307 ــ عبد الكريم العوامي: (1319 ــ 1373 هـ / 1901 ــ 1353 م)

عبد الكريم الفرج العوامي: (1319 ــ 1373 هـ / 1901 ــ 1953 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (21) بيتاً:

شهرٌ بهِ نزلَ الحسينُ بـ (كربلا)     في خيـرِ صحبٍ كالبدورِ اللمَّعِ

فتلألأتْ مـنـهـا الـربـوعُ بـنـورِهِ     وعلتْ على هامِ السماكِ الأرفعِ

فتحشَّدتْ فرقُ الضلالِ وأقـبـلتْ     وأصـمَّـها رينُ الذنوبِ فلا تعي (1)

الشاعر

الشيخ عبد الكريم بن حسين بن علي بن عبد الله بن محمد بن علي الفرج العوامي، عالم مجتهد كبير من أعلام العوامية والقطيف وأعيانها، وأحد الفضلاء وعلماء المنطق والبيان وأصحاب النباهة والفقاهة، ولد في مدينة العوامية ــ المنطقة الشرقية ــ بالسعودية من أسرة علمية أدبية زعيمة، فأبوه كان يترأس الأسرة والبلدة، كما كان العوامي سبط العالم الكبير الشيخ محمد أبي المكارم بن عز الدين عبد الله التستري العوامي فحاز الجاه من أبيه والعلم من جده.

وبعد وفاة والده تعهد برعايته أخوه الأكبر الزعيم محمد بن حسين الفرج، درسَ العوامي مقدمات العلوم الدينية والسطوح في بلدته على يد علماء العوامية الأعلام أمثال: الشيخ سعود الفرج، والشيخ محمد بن نمر، والسيد ماجد العوامي، ثم غادر العوامية وتوجه إلى قبلة العلم النجف الأشرف.

وصل العوامي إلى النجف وهو لم يكمل العقد الثالث من عمره وفيها درس ــ البحث الخارج ــ عند كبار علمائها الفضلاء وأعلامها الأعلام أمثال: السيد ناصر السيد هاشم الأحسائي، والشيخ عبد الكريم الجزائري، والشيخ محمد حسين النائيني، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وكان مقرباً منه وملازما له، والسيد أبو الحسن الأشكوري، الذي تزوج العوامي من ابنته.

وقد أجاز العوامي بالاجتهاد عدد من كبار العلماء منهم: السيد ناصر الاحسائي، والشيخ عبد الكريم الجزائري، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والشيخ محمد بن داود الخطيب، والسيد ماجد العوامي.

أما الذين درسوا على يديه فكثيرون من طلبة العلم الذين أصبحوا من العلماء منهم:

عبد الحميد الخطي، وأحمد بن سيف التاروتي، وعبد الرسول بن جواد، وحسين آل عيثان، وعلي المرهون، وعبد المجيد أبو المكارم، وأحمد بن خلف آل عصفور، ومحمد سعيد المبارك البحراني، والسيد محمد حسن الشخص، وأحمد السويكت، والسيد جابر الأغائي وغيرهم. سكن العوامي كربلاء في أواخر حياته وتوفي فيها ودفن في الصحن الحسيني الشريف من جهة باب التل الزينبي عند باب الراس.

ترك العوامي عدة مؤلفات منها:

1 ــ الدر النضيد في رد مستنكر مأتم الإمام الشهيد   

2 ــ سبحات القدس / ديوان شعر في أهل البيت (عليهم السلام)

3 ــ تعليقة على الكفاية / للسيد الخونساري

4 ــ الجدل الحسن (للرد على الملاح ودفع انتقاداته للأزري الشيخ محمد كاظم الأزري)

5 ــ حواشي وتحقيقات على كفاية الاخوند الخرساني

6 ــ الردود الواضحة (رد فيها على شيخ الأزهر الشيخ موسى بن جار الله) (2)

قال عنه السيد جواد شبر: (هو أحد الفضلاء وعلماء المنطق والبيان يتحلى بالنباهة والفقاهة) (3)

وقال الشيخ علي المرهون: (رأيته في النجف الأشرف على أمثل ما يكون عليه رجال الدين والعلم، وقاراً وتقىً، وإعراضاً عما لا يعني..) (4)

شعره

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (24) بيتاً:

مـحـرَّمُ وافـــــى والـجـوى يــتــوقــدُ     فـقـمْ لــلـشـجـى والـحـزنِ فيهِ نـجـدِّدُ

وذا شـهـرُ عـــاشـورا أطـلَّ هــلالُــه     فـقـمْ لـلــعـزا والــنـــوحِ فـيـهِ نُـــردِّدُ

تـزايـدَ كـربـــي مُـذ نـظـرتُ هــلالَـه     وصـرتُ مـن الــلأوا أقـومُ وأقــعــدُ

يـطـولُ عـلـيَّ الـليلُ من عظمِ لوعتي     يُـشــاطـرنـي فـيـــهِ اللـسـيـعُ ويسعدُ

وذاكَ لـمـا قـد نـالَ سـبـطَ مــحــمـــدٍ     بـيــومٍ لـه سـمـرُ ألأســنَّـةِ تــقــصــدُ

بـيـومٍ دعـاةُ الـشـركِ رامـــوهُ ذلــــةً     أو الـموتَ فاخـتـارَ الذي هـو أحــمـدُ

وكـيـفَ أبـيُّ الـضـيـمِ ينصاعُ مُذعناً     لأخبـثِ رجسٍ في الـبـسـيطةِ يــوجـدُ

مـتـى خـشـيَ الـضـرغامُ نبحَ كلابِها     وكـيـفَ دعـاةُ الـحـقِّ لـلـشـركِ تُـعـبدُ

فـقـامَ بـأمــرِ اللهِ فـيـهـمْ مُــجــاهـــداً     عـن الــحــقِّ لا يــلــــوي ولا يـتـردَّدُ

وقـــــدَّمَ مِـن أنـصـارِهِ كــلَّ أشـوسٍ     قـلـوبُ أعـاديــهِ مـن الـخـوفِ تـرعدُ

فداروا رحى الحربِ الزؤامِ وأنهلوا     حدودَ المواضي من عِداهــم وأوردوا

وفـلّوا بـنـودَ الـبـغـي مـنـهمْ ومزَّقوا     جـمـوعـهـمُ والـشـمـلُ بالـسـيفِ بدَّدوا

فلله مـن أنـصـارِ حــــــــقٍّ تـآزروا     لــنــصـرِ حـسـيـنٍ والـسـهــامُ تُـســدَّدُ

تلقّت سـهـامَ الـبـغـي عنه صدورهم     إلى أن هووا صرعى وبالخلدِ أسعدوا

وصارَ زعيمُ الـحـقِّ إذ ذاكَ مُـفـرداً     ولـيـسَ لـه خـلٌّ يـعـيـنُ ويـــعــضــــدُ

فـقـامَ خـطـيـبـاً فـي عـداهُ مـــوبِّـخاً     فـلـمْ يـنـثـنـوا بـلْ بـالـعـنـــادِ تـمــرَّدوا

فـجـالَ بـهـمْ جـولَ الـرحـى بـسنانِه     وبـتَّـارُهُ لـلـروسِ يـبـري ويــجـــلــــدُ

فذكّرهمْ في الحربِ بدراً وما جرى     بـأسـلافِـهـمْ مـا لـيـسَ يُـخـفى ويجـحدُ

رأوا مـنـه في الكرَّاتِ سطوةَ حيدرٍ     ومـا كـان مـنـه فـي الـمـلاقـاةِ يـعـهـدُ

ففرُّوا كـمـا فرَّتْ من الذئبِ معزها     بـغـيـرِ انـتـظـامٍ لـلـهـزيـمــةِ أخـــلدوا

ولـمّـا أرادَ أللهُ لـــقــيــا عــزيــــزِه     لـيـتـحـفُـه فـي الـخـلـدِ مـا كان يـوعـدُ

دعـاهُ إلـيـه فـاسـتـجـــابَ مُـلـبِّـيـــاً     بـقـلـبٍ سـلـيـمٍ لـلـمـهـيـمـنِ يـحــمـــــدُ

فـخـرَّ عـلـى وجـهِ الـصـعيدِ مُعفَّراً     كـمـا خـرَّ مـن أعـلـى الـشناخبِ أصيدِ

فـزلـزلَ وجهَ الأرضِ وأسودّ أفقُها     وأرجـفَ أعـداهُ وبـالـخـسفِ هُـــــدِّدُوا (5)

وقال من حسينيته التي قدمناها وتبلغ (21) بيتا:

هـلَّ الـمـحـرَّمُ فـاسـتـهـلّـتْ أدمـعي     وورى زنــادُ الـحـزنِ بين الأضـلعِ

مـذ أبـصـرتْ عـيـني بزوغَ هلالِهِ     ملأ الشجـا جسمي ففارقَ مضـجعيِ

وتـنـغّـصـتْ فـيـه عـلـيَّ مطاعمي     ومـشـاربـي وازدادَ فـيـه تـوجُّـــعـي

اللّه‏ يـا شـهـرَ الـمـحـرَّمِ مـا جــرى     فـــيـــــهِ عـلـى آلِ الـنـبـيِّ الأنــزعِ

اللّهُ‏ مـن شـهـرٍ أطـلَّ عـلـى الورى     بـمـصائبٍ شـيَّــبـــنَ روسَ الرضَّعِ

شـهـرٌ لـقـد فُـجـعَ الـنـبـيُّ مـحـمَّـدٍ     فـيـه وأيَّ مـوحِّــدٍ لـــم يــــــفـجـــعِ

شـهـرٌ به نزلَ الحسينُ بـ (كربلا)     فـي خـيرِ صُحبٍ كالبدورِ الــلــمَّــعِ

فـتـلألأتْ مـنـهـا الـربـوعُ بـنورِهِ     وعـلـتْ على هامِ الــسـمــاكِ الأرفـعِ

فـتـحـشّـدتْ فرقُ الضلالِ وأقبلتْ     وأصـمَّـهـا ريـنُ الـذنـوبِ فلا تــعـي

وتـراكـمـتْ أجـنـادُهـم مـن بعد ذا     مـنـعـوهُـمُ وردَ الـفـراتِ الــمُــتـرعِ

فـدعـاهُـمُ لـلـحـقِّ فاختاروا العمى     والـسـرُّ في هذاكَ خبثُ الــمـرضـعِ

فـرمـاهُـمُ مـنـه بـأشـجـعِ فـيـلـــقٍ     مـن كـلِّ شـهـمٍ في الـمـلاحــمِ أروعِ

وسطا بسيفِ الهندِ حـتـى اُرجعتْ     حـمـراً ومـنـهـا قـلـبُـهـا لـم يــنــقــعِ

فانصاعَ جيشُ البغي يسرعُ هارباً     قـد لاذَ مـــنـــهـمْ بـالـرُّبــا والأتـلــعِ

لـكـنّـمـا الـبـاري أحـبَّ لــقـــاءهم     فهووا على الـبـوغـا بـأكرمِ مصرعِ

وبـقـي وحـيداً بعدهمْ سبطُ الـهدى     يـنـعـاهُـمُ شـجـواً بـقـلـبٍ مـــوجـــعِ

قد شدَّ في جـيـشِ الـلئامِ بمرهَـفٍ     قد قالَ للأرواحِ طـوْعـــاً فاخـضـعي

فتصاغرتْ أعداؤه مـن رعـبِــهـا     وتـراجـعـتْ نكسـاً بـأسـوأ مـــرجــعِ

وتطاحنتْ تحتَ السنابكِ هامُـهــم     ما بـيـن مـطـــعــونٍ وبـيـن مـقـطّـعِ

فتراهُمُ صرعى كنخـلٍ قد خــوتْ     فوق الـصـعيدِ وفـوقَ تـلـكَ الأجرعِ

فرّوا وقد رأوا الـفـرارَ غـنـيـمــةً     وتــــقــــنّـعـوا بـالـعـارِ أيّ تـقـنّــــعِ

...................................................................................

1 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 292 ــ 293

2 ــ موقع شعراء أهل البيت / معجم الشعراء ــ كامل سلمان الجبوري ج 4 ص 27

3 ــ أدب الطف ج 10 ص 66

4 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 291

5 ــ شعراء القطيف ج 1 ص 293 ــ 295

كما ترجم له:

الشيخ سعيد آل ابي المكارم / أعلام العوامية في القطيف ج 2 ص 97

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 2 ص 908                                                                         

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار