329 ــ علي بن حبيب التاروتي: توفي بعد (1200 هـ / 1785 م)

علي بن حبيب التاروتي (توفي بعد عام 1200 هـ / 1785 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام زين العابدين (عليه السلام):

احـبـسْ ركابَكَ ساعةً يا حادي     ذي (كربلا) فانشقْ عبيرَ الوادي

للهِ أشـكـو زفــرةً لــم يــطـفِـها     دمـعٌ بـصـوبِ كـمـستهلِّ غوادي

ما لي أراكَ ودمعُ عينِكَ جامدٌ     أو مـا سـمـعـتَ بـمـحـنـةِ السجَّادِ (1)

الشاعر

الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي، عالم وأديب وشاعر ولد في جزيرة تاروت بالقطيف ــ السعودية ــ قال عنه الشيخ علي البلادي: (العالم الأديب الشاعر الأريب الشيخ علي بن محمد بن حبيب التاروتي القطيفي كان من شعرائها ــ أي القطيف ــ المجيدين والفصحاء المادحين الراثين وهو أيضاً من العلماء الفاضلين إلا أني لم أطلع على حقيقة أحواله ولم أسمع بتفصيله وإجماله سوى ما ذكرناه ووقفنا عليه من أشعاره في المدح لآل المصطفى والمراثي على الحسين الشهيد عليه السلام خامس أهل الكساء وأنصاره ... وقد ذكره شيخنا الشيخ يوسف في كشكوله) (2)

ونقل الشيخ علي المرهون قول البلادي في ترجمة الشاعر وقال: ذكره الشيخ يوسف البحراني في كشكوله فأطراه، توفي سنة (1250 هـ) (3) ويعقب السيد جواد شبر على قول المرهون: (أقول ولا بد أن تكون وفاته قبل هذا التاريخ لأنه قال في ترجمته ما نصه: ذكره الشيخ يوسف البحراني في كشكوله فأطراه، وإذا علمنا أن الشيخ يوسف كانت وفاته ١١٨٦ هـ أي قبل المترجم بـ ٦٤ سنة ثبت لنا كونه حياً قبل هذا التاريخ) (4)

وقال بذلك أيضاً الشيخ الكرباسي الذي حدد وفاته بما ذكرناه (5)

شعره

قال من قصيدة مطولة في أمير المؤمنين (عليه السلام):

مـروي الـبـــواتــرَ من دمِ الـعـســاكـرِ حـزَّ     ازَ الـحـنـاجـرِ مـولـى الـفـتـحِ والظفرِ

قـرمُ الـحـروبِ وكشّـافُ الــكـــروبِ وعلّا     مُ الـغـيـوبِ جـمـالُ الآي والـــســــورِ

وهوَ الـعـبـوسُ إذا اصطادَ النفـوسِ وحصـ     ـادُ الـرؤوسِ مُـزيـلُ الـبـؤسِ والـحذرِ

وهـوَ الــــرؤوفُ ووهّــابُ الألــوفِ ورغَّـ     ـامُ الأنـوفِ لأهــلِ الــكــفـرِ والـغِـيـرُ

لـيـثُ الـجـهـادِ ومـصـدامِ الـجـــيـــادِ ومـقـ     دامِ الـجـلادِ ومُــهـدي الـقـرمَ لـلـحـفـرِ

ومُـظـهـرُ الـديـنَ كـهـفُ الـمـسـلـمـينَ أميـ     ـرُ الـمـؤمـنـيـنَ وجـالـي ظـلـمـةَ الحُفَرِ 

وهـوَ الـمـبـيـنُ مَـحَـكُّ الـعـالـمـــــيـنَ مـلا     ذُ الهـالـكـيـنَ مُـجـيـرُ الـخـلقِ مـن سقرِ

ووارثُ الأنـبـيـاءَ الـمـرسـلــيــــــنَ إمــــا     مُ الـمـتّـقـيـنَ وأعـلـى خـيـرةِ الــخــيــرِ

سِـلِ الـمـحـاريبَ عنه والـحــروبَ هو الـ     ضحَّاكُ في الحربِ والـبـكّاءُ في السحرِ

معطي الأسـيـرَ وصـوَّامَ الـهـجـــيـرِ على     قـرصِ الـشـعـيـرِ ووجــهُ السادةِ الغُرَرِ

إن جــالَ أســقــطـــتِ الـهـامـاتِ راحـتُـه     أو جـادَ يـسـقـطُ مـنــهــا الـجودُ كالمطرِ

مـردي الـقـرونَ وســاقـيها الـمـنـونَ وفتّـ     ـاحُ الــحـصـونِ نــصـيـرٌ أيَّ مـنـتـصرِ

فـتـلـكَ سـلـعٌ فــســـلـهـا عـن شـجـاعـتِــهِ     واسـتـخـبـرنْ خـيــبـراً تـخـبركَ بـالخبرِ

وسَـلْ تـبـوكَ ومُـــردي الـعـنـكـبـوتَ ودا     عـي ذا الـخـمـارِ بــدمِّ الـنـحـرِ مُـؤتـزرِ

وكـمْ بـصـفِّـيـنَ مــن صـفٍّ فــنـــى ولَكَمْ     أبـادَ قـرنـاً لـدى الأحـــزابِ مَـعْ زجـــرِ

كـمْ عـنـه مـن نـفرٍ خـوفُ الـردى نـفروا     وكـمْ أســودٌ تــولّــتْ عـنـه كــالــحُـمــرِ

وعـمـرو عـمـرو بـنَ ودٍّ قــصّه وسـقــى     مـردَ الـردى مـرةً بـالـصــارمِ الــذكـــرِ

الـمـرتـضـى الـفارسُ الكرَّارُ والأسـدُ الـ     ـمـغـوارُ سـيِّـدُ أهـلِ الــبـدوِ والـحــضـرِ

وعـيـبـةُ الـعـلـمِ بـيـتُ الـحـلــمِ ســيِّـدُ أهـ     ـلِ الـحـكـمِ قـالـعُ ســـاسَ الـظلمِ والبطرِ

صـنـوُ الـرسـولِ وفـاديــهِ بـمــهــجــتِــه     فـوقَ الــفــراشِ ومــا فـيـهِ مـن الـحــذرِ

الـفـلـكُ والـبـابُ داحـي البابِ حـمَّـالُ الـ     ـعقابِ في جري غابِ الحربِ أيَّ جري

خـلـيـفـةُ الـمـصـطـفـى الـراقي لـمـنـكبِهِ     فـانـظـرْ لـمـركـبِـه يـا صـاحـبَ الـفـكــرِ

قـاضـي الـقضايا وذو علمِ الـبلايا وطلا     عِ الـثـنـايـا وراقــي ذروةِ الــــخـــطـــرِ

وافي النذورِ الفتى الليثُ الهصورِ وممـ     ـدوحِ الـزبـورِ ومـولـى الـصُّـورِ والزُّبرِ

ولـيُّ ربِّ الـسـمـا داعـيـهِ آيــتُـــــــه الـ     ـكـبـرى وحـجَّـتُـه الـعـظـمى على البشرِ

بــوَّابُ رحــمــتِــه، ســـيَّــافُ نـقـمـتِــه     خَـزَّانُ حـكـمـتِـه، أغـلـوطــــةُ الـــقـــدرِ

يـا رافـعـاً رايــةَ الإســلامِ نــاصـبُـهـــا     وجـازمـاً حـركــاتِ الـكـفـرِ بــالـــشـررِ

لـولاكَ لـم تُـخـلـقِ الأفلاكُ حتى ولا الـ     ـأمـلاكُ مـع ســائـرِ الأرواحِ والـصُّــورِ

أبـلـغْ حـبـيـبَ حـــبــــيـــبِ اللهِ وارثــه     بـأنَّ نـجـلَ حـبـيـبٍ مـن عِـــداكَ بـــري

جُـد بـالـقـبـولِ عـلـيهِ بالوصولِ إلى الـ     ـمــسؤولِ مـعْ غـايـةِ الـمـأمـولِ والوطرِ

إذا قـلا وهــجـا ضـدٌّ إلــى مــلــــــــكٍ     مــنٌّ عـلـيـهِ فـبـالإكــرامِ مـنـــهُ حَــــرِي

واشـفـعْ لـمَـنْ دلّـنـي طـفـلاً عليكَ معاً     مَـن فــيـكَ شـاركـنـي يـا خـيـرَ مُـدَّخري

وأنجِزِ الوعدَ يا بنَ الـعـسـكـريِّ فـقــدْ     طـالَ انــتـظـاري فـقُـمْ يـا خـيـرَ مُـنـتظرِ

صـلـى الإلـهُ عـلـيـكـمْ مـا عـلى شجرٍ     طـيـرٌ عــلا أو تـغـنّـى ســادةُ الــشـجــرِ (6)

أما قصيدته في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) والتي قدمناها فلم يذكر منها سوى ستة أبيات وهي:

احـبـسْ ركـابَكَ ساعةً يا حادي     ذي (كربلا) فانشقْ عبيرَ الوادي

للهِ أشــكـو زفــرةً لــم يــطـفِـها     دمـعٌ بـصـوبِ كـمـستهلِّ غوادي

ما لي أراكَ ودمـعُ عينِكَ جامدٌ     أو مـا سـمـعـتَ بـمـحـنـةِ السجَّادِ

قـلـبـوه عـن نطعٍ مسجىً فوقه     فـبـكـت لـه أمـلاكُ سـبــعِ شـــدادِ

ويقولُ في آخرها:

أبـلـغ عـلـوجَ أمـيـةٍ وسـميَّةٍ     أهلِ الفسادِ وعصبةِ الإلحادِ

وقُلْ اعملوا ما شئتمُ وأردتمُ     إنَّ الإلـهَ لـكـمْ لـبـا لمرصادِ

........................................................................

1 ــ ذكر منها (6) أبيات في أدب الطف ج 6 ص 304 وعنه في ديوان القرن الثالث عشر ج 3 ص 110 وقال الكرباسي: والظاهر أنها من قصيدة طويلة لم تذكرها المصادر

2 ــ أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين ص 328

3 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 75

4 ــ أدب الطف ج 6 ص 304

5 ــ ديوان القرن الثالث عشر ج 3 ص 110

6 ــ ذكر منها (53) بيتاً في أنوار البدرين ص ٣٢٩ ــ 331

كما ترجم له:

الشيخ يوسف البحراني / الكشكول ج 3 ص 131 ــ 134

السيد حسن الصدر / تكملة أمل الآمل ج 4 ص 89

الحاج حسين الشاكري / علي في الكتاب والسنة والأدب ج 4 ص 390

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار