246 ـــ صالح الحلي (1289 ــ 1359 هــ / 1872 ــ 1940 م)

صالح الحلي (1289 ــ 1359 هــ / 1872 ــ 1941 م)

قال في رثاء الرسول الأعظم محمد (صلى الله عليه وآله) من قصيدة تبلغ ( 22) بيتاً:

أوليسَ تعلمُ فاطمٌ في (كربلا)     أنَّ الحــسينَ مُقطعُ الأحشاءِ

تربُ التــــرائبِ بينَ آلِ أميةٍ     مُلقىً على الغبرا بغيرِ رداءِ

وبقي ثلاثاً بالــــــعراءِ فديته     مُــــــــترمّلاً ومغسَّلاً بدماءِ (1)

وقال من قصيدة في أبي الفضل العباس (عليه السلام) تبلغ (34) بيتاً

مِــــــــن هاشمٍ سلبتْ أميةُ تاجَها     وفـــرتْ بسيفِ ضلالِها أوداجَها

حملتْ مِن الأضغانِ ملأ بطونِها     ورمتْ بعرصةِ (كربلاء) نتاجَها

دكّتْ شـــــوامخَ عزِّها وتسنَّمتْ     مـــنها على رغمِ العُلى معراجَها (2)

ومن أخرى تبلغ (34) بيتاً:

ومن يومِ الـسـقـيـفـةِ (كربلاء)     تـمـثـلـهـا بــعـكـسٍ واطّـرادِ

برضِّ ضلوعِ فـاطـمـةٍ تـعدَّت     على أضـلاعِهِ خيلُ الاعادي

ومن نارٍ على الزهراءِ دارت     خـيـامُ الــطـفِّ تُـضرمُ باتّقادِ (3)

ومن أخرى تبلغ (32) بيتاً:

عـافوا الدروعَ ولكن بالتقى ادَّرعوا     في موقفٍ ليس يحمي الدرعُ والزردُ

أن ينزلوا ضحوةً في (كربلا) فهمو     عـشـيّـةً لـجـنـانِ الـخـلـدِ قـد صـعدوا

لا ينـزلُ الـمـجـدُ إلّا حيثُ ما نزلوا     ولا اعترى مـجـدَهـم ضـيمٌ ولا نـكـدُ (4)

ومن أخرى:

قوموا فقد طحنتْ رؤوسكمُ العدى     ودمُ الـرضيعِ بـ (كربلاءَ) يفورُ

ما كنتُ أعهدكم على فرطِ الأسى      لم تنهضوا سرعى لهمْ وتثوروا

أتـوانــيـا مــهــديَّ آلِ مــحــمــــدٍ     ولـكـمْ تـكـسَّرَ أضـلـعٌ وصــدورُ (5)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (23) بيتاً:

أقعوداً لم تثيروا القسطلا     وحسينٌ عارياً في (كربلا)

وبـــــــعينِ اللهِ جلَّ وعلا     حجَّةُ اللهِ مُــــــــضيما غُلّلا

يا قتيلاً فـيه صبري قُتلا     وبـــــهِ نوميَ عادى المقلا (6)

وقال من أخرى:

وأنــــــستْ رزايانا رزيةُ (كربلا)     أتتْ بعدَ يومِ الطفِّ أو سلفتْ قدما

وقادتْ إلى حربِ الحسينِ جيوشَها     أميةُ حـــــــــتى خلتَ راياتها غمَّا

تواصتْ عــــلى قتلِ ابنِ بنتِ نبيّها     لـــتكسبَ مِن آلِ الـدعيَّةِ ما اعتمّا (7)

وقال من قصيدة مطلعها:

لــــو أنَّ دمعيَ يطفى نارَ أشجاني     أذلتُ دمعيَ مِن قلبي بأجفاني:

وأعظم الكلِّ شجواً (كربلاء) وقدْ      عــــمَّ البلاءُ بها للحيِّ والفاني

أنـسـتْ رزيّتها رزءَ الذينَ مضوا      فقلبُ كلِّ امرئٍ يُصلى بنيرانِ

أنـــــــساكَ حامية الإسلامِ منفرداً      ظمآنَ لــمْ ترَ مِن حامٍ وأعوانِ (8)

ومن أخرى:

قد ألقحــــــــــــــوها فتنةً عميا إلى     يــومِ القيامةِ ما استدارَ زمانُ

قـبـسـاً بـه بـابُ الـبـتـولـةِ أجّـجـوا     مـنـهُ بعرصةِ (كربلا) نيرانُ

أيزيدُ يُسقى الخمر فوقَ سريره     والسبط في حرّ الثرى عطشانُ (9)

ومنها:

الـــجسمُ في حرِّ الصعيدِ ورأسُه     عـلّاهُ في رأسِ السنانِ سنانُ

بقيتْ ثلاثاً في الصعيدِ جسومهمْ     تنـــتاشُها الرخماتُ والذؤبانُ

فتخـــــالُ كلّا يونساً فوق الثرى     في (كــــربلا) بذّتهمُ الحيتانُ

وقال من أخرى في المآسي التي جرت على أمير المؤمنين وفاطمة الزهراء (عليهما السلام) بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم يذكر واقعة الطف الأليمة:

دَع تـفاصيـلاً وسـلني جـمّلا     لمْ تطق تسمعُ ما قد فصلا

قد بنتْ أساسَها القومُ الأولى     وأخـيـرُ الـقومِ يقفو الأولا

عجباً مـن حـبـلـهِ ما انفصلْ     بـيـتـامى (كربلاء) اتّصلا (10)

وقال من قصيدة في رثاء سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) تبلغ (22) بيتاً

وعلَى الحسينِ فغادَرُوه بـ (كربـلا)     شِـلْـواً بِـمُـرهَـفةِ الـسيوفِ مُقَطَّعا

لـكـنّـمـا أدهـى مـصـائـبِ (كـربلا)     أنْسَت مصائبُها المصائبَ أجْمَعـا

عرِّجْ علَى البطحاءِ واندبْ هاشـمـاً     قُـومـوا فـلِـلـمـظلومِ كنتُم مَـفْزَعا (11)

وقال من قصيدة في رثاء سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام):

أصبراً ليوثَ الحربِ عن يومِ (كربلا)     ولم توردوا أكبادَها البيضَ والسمرا

أصـبـراً وقـد جَـذَّتْ ضـبـاهـا أنـوفَـكـم     وثَـبْـتُ قـنـاهـا في حشاكمْ لها نهرا

فـهـبّـوا خِـفـافـاً يـا بـني المجدِ واطلُبوا     بـيـومِ حــسـيـنٍ إذ غـدا دمُـه هـدرا (12)

الشاعر

السيد صالح بن حسين بن محمد بن حسين بن موسى بن محمد بن حسين بن علي بن نوح بن ناصر بن شلال بن محمود بن محمد بن شوكة بن علي خان ــ أول من هاجر من المدينة المنورة إلى العراق ــ بن خفان بن ياسر الكبير بن شوكة الكبير بن الحسين بن علي الشوكة ابن أحمد بن عبد الله بن زيد بن الحسين بن علي ــ كتيلة ــ بن يحيى بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام (13)

شاعر وخطيب كبير، ولد في الحلة وهاجر إلى النجف الأشرف قبل أن يكمل العقد الثاني من عمره، فدرس هناك مختلف العلوم على يد كبار العلماء فدرس علوم العربية كالبيان والبلاغة والمعاني على يد الشيخ سعيد الحلي، والشيخ عبد الحسين الجواهري ــ والد الشاعر محمد مهدي الجواهري ــ ودرس المعالم والقوانين في الأصول على يد السيد عدنان شبر الغريفي الموسوي، ودرس الرسائل والمكاسب عند الشيخ علي بن باقر الجواهري، والشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية. كما درس أيضاً عند الشيخ جواد محيي الدين، والشيخ رضا الهمداني. (14)

وبعد أن أكمل هذه الدروس واكتسب ثقافة واسعة اتجه إلى الخطابة، وبدأ يعد نفسه للمنبر الحسيني فقرأ (نهج البلاغة) وحفظ كثيراً من خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) وغيره من الكتب المهمة، كما أولاه السيد باقر الهندي اهتماماً خاصاً فكان يوجِّهه ويرشده لارتقاء سلم المنبر حتى أصبح خطيباً كبيراً مشهوراً وذاع صيته بين الناس. (15)

يقول السيد محمد علي الحلو عن الحلي وقد وصفه بالمجدد:

(إذا استطاعت النهضة العلمية النجفية إبّان القرن الرابع عشر الهجري أن تحتفظ بفحول مجدّديها من الفقهاء والأصوليين كالسيد كاظم اليزدي، والسيد أبو الحسن الأصفهاني، والشيخ النائيني، والشيخ محمد حسين الأصفهاني، فإنها استطاعت أن تحرز تقدّماً كذلك على الصعيد الخطابي على يد مجددها السيد صالح الأعرجي الحلي، فقد استطاع هذا المجدد المبدع أن يضيف إلى الخطابة تحقيقات علمية يستطيع من خلالها الخطيب أن ينفتح على آفاق المستمعين ليهيّمن على كل توجهاتهم العلمية.

استطاع السيد صالح الحلي أن يُجدد المنبر على أنه الوسيلة الاعلامية الناضجة التي يُتاح للشيعي أن يُعبّر عن مظلومية أئمته الأطهار (عليهم السلام)، وفي الوقت الذي أرصدت الأبواب الاعلامية بوجه الفكر الشيعي، فإن المنبر الحسيني الذي يعلوه أمثال السيد صالح الحلي قد سدَّ فراغاً إعلامياً واسعاً، فحاول منبر الحلي أن يبثّ إلى أقطار الأرض قضية الآل المظلومين، حتى وفّق في إيصال صوت هادر اخترق كل الأسماع، ولعل الذي ساهم في إنجاح مهمته هي جديته في التحقيق التاريخي الذي يبحث عن أصول مظلومية آل الرسول (عليهم السلام) ويغوص في أعماق المأساة الأولى التي سببت هذه السلسلة من الفجائع، فلم يكن السيد صالح الحلي منبرياً يهمّش الحدث على أنه فاجعة تاريخية، بل كان يؤصِلْ الحدث على أنه العامل المهم في خلق الذات التاريخية الإسلامية التي نقرأها، لذا فقد استطاع أن يخترق كل حدود التهميش ليدخل في دائرة التحقيق الواسعة ....) (16)

ويقول عنه السيد جواد شبر: (أشهر خطباء المنبر الحسيني إذ أن شهرته الخطابية لم يحصل على مثلها خطيب حتى اليوم) (17)

وقال الخاقاني: (لا مراء أن المترجم له أخطب شخص رأيته في عصره، فقد كان يستخدم الألفاظ ويسيرها حسب ذوقه ووفق ما يقصد، ولقد اختص بمذاهب خطابية دعت أن تخضع له الجماهير، فقد كان يعالج كثيراً من النفوس ويدغدغ أصحابها وعقليتهم بما يستهويهم بمليح القول والنكتة وكثرة الشواهد وتصوير القصص الجميل، فكان يعقل العالم والجاهل في مجلسه..) (18)

وقال السماوي: (سيد فاضل مشارك في العلوم شديد العارضة، وخطيب بارع في فن الخطابة، يتحلى المنبر به إذا علاه، ويتجلى به الحفل إذا استملاه، وذاكر يمثل واقعة الطف بألطف وصف، ونائح إذا ذكر الحسين عليه السلام، أذاب القلب وأجراه من العين، ومحاضر حسن المحاضرة، لطيف المذاكرة، جميل المعاشرة، لولا أن صاحبه كراكب أسد أو عائم بحر) (5) وقال الشيخ محمد علي اليعقوبي: (حسيني النسب حلي المحتد، خطيب بارع وناقد لاذع وعالم متتبع وباحث متضلع..) (19)

وقال السيد محسن الأمين: (إن السيد صالح الحلي هو أحسن خطيب عرفته المنابر الحسينية، وأنا أود أن نعد الخطباء على غراره إذا أردنا أن ننبه الناس ونوقظهم ونوجههم توجيهاً صحيحاً) (20)

وقال الشيخ محمد حرز الدين: (السيد الصالح من العلماء الأفاضل والوعاظ الكبار، وكان أديباً وشاعراً فصيحاً بليغاً، أصبح شيخ الخطباء في عصره، وكانت الوجوه من أهم مدن العراق كالبصرة وبغداد تزدحم عليه ليكون لهم موجهاً، وله المجالس المعروفة والمناظرات مع الملاحدة والمعاندين وأهل الخلاف التي تفوق بها عليهم وبوعظه وإرشاداته، اهتدى كثير منهم.

وحدثنا ثقة أنه يصير تحت منبره في البصرة والعمارة آلاف من المستمعين) (21)

وقال الطهراني: (السيد الصالح، عالم فاضل، وخطيب شهير، أحد مشاهير خطباء العراق، وأكابر رجال المنبر، وكان موهوباً قوي الأسلوب، حسن البيان، خشن اللسان، متوقد الذكاء، قوي الحافظة، كثير الحفظ، وله في ذلك قضايا غريبة، فطالما قرأ القصيدة أو المطلب أو الرسالة مرة واحدة ثم تلاها من حفظه دون زيادة حرف ولا نقصان، وله من هذا القبيل حوادث غريبة أيام ثورة العشرين وكان عبقرياً لامعاً وأديباً بارعاً ورجلاً فذاً بكل ما لكلمة الرجولة من معنى...) (22)

وقال الشيخ حيدر المرجاني: (كان خطيباً نابغاً بليغاً طلق اللسان، جريئاً لا تهزه الهزاهز حتى أصبح أحد حسنات الفيحاء ومفخرة النجف بفضله وعلمه وخطابته) (23)

ويعد الحلي مدرسة خطابية تفردت بمميزات لم تتوفر في غيره، وقد نشأ وتخرج منها جيل من كبار الخطباء، فكان من تلامذته السيد علي الهاشمي، والشيخ قاسم الملا الحلي، والشيخ جعفر قسام وغيرهم

وكان لمنبر الحلي دور كبير في تحريض الناس ضد الاحتلال البريطاني إبان ثورة العشرين من خلال خطبه الحماسية التي تدعو إلى المطالبة بالحقوق المغتصبة ومقارعة البريطانيين مما أثار حفيظتهم وشعروا بخطر هذا الصوت الذي علا ضدهم فقبضوا عليه في بعقوبة ونفوه إلى الهند لكنه عندما وصل إلى المحمرة وهو في طريق النفي وجد فيها من يأويه ويكرمه ويقدر مكانته العلمية والأدبية وهو الأمير خزعل فأقام عنده. (24)

يقول السير أرنولد ولسن: (وكان من العاملين على إضرام الثورة في جبهات ديالى السيد الحلي والسيد محمد الصدر) (25)

يقول الخاقاني: (إنه رجل عظيم القلب كبير النفس لا يرهب الحوادث ولا يخشى النوازل ولا يفرح إن عثر على لذة ولا يبتئس إذا أصابته مصيبة ولقد تناقلت أحاديثه وقصصه الكثير من الرواة ووصفوا صلابة إرادته وشجاعته...) (26)

عاد الحلي بعد ذلك إلى النجف وواصل نشاطه التوجيهي ثم أقعده المرض والشيخوخة بيته حتى وفاته في الكوفة فدفن في مقام المهدي في النجف فرثاه كبار الشعراء منهم الشيخ عبد المهدي مطر بقصيدة مطولة يقول منها:

نـعـتـكَ الـخـطـابةُ والـمـنبرُ      وناحَ لكَ الطرسُ والمزبرُ

وهـزّ نعيّكَ قـلـبَ الـحـطـيمْ     فـأعـولـك الركنُ والمشعرُ

وفيكَ انطوتْ صفحةٌ للبيان      بـغـيـرِ لـسـانِـكَ لا تـنـشـرُ (27)

كما رثاه الخطيب الكبير الشيخ جواد قسام بقصيدة يقول منها:

بـاتتْ لـفـقـدِكَ تـنـدبُ الأعوادُ     وأصيبَ فيكَ الوعظ والإرشادُ

قد كنتَ نوراً للشريعةِ ساطعاً     كيفَ اعتراهُ من الردى إخماد؟ (28)

شعره

قال من قصيدته في رثاء النبي (صلى الله عليه وآله) والتي قدمناها وتبلغ (22) بيتاً:

رُزءٌ أطـــــلَّ فــــجـــلَّ فــــي الأرزاءِ     زفـراتُـه هــبَّـــتْ عـــلـــى الـغـبـراءِ

يـا نـكـبـةً عــمّـتْ عـلـى كـلِّ الـــورى     عـمَّـتْ عـــلـى الآفــــاقِ والأرجـــاءِ

تــاللهِ رزءُ مــحــمــدٍ أوهــى الــقِـــوى     وطوى الضلوعَ ومضَّ في الأحشـاءِ

الـيـومَ قـد فـــقـــدتْ أبــاهــا فـــاطــــمٌ     فــقـــــدتْ أبـــاهـــا أرأفَ الآبـــــــاءِ

مَن ذا يعزِّي المرتضى في المصطفى     والأنــبـــيـــاءَ بـــســـيـــدِ الأمـــنـــاءِ

مَن ذا يـعـزِّي الــمــجـتـبـى فـي جــدِّه     حــســـنَ الـزكــي وســيــدَ الـشـهـداءِ

ومـهـابـطَ الـوحـي الـتـي قـد عُـطِّـلـت     لــرزيـةٍ عــمَّــت عـلـى الــبــطــحـاءِ

وتَـــعُـــجُّ فـاطــمــةُ بـــقـــلــب والــهٍ     وحــشــىً مُــــســجَّــرةٍ بــلا إطــفــاءِ

أبـتـاه قـد أصــبـحـتُ نـهـبَ حــوادثٍ     هـتـكـت صـروفُ الدهر سِترَ عَزائي

دارت عــلــيَّ الـنـائـبـاتُ بــأســرهــا     لــم يُــلـفَ لـي جَـلَــدٌ عـلـى الــبـلـواءِ

وقال من قصيدته في أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين (عليهما السلام) وتبلغ (34) بيتاً وقد قدمناها:

مِـن هـاشـمٍ سلبـتْ أميةُ تاجَها     وفرتْ بسـيـفِ ضلالِها أوداجَها

تخلو عرينةُ هـاشمٍ من أُسْدِها     وتـكـونُ ذؤبـانُ الـفـلا ولّاجَــهـا

قومٌ إذا الهـيجا تـلاطمَ موجُها     خاضوا بشزّبِ خيولِهمْ أمواجَها

ما بالها أغضتْ وعهدي أنّها     كـانــتْ لــكــلِّ مـلـمَّـةٍ فـرّاجَـهـا

ومنها:

لـلـشـوسِ عـبـاسٌ يــريــهـمْ وجـهَـه     والوفـدُ يـنـظرُ باسـماً محـتـاجَـها

بـابُ الـحـوائـجِ مـا دعـتـه مـروعـةٌ     فـي حاجةٍ إلّا ويـقـضـي حـاجَـها

بأبي أبي الفضلِ الذي من فضلِهِ الـ     ـسامي تعلّمتِ الـورى مـنـهـاجَـها

قـطـعـوا يـديـهِ وطــالـمـا مـن كـفّـهِ     ديـمُ الـدمـا قـد أمـطـرتْ ثـجَّاجَها

أعـمـودُ أخـبـيـتـي وحـامي حوزتي     وسـراجُ لـيلي إن فـقدتُ سراجَها

أعـززْ عـلـيـكَ بـأن تـرانـي مُـفـرداً     فاجأتُ من جـيشِ العِدى أفواجَها

أفـدي مـحـيّـاً بـالـتـرابِ قـد اكتستْ     من نورِه شمسُ الضحى إبهاجَها

وقال من رائيته التي قدمناها:

لوْ لمْ يكنْ حقداً بضغنِ صــدورِهـمْ     مـا حُزَّ نـحـرٌ منه فاحَ عبيرُ

لولا انكسارُ الضلعِ مِن أهـلِ الشّـقا     بالطفِّ مـا ضلعٌ له مـكسورُ

لو لم يُـقـادُ الـمـرتـضـى مــن دارِهِ     ما قُيِّدَ الـســجَّـادُ وهـوَ أسيرُ

لـو لـم تـسـيـرَ الـطـهـرُ فاطمُ خلفهُ     ما زينبٌ خـلفَ العليلِ تـسيرُ

لولا احتراقُ البابِ ما احترقتْ لهمْ     بـالـغـاضـريـةِ أربـعٌ وستورُ

قـومـوا بـنـي فـهـرٍ فـلا تـتـقاعدوا     عن آلِ حربٍ فالحسينُ عفيرُ

ومنها:

وبـنـاتُ هـنـدٍ لــمْ تــزلْ مـسـرورةً     وبنـاتُ أحـمدَ دمعُها منثورُ

لو لـمْ يـكـنْ حقداً بضغنِ صدورِهم     ما حُزَّ نحـرٌ منهُ فاحَ عبيرُ

لـولا انـكسارَ الضلعِ من أهلِ الشقا     بالطفِّ ما ضلعٌ له مكسورُ

لـو لـمْ يُـقـادَ الـمـرتـضى مـن دارِه     ما قُيّدَ السـجـادُ وهـوَ أسـيرُ

لو لـمْ تـسـيـر الـطـهرُ فـاطـمُ خلفه     ما زينبٌ خلفً العليلِ تسيرُ

لولا احتراقُ البابِ ما احترقتْ لهم     بـالـغـاضـريةِ أربعٌ وستورُ

وقال في رثاء سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) من قصيدته التي تبلغ (22) بيتاً وقد قدمناها:

لمصائبِ الزهرا هجَرتُ المَضْجَـعا     وأذَلْــتُ قــلـبـي مِـن جُـفـونـي أدمُـعـا

أفَـكـان مِـن حُـكْم الـنـبـيِّ وشَـرعِــهِ     أن تُـضـرَبَ الزهراءُ ضـربـاً مُوجِعا

أوصَـى الإلـهُ بِـوَصلِ عـترةِ أحـمـدٍ     فـكـأنّـمـا أوصــى بــهــا أن تُـقـطَـعـا

اللهُ مــا فـعـلـــوا بـآلِ نـــبــــيِّــهِــــم     فِـعْلاً لـه عـرشُ الإلـهِ تَـضَـعْـضَـعــا

قــادُوا عـلـــيّــاً بـعـدَه بِـــنِــــجـــادِهِ     ومِـن الـبتولِ الـطُّهْرِ رَضُّوا الأضْلُعا

أبْـدَوا عـداوتَـهم لـهـا وعَــدَوا عـلى     مـيـراثِها فـــابْــتُــزَّ مـنـها أجْـــمَــعــا

وإذا تـعـلّـقـتِ الإشــاءةُ لـــم يــكــن     عَـجَـبـاً إذا قـادَ الـذِّئــابُ سَــمَــيــدَعـا

وضَـعَت وراءَ الـباب حَـملاً لم يكن     قـد آنَ لـولا عـصـرُهــا أن يُـوضَـعـا

ومَـضَـوا لِـكـافِلها يُـهَـــروِل طَـيِّعـاً     لـولا الـوصـيّـةُ لــم يُـهَـرْوِلْ طَــيِّــعـا

خـرَجَـت تَـعَـثَّـرُ خَـلْـفَـهـم تَـدْعُوهمُ     خَـلُّوا آبـنَ عَـمّي أو لأكـشـفُ لـلـدُّعــا

رجـعـوا إلـيـها بـالـسـيـاطِ فـسَـوَّدوا     بـالضربِ مـنها مَـتـنَـها كـي تَـرجِـعـا

كـم أضـمَـرَت مِـن عـلّةٍ وتـجرّعَتْ     يـا لَـلـهـدى مِـن غُــصّـةٍ لـن تُجـرَعـا

خطَبَت فـمـا اتّعظُوا بـخُـطـبتها ولو     خَـطَـبَـت بـهـا صُـمَّ الصخورِ تَصَدَّعا

عـجباً لـهم عـزلـوا خـلـيـفـةَ أحـمـدٍ     وضـئـيـلُ تَـيـمٍ صـارَ فـيـهـم مَـرجِـعـا

حـكـمـوا عـلـيـه أن يُـكـلِّـمَـهـا بـأنْ     تـخـتـارَ وقـتـاً لـلــبــكــا أو تُــمْــنَــعــا

اللهُ أمّــةُ أحــمـدٍ قــد ضــيَّــعَـــــتْ     مـا خـلّفَ الـهــادي الـنــبـيُّ وأودعــــا

قال آحفَظوني في الكتابِ وعترتي     فَـهُـمـا يَـضـيـعُ الـحـقُّ مَـهـمـا ضُـيِّـعـا

أمّــا الـكـتـاب فـمـزّقَــتْــه أُمـــيّـــةٌ     والـعـتـرةُ الـهـادونَ.. أضحَوا صُرَّعـا

وعَـدَوا عـلَى الـكرّارِ فـي محرابِهِ     وعـلَى الـزكـيِّ سَـقَـوه سُــمّــاً مُـنْـقَــعـا

وعـلَى الـحسين فـغادَرُوه بـكربـلا     شِـلْـواً بِـمُـرهَـفـةِ الـسـيـوفِ مُـقَـطَّـعـــا

لـكـنّـمـا أدهــى مـصـائـبِ كـربـلا     أنْـسَـت مـصـائـبُـهـا الـمـصائبَ أجْمَعـا

عرِّجْ عـلَى البطحاءِ واندبْ هاشماً     قُـومـوا فـلِـلـمـظـلـومِ كــنـتُـم مَـفْـزَعــا

وقال من قصيدة حسينية تبلغ (14) بيتاً:

قــــد أقامتْ قـــواعدَ الظلمِ تيمٌ     ويزيدٌ عـــــــلا عليهِ بناهُ

إنَّ يومَ الــحسـينِ مِن ذلكَ اليو     مِ ومِـــن ذلكَ البلى بلواهُ

هوَ فـــي أسرةٍ وهُمْ في ألوفٍ     تتوالى كالسيلِ في مجراهُ

سِيمَ ضيماً وكيفَ يعـطي قياداً     مَــــن عليٌّ وفاطمٌ والداهُ

كيفَ يعطي قيــــــــــادَه ليزيدٍ     وهـــــوَ قد علّم الأباةَ إباهُ (29)

وقال من حسينية أخرى تبلغ (34) بيتاً:

فقُم يا علي وانظرْ إلى السبطِ والعدى     سقتْ طفلَه بالسهمِ عن باردٍ عذبِ

يـــــــــــنادي فما ذنبي إليكمْ فإن يكن     فــليسَ لهذا الطفلِ يا قومَ مِن ذنبِ

فهوَّنَ ما بـــــــــــــي أن ما بي بعينِه     وحــــسبي ربّي إنه لم يزلْ حسبي (30)

وقال في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (32) بيتاً:

كـيف أسلو عن البكا وحسينٌ     فوقَ وجهِ الثـرى ملقىً طريحا

لهفَ نفسي على قتيلٍ معرّى     ضوَّعَ الــــــمسكَ عرفُه فأفيحا

كـيفَ لم تفده النفوسُ ولو لمْ     يفــــــــدي للدينِ نفسه فاستبيحا

يا لـها نهضة حوتْ كلَّ فخرٍ     نالَ منها الإسـلامُ ريحاً وروحا (31)

وقال في رثاء أمير المؤمنين (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (26) بيتاً:

خــطــبٌ أذابَ مــن الــبـتـولِ فــؤادَهـا     وأذابَ من عينِ الـرسولِ فؤادَها

خـطـبٌ دهـى مــضــراً وهـدَّ ربـيـعــةً     وأذلَّ فــهــراً بـلْ أبــادَ أيــادَهــا

أقـصـى قـصـيـاً عـن مـراتـبِ عــزِّهـا     ولـوى لـويّـاً جـيـدَهـا وجـيـادَهـا

أوجــوهُ فــهـــرٍ بـالـــســوادِ تـلـفَّــعــي     واحثي على فقدِ الوصيِّ رمادَها

وتـسـربـلي ثــوبَ الـحِـدادِ وألـزمي الـ     ـعـيـنَ الـسـهـادَ وجانـبي أعيادَها

إنَّ ابـنَ مُـلـجـمَ قــد أبـادَ ذرى الـهـدى     وحمى الورى وعمادَها وسنادَها

شُــلَّــتْ يـدُ الـرجــسِ الــمـراديْ إنّـهـا     بلغتْ بقتلِ أبي الـحـسـينِ مرادَها

تــرِبــتْ يــدٌ قــد تـــرَّبــتــه أمـا درَتْ     روحُ الخلائقِ فـارقتْ أجـسـادَهـا

سيفٌ أصابَكَ قـد أصابَ الـمـصـطـفى     والأنـبـيـاءَ وشـرعَــهـا ورشـادَها

يا سـاقـيـاً زمـرَ الـعِـدى كـأسَ الـردى     ومـفـرِّقـاً عـنـد الـلـقــا أجــنــادَها

مـن لـلـجـيـادِ الـسـابـقـاتِ مـصـــرّفــاً     يـومَ الـوغـى جـريـانَها وطرادَها

أمجـيـرُ ديـنِ اللهِ بــعـــدَكَ أضــمـرتْ     جندُ الضلالِ على الـهدى أحقادَها

رزءُ الوصيِّ المرتضى قد أرجـفَ الـ     أرضـيـنَ والـسـبـعَ الشدادِ أمادَها

لا غـرو إن غـدرَ ابـنُ مـلـجـمَ طـالـما     عـنـدَ الأعـادي غـادرتْ أمجادَها

قـل لـلـيـتـامى فــاقــنــطـي وتـهــيــئي     لـلـسـيـرِ مـسرعةَ السّرى وفّادَها

أجـفـاً ومـا عـودتــهـا مــنــكَ الــجـفــا     لـلـمـعـتـقـيـنَ فـمنْ يَرى إسعادها

لا بـل طـوتـكَ يـدُ الـبـلـى عـن وصلِها     يـا غـيـثـهـا وغـيـاثـهـا وعمادَها

أســهــرتَ كــلَّ مـــوحِّــــدٍ يـــا رزؤهُ     وأنـمـتَ فـي فُرُش الهنا حسـادَها

يـا عـلّـة الايـجـادِ يـا عــلــمَ الــهـــدى     لـولاكَ مـا عَرف الورى ايجادَها

نـارُ الـمـصـائـبِ مـا بـدتْ إلّا مِـن الـ     ـقوم الـتـي قـدحـتْ عـليك زنادها (32)

وقال في رثاء القاسم بن الإمام الحسن (عليهما السلام) من قصيدة تبلغ (25) بيتاً:

يـا دوحـةَ الـمـجـدِ مـن فِهرٍ ومن مُضرِ     قد جفّ ماءُ الصِبا من غصِنكَ النضرِ

يـا درّةً غـادرت أصــدافُــهــا فــعــلـتْ     حـتـى غـلـتْ ثـمـنـاً عـن سـائـرِ الدررِ

قد غالَ خسفُ الردى بدرَ الهدى فهوى     فـيـا نـجـومَ الـسما من بـعده انـتـثـري

حـلـوُ الـشـبـيـبـةِ يـا لـهـفـي عـليه ذوى     مـن بـعـد إيــنـاعـه بـالـعــزّ والـظـفـرِ

خـضـابُـه الـدمُ والـنـبـلُ الـنِـثــار وقــد     زفّـتـه أعـداؤه بـالـبــيــضِ والـسـمـــرِ

ما اخـضـرَّ عـارضُـه مــا دبَّ شاربُـه     لكن جرى الـقـدرُ الـجاري على القـدرِ

فـاغـتـالَ مَـفـرقَـه الأزديْ بــمـرهــفِـه     فـخــرَّ لـكـن بـخـدِّ مـــنـــه مـــنـعـفــرِ

إن يـبـكـه عـمُّـه حـزنـاً لـمــصـرعِــه     فــمــا بــكـى قــمــرٌ إلّا عــلـى قــمــرِ

يـا سـاعـدَ اللهُ قـلـبَ الـسـبـطِ يـنـظـره     فـرداً ولـم يـبـلـغِ الـعـشـرين في العمرِ

لابـنِ الـزكـيِّ ألا يـا مُـقـلـتي انفجري     مـن الـدمـوعِ دما يا مـهـجتي انفطري

ما كـنـتُ آمـلُ أن أبـقـى وأنـتَ عـلى     وجهِ الصعيدِ ضجيعَ الصـخر والحجرِ

مُـرمَّـلاً مُـذ رأتــه رمـلـةٌ صـرخــتْ     يا مهـجتي وسروري يا ضـيا بصري

بني تقضّي على شاطي الفراتِ ظماً     والـــمـاءُ أشـربـه صــفـواً بــــلا كَــدَرِ (33)

وقال يندب الإمام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ويرثي جدته الزهراء وجده الإمام الحسين (عليهما السلام) من قصيدة تبلغ (43) بيتاُ:

يــا مُــدرِكَ الـثّـأرِ الـبـدارَ الــبـــدارْ     شُنَّ على حـربِ عِـداكَ الـمَغـارْ

وَأتِ بــهــا شـعــواءَ مــرهـــــوبــةً     تَـعـقِـدُ أرضــاً فوقَها من غُــبـارْ

يــا قَــمــرَ الـــتَـــمِّ أمـــــــــا آنَ أن     تبدو فقد طـالَ عـلــيـنـا الـسِّـرارْ

يـــا غِـــــيــــــرةَ اللهِ أمــــــا آنَ أن     تُـغـيـرَ أعـدائـكَ فـالـصَّبـرُ غـارْ

يا صاحبَ العصرِ أتَـرضـى رَحـى     عصّارةِ الـخـمــرِ عـلـيـنـا تُــدارْ

فاشحذ شَبا عضـبِـكَ واسـتأصـلِ الـ     ـكـفـرَ ولا تُـبقـي صِـغـاراً كـبارْ

عـجِّـلْ فـدتكَ الــنــفـسُ واشــفِ لنا     مـن غيظِ أعـداكَ قـلـوبــاً حِـرارْ

فـهـاك قــلّـــبــهــا قـلـوبَ الـــورى     أذابــهـا الـشـوقُ مـن الانـتـظـارْ

قـد ذهــبَ الــعــدلُ وركـنُ الهــدى     قـد هُـدّ والـجورُ على الدّينِ جارْ

مـتـى تَسِـلُّ الـبـيـضَ مـن غِـمـدِهـا     وتَـشـرَعُ السّمرَ وتَحـمـي الذّمارْ

فـي فــئــةٍ لــهـا الــتـقــى شـيــمــةٌ     ويـا لـثـاراتِ الـحسـيـنِ الـشِّـعارْ

تـنسى عـلـى الـدارِ هجـومَ الـعـدى     مُـذ أضرَموا البـابَ بجزلٍ ونارْ

ورُضّ مـن فــاطــمـةٍ ضـلـــعُــهـا     وحـيـدرٌ يُـقــادُ قَـــسـراً جِــهــارْ

تــعــدو وتــدعــو خلـفَ أعــدائـها     يـا قـومُ خـلّـوا عن عـلـيِّ الفَخارْ

قـد أسـقـطـوا جـنــيــنَهـا واعـترى     من لـطـمةِ الـخدِّ العيونَ احمرارْ

فـمـا سـقـوطُ الـحـملِ ما صـدرُهـا     ما لـطـمُـهـا مـا عصرُها بالجدارْ

مـا وكـزُهـا بـالـسـيفِ في ضـلعِها     وما انـتثـارُ قُـرْطِـهـا والـســـوارْ

مـا دفـــنُـهـــا بــالــلـيلِ سِـرّاً ومـا     نَـبْـشُ الثـرى منـهـم عناداً جِهَارْ

تـعـسـاً لـهـم فـي ابنـته مـا رعــوا     نـبــيـهــم وقــد رعــاهـــمْ مِـرارْ

قــد ورثَـتْ زيـــنـبُ مِـن أمِــهـــا     كُـلَّ الـذي جَـرى عـلـيهـا وصارْ

وزادتِ الــبـنــتُ عـــلــى أمِّــهــا     من دارِهـا تُـهدى إلـى شـــرِّ دارْ

تـسـتـرُ بـالــيُـمـنـى وجـوهـاً فـإنْ     أعـوزَهـا الـسـتـرُ تـمــدُّ الـيَـسـارْ

لا تـبـزغي يا شـمسُ كي لا تُرى     زيـنبُ حـسـرى مـا عـليها خِمارْ

صَاحَتْ بحادي العيسِ دَعْنِي عَلَى     جُـسُـومِــهِـمْ أُقِـيــمُ لَـوَثَ الإزارْ

أَوْ خَّـلِـنـي عِــنــدَ ابــنَ أُمِّـي وَلَـوْ     تَأْكُلُ مِنْ لَـحْـمِي وُحُـوشُ الـقِفَارْ

ضِـدَّانِ فِـيـهَـا اِجْـتَـمَــعَـا عَيْـنُـهَـا     وَقَـلْــبُــهَــا تَــجــمَـعُ مَـــاءً وَنَـارْ

فِـي زَفْـرَةٍ تَــحــرُقُ وَجـدَ الثَّـرَى     وَدَمْـعـةٌ تُـخْـجِـلُ صَــوْبَ القِطَارْ

وَأَعْـظَـمُ الـخُـطَـبِ تَــرَى حُـجَّــةُ     اللهِ مُــضــامـاً بَـيْنَهُــمْ لا يُــجَــارْ

يُــقَــادُ فِــي جَــــامِــعَــةٍ جَــهْــرَةً     بِـالـحَـبْـلِ مَـوْثُـوقـاً يَـمـيـنـاً يَسَار

يَــا أَيُّـــهَـــا الــرَّاكِـــبُ زيَّـــافـــةً     تَـطْـوِي اَلـفَـيَافِـي وَتَجُوبُ القِفَارْ

عَـرِّجْ عَـلَى الـبَطحاء وَانْدُبْ بَنِّي     عَـمْـرو الـعُـلـى أَشْيَاخُ عَلْيَا نَزَار

أَنْ أَجْـدَبَ العَـامُ هُـمُ الـسَّـيْـلُ والـ     أسـدَاَفُ أَمَّا النَّفْعُ فِي الحَرْبِ ثَارْ

لَـوْ حَـارَبُـوا جُنْـدَ الورى لاغْتَدى     مُـنـهَـزِمـاً يَـطْـلُـبُ مِـنْـهُـمْ فِـرَارْ

قُـومُـوا لِـشَـمْـسِ الدِينِ قَدْ كُوِّرَت     وَجَـذَّ مــن نـورِ الـهُـدَى وَالفَخارْ

وَأجـلِـي دُجَـى النقعِ بِـبيضِ الظبا     وَسَـوِّدِي بِـالــنـقـعِ وَجْـهَ الـنَّـهَارْ

وَقَـوِّمِـي سُــمْـرَ الَـقنَـا وَأَمْـتَـطِـي     لِـلـحَـرْبِ يَـا هَـاشِـمُ قـبَّ الـمهارْ

قَـدْ سَـئِـمَـتْ مَـرْبَـطُهَـا خَــيــلَـكُـمْ     وَمَـلّـتِ الَأَجْـفَـانُ بِـيْـضَ الـشِفارْ (34)

وقال من قصيدة تبلغ (17) بيتاً:

أبا حـسـنٍ لـيـسَ كــيــفٌ وحَــدْ     يــحــدِّدُ ذاتَـــــكَ إلّا الأحــــدْ

ويـا شـامـخاً لم تضعْكَ العـقولُ     ولــيــسَ لـــذلــكَ نــدٌّ وضــدْ

تحيرُ بـكَ الـفـطـنُ الغائـصـاتْ     ولـم يُـحــصِ فضلَك حدٌّ وعدْ

ولـولاكَ مـا عُـرفَ الـديـنُ قـط     ولولاكَ ربُّ الــورى ما عُبِدْ

فـأنـتَ لـرفـعِ الـسـمـاءِ الـعـمـدْ     وأنـتَ لـسـبـعِ الــشـدادِ الـوَتدْ

ويـا قـالـعَ الــبـابِ مـن خـيـبـرٍ     عـجـبـتُ لـبـابِـكَ قـسراً تُـسدْ

أبـابُ مــديــنــةِ عــلــمِ الـنـبـيِّ     أيـحـرقُ بـابَــكَ عـبـدٌ نــكــدْ

ويـا قـائـدَ الـشوسِ يوم الوغى     ومُردي بسيفِكَ عَمرو بن ودْ

ألـســتَ الـمُـــكــسِّـرُ أوثــانَــه     وقـاتـلَ شـجـعـانِـهـا فـي أحدْ

فوا عجباً كيفَ يجري القضاء     وكـــيـــفَ تـــقـودُ يـدُ اللهِ يـدْ

إذا ما دهتـها دواهي الخطوبْ     تـصـيـحُ بـه يـا عـلـيُّ الـمَـددْ

جـمـيـعُ الـشـهـودِ لـه بخبخت     وأنـكـرَه كـلُّ مَـن قـدْ شــهــدْ

أيكسرُ ضلعُ ابنةِ المـصـطفى     ويـسـقـط بـالعصرِ منها الولدْ

وتـلـطـمُ جـهـراً عـلـى خدِّها     ويسودُّ بالضـربِ منها العَضُدْ (35)

وقال من أخرى تبلغ (27) بيتاً:

غمزتْ قـــناةَ الشركِ آ     لَ أميةٍ في الدينِ غمزا

وتــــقمَّصتْ خزياً تخا     لُ بزعمِها للخزي خزا

رفعوا على رأسِ القنا      رأسـاً له الإيمانُ يُعزى (36)

وقال من قصيدة في رثاء شهيد الطف علي الأكبر (عليه السلام) تبلغ (22) بيتاً:

يا نـيِّـراً فـيـه تُـجـلـى ظـلمـةُ الـغـسقِ     قد غاله الخسفُ حتى انقضَّ من أفقِ

ونـبـعـةً لـلـمـعـالـي طـابَ مـغـرسُـها     رقّـتْ وراقت بضافي العزِّ لا الورقِ

حـرُّ الظبا والظما والشـمـسِ أظـمأها     وجـادهـا الـنـبـلُ دون الـوابـلِ الغـدقِ

يا ابنَ الحسينِ الـذي تُـرجى شـفاعته     وشــبـه أحـمـدَ فـي خـلقٍ وفـي خُـلُـقِ

أشـبـهـتَ فــاطــمـةً عـمـراً وحـيـدرةً     شـــجــاعــةً ورسـولَ اللهِ فـي نُـطــقِ

يا خائضاً غمراتِ الموتِ حين طمى     فـيــضُ الــنـجـيـعِ بـمـوجٍ مـنه مُندفقِ

لـهـفـي عـلـيه وحيداً أحدقتْ زمرُ الـ     أعــدا بــه كـبـيـاضِ الـعـيـنِ بالـحـدقِ

نـادى عـلـــيـــكَ سـلامُ اللهِ يــا أبـــتـا     فـجـــاءَ يـعـدو فــألــفــاهُ عـلى رمـقِ

نـادى بُـنـيَّ عـلـى الـدنـيا العفا وغـدا     مُـكـفــــكـفـاً دمـعَـه الـممزوجَ بـالعلقِ

قـد اسـتـرحـتَ مـن الـدنيـا وكـربتِـها     وبـيـــن أهــلِ الـشـقـا فرداً أبـوكَ بَقي (37)

وقال في رثاء الشهيد مسلم بن عقيل (عليه السلام) من قصيدة تبلغ (43) بيتاً

لـو كـان يـنــفــعُ لـلـعـلـيـلِ غـلـيـلُ     فاضَ الفراتُ بمدمعي والنيلُ

كيف الـسـلوُّ وليس بعد مصيبةِ ابـ     ـنِ عـقـيلَ لي جلدٌ ولا معقولُ

خـطـبٌ أصابَ مـحـمـداً ووصـيَّـه     للهِ خـطـبٌ قـد أطــلَّ جـلـيــلُ

أفـديـهِ مــن فـادٍ شـريــعــةَ أحـمـدٍ     بالنفسِ حيث الناصرونَ قليلُ

حَـكَـمَ الإلـهُ بـمـا جرى في مسـلـمٍ     والله لـيـسَ لـحـكـمِـهِ تـبـديـلُ

خـذلـوهُ وانـقـلـبـوا إلى ابنِ سـميّةٍ     وعـن ابــنِ فـاطمةٍ يزيدُ بديلُ

آوتـه طـوعـةُ مُـذ أتـاهـا والـعـدى     مـن حـولِهِ عَدْواً عـليه تجولُ

فـأحـسَّ مـنـهـا ابـنُـهـا بـدخـولِـهـا     في البيتِ إن البـيتَ فيه دخيلُ

فمضى إلى ابن زيادِ يُسرعُ قائلاً     بشرى الأمـيـرِ فتىً نماهُ عقيلُ

فـدعـا الـدعـيُّ جـيـوشَه فتحزّبتْ     يـقـفـو عـلـى أثـرِ الـقبيلِ قبيلُ

وأتتْ إليهِ فـغـاصَ فـي أوساطِها     حـتـى تفلّتْ عَرضُـها والطولُ

فـكـأنّـه أسـدٌ لــجـــوعِ شـبـولِـــه     فـي الغيــلِ أفلته علـيهـا الغيلُ

يـسـطـو بـصـارمِه الصقيلِ كأنّه     بـطَلى الأعادي حـدَّه مصـقولُ

حتى هـوى بـحـفـيرَةٍ صُنعتْ له     أهـوتْ عـلـيـه أسـنـةٌ ونصـولُ

فـاسـتـخـرجـوهُ مُـثـخناً بجراحِهِ     والجسمُ من نزفِ الدماءِ نحـيلُ

قـتـلـوهُ ثم رموهُ من أعلا البنــا     وعلى الثرى سحبوهُ وهـوَ قتيلُ

ربـطوا برجليهِ الحبالَ ومثّلــوا     فـيـه فـلـيـتَ أصابنــي التمثيـــلُ (38)

وفي رثاء الزهراء (سلام الله عليها) قال:

 لو أنَّ دمعـيَ يطفي نارَ أشـجاني     أذلتُ دمعيَ من قلبي بأجـفـاني

أو أنَّ صـبـريَ يجديني لـعذتُ به     لكنّما ملّني صـبـري وسـلـواني

وكيفَ ألقى سروراً والبـتولُ بنى     لـهـا عـلـيٌّ جـهـاراً بيتَ أحزانِ

ماتتْ ولم يـشـهـدوا ليلاً جنازتها     سـوى عـلـيٍّ وعـمـارٍ وسـلمـانِ

وفي الصحيحِ رووا أن الـنبيَّ به     قد قال: فاطمة روحي وجثماني

وانها قد قضتْ غضبى على نفرٍ     فـقـولـهـمْ وشـنـيـعُ الفعلِ ضدَّانِ (39)

وقال من أخرى تبلغ (31) بيتاً

إن جئتَ أرضَ الـــطفِّ فانزلْ فيها     واعقرْ نياقَ الصبرِ يا حاديها

واســـــــقي مضاجعَ صفوةٍ بمدامعٍ     مـــــا ذاقَ طعمَ فراتِها ثاويها

يروي عطاشى السمرِ بيضُ دمائِها     وفؤادُهــــا ما بلَّ مِن جاريها (40)

وقال في رثاء قائد الأنصار الشهيد حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوان الله عليه):

كـلّــمـا تـعـذلانِ زدتُ نــحــيــبــا     يـا خـلـيـلـيَّ إنْ ذكـرتُ حـبـيبا

يـا حـبـيـبَ الـقـلـوبِ رزئُكَ مهما     ذكـرتْـه الـراثـونَ شـقَّ القـلـوبا

يـا وحـيـداً حـامـيـتَ دونَ وحـيـدٍ     حيث لا ناصراً يُرى أو مجــيبا

بـعـتَ نـفـسـاً نـفـيـسـةً فـاشتراها      بارئُ النفسِ منكَ والربحُ طـوبا

إنْ نصرتَ الحسـينَ غيرَ عجيبٍ     إن تـخـلـفـتَ عـنـه كـان عجـيبا

يـا وزيـرَ الـحـسـينَ حُزتَ مقاماً     كـلُّ آنٍ يـزداد عُـرفـا وطــيــــبا

كم عن السبطِ قد كـشـفتَ كروباً     بعد ما قد لقيتَ يا حبيبَ كــروبا

إنَّ يـومـاً اُصِـبـتَ فــيــه لــيــومٌ     فـيـه طه والمرتضى قد أصــيبا

يا مُـصـابـاً أصـابَ قـلـبَ حسينٍ     أيُّ قــلـبٍ لـذكـره لـن يــذوبــــا (41)

..................................................................................

1 ــ خطباء الحلة الفيحاء للدكتور سعد الحداد ــ من منشورات مركز العلامة الحلي لإحياء تراث حوزة الحلة العلمية 1440 هـ / 2019 م ص 173 ــ 175

2 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 171 ــ 172 / ذكر منها (11) بيتاً في أدب الطف ج 9 ص 206

3 ــ ذكر منها (8) أبيات في موسوعة أدب المحنة ص 451 / وذكر منها (28) بيتاً في: شعراء الحلة ج 3 ص 174 ــ 175 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 353 ــ 354

4 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 176 ــ 178

5 ــ ذكر منها (14) بيتاً في شعراء الحلة ج 3 ص 182 / وذكر منها (7) أبيات في أدب المحنة ج 1 ص 451

6 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 186 ــ 187

7 ــ ذكر منها (17) بيتاً في شعراء الحلة ج 3 ص 189 ــ 190 / وذكر منها (12) بيتاً في أدب المحنة ج 1 ص 449

8 ــ ذكر منها (40) بيتا في شعراء الحلة ج 3 ص 190 ــ 192 / ذكر منها (6) أبيات في أدب المحنة ج 1 ص 450

9 ــ ذكر منها (31) بيتاً في شعراء الحلة ج 3 ص 192 ــ 193

10 ــ موسوعة أدب المحنة ج 1 ص 448

11 ــ نشرت على موقع القصائد الولائية / وذكر منها (18) بيتاً في الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها الجزء السادس عشر ص 154 ــ 155 / وذكر منها (13) بيتا ص في أدب المحنة ج 1 ص 448

12 ــ نشر منها (13) بيتاً في مجمع مصائب أهل البيت ج 3 ص 171

13 ــ خطباء الحلة الفيحاء للدكتور سعد الحداد ص 150 ــ 151

14 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 160 / البابليات ج 4 ص 133 ــ 134

15 ــ البابليات ج 4 ص 134 / أدب الطف ج 9 ص 205

16 ــ موسوعة أدب المحنة ج 1 ص 441

17 ــ أدب الطف ج 9 ص 204

18 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 161

19 ــ الطليعة من شعراء الشيعة ج 1 ص 430

20 ــ رسائل الشعائر الحسينيّة للشيخ محمد الحسون ج ١٠ ص 480 / هكذا عرفتهم لجعفر الخليلي ج 1 ص 214 / خطباء الحلة الفيحاء ص 168

21 ــ معارف الرجال ج 1 ص 383

22 ــ طبقات اعلام الشيعة ج 14 ص 884

23 ــ خطباء المنبر الحسيني ج 1 ص 77

24 ــ البابليات ج 4 ص 135

25 ــ خطباء الحلة الفيحاء ص 166 عن كتاب الثورة العراقية لأرنولد ولسن

26 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 167

27 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 168 / أدب الطف ج 9 ص 206

28 ــ خطيب العلماء.. السيد صالح الحلي / موقع مركز تراث الحلة

29 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 169

30 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 169 ــ 171

31 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 173 ــ 174 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 351 ــ 353

32 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 175 ــ 176

33 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 178 ــ 179 / ذكر منها (19) بيتا في البابليات ج 4 ص 143

34 ــ أدب المحنة ج 1 ص 444 ــ 446 / ذكر منها (29) بيتاً في شعراء الحلة ج 3 ص 180 ــ 182

35 ــ أدب المحنة ج 1 ص 443

36 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 182 ــ 183 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 345 ــ 355

37 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 185 ــ 186 / ذكر منها (18) بيتا في البابليات ج 4 ص 142 ــ 143

38 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 187 ــ 189

39 ــ أدب المحنة ج 1 ص 450 / ذكر منها (40) بيتا في شعراء الحلة ج 3 ص 190 ــ 192

40 ــ شعراء الحلة ج 3 ص 194 ــ 195 / الحسين في الشعر الحلي ج 1 ص 350 ــ 351

41 ــ ديوان شعراء الحسين (ع) ص 118 / سلسلة مجمع مصائب أهل البيت ج 1 ص 299 / المجالس الحسنة في مناسبات السنة ص 116

كما ترجم له:

جعفر محبوبة / ماضي النجف وحاضرها ج 2 ص 86

حميد المطبعي / أعلام العراق في القرن العشرين ج 3 ص 114

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 1 ص 444

كوركيس عواد / معجم المؤلفين العراقيين ج 2 ص 122

كامل سلمان الجبوري / معجم الشعراء ج 2 ص 442 ــ 443

كامل سلمان الجبوري / الحسين في الشعر النجفي ج 4 ص 160

مهدي شريعة زاده / من لا يحضره الواعظون ص 131

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار