً مِن أهل الشام في خيل سيّرها، صحبتهم إلى أن دخلوا المدينة.. فقالت فاطمة بنت الحسين لأختها سكينة:

ــ قد أحسَنَ هذا الرجل إلينا، فهل لك أن نصله بشيء ؟

فقالت لها سكينة : والله ما معنا ما نصله به إلاّ ما كان من هذا الحلي.

فقالت لها فاطمة: فافعلي.

فأخرجت فاطمة له سوارين ودملجين، وبعثت إليه بهما، فردّهما وقال:

لو كان الذي صنعته رغبةً في الدنيا لكان هذا كفاية، ولكنّي ـ والله ـ ما فعلته إلاّ لله، ولقرابتكم من رسول الله) (26)

ويستأذنها الكميت بن زيد شاعر أهل البيت ليقرأ عليها ما جرى عليهم من المحن والظلامات، فقالت: هذا شاعرنا أهل البيت وجاءت بقدح فيه سويق فحركته بيدها وسقت الكميت فشربه ثم أمرت له بثلاثين ديناراً وفرساً رغم ما ببني هاشم من خصاصة من ذلك العهد الأموي الأسود، وهذا ما جعل الكميت يبكي ويقول: لا والله لا أقبلها..، إني لم أحبكم للدنيا. (27)

زواجها

تزوجت فاطمة من ابن عمها الحسن المثنى ابن الحسن السبط في حياة أبيها سيد الشهداء عليه السلام، وقد روي في خبر زواجها: (أن الحسن المثنى ابن الحسن السبط عليه السلام خطب إلى عمه الحسين عليه السلام إحدى ابنتيه فقال له الحسين عليه السلام: اختر يا بني أحبهما إليك فاستحيى الحسن ولم يحر جواباً فقال له الحسين عليه السلام: فاني قد اخترت لك ابنتي فاطمة، فهي أكثرهما شبها بفاطمة أمي بنت رسول الله صلى الله عليه وآله). (28)

وكان الحسن المثنى من أعيان بني هاشم جليلاً رئيساً فاضلاً ورعاً (29) ولم تتزوج فاطمة من غيره ــ لا قبله ولا بعده ــ حتى توفيت ــ كما سنوضح ــ وقد ولدت له ثلاثة أولاد هم: عبدالله المحض، وإبراهيم الغَمْر، والحسن المثلّث، وبنت اسمها زينب، وقد شهد الحسن المثنى يوم الطف مع عمه الحسين، وقاتل معه حتى أثخن بالجراح ووقع على الأرض مغشياً عليه، ولما أراد جيش ابن سعد قطع الرؤوس وجدوا فيه رمقاً، فقال أسماء بن خارجة بن عيينة الفزاري ـــ وكان في جيش ابن سعد ــ : دعوه لي فإن وهبه الأمير عبيد الله بن زياد لي وإلا رأى رأيه فيه، فتركوه له, وأخذوه مع الأسرى محمولاً إلى الكوفة ووصل خبره إلى ابن زياد فقال: دعوا لأبي حسان ابن أخته وعالجه أسماء حتى برئ ثم لحق بأهل البيت في المدينة. (30)

وكان السبب في ذلك أن أم الحسن المثنى كانت من بني فزارة وهي خولة بنت منظور الفزارية، ولكن بني أمية قد آلوا على أنفسهم أن لا يتركوا بيتاً من بيوت العلويين دون أن ينكبوه ولا علوية دون أن يثكلوها أو يرمّلوها أو يُيتموها، فقد دسّ الوليد بن عبد الملك سماً للحسن المثنى فمات منه (31) وكانت وفاة الحسن المثنى سنة (97 هـ) وقد ضربت زوجته فاطمة على قبر زوجها فسطاطاً، كانت تصوم النهار وتقوم الليل، إلى سنة (32)

وتجددت أحزان كربلاء التي لم تنسَ بعد وتفتقت الجراح التي لم تندمل في قلب فاطمة فقد كتب القدر عليها فراق أهل بيتها وتوديعهم واحداً واحداً ! وسلمت فاطمة أمرها لله... لقد مات زوجها وابن عمها الحسن المثنى عام (97 هـ) ولها من العمر (57) عاماً، فهي قد ولدت عام (40) للهجرة كما ذكرنا، وبقيت دون زواج حتى ماتت بالمدينة المنورة وقيل في الشام وقيل في مصر.

وهنا يأتي دور آل الزبير ليزوّروا هذه السيرة الشريفة للسيدة فاطمة ويضعوا لها زواجاً ثانياً يتماهى مع أغراضهم السياسية. فروى الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام: إن فاطمة بنت الحسين تزوّجت من عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان بن أبي العاص، وأنها ولدت منه أولاداً منهم محمد، والقاسم، ورقية، بنو عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان!.

ومات عنها عبد الله بن عمرو، فأبت أن تتزوج من بعده إلى أن توفيت عام (110هـ) أو عام (117هـ)

إن وجود الزبير وحده في الرواية يؤكد بطلانها إضافة إلى كل الحقائق التاريخية والمنطقية بصدد هذا الموضوع والتي تشير إلى أن السيدة فاطمة بنت الحسين تزوجت من ابن عمِّها الحسن المثنى بن الحسن السبط فقط، ولم تتزوج غيره لا قبله ولا بعده.

أما رواية زواجها الثاني فهي موضوعة بلا شك، فالراوي كان من الوضّاعين كما أكدت ذلك المصادر، كما كان متهماً في عقيدته، ولكن شاء له الحظ أن يجد من يروّج أكاذيبه وأباطيله مَن هو على شاكلته وهو أبو الفرج الأصفهاني الذي امتلأ كتابه الأغاني بالأباطيل وتلقّف روايات آل الزبير ودوّنها دون تنقيب وتنقيح.

ومن أكبر الأدلة التي تنفي هذه الرواية هي الطريقة التي تم بها هذا الزواج الوهمي، واستلزاماً للموضوع بإعطاء الصورة الواضحة على زيف هذا الزواج، سنوردها كما ذكرها أبو الفرج وهي كما جاء نصها:

(لما حضرت الحسن بن الحسن الوفاة جزع وجعل يقول:

إني لأجد كرباً ليس من كرب الموت.

فقال له بعض من حضر: ما هذا الجزع تقدم على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو جدك وعلى علي والحسن والحسين (عليهم السلام) وهم آباؤك ؟

فقال: ما لذلك أجزع ولكني كأني بعبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان حين أموت قد جاء في مضرجتين أو ممصرتين وقد رجل رأسه يقول:

أنا من بني عبد مناف جئت لأشهد ابن عمي وما به إلا أن يخطب فاطمة بنت الحسين فإذا متّ فلا يدخلنَّ عليّ.

قال: فصاحت به فاطمة: أتسمع.

قال: نعم

قالت: أعتقت كل مملوك لي، وتصدقت بكل مملوك لي، إن أنا تزوجت بعدك أحدا.

فسكن الحسن، وما تنفّس وما تحرّك حتى قضى (رضوان الله عليه)

فلما ارتفع الصياح، أقبل عبد الله على الصفّة التي ذكرها الحسن فقال بعض القوم: ندخله.

وقال بعضهم لا ندخله.

وقال قوم: وما يضر من دخوله ؟

فدخل وفاطمة رضوان الله عليها تصكّ وجهها، وتلطم فأرسل إليها وصيفاً كان معه فجاء فتخطى الناس حتى دنا منها.

فقال لها: يقول لك مولاي اتقي على وجهك، فإن لنا فيه إربا ــ أي حاجة ــ فارفقي به فعرف فيها الاسترخاء وخمرت وجهها!

ويواصل ابو الفرج نشر أكاذيب الزبير في تشويه سيرة السيدة الطاهرة فاطمة بنت الحسين غير متأثم فيقول:

فأرسلت يدها من كمها وعرف ذلك فيها فما لطمت حتى دُفن.

فلما انقضت عدتها، خطبها فقالت: كيف بنذري ويميني؟

فقال: نخلف عليك بكل عبد عبدين، وبكل شيء شيئين ففعل فتزوجته)! (33)

وسيأتي الرد على هذه الرواية في هذا الموضوع بعد أن نذكر بقية متعلقاتها ... ونترك للقارئ المقارنة بين شخصية فاطمة العظيمة وما قاله عنها أبوها وبين هذا التصرّف وحاشاها منه.

وهناك رواية أخرى من أكاذيب الزبير أيضاً رواها أبو الفرج وهي:

أن فاطمة بنت الحسين لما خطبها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أبت أن تتزوجه فحلفت أمها عليها أن تتزوجه، وقامت في الشمس وآلت ألا تبرح حتى تتزوّجه فكرهت فاطمة أن تخرج فتزوجته)! (34)

إن الحقائق التاريخية تفنِّد هذا الزواج المستحيل وتكشف كذب واضعه، وتجعله في عداد الأساطير ..

فقد اتفقت كل المصادر والتواريخ والسِّيَر على أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان مات في مصر سنة (96 هـ) في عهد الوليد بن عبد الملك (86 هـ - 96 هـ / 705 م – 715 م).

كما اتفقت كل المصادر على أن الحسن المثنى توفي بالسم عام (97 هـ) في عهد سليمان بن عبد الملك (96 هـ - 99 هـ / 715 م – 717 م).

فكيف يتزوّج عبد الله من فاطمة وقد مات قبل زوجها ؟

وإليكم المصادر التي ذكرت التاريخين:

قال الذهبي في ترجمة عبد الله بن عمرو: (عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أبو محمد الأموي، سبط ابن عمر توفي بمصر سنة ست وتسعين). (35)

وقال السيوطي: (عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان مات بمصر سنة ست وتسعين) (36)

وقال ابن الأثير: (ثم دخلت سنة ست وتسعين وفيها توفي عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان في أيام الوليد بن عبد الملك). (37)

وقال ابن سعد: (عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان بن أَبي العاص بن أميّة بن عبد شمس. وأمّه حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب .... توفّي بمصرَ سنة ستّ وتسعين). (38) كما ذكر ذلك كثير من المؤرخين

وقد ذكر هؤلاء في تواريخهم أن وفاة الحسن المثنى كانت سنة سبع وتسعين وإضافة إليهم فقد ذكر ذلك كل من:

الصفدي الذي قال: (مات الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب سنة سبع وتسعين) (39)

وقال ابن كثير: (وفيها توفي الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب) (40)

وقال بذلك البخاري في صحيحه (41)

وقال الشيخ عباس القمي في ترجمة الحسن بن المثنى: توفي بالمدينة سنة سبع وتسعين (42)

وقال السيد محسن الأمين: (توفي الحسن المثنى بالسم في زمن سليمان بن عبد الملك سنة (97 هـ)، في المدينة المنورة، ودفن بالبقيع.... حكاه ابن حجر عن خط الذهبي) (43)

هذه التواريخ تقطع رواية هذا الزواج من دابرها ولا تبقي مجالاً للشك على كذبها ومن أعجب الأعاجيب أن تجد من يذكر هذين التاريخين ثم يثبت هذا الزواج الأسطوري في تاريخه كما فعل البخاري الذي يقول:

(والحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهم، أحد أعيان بني هاشم فضلاً وخبراً. مات سنة سبع وتسعين، وامرأته فاطمة بنت حسين بن علي، وهي التي حلفت له بجميع ما تملكه أنَّها لا تتزوج عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفّان، ثمّ تزوجته، فأولدها محمّد الديباج) (44)

وإضافة إلى هذا الدليل القاطع الذي قدمناه فهناك أدلة أخرى كثيرة تنفي هذا الزواج.

فهذا ابن حزم الأندلسي ينفي هذا الزواج والأولاد حيث يقول في ترجمة عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان إنه لم يكن له أولاد واقتصر نسله على البنات فقال ما نصه:

وكان لعبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان من البنات:

حفصة، تزوجها عبد العزيز بن مروان ابن الحكم، فماتت عنده.

وأم عبد الله، تزوجها الوليد بن عبد الملك، فولدت له عبد الرحمن، ثم مات الوليد عنها، فخلف عليها ابن أخيه أيوب بن سليمان بن عبد الملك.

وعائشة. تزوجها سليمان بن عبد الملك، فولدت له يحيى وعبد الله، وتوفيت عنده.

وأم سعيد، تزوجها يزيد بن عبد الملك، فولدت له عبد الله، ثم مات يزيد، فخلف عليها أخوه هشام بن عبد الملك، ثم طلقها ولم تلد له.

ورقية، تزوجها هشام بن عبد الملك، فولدت له ابنة، وماتت في نفاسها.

ولا يعلم رجل تزوج بناته أربعة خلفاء إلا عبد الله بن عمرو بن عثمان هذا (45)

هذا نص كلام ابن حزم ... ولو كان عبد الله تزوج من فاطمة لما توانى ابن حزم عن ذكر هذا الزواج والأولاد فهواه كما هو معروف يتلاءم تماماً مع هوى الزبير.

كما إن فاطمة لم تكن شخصية عادية فهي من بيت النبوة الذين يودُّ كل الناس أن يحصلوا على شرف الانتماء إليهم، فلو كان هذا الزواج صحيحاً لذكره ابن حزم قبل ذكر بنات عبد الله وحتى وإن لم تلد له.

وقد رد على هذه الرواية ونفوها مجموعة من العلماء والمحققين الشيعة وقد فندها الشيخ محمد هادي الأميني من خلال ثلاث نقاط (46):  

1 ــ وجود الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام في سند الحديث، وهو مَن يتهمّ فيه ولا يُكتب عنه، قال ابن أبي حاتم: كتبَ عنه أبي بمكة ورأيته ولم أكتب عنه (47). وقال أحمد بن علي السليماني في كتاب الضعفاء: كان منكر الحديث (48)

2 ــ إقامتها على قبر زوجها الحسن بن الحسن عليه السلام مدّة سنة كاملة، تقوم الليل وتصوم النهار (49)، كما صرّح بذلك البخاري فقال: ولمّا مات الحسن بن الحسن بن علي ضربت امرأته القبّة على قبره سنة (50)

3 ــ ما رواه أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين مخالف لما رواه في الأغاني، وكأنّ الموضوع هذا لم يثبت عنده، فقد قال في الأغاني ما نصّه ـ بعد ذكره خبر تزويج فاطمة من عبد الله: وقد قيل في تزويجه إيّاها غير هذا. ويَعرف من هذا أنّ أبا الفرج أيضاً غير معترف بالرواية الاُولى، وإلاّ لما قال قوله الأخير في الأغاني

وقال علي دخيّل:

 1 ــ إنّ ما ذكره أبو الفرج الأموي لا يمكن أن تقوم به أي امرأة من سائر المسلمين، فضلاً عن عقائل الوحي، وبنات الرسالة، ومخدّرات أمير المؤمنين عليه السلام.

 أنا لا أدري كيف يدخل رجال أجانب على نساء يلطمن فقيدهن ساعة موته؟! ثم لم يكتفوا بالنظر إليهنّ حتى يراسلوا المعتدّة منهن! أنا أستبعد أن يحدث هذا في مجاهل سيبيريا، وعند همج أفريقيا، فضلاً عن آل الله.

 2 ــ تبودلت الرسائل بين محمّد بن عبد الله بن الحسن والمنصور العباسي، وما ترك أحدهما للآخر شيئاً ينتقص به إلاّ وذكره. ولو صحّ هذا الزواج لذكره المنصور خافضاً به لمحمّد وأبيه، فقد ذكر ما هو دون هذا بكثير.

3 ــ لم يذكرها كبار محدّثي الشيعة ورجال التأريخ منهم، مع ما تميّزوا به من الإطلاع والتحقيق، وعدم المهادنة لأحد، فهذا الشيخ المفيد، والسيد المرتضى، وابن شهر آشوب، والطبرسي، وغيرهم من أعلام الطائفة لم يذكروها.

 4 ــ قال العلاّمة المحقق الشيخ عباس القمي رحمه الله : فظهر ممّا ذكرنا كذب ما نقله أبو الفرج الأصفهاني المرواني عن الزبير بن بكار الزبيري ــ المعروف بعداوته وعداوة آبائه للعلويين وأولاد الأئمة الطاهرين في مقاتل الطالبيين ــ انّه بعد انقضاء عدّتها تزوّجها عبد الله بالتفصيل الذي لا يرضى مسلم غيور بنقله فضلاً عمّن كان من أهل الإيمان، ولا غرو منه في نقل ذلك وأمثاله، فإنّه عُرفت فيه عروق اُميّة ومروان.

 والعجب أنّه روى بعد ذلك عن أحمد بن سعيد في أمر تزويجه إيّاها ما يكذّب هذه الرواية الموضوعة أيضاً، فإنّه روى مُسنداً عن اسماعيل بن يعقوب: أنّ فاطمة بنت الحسين عليه السلام لمّا خطبها عبد الله أبت أن تتزوّجه، فحلفت اُمّها عليها أن تتزوّجه، وقامت في الشمس، وآلت أن لا تبرح حتى تزوّجه ، فكرهت فاطمة أن تخرج ، فتزوّجته (51)

كما فندها السيد عبد الرزاق المقرم فقال: (وفي كتابنا (نقد التاريخ المخطوط) ناقشنا المؤرخين في تزويجها من العثماني، وان محمد الديباج خلقته اقلام الزبيريين) (52)

الزواج المستحيل

إن زواج فاطمة بنت الحسين من عبد الله بن عمرو بن عثمان يكاد يكون مستحيلاً بل هو المستحيل بعينه إذا تناولنا العداء الأموي للعلويين في تلك المرحلة وما جرّ من تبعات وخيمة على الأمة.

ولنا أن نسأل من نقل هذه الرواية نقل الواثق المطمئن:

ما الذي جعل حفيد آل أبي العاص يتزوج من حفيدة علي ولا تزال أحقاد آل أبي العاص على علي منذ يوم بدر وازداد أوار هذا الحقد وبلغ ذروته على أمير المؤمنين وعلى أولاده في يوم الدار وامتد في نسلهم، حتى وصل الأمر إلى أن قال الوليد بن عقبة بن أبي معيط ــ وهو عم عبد الله بن عمرو بن عثمان ــ وهو يذكر قيام دولة أمير المؤمنين (عليه السلام):

بني هاشمٍ ردّوا سلاحَ ابن أختكم     ولا تـنـهـبـوه لا تـــحـــلّ مــنـــاهـــبُــه

بني هـاشـم كـيـف الـهـوادةُ بـيننا     وعــنــد عـلــيٍّ درعُــــه ونـــجــائــبُــه

بني هـاشـمٍ كـيـف الـتـودُّدُ مـنـكم     وبـزّ ابـن أروى فــــيــكــمُ وحــرائـبُــه

بـنـي هـاشـمٍ إلا تـردّوا فــإنـــنــا     ســـواءٌ عـــلـيـــنــا قـاتــلاه وســالــبُــه

بني هـاشـمٍ إنـا ومـا كـان مـنـكـمُ     كصدعِ الصفا لا يشعبُ الصدعَ شاعبُه

قـتـلـتـم أخـي كـيما تـكونوا مكانه     كـما غدرت يـومـاً بكـسـرى مـرازبـه

فأجابه عبد الله بن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بقصيدة طويلة منها:

فلا تسألـونا سيفكم إن سيـفكم     أضيعَ وألقاه لدى الروعِ صاحبُه

وشبهته كسرى وقد كان مثله     شـبـيهـاً بكسـرى هديُه وضرائبُه (53)

فكيف يُشعب هذا الصدع الكبير الذي جرت عليه دماء الآلاف وأثيرت فيه الفتن ؟

كيف تخمد نار الحقد الأموي بعد أن حمل النعمان بن بشير قميص عثمان وأصابع نائلة ليثير النعرات الجاهلية والفرقة بين المسلمين وليتخذها معاوية ذريعة لدى أهل الشام لحرب أمير المؤمنين (عليه السلام)؟

بل اتسع هذا الشعب بعد يوم الطف واستفحل العداء بين الأسرتين بشماتة عمرو بن سعيد بن العاص الأشدق ــ عم عبد الله بن عمرو بن عثمان ــ بمقتل الحسين بعد أن ضجّت المدينة كلها بالبكاء على مقتله (عليه السلام) يقول الطبري:

ولمّا أعلم ابن سعيد بقتل الحسين، ــ وكان والياً على المدينة من قبل يزيد ــ فرح واهتزّ بشراً وشماتة.

وأمر المنادي أن يعلن بقتله في أزقّة المدينة، فلم يسمع ذلك اليوم واعية مثل واعية نساء بني هاشم في دورهنَّ على سيّد شباب أهل الجنّة واتّصلت الصيحة بدار الأشدق فضحك وتمثّل بقول عمرو بن معد يكرب:

عجَّتْ نساءُ بني زيادٍ عجَّةً     كعجيجِ نسوتِنا غداةَ الأرنبِ

ثمّ قال: واعية بواعية عثمان والتفت إلى قبر رسول الله وقال: يوم بيوم بدر.. (54)

وعمرو هذا هو عم عبد الله بن عمرو بن عثمان..

فكيف تتزوج فاطمة رجلاً من هذه الشجرة الملعونة في القرآن؟

وإضافة إلى هذا العامل الذي يكفل بنفي هذا الزواج فإن ما جاء عن شخصية فاطمة وعظمتها وقداستها وطهرها وعبادتها يجعل من هذا الزواج أسطورياً.

وحسبنا قول أبيها سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة فيها:

(إنها أشبه الناس بأمي فاطمة بنت محمد).

فهل ينطبق هذا القول من الإمام المعصوم في حقها مع هذه الرواية؟

وكيف وفَّق من تبنّى هذا الزواج بين القولين؟

لا أدري كيف تخلف فاطمة بوعدها لزوجها وهي ابنة الوحي والنبوة وتقبل بالزواج ثانية ولا زال زوجها الأول مسجىً أمامها ولا يفصلها عن الزواج بعمرو سوى انقضاء العدة !! حاشا فاطمة من ذلك

فهل يعقل من فاطمة بنت الحسين التي ضربت المثل الأعلى في العقل والكمال والشرف والدين والعبادة والأخلاق ان تقبل الزواج في الأيام الأولى لوفاة زوجها وهي في العدة وتتزوج بعد العدة وتخالف النذر واليمين ولا تعرف كيف تخرج منها!!

وكيف يدخل عليها غريب وهي في تلك الحالة ؟

ثم لنفرض أنها تزوجت من عبد الله بن عمرو كيف تنجب له ثلاثة أولاد وقد بلغت من العمر (57) سنة فإن ولادتها كانت عام (40هـ) وزوجها الحسن مات عام (97هـ)!

وقد ذكرت جميع المصادر التاريخية أنها أقامت على قبر زوجها الحسن سنة كاملة تقوم الليل وتصوم النهار. (55)

وعلى فرض زواجها بعد السنة فقد شارفت على الستين وللقارئ أن يتخيل كيف تنجب المرأة في هذا العمر ثلاثة أولاد !!

أما بالنسبة للرواية الثانية التي تقول أن أمها حلفت أن تتزوج عبد الله فهذا بعيد أيضاً، ولا يقبله العقل إذ أن فاطمة لم تكن صغيرة، ثم أين ذهب عمها محمد بن الحنفية؟ وأخوها زين العابدين؟ كما أن هذا مستبعد أيضاً من أمها ــ حتى لو فرضنا جدلاً أن أمها أم إسحاق ــ هذه المرأة المؤمنة التي رافقت نساء النبوة في رحلة السبي.

إذن فهذا الزواج هو وهمي أسطوري صنعته الماكنة الزبيرية للسلطة لأسباب سياسية.

لقد أكثر أبو الفرج في نقل هذه الروايات الكاذبة حتى قال عنه القاضي محمود بن محمد عرنوس: إنّ كتاب الأغاني اشتمل على كثير من الأخبار الواهية، بل الموضوعة (56)

وقال عنه ابن الجوزي: لا يوثق بروايته، فإنّه يُصرّح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهوى شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتابه الأغاني، رأى كل قبيح ومنكر (57)

ولا تنتهي مهازل آل الزبير وأكاذيبهم عند حدّ زواج فاطمة من عبد الله بن عمرو بن عثمان فقد وضعوا أكذوبة أخرى في سيرة السيدة فاطمة بنت الحسين، وكالعادة رواها المؤرخون والكتاب رواية المسلمات وقد ورد في ترجمة السيدة فاطمة بنت الحسين هذه الرواية:

(لما مات عنها عبد الله بن عمرو بن عثمان ــ زوج فاطمة المزعوم ــ خطبها عبد الرحمن بن الضحاك الفهري وهو عامل يزيد بن عبد الملك على المدينة فقالت: والله ما أريد النكاح، ولقد قعدت على بني هؤلاء وجعلت تحاجزه وتكره أن تنابذه لما تخاف منه فألح ابن الضحاك في طلبه وقال:

والله لئن لم تفعلي لأجلدن أكبر بنيك في الخمر، يعني عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي في شراب ثُمَّ لأضربنه عَلَى رؤوس الناس.

وكان على ديوان المدينة ابن هرمز من أهل الشام، فكتب إليه يزيد بن عبد الملك: أن يرفع حسابه، ويدفع الديوان.

فدخل ابن هرمز على فاطمة بنت الحسين يودّعها. فقال: هل من حاجة؟

فقالت تخبر يزيد بن عبد الملك بما ألقى من ابن الضحاك وما يتعرّض مني.

وبعثت رسولاً ومعه كتاب إلى يزيد معه تخبره وتذكره قرابتها ورحمها وتذكر ما ينال ابن الضحاك منها، وما يتوعّدها به.

فقدم ابن هرمز والرسول معاً، فدخل ابن هرمز على يزيد فاستخبره عن المدينة وقال: هل كان من مغربة خبر؟

فلم يذكر ابن هرمز من شأن ابنة الحسين فقال الحاجب: أصلح الله الأمير بالباب رسول فاطمة بنت الحسين.

فقال ابن هرمز: إن فاطمة بنت الحسين يوم خرجت حملتني رسالة إليك وأخبره الخبر.

فنزل يزيد من على فراشه وقال: لا أم لك ألم أسألك هل من مغربة خبر وهذا عندك لا تخبرنيه فاعتذر بالنسيان.

ثم أذن للرسول فأدخله، فأخذ الكتاب فقرأه وجعل يضرب بخيزران في يديه وهو يقول: لقد اجترأ ابن الضحاك هل من رجل يسمعني صوته في العذاب وأنا على فراشي؟

فقال ابن هرمز: عبد الواحد بن عبد الله بن بشر النضري وهو بالطائف فوّلِه المدينة ومره بأمرك، فدعا يزيد بقرطاس فكتب بيده إلى عبد الواحد النضري:

سلام عليك... أما بعد فإني قد وليتك المدينة فإذا جاءك كتابي هذا فاهبط واعزل عنها ابن الضحاك واغرمه أربعين ألف دينار وعذبه حتى أسمع صوته وأنا في فراشي.

فأخذ البريد الكتاب وقدم به المدينة ولم يدخل على ابن الضحاك وقد أوجست نفس ابن الضحاك خيفة فأرسل إلى البريد فكشف له عن طرف المفرش فإذا ألف دينار فقال:

هذه ألف دينار لك ولك العهد والميثاق لئن أنت أخبرتني خبر وجهك هذا دفعتها إليك، فأخبره!

فطلب من البريد أن يبطئ ثلاثة أيام حتى يسير ففعل، ثم خرج ابن الضحاك حتى نزل على مسلمة بن عبد الملك فقال:

أنا في جوارك فغدا مسلمة على يزيد فرفعه وذكر حاجة جاءها فقال يزيد:

كل حاجة تكلمت فيها هي في يدك ما لم يكن ابن الضحاك.

فقال: هو والله ابن الضحاك

فقال: والله لا أعفيه أبداً وقد فعل ما فعل فأغرم النضري ابن الضحاك أربعين ألف دينار وعذبه وطاف به في جبة من صوف) (58)

قال علي دخيّل معقباً على هذه الرواية: (أنا لا أدري كيف يقدم ابن الضحّاك على خطبة فاطمة بنت الحسين عليه السلام، وهو عامل لبني اُميّة على المدينة مركز بني هاشم؟! إنّ أقل إدراك سياسي لحاكم في عهد الاُمويين يصدّه عن ذلك.

والأغرب من ذلك غيرة يزيد على فاطمة، وغضبه على ابن الضحّاك، حتى لم يقبل فيه شفاعة أخيه مسلمة بن عبد الملك. إنّ هذا الخيال قريب من قصص ألف ليلة وليلة، نسجتهُ الأيدي الأثيمة بغضاً لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) (59)

هل يدرك هؤلاء عمَّن يتحدثون؟

وبماذا يتقولون؟

وأنّى يفترون؟

هل أصبحت بنات النبوة وسليلات الإمامة عرضة لكل من هبّ ودبّ !!

هل أصبحت بيوت التنزيل ومنزل الوحي تحت أنظار وتحكم الأمويين وأذنابهم وهم يتقصّون أخبار نساء بني هاشم متى ما بلغت هذه ومتى ما ترمّلت هذه ليتزوجوها !

أن ابن الضحاك الفهري هذا قد تولى المدينة من عام (101هـ) إلى (104هـ)، (60) ولو فرضنا جدلاً إنه خطب فاطمة في بداية ولايته فإن عمر فاطمة الشريف قد جاوز الستين عاما !!

ثم أيّة قرابة ورحم يحفظها يزيد بن عبد الملك لفاطمة عندما يتقولون عليها: تخبره وتذكره قرابتها ورحمها ! وقد قتل أخوه سليمان زوجها الحسن المثنى بالسم كما ذكرت ذلك جميع المصادر؟؟

وهذه الرواية أكذب من الأولى وكلاهما تنفي الأخرى فقد نقلنا قول ابن حزم الأندلسي في ترجمة عبد الله بن عمرو من إنه لم يكن له أولاد واقتصر نسله على البنات فقط، وإن يزيد بن عبد الملك تزوّج أم سعيد بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان فولدت له عبد الله، ثم مات يزيد، فتزوجها أخوه هشام بن عبد الملك.

فلو كان عبد الله تزوّج حقيقة فاطمة بنت الحسين فكيف يجرؤ ابن الضحاك على خطبة عمّة الخليفة؟ بل ويهددها؟ وولاة الأمويين أعرف الناس ببطش حكامهم وسطوتهم وقسوتهم؟

وإن خطر على بال معترض وحاول أن يبدي احتمالاً بأن أم سعيد بنت عبد الله ليست من فاطمة فلا يغير ذلك من الأمر أهمية ففاطمة إذا افترضنا الزواج تبقى زوجة عم الخليفة.

ثم لا أدري أين هم بنو هاشم من هذا التهديد والوعيد من قبل ابن الضحاك لكي يتركوا فاطمة ترسل رسولاً إلى يزيد بن عبد الملك وهم لا يعلمون؟

أين الإمام زين العابدين والباقر وبنو هاشم من كل هذه الأمور؟

وكيف ينسى ابن هرمز طلب فاطمة وقد رافق رسولها من المدينة إلى الشام؟ وكيف يخون رسول البريد الخليفة؟ بل لا يعرف ما في البريد فيتوجه إلى ابن الضحاك ويطلعه على كتاب الخليفة وكيف..... كل ذلك ينفي هذا الزواج والخطبة من أساسهما

كربلاء ورحلة السبي

شاهدت فاطمة جسد أبيها ابن رسول الله ولحمه ودمه في كربلاء يسحق جسده بسنابك الخيل! وتصف ما رأته بعينيها في ذلك اليوم فتقول: كنتُ واقفة بباب الخيمة وأنا انظر إلى أبي وأصحابه مجزَّرين كالأضاحي على الرمال والخيول على أجسادهم تجول وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي من بني أمية أيقتلوننا أو يأسروننا..!! (61)

لقد رأت بعينيها كل ذلك ثم رأت ما هو أفظع وأفظع فما إن قتل أبوها حتى هجم الجيش الأموي على الخيام لسلب النسوة وترويعهن, تقول (ع): تقول ــ وقد أخذ رجل حليّها وبكى ــ ...

فقالت له: لم تبكي ؟

فقال: أأسلب بنت رسول الله ولا أبكي؟

قالت: فدعه.

قال: أخاف أن يأخذه غيري!

وانتهبوا ما في الابنية حتى كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا. (62)

وسارت فاطمة مع قافلة الأسرى وبعد رحلة مضنية دخلت فاطمة مع قافلة الحزن إلى الكوفة فخطبت السيدة زينب خطبتها الخالدة قالت فيها: (الحمد لله عدد الرمل والحصى، وزنة العرش إلى الثرى، أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله. وأن أولاده ذبحوا بشط الفرات، من غير ذحل ولا ترات.

اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك، وأن أقول عليك خلاف ما انزلت من اخذ العهود والوصية لعلي بن أبي طالب المغلوب حقه، المقتول من غير ذنب «كما قتل ولده بالأمس» في بيت من بيوت الله تعالي، فيه معشر مسلمة بألسنتهم، تعسا لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيماً في حياته و لا عند مماته، حتى قبضه الله تعالى إليه محمود النقيبة، طيب العريكة، معروف المناقب، مشهور المذاهب، لم تأخذه في الله سبحانه لومة لائم، و لا عذل عاذل، هديته اللهم للإسلام صغيراً، وحمدت مناقبه كبيراً، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك، زاهداً في الدنيا غير حريص عليها، راغباً في الآخرة، مجاهداً لك في سبيلك، رضيته فاخترته وهديته إلى صراط مستقيم.

أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل المكر و الغدر و الخيلاء، فإنا اهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا. فجعل بلاءنا حسنا، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجته على الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضلنا بنبيه محمد صلي الله عليه وآله علي كثير ممن خلق الله تفضيلا.

فكذبتمونا وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالا، وأموالنا نهبا، كأننا أولاد ترك أو كابل، كما قتلتم جدنا بالأمس، و سيوفكم تقطر من دمائنا اهل البيت لحقد متقدم، قرت لذلك عيونكم، وفرحت قلوبكم افتراء علي الله، و مكرا مكرتم، والله خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم الي الجذل بما أصبتم من دمائنا، و نالت أيديكم من أموالنا، فان ما أصابنا من المصائب الجليلة، والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور.

تبا لكم فانظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حل بكم وتواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم، يوم القيامة بما ظلمتمونا ألا لعنة الله علي الظالمين.

ويلكم. أتدرون أية يد طاعنتنا منكم؟ وأية نفس نزعت الي قتالنا؟ أم بأية رجل مشيتم إلينا، تبغون محاربتنا، قست قلوبكم وغلظت أكبادكم، وطبع الله على أفئدتكم، وختم على سمعكم و بصركم وسول لكم الشيطان وأملى لكم، وجعل علي بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.

تبا لكم يا أهل الكوفة، أي ترات لرسول الله قبلكم. وذحول له لديكم. بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي وبنيه وعترته الطيبين الأخيار، وافتخر بذلك مفتخركم.

نحنُ قتلنا علياً وبني علي     بسيوفٍ هنديةٍ ورماحِ

وسبينا نساءهم سبيَ تركٍ     ونطـحناهمُ فأيّ نطاحِ

بفيك ايها القائل الكثكث و الأثلب (63) افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وطهرهم وأذهب عنهم الرجس فأكضم وأقع كما أقعي أبوك فإنما لكل امرئ ما اكتسب. وما قدمت يداه.

حسدتمونا ويلا لكم علي ما فضلنا الله تعالى، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

فارتفعت الاصوات بالبكاء والنحيب وقالوا حسبك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت قلوبنا وأنضجت نحورنا و أضرمت أجوافنا فسكتت) (64)

ثم سارت القافلة إلى الشام فدخلت فاطمة مع عمّاتها وأخواتها ونساء بني هاشم وهنَّ أسيرات على يزيد في مجلسه، فهال فاطمة هذا الأمر وهنَّ حرائر النبوة وربائب الوحي يدخلن على هذا الفاسق الفاجر، فقالت فاطمة مستنكرة هذا المنظر:

يا يزيد ! أبناتُ رسول اللهِ سَبايا ؟!

وتصف السيدة فاطمة دخولها مع السبايا على المجرم يزيد: ولمّا جلسنا بين يدي يزيد، قام إليه رجل من أهل الشام فقال ليزيد: هب لي هذه الجارية، وكنتُ جارية وضيئة، فأرعدتُ وظننتُ أنّ ذلك جائز لهم، فأخذتُ بثياب عمّتي زينب، وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون.

فقالت عمّتي للشامي: كذبتَ والله ولؤمت، والله ما ذاك لكَ ولا له.

فغضب يزيد فقال: كذبتِ والله، إنّ ذلك لي، ولو شئتُ أن أفعل لفعلت.

قالت زينب: كلاّ والله ما جعل الله ذلك لكَ، إلا أن تخرج عن ملّتنا وتدين بغير ديننا.

فاستطار يزيد غضباً وقال: إيّاي تستقبلين بهذا، إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.

قالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدّكَ وأبوك إن كنت مسلماً.

فقال يزيد: كذبتِ يا عدوّة الله.

قالت زينب: أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك.

فكأنّه استحى وسكت، فعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية، فقال له يزيد: أعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً. (65)

وبعد هذه الرحلة الطويلة عادت فاطمة مع قافلة السبي حيث مدينة جدها.

توفيت (عليها السلام) في مصر على الأشهر، ودفنت فيها ولها ضريح يُزار في زقاق يعرف بزقاق (فاطمة النبوية).

وقد ذكر قبرها الرحالة ابن بطوطة المتوفى (779 هـ) في رحلته بقوله: (وبالقرب من هذا المسجد مغارة فيها قبر فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب وبأعلى القبر وأسفله لوحان من الرخام في أحدهما مكتوب منقوش بخط بديع:

بسم الله الرحمن الرحيم لله العزة والبقاء وله ما ذرأ وبرأ وعلى خلقه كتب الفناء وفي رسول الله (ص) أسوة... هذا قبر أم سلمة فاطمة بنت الحسين، وفي اللوح الآخر منقوش: صنعه محمد بن أبي سهل النقاش بمصر وتحت ذلك هذه الأبيات:

أسكنتُ من كان في الأحشاءِ مسكنه     بالرغمِ منــيَ بين التربِ والحجرِ

يا قبرُ فـــاطمةٍ بـنـت ابـنُ فـاطـمـةٍ     بنـــتُ الأئـــمةِ بنتُ الأنجمِ الزهر

يا قبرُ ما فيــكَ من دينٍ ومن ورعٍ    ومن عفافٍ ومــن صونٍ ومن خفر (66)

أولاد فاطمة

حاولنا قدر المستطاع تسليط شعاع صغير من نور فاطمة في هذه السطور فهي (عليها السلام) أكبر من أن تحيط بنورها الدرّي هذه الكلمات وبقي أن نذكر أولادها وهم بقية آل الحسن وما جرى عليهم من قبل المنصور:

عبد الله المحض: سمِّي بالمحض لأنه اجتمعت عليه ولادة الحسن والحسين وكان يشبه رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو شيخ بني هاشم في عصره وكان يتولى صدقات أمير المؤمنين علي .

وقيل له: بِمَ صرتم أفضل الناس ؟

فقال: لأن الناس كلهم يتمنون أن يكونوا منا ولا نتمنى أن نكون من أحد. (67)

وكان نهاية هذا العلوي وأخويه على يد المنصور الدوانيقي.

فلما حجَّ المنصور أيام ولايته سنة (145هـ) ودخل المدينة جمع بني الحسن فكانوا أكثر من عشرين رجلاً منهم أولاد السيدة فاطمة وهم: عبد الله المحض، والحسن المثلث، وإبراهيم الغمر وقيدهم بالحديد وقال لعبد الله المحض: اين الفاسقان الكذابان ــ يعني ولديه محمد وابراهيم ــ قال: لا علم لي بهما، فاسمعه كلاماً بذيئاً. ثم أوقفه وأخوته وعامة بني الحسن في الشمس مكشوفة رؤوسهم.

وركب المنصور في محمل مغطى فناداه عبد الله المحض:

أهكذا فعلنا بكم يوم بدر يشير إلى صنع النبي بالعباس حين بات يئن، قيل له: ما لك يا رسول الله لا تنام، قال: كيف أنام وأنا أسمع أنين عمي العباس في الوثاق.

وكانت طفلة لعبد الله المحض اسمها فاطمة قد وقفت على الطريق لمّا مرّ محمل المنصور ومعه الأسرى من بني الحسن فالتفت اليها المنصور فأنشأت تقول:

ارحـمْ كـبـيـراً سِـنُّـه مُـتـهـدِّما     في السجنِ بيـن سلاسلٍ وقيودِ

إن جُدتَ بالرحمِ القـريبةِ بيننا     مـا جـدّنـا مـن جـدّكـم بـبـيـعـدِ

فلم يلتفت المنصور إليها !! (68)

ويرسم الشاعر ابن أبي زناد السعدي صورة مبكية لذلك المشهد الأليم وهو ينظر إلى أكثر من عشرين علوياً من أبناء فاطمة الزهراء وهم مكبلون بالسلاسل مكشوفي الرأس تحت لهيب الشمس وهم يساقون إلى الموت ويرفعون أيديهم رغم ثقل الحديد لتوديع أصحابهم وأهل بيتهم فيقول:

من لـنـفـسٍ كـثـيـرةِ الإشفاقِ     ولـعــيــنٍ كـثـيـرةِ الإطـراقِ

لفراقِ الذينَ راحوا إلى المو     تِ عياناً والموتُ مرُّ المذاقِ

ثـمّ ظـلّـوا يـسـلّـمـونَ عـلـينا     بـأكـفٍّ مـشـدودةٍ فـي الوثاقِ (69)

وجاء المنصور ببني الحسن إلى الهاشمية وحبسهم في محبس تحت الأرض فكانوا لا يعرفون ليلاً ولا نهاراً، ومن أجل معرفة أوقات الصلاة فإنهم جزّأوا القرآن وعند انتهاء كل جزء يصلون وقتاً من الأوقات ثم ردم المنصور عليهم السجن فماتوا ! (70)

شعرها

قالت من أبياتها التي قدمناها في رثاء أبيها (عليهما السلام):

نعبَ الغرابُ فقلتُ مَن     تنعـاهُ ويـلـكَ يا غـرابْ

قالَ الإمامُ فـقـلـتُ مـن     قال الـمـوفَّـقُ للصـوابْ

قلتُ الـحـسينَ فقالَ لي     بمـقـالِ مـحزونٍ أجـابْ

إن الحسينَ بـ (كربلا)     بـين الأسـنَّـةِ والحِـرابْ

فابكي الحسينَ بـعبـرةٍ     ترجى الإلـهَ مع الثوابْ

قلتُ الحسينَ فـقـال لي     حـقّاً لقد سـكـنَ التـرابْ

ثـمَّ اسـتـقـلَّ به الـجـنـا     حُ فلمْ يطقْ ردَّ الجوابْ

فـبـكـيتُ منـه بـعـبـرةٍ     ترضي الإلهَ مع الثوابْ

.....................................................................................

1 ــ بحار الأنوار ج 45 ص 171 / أدب الطف ج 1 ص 164 / ناسخ التواريخ ج 3 ص 85 و 248 / أعيان النساء للشيخ محمد رضا حكيمي ص 503 / السيوطي ــ الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص 362 / مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 92 / العوالم، الإمام الحسين (ع) للشيخ عبد الله البحراني ص ٤٩٠

2 ــ ابن ماجة، السنن ج 1 ص 484 رقم 1512 / أبو الفرج، الأغاني ج 18 ص 204 / أبو الفرج، مقاتل الطالبيين ص 180 / ابن عنبة، عمدة الطالب ص 84 / ابن الصباغ، الفصول المهمّة ص 154 / الأربلي، كشف الغمة ج 1 ص 172 / ابن الصبان، إسعاف الراغبين ص 210 / زينب الفواز، الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص 361 / السيد جواد شبر، أدب الطف ج 1 ص 164 / المفيد، الإرشاد ص 197

3 ــ نصت على ذلك أكثر المصادر التي ترجمت لها

4 ــ الكامل لابن الأثير ج 4 ص 35 / تاريخ الطبري ج 6 ص 267 / موسوعة كربلاء للبيب بيضون ج 1 ص 113

5 ــ ابن حزم الأندلسي، جمهرة أنساب ‏العرب ص 42 / الشيخ المفيد، الإرشاد ج 2 ص 136 / تاريخ الطبري ج 11 ص 520

6 ــ موسوعة كربلاء للبيب بيضون ج 1 ص 115 / أدب الطف ج 1 ص 47

7 ــ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ص 339

8 ــ أعلام النساء المؤمنات ص 598

9 ــ أدب الطّف ج 1 ص 166 / عن نفس المهموم للشيخ عباس القمي

10 ــ ابن بابويه القمي / الإمامة والتبصرة ص 64

11 ــ ابن سعد، الطبقات الكبرى ج 8 ص 474 / السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة ج ٨ ص ٣٨٨    

12 ــ مقتل الحسين عليه السلام ص 376 الهامش

13 ــ تاريخ مدينة دمشق ج 70 ص 10

14 ــ ابن حجر / تهذيب التهذيب ج 12 ص 422

15 ــ البداية والنهاية ج 6 ص 81

16ــ فاطمة بنت الحسين ص 13

17ــ الأعلام ج 5 ص 326

18 ــ لسان الميزان ج ٤ ص ٢٧٥

19 ــ أحمد بن حنبل / فضائل الصحابة، رقم الحديث 976 / ابن الجوزي، العلل المتناهية رقم الحديث 371

20 ــ أسنى المطالب ص 53

21 ــ الكافي ج 1 ص 303 / ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 172

22 ــ بحار الأنوار ج 26 ص 214

23 ــ بصائر الدرجات ص 205

24 ــ أعلام النساء المؤمنات ص 577 ــ 578

25 ــ مستدركات علم رجال الحديث ج 8 ص 593 رقم 18140

26 ــ الدر المنثور في طبقات ربات الخدور ص361

27 ــ السيد علي خان المدني / الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص ٥٧٢

28 ــ المجلسي، بحار الأنوار ج ٤٤ ص 167 / ابن عنبة، عمدة الطالب ص 193 / الأربلي، كشف الغمة ج 2 ص 202 / ابن الصباغ، الفصول المهمة في معرفة الأئمة ج 2 ص 751

29 ــ الإرشاد للمفيد ج 2 ص 24

30 ــ المفيد، الإرشاد ج 2 ص 25 / ابن عنبة، عمدة الطالب في أنساب أبي طالب ص 98 / المجلسي، بحار الأنوار ج ٤٤ ص 166 ــ ١٦٧

31 ــ عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب ص 339 / العمراني الخالدي / الجواهر الباهرة ص 77

32 ــ الإرشاد للمفيد ج 2 ص 26

33 ــ مقاتل الطالبيين ص 138 ــ 139

34 ــ نفس المصدر والصفحة

35 ــ تاريخ الإسلام ج ٦ ص ٤٠٣

36 ــ إسعاف المبطأ في رجال الموطأ ج 1 ص 17

37 ــ الكامل في التاريخ ج 4 ص 80

38 ــ الطبقات الكبرى ج 5 ص 321

39 ــ الوافي بالوفيات ج ١١ ص ٣٢٠

40 ــ البداية والنهاية في حوادث سنة 97 هـ ج 9

41 ــ صحيح البخاري ــ كتاب الجنائز / باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور حديث رقم 1278

42 ــ منتهى الآمال ج 1 ص 459

43 ــ أعيان الشيعة ج 5 ص 43

44 ــ عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج 8 ص 134 ــ 135

45 ــ جمهرة أنساب العرب ج 1 ص 37

46 ــ فاطمة بنت الحسين عليه السلام ص 130

47 ـــالجرح والتعديل ج 2 ص 585

48 ــ تهذيب التهذيب ج 3 ص 312

49 ــ تهذيب التهذيب ج 12 ص 442 / الفصول المهمّة ص 155 / الدر المنثور ص 161

50 ــ صحيح البخاري ج 1 ص 230

51 ــ أعلام النساء المؤمنات للشيخ محمد الحسون ص 594 ــ 595

52 ــ مقتل الحسين ص 314 الهامش

53 ــ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٢٧٠

54 ــ تاريخ الطبري ج 4 ص 357

55 ــ صحيح البخاري ج 1 ص 230 / الإرشاد ج 2 ص 26 / الهواتف ص 92 / شرح نهج البلاغة ج 10 ص 287

56 ــ تاريخ القضاء في الإسلام / ١٨٢

57 ــ المنتظم ج ٧ ص ٤٠ ــ حوادث سنة ٣٥٦ هـ

58 ــ تاريخ الطبري ج 7 ص 12 ــ 14 / أعلام النساء، عمر رضا كحالة ج 4 ص 44

59 ــ أعلام النساء المؤمنات للشيخ محمد الحسون ص 596

60 ــ كتاب التاريخ، خليفة بن خياط ص 335

61 ــ الشيخ عبد الله البحراني / العوالم، الإمام الحسين (ع) ص ٣٦٠

62 ــ المجلسي / البحار ج 45 ص 82

63 ــ الأثلب: دقاق الحجارة

64 ــ مقتل الحسين للمقرم ص 377 ــ 379

65 ــ الإرشاد للمفيد ص 231 / بحار الأنوار للعلامة المجلسي ج ٤٥ ص ١٣٦

66 ــ تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المعروف بـ (رحلة ابن بطوطة) ج 1 ص 24

67 ــ عمدة الطالب - ابن عنبة - الصفحة ١٠١

68 ــ مقاتل الطالبيين ص 203           

69 ــ أدب الطف ج 1 ص 169

67 ــ تاريخ‌ الطبريّ ج‌ 7 ص‌ 540

كما ترجم لها

الشيخ المفيد / الاختصاص 233

الطبرسي / إعلام الورى بأعلام الهدى ص 251

ابن طاووس / الإقبال ص 427

الشيخ الطوسي / الأمالي ج 2 ص 189 و197

الخطيب البغدادي / تأريخ بغداد ج 11 ص 285

تأريخ اليعقوبي ج 2 ص 312 و370

ابن الجوزي / تذكرة الخواص ص 249

المامقاني / تنقيح المقال ج 3 ص 28

أبو حاتم السجستاني / الجرح والتعديل ج 1 ص 585

محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري / ذخائر العقبى ص 121

الشيخ ذبيح الله محلاتي / رياحين الشريعة ج 3 ص 281

الذهبي / سِير أعلام النبلاء ج 3 ص 204

ابن العماد / شذرات الذهب ج 1 ص 139

المتقي الهندي / كنز العمال ج 6 ص 220

الصدوق / معاني الأخبار ص 354

ابن نما الحلي / مثير الأحزان ص 99

الخوارزمي / مقتل الحسين عليه السلام ج 2 ص 62

الهيثمي / مجمع الزوائد ج 9 ص 272

الصدوق / مَن لا يحضره الفقيه ج 4 ص 28

الشبلنجي / نور الأبصار في مناقب آل النبيّ المختار ص 204

القمي / الكنى والألقاب ج 2 ص 241

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار