299 ــ عبد الكريم العلاف: (1312 ــ 1389 هــ / 1896 ــ 1969 م)

عبد الكريم العلاف: (1312 ــ 1389 هــ / 1896 ــ 1969 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (25) بيتاً:

أيِّ رزءٍ بـكـتْ عـلـيهِ السماءُ     ومصابٍ قد دامَ فيهِ العزاءُ

ذاكَ رزءٌ وذاكَ خطبٌ عظيمٌ     فـقـدتْ ابـنَـهـا بـه الزهراءُ

فـقـدتـه بـ (كربلا) وهـيَ اليو     مَ عـلـيـهِ حـزيـنـةٌ ثــكـلاءُ (1)

الشاعر:

عبد الكريم مصطفى العلاف شاعر وكاتب، ولد في محلة الفضل ببغداد ودرس على يد العلامة الشيخ عبد الوهاب النائب في جامع الفضل، ولازمه ملازمة الظل حتى وفاته، وآل النائب هم الذين أعانوه على تحمل اعباء الحياة ومواصلة الدراسة.

والعلاف من طليعة شعراء ثورة العشرين وتعرّض للاعتقال بسبب قصائده الحماسية التي كان يلقيها في جامع الحيدر خانة التي تدعو إلى الاستقلال.

بعد تشكيل الحكومة العراقية عُيِّن كاتباً في مالية الكاظمية ثم تركها وآثر الاشتغال في المهن الحرة حتى أصيب بالشلل فاضطر إلى مواصلة الحياة بكتابة العرائض. ثم عيَّنه الأستاذ أحمد حامد الصراف في الإذاعة، لكنه تركها أيضاً ليعود إلى كتابة العرائض مرة أخرى حتى وفاته.

أصدر مجلة (الفنون) سنة (1934) التي استمرت عاماً كاملاً، وله عدّة مؤلفات في التراث البغدادي والأدب العربي وقصائد كثيرة بالفصحى والعامية، ويبدو أنه توجه نحو الشعر الشعبي نزولاً عند حاجة الجمهور كما يظهر من قوله في أحد اللقاءات الصحفية معه عندما سُئل عن الوقت الذي بدأ فيه بكتابة الشعر فقال: (كنت مولعاً بالشعر الفصيح وبدأت أنظمه قبل أربعين عاماً، ولكني رغبت بأن أنظم الشعر الشعبي لروعته وأسلوبه منذ ثلاثين عاماً).

وقد ذكر السيد جواد شبر في ترجمته نقلاً عن كوركيس عواد (2) قوله: ومما استجيد روايته ما يقول صاحب (بغداد القديمة) (3) ما نصه: (وفي يوم الأحد ١٧ جمادى الأولى سنة ١٣٣٥ يقابلها ١١ آذار سنة ١٩١٧ م فوجئنا بخبر سقوط على أيدي الجيوش الانكليزية فوقع وقوع الصاعقة علينا وبعد ساعات ظهرت طيارات في سماء سامراء ورمت القنابل على المنطقة ومن فزعنا لذنا في ضريحي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما ‌السلام، وذهبت أنا ولذت بمقام الإمام المهدي عليه ‌السلام ووقفنا وقلنا والدموع تذرف من عيني:

فـقـمْ لـهـا يــا إمــامَ الـــمـسـلـمـيـــنَ فـقـد      آنَ الاوانُ وخُـذ فـي كفّك العلما

واصرخْ على الشركِ واعلن بالجهادِ وقل     وا أحمداه ترى الغبرا تفيضُ دما

ومن شعر العلاف في الأئمة المعصومين أيضاً ما رواه السيد شبر في قوله: (وروى لي الشاعر الشهير السيد أحمد الهندي من شعر عبد الكريم العلاف:

بـربِّـكَ يـا لـواءَ الـسـبـطِ فـيـئ     مـقـاماً ضمَّ أشلاءَ الحسينِ

فحاملُ مجدِكَ العباسُ أضحى     على الغبراءِ مقطوعَ اليدينِ

ويقول العلاف من قصيدته الحسينية:

أيِّ رزءٍ بـكـتْ عـلـيـــهِ الـســمـاءُ     ومصــابٍ قد دامَ فيهِ العـزاءُ

ذاكَ رزءٌ وذاكَ خطبٌ عـظــيــــمٌ     فـقـــدتْ ابـنَـهـا بـه الزهـراءُ

فـقـدتـه بـ (كربلا) وهــيَ الــيــــو     مَ عــلــيـهِ حـزيـنـةٌ ثــكــلاءُ

فـقـدتــهُ بـالـــطـــــفِّ يــومَ أتــتـه     آلُ حـــربٍ وهـمْ لـه أعـــداءُ

جمعوا رأيــهـــمْ إلـى الحـربِ لمّا     لـعـبـتْ في عــقـولِهم صهباءُ

قـابـلـوهُ بـأوجــــــهٍ وقــلـــــــوبٍ     شأنُـها الغدرُ مــلؤها البغضاءُ

والـتـقـتـهـمْ مِـن آلِ هاشمَ شـوسٌ     حـين غصَّتْ بـخـيـلِها الهيجاءُ

فـتـيةٌ في الـوغـى بـهـمْ كـلُّ ليثٍ     طـلـقُ الـوجهِ واضــحٌ وضَّـاءُ

مـلـؤا واسـعَ الـفـضـا بـزئــــيــرٍ     مـنـه دُكَّــتْ لهولِها الأرجـــاءُ

بـذلـوا الـنـفـسَ والـنـفـيـسَ بعزمٍ     فـلـتـلـكَ الـنفـوسِ نفسي الفـداءُ

وقـضـوا واجـبَ الـدفـاعِ إلـى أن     نـفـذَ الـحـكـمَ فـيـهـمُ والقضاءُ

ظـهـروا أنـجـماً وغـابـوا بـدوراً     بـيــنـهـم طـلـعةُ الحسينِ ذُكـاءُ

ظـلَّ مـلـقـىً لـه الـتـرابُ فـراشٌ     وطـريـحـاً لـه الـقـتـامُ غــطاءُ

يـرمـقُ الـطرفَ ما له من معينٍ     غـيـرِ أطـفـالِـهِ وهــمْ ضـعـفاءُ

وعـلـيُّ الـسـجَّـادِ أضـحى عليلاً     ومـريـضـاً أعـيـاهُ ذاكَ الـــداءُ

إنَّ شـرَّ الأفـعـالِ فـعـلُ طـغـــاةٍ     ببني المصطفى البشيرِ أساءوا

ما رعـوا ذمـةً بـكـشـفِ نـقــابٍ     مـن نـسـاءٍ قـد ضـمَّهنَّ الخباءُ

نـسـوةٌ لـلـشـآمِ سِـيـقـتْ سـبـايـا     ومِـن الـعـارِ أن تُـســاقُ النساءُ

صرختْ زينبٌ بصوتٍ وقـالتْ     ويـلـكـمْ هـكـذا يـكـونُ الـجزاءُ

فـلـمـاذا مـنـعـتـمُ الـمـاءَ عـــنَّـا     وأبـونـا لـديـهِ ثــمَّ الـــمــــــــاءُ

لـهـفَ قـلـبي على أسودِ عرينٍ     ورجــالٍ أعـضـاؤهــمْ أشـــلاءُ

لهفَ قلـبـي عـلـى بـناتِ خدورٍ     زانـهـنَّ الـعـفـافُ ثـــمَّ الـحـياءُ

لـهـفَ قـلبي على خيامٍ تداعتْ     حـولَ أسـتـارِهـا أريـقـتْ دمـاءُ

لهفَ قلـبي على بدورٍ أضاءتْ     ثـمّ غـابـتْ فـطـابَ فـيها الرثاءُ

بعدّ رزءِ الـحـسـينِ باللهِ قلْ لي     أيَّ رزءٍ بـكـتْ عـليهِ الـسماءُ؟

............................................................................

1 ــ ترجمته وشعره عن: أدب الطف ج 10 ص 250 ــ 254 / موقع شعراء أهل البيت

2 ــ معجم المؤلفين العراقيين ج 2 ـ 310

3 ــ كتاب بغداد القديمة لعبد الكريم العلاف ص ١٤٣

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار