211 ــ صالح الحريري: (1265 ــ 1305 هـ / 1848 - 1887 م)

صالح الحريري: (1265 ــ 1305 هـ / 1848 - 1887 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام):

غداةَ بها آلُ النبــــيِّ بـ (كربلا)      تـجــــاذبُـها أيدي المنونِ وتسرعُ

بيومٍ غدا زندُ الأســـــــنَّةِ وارياً      ضراماً به يُصلى الكميُّ السميدعُ

إذ البيضُ في ليلِ القتامِ كواكبٌ      تغيبُ بهـــــــاماتِ الرجالِ وتطلعُ (1)

الشاعر

الشيخ صالح بن محمد جواد الحريري البغدادي ولد في بغداد من أسرة تمتهن التجارة تعرف بـ (آل الحريري) ولما بلغ مرحلة الشباب أرسله أبوه إلى النجف الأشرف للدراسة فبقي فيها لمدة طويلة وجذبه حب الشعر والأدب واتصل بأعلام الشعراء والأدباء وكان يتردد على الشاعر الكبير محمد سعيد الحبوبي ويستمع إلى شعره فتأثر به فنظم في الموشح، وكانت بينهما مودة أكيدة (2)

عُرف الحريري بقدرته الشعرية ونفسه الطويل وتمكنه من القوافي، وله شعر كثير في مدح الإمام أمير المؤمنين والحسين (عليهما السلام) في المجاميع الأدبية المخطوطة (3) ومن أشهر شعره هذان البيتان اللذان طالما قرِآ على المنابر ورددتهما الألسن:

ولايتي لأميرِ النحلِ تكفــــــيني      عند المماتِ وتغسيلي وتكفيني

وطينتي عُجنت من قبل تكويني      بحبِّ حيدرَ كيفَ النارُ تكويني (4)

قال عنه علي الخاقاني: (شاعر مرن الأسلوب، جزل الألفاظ رقيق السبك، وله في وسطه شهرة وذيوع..) (5)

وقال عنه الشيخ علي كاشف الغطاء: (كان أديبا شاعرا له معرفة ببعض العلوم الغريبة، وكان يتحرف بشعره، ضعيف الحال كان يسكن بغداد والكاظمية.... وله شعر كثير في مدح الإمام أمير المؤمنين والحسين عليهما السلام) (6)

وقال عنه الشيخ جعفر النقدي: (كان من الأدباء المعروفين، وله تشبث ببعض العلوم الآلية) (7)

وقال عنه الشيخ عبد المولى الطريحي: (شاعر من شعراء العراق وأديب من الأدباء المتفننين بعصره، ينتمي إلى أسرة شريفة كانت تتعاطى مهنة التجارة تدعى بـ آل الحريري، ولا تزال أحفاد هذه الأسرة تعرف بهذا اللقب، ولد ببغداد ولما نشأ وترعره أرسله والده إلى النجف لدراسة العلوم العربية والدينية فأقام فيها مشتغلاً في تحصيل العلوم المذكورة حتى أصبح من كبار الفضلاء ومشاهير الشعراء)  (8)

وقال عنه الشيخ محمد السماوي: (كان أديباً ملمّاً ببعض العلوم الآلية، يتحرف بصناعة الأدب...) (9)

توفي سنة ألف وثلاثمائة وخمس ببغداد ونقل إلى النجف فدفن بها ورثاه بعض الشعراء

أما قصيدته الحسينية فهي طويلة جداً كما ذكر الشيخ السماوي لكنه لم يذكر منها سوى (7) أبيات هي:

ألا إنّ رزءاً أودعَ الــقـلـــــــبَ غلّة     مدى الدهـرِ في إيقادِها ليسَ تنفعُ

وأضحتْ به جمُّ الـخطـــــوبِ كأنّها     لـــيـالٍ بـهـا وجـهُ الـبسيطةِ أسفعُ

غـداةَ بـهـا آلُ الـنبــــــيِّ بـ (كربلا)     تـجــــاذبُـها أيدي المنونِ وتسرعُ

بـيـومٍ غـدا زنــــــــــدُ الأسنةِ وارياً     ضراماً به يُصلى الكميُّ السميدعُ

إذ البيضُ فــي ليلِ الـقـتـامِ كـواكبٌ     تغيبُ بهـــــــاماتِ الرجالِ وتطلعُ

تقيمُ فروضَ الحربِ في سبطِ أحمدٍ      فتسجدُ فيه البــيضُ والسمرُ تركعُ

إلى أن هـــوى فوقِ الصعيدِ مُرمَّلاً     تروحُ عليهِ العـــــــادياتُ وترجعُ

أما باقي شعره في غير أهل البيت فقال من قصيدة في الزهد والموعظة:

كلُّ يومٍ لـــــــــــــكَ رزقُ     أي فــــــــــرخٍ لا يُزّقُ

فلكمْ من قــــــــبل عاشتْ     أممٌ شتى وخــــــــــــلقُ

مرَّتِ الدنيا عليــــــــــهمْ     مثلـــــــــــما قد مرَّ برقُ

فوّضَ الأمـــــــرُ إلى مَن     هوَ بالأمــــــــــــرِ أحقُّ

ان يكنْ للصـــــــــبرِ رقّاً     فبه للرّقِّ عـــــــــــــتقُ

أيّ يـــــــــــومٍ قد تقضّى     لـــــــــيسَ فيهِ لكَ رزقُ

فــــــارضَ فيما أنـتَ فيهِ     أنتَ ممـــــــــلوكٌ ورَّقُ

ولقد يكفيكَ مــــــــــــــما     مـــــــــلكتْ يمناكَ مذقُ

فدعِ الحــــــرصَ فـإنَّ الـ     ـحرصَ عصيانٌ وفسقُ

سوفَ تــــــــأتيكَ الـمنايا     بغتةً فالموتُ حـــــــــقُّ

أيّها المغرورُ رفـــــــــقاً     ليسَ بعد المـــــوتِ رفقُ

إنّما الشـــــــــوكةُ تدمـيـ     ـكَ كــــــــــما يؤذيكَ بقُّ

لــــــــــكَ في أنفِكَ يـوماً     مِن ترابِ الأرضِ نشقُ

هذه الدنيا لعمـــــــــــري     للـــورى فتقٌ ورتـــــقُ

إن صفا للعيـــشِ كأسـي     فصـــفاءُ الكــــاسِ رنقُ

إنّما الدنــــــــــــيا كتـابٌ     فيهِ للآفــــــــــاتِ طرقُ

فـــــــــــدعِ الباطلَ فيـها     كمْ به قد دّقَّ عـــــــــنقُ

واجتنبْ صحبةَ مَن فــي     طبعهِ للــــــغدرِ عــرقُ

واغتنمْ فرصــــــةَ يــومٍ     ربَّ يــــــومٍ فيه رهــقُ

كلُّ آنٍ في البــــــــــرايا     لسهامِ الموتِ رشــــــقُ

لـــــــيسَ إن مُتَّ وإن قد     عشتَ بعدَ اليومِ فـــرقُ

لا عــــــن البـاطلِ تنهي     لا ولا أنــــــــتَ مُــحقُّ

إنَّ خـيرَ الــــناسِ فضلاً     مَن له في الخيرِ ســبقُ

كُن بدنــياكَ صــــــموتاً     آفــــــــةُ الإنسانِ نــطقُ

حليةُ الإنــسانِ فيـــــــها     عفَّةٌ منـــــــــه وصــدقُ

وقصارى الــخلقِ يــوماً     لهمُ لحدٌ يُشــــــــــــــقُّ (10)

وجاء في موقع بوابة الشعراء في ترجمته: (في موشحته المطولة أجرى حواراً بين العين والقلب، وصله بمدح آل البيت، فكان غزله عفيفاً ومديحه شفيفاً، ولا تختلف قصائده، لديه قدرة على الإطالة وتمكين القوافي). (11)

...................................................................

1 ــ ذكر منها (7) أبيات في: أدب الطف ج 9 ص 345 / الطليعة ج 1 ص 103

2 ــ الحصون المنيعة ج 1 ص 417

3 ــ شعراء الغري ج 4 ص 201

4 ــ الطليعة ج 1 ص 103 / أدب الطّف ج 9 ص 347

5 ــ شعراء الغري ج 4 ص 206

6 ــ الحصون المنيعة ج 9 ص 314

7 ــ الروض النضير ص 288

8 ــ شعراء الغري ج 4 ص 201 ــ 202 عن مجلة الغري السنة السادسة، العددان 21 ــ 22 لسنة 1364 هـ ص 387

9 ــ الطليعة ج 1 ص 103

10 ــ شعراء الغري ج 4 ص 206 ــ 207

11 ــ بتاريخ 29 / 11 / 2013

كما ترجم له:

أغا بزرك الطهراني / الكرام البررة ج 2 ص 881

محمد هادي الأميني / معجم رجال الفكر والأدب ج 1 ص 408

عبد الكريم الدباغ / موسوعة الشعراء الكاظميين ج 3 ص 265 ــ 273

عبد الزراق حرز الدين / تاريخ النجف الأشرف ج 3 ص 14

السيد محسن الأمين / أعيان الشيعة ج 7 ص 377

المرفقات

كاتب : محمد طاهر الصفار